أصبحت مؤلفات كارل ماركس ونظرياته عن الرأسمالية ودور الدولة في تسيير الاقتصاد واحدة من السلع القليلة التي زادت مبيعاتها مؤخرا وسط حالة الركود الراهنة. فقد باعت دار نشر ألمانية من كتابه "رأس المال" في شهر واحد أكثر من خمسة أضعاف ما كانت تسوقه في عام كامل. مدير دار النشر "كارل دييز فيرلانجو" في برلين جويرن شويترومبف التي تنشر أعمال ماركس كاملة باللغة الألمانية يقول إن الاقبال كبير علي مؤلفات ماركس بفضل أزمة الليبرالية الجديدة. وأضاف شويتر ومبف "رذا كانت مؤلفات ماركس تتصدر قوائم المبيعات فهذا يعني أن المجتمع يجتاز فترة عسيرة حقا. العاصفة المالية والركود الاقتصادي وراء إحياء نظريات ماركس. شويترومبف من بين القليلين الذين استفادوا من الأزمة فقد باعت دار النشر التي يديرها أكثر من 500 نسخة من كتاب "رأس المال" في شهر أكتوبر وحده تمشيا مع التوجه الذي بدأ ببداية العام الحالي. قال: "حتي عام 2004 كنا نبيع أقل من 100 نسخة من كتاب "رأس المال" في السنة. أما في العشرة أشهر الأولي من 2008 فقد بعنا ما يزيد علي 2500 نسخة لأنه من الواضح أن الناس مهتمة بما لدي كارل ماركس من قول حول أسباب عدم نجاح الرأسمالية". هذا وتتجدد شعبية نظريات كارل ماركس في ألمانيا بين المفكرين اليساريين أساسا. والآن تقدم أكثر من 30 جامعة في مختلف أنحاء ألمانيا دورات دراسية حول نظريات ماركس ومحاضرات حول كتاب "رأس المال" وينظم غالبية هذه الدورات اتحاد الطلبة الاشتراكيين ومؤسسة "روزا لوكسمبورج" ذات الصلة ب "حزب اليسار"الذي شكله شيوعيون سابقون واشتراكيون ديمقراطيون. لكن شويترومبف يؤمن بأن "شعبية ماركس تتجاوز نطاق هذه المجموعات. ففي هذه الأزمة نري العديد من الناس يعودون إلي الكنيسة فيما يبحث آخرون الأكثر عقلانية عن جواب للمشاكل الاجتماعية يتعدي الأديان وماركس منطلق مناسب لمثل هذا المسار". وهناك البعض الآخر الذي يسعي إلي المزج بين الدين ونظرية ماركس ومنهم أسقف ميونخ رينهارد ماركس ماركس الذي لا صلة له بكارل ماركس والذي وضع كتابا جديدا عنوان "رأس المال" باعت طبعته الأولي 15 ألف نسخة منذ شهر سبتمبر. ألتقت الجارديان بالأسقف ماركس فقال: "لم أهجر أبدا إغراء التحول إلي الماركسية. فأنا أؤمن بالمنشور الباباوي الذي أصدره البابا ليو الثالث عشر في عام 1891 علي صورة رسالة مفتوحة للأساقفة الكاثوليكيين". وشرح أن المنشور تناول العلاقة بين الرأسمالية والعمل وبين الحكومات والشعوب والحاجة إلي التخفيف من وطأة "البؤس والتعاسة التي تئن تحتها غالبية الطبقة العاملة" وأيد حق العمال في تشكيل نقابات ورفض الشيوعية والرأسمالية المطلقة علي حد السواء ودعم حق الملكية الخاصة. يخاطب الأسقف ماركس في مقدمته لكتابه الفيلسوف الثوري كارل ماركس معربا له عن إعجابه ببعد نظره. وأكد الأسقف أن كارل ماركس قد "تنبأ منذ150 عاما بالعولمة ورأي بالفعل فشل الرأسمالية". ويذكر أن كارل ماركس في كتابه "رأس المال" وصف الرأسمالية بالتنافس الفوضوي اللاعقلاني بل والأعمي وراء تحقيق الربح وطرح ضرورة إدارة الدولة للاقتصاد من منطلق نظام قواعد عقلاني يهدف لاستئصال الفقر والظلم الاجتماعي. وأخيرا يذكر أن شعبية كارل ماركس لا تقتصر علي ألمانيا ففي فرنسا أفادت دار النشر "صحافة الجامعة" التي تنشر كتبه بأن مبيعاتها من كتاب "رأس المال" قد تضاعفت ثلاثة أضعاف منذ عام.