خلال ساعات نتيجة كلية الشرطة 2025    أخبار مصر اليوم: الاحتياطي الاستراتيجي من زيت الطعام يكفي 5.6 أشهر، بدء الصمت الانتخابي في 55 دائرة بجولة إعادة المرحلة الثانية من انتخابات النواب غدا، الصحة تكشف حقيقة انتشار متحور جديد    اتحقق قبل ما تصدق| ندوة بالبحوث الاجتماعية لمواجهة الشائعات في زمن السوشيال ميديا    أخبار 24 ساعة.. موعد صرف معاشات تكافل وكرامة عن شهر ديسمبر    وزراء رحلوا وسيرتهم العطرة تسبقهم    رئيس أريتريا يزور ميناء جدة الإسلامي ويطّلع على أحدث التقنيات والخدمات التشغيلية    تراجع حاد في صادرات النفط الفنزويلية بعد مصادرة الناقلة والعقوبات الأمريكية    واشنطن.. تسويق فكرة «القائد الأعظم»    الشرق الأوسط.. تخفيض حجم الالتزامات العسكرية    موسكو.. فرصة لضبط العلاقات    توروب عن إمام عاشور: عودته من الإصابة تمنح الأهلي قوة إضافية    النيران الصديقة تحرق الذئاب| آرسنال يخطف فوزا قاتلا من وولفرهامبتون    توروب: هدفى تطوير أداء لاعبى الأهلى.. وهذا موقفى من عودة معلول    إسلام عيسى: على ماهر أفضل من حلمى طولان ولو كان مدربا للمنتخب لتغيرت النتائج    طفل يلقي مصرعه خنقًاً.. ويُكشف عنه أثناء لعب أصدقائه بقرية اللوزي بالداقهلية    مصرع شاب تناول حبه غله سامة لمرورة بضائقة ماليه في العدوة بالمنيا    وفاة حداد إثر سقوط رأس سيارة نقل عليه بالدقهلية    محامي عروس المنوفية: إحالة القضية للجنايات.. ووصف الجريمة قتل مقترن بالإجهاض    العثور على جثمان تاجر مواشي داخل سيارته بالشرقية    الأرصاد الجوية: منخفض جوي يؤثر على مصر وسقوط أمطار بهذه المناطق    تحويلات مرورية بطريق مصر الإسكندرية الصحراوي بسبب كسر ماسورة مياه    نيابة أول المنصورة تأمر بعرض 5 أطفال ضحايا مدرب كرة القدم على الطب الشرعي    الزراعة: التوعية وتغيير سلوكيات المجتمع مفتاح حل أزمة كلاب الشوارع    خالد لطيف ل ستوديو إكسترا: الكل مسئول عن تراجع الكرة المصرية    اتحاد الصناعات: الاقتصاد غير الرسمي يهدد التنمية ويثير المنافسة غير العادلة    بعد موقفه مع السائق| طارق الشناوي: محمد صبحي أخطأ بالفعل    المصل واللقاح: الإنفلونزا هذا الموسم أكثر شراسة    إينيجو مارتينيز ينتظم في مران النصر قبل موقعة الزوراء    وزير الصحة: لا توجد محافظة أو قرية في مصر إلا وبها تطوير.. ونعمل على تحسين رواتب الأطباء    رئيس وزراء العراق: الأمم المتحدة شريكا حيويا وأسهمت في تثبيت المسارات الدستورية    وزير العمل: الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي يعيدان تشكيل خريطة الوظائف في مصر    إطلالة ملكية ل دارين حداد في حفل زفافها بدبي | صور    الداخلية تعلن نتيجة القبول بكلية الشرطة غدًا    محافظ المنيا يتابع مشروعات رصف الطرق ورفع كفاءة الشوارع    بعد رفض دعوى أهالي طوسون كما الوراق والعريش.. القضاء الإداري أداة اعتراض تحت صولجان السلطة التنفيذية    "الإسكان" تناقش استراتيجية التنقل النشط بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومعهد سياسات النقل والتنمية    "أكثر شراسة".. خبر صادم من "المصل واللقاح" بشأن الأنفلونزا الموسم الحالي    مصر تدعو إلى التهدئة والالتزام بمسار السلام في جمهورية الكونجو الديمقراطية    صاحب الصوت الشجي.. تكريم الشيخ حمدي محمود الزامل في برنامج "دولة التلاوة"    المتسابق عمر ناصر: مسابقة دولة التلاوة طاقة أمل للمواهب علشان تتشاف    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    شعبة الدواجن: المنتجون يتعرضون لخسائر فادحة بسبب البيع بأقل من التكلفة    ريهام أبو الحسن تحذر: غزة تواجه "كارثة إنسانية ممنهجة".. والمجتمع الدولي شريك بالصمت    "فلسطين 36" يفتتح أيام قرطاج السينمائية اليوم    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    الليجا على نار.. برشلونة يواجه أوساسونا في مواجهة حاسمة اليوم    بيراميدز أمام اختبار برازيلي ناري في كأس القارات للأندية.. تفاصيل المواجهة المرتقبة    بث مباشر.. برشلونة يواجه أوساسونا في مباراة مصيرية بالدوري الإسباني    محافظ أسيوط يفتح بوابة استثمارات هندية جديدة لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المطلوب يسار جديد فى مصر
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 05 - 2011

تذكرت هذا الأسبوع، غلافا لمجلة الإيكونوميست البريطانية، والمعروفة بميولها المحافظة. كان ذلك فى سنة1990، سنة سقوط الأنظمة الشيوعية فى دول شرق أوروبا، كان غلاف هذه المجلة يحمل صورة كارل ماركس، وكان المقال الافتتاحى يؤكد أنه والنظم الشيوعية تتساقط واحدا بعد الآخر، فإن النظم الرأسمالية تفتقد كارل ماركس، وكانت الحجة التى ساقها كاتب المقال هو أن النقد اللاذع الذى وجهه كارل ماركس للرأسمالية قد أفاد هذه النظم كثيرا، فقد كانت تعانى من الأزمات، والتى نتجت بالضرورة عن هذا التناقض الصارخ الذى تعرفه الرأسمالية بين قدرتها الهائلة على زيادة الإنتاج وتطويره، والطرح المستمر لكميات هائلة من السلع والخدمات من ناحية، وعجزها عن توليد القوة الشرائية لاستيعاب هذه السلع والخدمات من ناحية أخرى، ومن ثم تتكرر فيها الأزمات، ما بين أزمات دورية قصيرة الأجل، وأزمات أعمق طويلة الأجل، مثل أزمة الكساد الكبير التى ضربت الاقتصادات الرأسمالية الكبرى فى سنة 1929 ولم تخرج منها إلا باندلاع الحرب العالمية الثانية، وذهب كاتب المقال إلى أن النقد الذى وجهه ماركس للرأسمالية مكنها من ابتداع الحلول لهذه الأزمات، وخصوصا من خلال قبول تدخل واسع من جانب الدولة فى الاقتصاد، وإقامة ما عرف بدولة الرفاهة، والتى تقدم للمواطنين خدمات التعليم والصحة والسكن مجانا أو بأسعار رخيصة، وتوفر لهم الإعانات فى حالة البطالة، ومثل هذه الإصلاحات التى أدخلتها النظم الرأسمالية، مكنت الاقتصادات الرأسمالية من تجنب أزمات اقتصادية كبرى طوال فترة الحرب الباردة بل عقد ونصف العقد من الزمان بعدها، وتساءلت المجلة فى أوائل التسعينيات عن تلك القوة المحفزة على التجديد والتكيف التى قد تعرفها الرأسمالية بعد اندثار التحدى الذى كان يمثله وجود المعسكر الاشتراكى، والتضاؤل المتوقع فى تأييد الناخبين للأحزاب الاشتراكية والشيوعية التى تستلهم أفكار كارل ماركس..
•••
القصة بعد ذلك معروفة، وكما لو أن الصحيفة البريطانية العريقة كانت تتنبأ بالمستقبل، فقد عرفت الاقتصادات الرأسمالية أزمات متكررة، كان آخرها حتى الآن تلك الأزمة التى تصاعدت منذ صيف سنة 2008، ودفعت ساركوزى للتساؤل بانزعاج عن مستقبل النظام الرأسمالى ذاته، وجعلت أوباما يستلهم أفكار كينز، وهو مفكر رأسمالى عانق بعض تحليلات ماركس عن أسباب الأزمة فى الدول الرأسمالية، وطرح مخرجا من الأزمات يتمثل فى المزيد من تدخل الدولة، طبعا لم تلق كل أفكار أوباما هذه قبولا من الدوائر المحافظة فى الحزب الجمهورى الذى ينافسه، فخفف كثيرا من مقترحاته الإصلاحية، ولكن ذلك وإن قلل من حدة الأزمة على الشركات الأمريكية الكبرى، إلا أن ثمن التراجع عن الإصلاح هو بقاء معدلات بطالة تصل إلى ما يقرب من عشر القوى العاملة فى الولايات المتحدة، كما ارتفع عجز الخزانة إلى حدود غير مسبوقة فى تاريخها، ولا يمكن الولايات المتحدة من العيش بحجم استدانة هائلة من الدول الأخرى، وفى مقدمتها الصين واليابان، ولكن الأزمة ضربت بشدة اقتصادات رأسمالية أخرى فى إيرلندا واليونان والبرتغال، ولاتزال تهدد اقتصادات إسبانيا وإيطاليا، وأجبرت حكومتى فرنسا وبريطانيا على اتخاذ خطوات تقشفية تجنبا لتفاقم هذه الأزمة، وفى الحقيقة لا يبدو أن هناك علاجا ناجعا فى تلك الدول الرأسمالية المتقدمة، ولذلك شهدت السنوات الأخيرة نمو حركات اجتماعية معادية للرأسمالية وللعولمة فى ذات هذه الدول.
هل هذا الحديث يهمنا؟
يضج البعض بالشكوى من المثقفين الذين يستغرقون فى الاهتمام بما يدور خارج حدود بلادهم، وينصرفون عن مشاكل السلفيين والكنيسة السيدات اللاتى يقال إنهن تركن المسيحية وانتقلن إلى الإسلام، هذه الأسباب تحديدا هى التى تدعونى أن أشدد على الحاجة إلى يسار جديد فى مصر، لأن اليسار لا يؤمن بأى تفرقة بين البشر على أساس الدين أو اللغة أو المذهب أو العرق، وهو الذى يرى الإنسانية عائلة واحدة يجب أن تسودها الأخوة والمحبة، وقد انتهت أكذوبة العداء بين اليسار والدين، فقد خرج قساوسة فى أمريكا اللاتينية يحاربون الظلم الواقع فى بلادهم ويدعون إلى المساواة الاجتماعية والأخذ بالإصلاحات الزراعية، بل كان فى عالمنا الإسلامى فصائل فى إيران تبنت الدعوة للعدالة الاجتماعية هى فصائل مجاهدى خلق، ومن بين كل القوى السياسية والفكرية فاليسار هو الأكثر اهتماما بقضايا العدالة الاجتماعية والاستقلال الوطنى ومكافحة الاستعمار، وهى القضايا الأهم فى مجتمعنا الذى يعانى من اتساع الهوة بين قلة مسرفة فى الثراء، وأغلبية تعانى شظف العيش، ومن سيطرة قوى دولية على قراراتنا السياسية والاقتصادية، واليسار الجديد هو الذى لا يسقط فى فخ استغلال الدين تحقيقا لأهداف سياسية، كما أن اليسار هو الأكثر إيمانا وانفتاحا على العلم فى جميع المجالات.
•••
ماذا عن حزب اليسار الرسمى، وماذا عن هؤلاء الذين رفعوا الرايات الحمراء فى ميدان التحرير يوم أول مايو، وماذا عن أربع أحزاب تحت التكوين تجمعت فى إطار ما سمته جبهة القوى الاشتراكية، ما أقصده ليس مجرد وجود «دكاكين» تحمل مسميات يسارية وتبيع بضاعة لا يقبل عليها الجمهور، وإنما أعنى وجودا فاعلا على مسرح السياسة والفكر والمجتمع فى مصر لتيار يجمع المثقفين والجماهير فى وحدة رائعة تنشر قيم الإخاء الإنسانى والاستنارة والعدل، وليس مجرد تجمعات للمثقفين والقيادات العمالية من أصحاب النوايا الحسنة، أو من الذين يقنعون بصفقات خاسرة مع السلطة لأنهم افتقدوا أى عزيمة نضالية أو أى إبداع تنظيمى. وأمام هذه التجمعات الصغيرة الناشئة طريق طويل قبل أن تصبح مثل هذا التيار الفاعل، وفى هذا الطريق عليها أن تجتاز العديد من العقبات من بينها مراجعة فكرها الاقتصادى والعدول عن ترديد المحفوظات القديمة عن ضرورة الملكية العامة لكل وسائل الإنتاج، طبعا وسائل الإنتاج الرئيسية من مصارف وشركات تأمين والصناعات والمرافق الأساسية يجب أن تكون ملكا للدولة أو للرأسماليين المصريين، ولا يجب أن تكون ملكية الدولة مجرد شعار، وإنما يجب أن تثبت الدولة أنها أقدر من أصحاب المشروعات الخاصة على إدارة هذه الصناعات والمرافق، وفى ظل الاقتصاد المختلط فى مصر، فلن يكون التخطيط المركزى هو الأسلوب العام فى إدارة الاقتصاد، وإنما ينبغى الاستعانة بأساليب «التخطيط التأشيرى» كذلك طبعا مع إقرار ضرورة تعدد أشكال الملكية فى الاقتصاد، وعلى دعاة هذا اليسار الجديد أن ينكبوا على استيعاب ثقافتهم الوطنية بكل فروعها بما فى ذلك تراث مصر الدينى الثرى، وأخيرا وليس آخرا على هؤلاء أن يوجدوا وسط الناس
•••
أؤكد أنه لو انتشرت أفكار هذا اليسار الجديد فى المجتمع، لما تكررت تلك المشاهد البغيضة حول كاتدرائية الأقباط ولا الاعتداءات على الكنائس، ولتوجهت اهتماماتنا لما يخدم المصلحة الحقيقية للوطن، إن التغلب على العقبات التى ذكرتها ليس سهلا على الإطلاق. وأوضاعنا الراهنة تستحق منا أشد الاجتهاد، حتى تتفتح فى حديقة الوطن مئات الزهور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.