ستارمر: لن تكون حماس جزءًا من غزة مجددًا.. ودعمنا لأمن إسرائيل لا يزال ثابتا    «ميطلعش من عضو».. حتحوت ردًا على رسالة مسؤول الزمالك: مضيتوا ليه؟    «لم يركل الكرة بعد».. جيوكيريس يقتحم تاريخ أرسنال من بوابة هنري    بسبب خلافات سابقة.. التحقيق مع 5 متهمين بدهس شاب بسيارة في الإسكندرية    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو مشاجرة بين شخصين ووفاة أحدهما بالقاهرة    أبرزهم حلمي عبدالباقي ونادية مصطفى.. تعرف على قائمة الفائزين بانتخابات التجديد النصفى ل«الموسيقيين»    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي العام بقنا    نقيب المهندسين: المعادلة شرط أساسي لتأهيل طلاب الدبلومات    الفنانون المصريون والسفر لتقديم العزاء لفيروز!    أطباء السودان: وفاة 13 طفلا في مخيم نازحين بدارفور جراء سوء التغذية    وزير العمل يسلم 350 شهادة لخريجي الدورات التدريبية المجانية على 23 مهنة    الغندور: صفقة تاريخية على وشك الانضمام للزمالك في انتقال حر    سعر ومواصفات 5 طرازات من شيرى منهم طراز كهرباء يطرح لأول مرة فى مصر    مراسل "إكسترا نيوز": الفوج الخامس من شاحنات المساعدات يفرغ حمولته بالجانب الفلسطيني    رئيس جامعة برج العرب في زيارة رسمية لوكالة الفضاء المصرية    جدول امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة 2025 للمكفوفين.. المواعيد والتفاصيل    نصائح للاستفادة من عطلات نهاية الأسبوع في أغسطس    أمين الفتوى: تأخير الصلاة عن وقتها دون عذر ذنب يستوجب التوبة والقضاء    مبابي ينتقل لرقم الأساطير في ريال مدريد    بريطانيا: سنعترف بدولة فلسطين في سبتمبر إذا لم تُنه إسرائيل حربها على غزة    حكم الرضاعة من الخالة وما يترتب عليه من أحكام؟.. محمد علي يوضح    التريند الحقيقي.. تحفيظ القرآن الكريم للطلاب بالمجان في كفر الشيخ (فيديو وصور)    خالد الجندي: الذكاء الاصطناعي لا يصلح لإصدار الفتاوى ويفتقر لتقييم المواقف    من أجل قيد الصفقة الجديدة.. الزمالك يستقر على إعارة محترفه (خاص)    بدء انتخابات التجديد النصفى على عضوية مجلس نقابة المهن الموسيقية    ضخ المياه بعد انتهاء إصلاح كسر خط رئيسى فى المنصورة    تأجيل محاكمة المتهم بإنهاء حياة شاب بمقابر الزرزمون بالشرقية    تجديد حبس 12 متهما في مشاجرة بسبب شقة بالسلام    وزير العمل: مدرسة السويدي للتكنولوجيا تمثل تجربة فريدة وناجحة    وزارة الأوقاف تعقد (684) ندوة علمية بعنوان: "خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي"    20% من صادرات العالم.. مصر تتصدر المركز الأول عالميًا في تصدير بودرة الخبز المُحضَّرة في 2024    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية - تفاصيل المناقشات    النقابات العمالية تدشن لجنة الانتقال العادل لمواجهة التحول الرقمي    خاص.. الزمالك يفتح الباب أمام رحيل حارسه لنادي بيراميدز    نقابة الموسيقيين تكشف تفاصيل التحقيق مع محمود الليثي ورضا البحراوي |خاص    من عبق الحضارة إلى إبداع المستقبل| فعاليات تبهر الأطفال في «القومي للحضارة»    "ياعم حرام عليك".. تعليق ناري من شوبير على زيارة صلاح للمعبد البوذي    برلمانية تطالب بإصدار قرار وزاري يُلزم بلم شمل الأشقاء في مدرسة واحدة    هآرتس تهاجم نتنياهو: ماكرون أصاب الهدف وإسرائيل ستجد نفسها في عزلة دولية    حتى لا تسقط حكومته.. كيف استغل نتنياهو عطلة الكنيست لتمرير قرارات غزة؟    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    38 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة فى الصين    وزير العمل ومحافظ الإسكندرية يفتتحان ندوة للتوعية بمواد قانون العمل الجديد    لماذا يتصدر الليمون قائمة الفاكهة الأكثر صحة عالميا؟    الأمراض المتوطنة.. مذكرة تفاهم بين معهد تيودور بلهارس وجامعة ووهان الصينية    بالأرقام.. رئيس هيئة الإسعاف يكشف تفاصيل نقل الأطفال المبتسرين منذ بداية 2025    مجمع إعلام القليوبية يطلق أولى فعاليات الحملة الإعلامية «صوتك فارق»    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    انتخابات مجلس الشيوخ 2025.. 8 محظورات خلال فترة الصمت الانتخابي    «بيفكروا كتير بعد نصف الليل».. 5 أبراج بتحب السهر ليلًا    أُسدل الستار.. حُكم نهائي في نزاع قضائي طويل بين الأهلي وعبدالله السعيد    الخارجية الفلسطينية: الضم التدريجي لقطاع غزة مقدمة لتهجير شعبنا    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 في شمال سيناء    الكهرباء: الانتهاء من الأعمال بمحطة جزيرة الذهب مساء اليوم    موعد مرتبات شهر أغسطس.. جدول زيادة الأجور للمعلمين (توقيت صرف المتأخرات)    السيطرة على حريق بمولد كهرباء بقرية الثمانين في الوادي الجديد وتوفير البديل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب x المعرض .. نانسى وكارل ماركس..

مَن الشخصيتان اللتان تشاهدهما على غلاف هذا الكتاب؟ سؤال يصلح بامتياز لأن يكون موضوعاً لاستطلاع يقيس معلومات الشباب – مثلاً - فى الوطن العربى. النتيجة المؤكدة أن نسبة كبيرة منهم ستتعرف على وجه واحد من الوجهين المتلاحمين على الغلاف، سيكتبون بثقة: نانسى عجرم، فمَن لا يعرف وجه نانسى عجرم؟!
ومَن يعرف كارل ماركس صاحب الوجه الآخر؟! هذه النتيجة المفترضة تبدو الهدف غير المعلن من وراء الكتاب المقصود الذى صدر حديثاً للصحفى اللبنانى حازم صاغية بعنوان: «نانسى ليست كارل ماركس» ونشرته دار «الساقى». يرصد الكتاب عبر بعض المقالات التى ضمها حال العرب الذين تاه وعى أغلبيتهم وسط زخم «اللهو والمتعة والحسية».
لا يصادر صاغية بالقطع على حرية الكثيرين ممن ترسخ وجه نانسى فى ذهنهم ولا يسفه من اختيارهم بل ولا يطالبهم بمعرفة كتاب ماركس «رأس المال» أو غيره كما نستشف ذلك من مقدمة عمله حين كتب هذه السطور الدالة: «كتب أحدهم ذات مرة ناعياً (الزمن العربى الردىء) فكان مثله المفحم أن (مؤخرة نانسى عجرم أصبحت أهم من مقدمة ابن خلدون) (يقصد صاغية ما كتبه الساخر اللامع بلال فضل فى كتابه «قلمين»). والحال أن المقارنة الساخرة والمرة هذه لا تخلو من وجاهة تحمل على الاستفظاع:
فيا للهول حين تصير تلك المؤخرة أهم من تلك المقدمة، بل من أى مقدمة يُفتتح بها فهم للتاريخ. لكن فى المقابل، يا للهول حين تصبح مقدمة ابن خلدون التى توصف بأول علم للاجتماع، أو مقدمة كارل ماركس فى نقد الاقتصاد السياسى، أهم من مؤخرة نانسى عجرم، ومن مؤخرات مماثلة!».
ويؤكد المؤلف أنه لو حدثت هذه الحالة فسنعيش أيضاً (زمناً عربياً رديئاً) حتى لو اختلفت رداءته: «زمن نرفع التحليل فيه إلى مصاف الرياضة الوطنية الجامعة والمقدسة، فينتشر الجد والجدى، حيث يُفترض أن يُتاح المكان للحس والحسى (...) وغنى عن القول إن المستبد هو وحده الذى يكمن لنا وراء تفضيل كهذا».
يرفض الكتاب الحالتان: «أن تسود المقدمة على المؤخرة أمر ردىء رداءة أن تسود المؤخرة على المقدمة». لذا ضم، عن وعى، كتابات تراوحت فى «الرقعة الممتدة بين الثقافى والسياسى»، نصوصاً تعلن، دون مواربة، «أن المقدمات على رأسنا، وعلى رأسنا المؤخرات كذلك». فبين المقدمات والمؤخرات و«من قوس قزح عريض جداً يمتد بينهما، تتشكل الحياة وتُحرز معناها فيما تصير إلى حبها دعوة ذات معنى».
الواقع أن أهمية مقدمة «صاغية» هنا تتساوى تقريباً مع بلاغة ومنطق مقالات كتابه التى جال فيها برشاقة بين موضوعات متنوعة: كرة القدم، عبدالحليم وعمرو دياب، محمد على كلاى، السيجارة، ماكدونالدز، باربى، جيفارا، أحمد فؤاد نجم، محمود درويش، وأمريكا، هيلارى كلينتون، العدو، والمافيا. ولأننا بدأنا بنانسى وماركس نركز هنا عليهما فقط.
عن نانسى كتب صاغية:
«ابنة الأشرقية: التى أرادت لنفسها أو أريد لها، صورة الفتاة المشدودة إلى مراهقة بنوية ملتبسة، تقف نقيضاً ل(المعلومات) و(المعرفة) و(الدقة)».
«نانسى عجرم فى سن سابقة (أى تبدو أصغر من عمرها) وجهها النضر وحركاته المشوبة بحد أدنى من الغرائبى، فهو قد يستثير فى رجال أربعينيين وخمسينيين رغبة فى قرص خديها وجذب وجهها قليلاً إلى الأمام وإلى الوراء، على النحو الذى يلهو الأب فيه مع ابنته الصغرى حين تأتى عملاً (مهضوماً) أو غير متوقع».
ثم يذكر أن «ثمة شيئاً آخر يقف فى جوار (الابنة الطيوبة)». يُشير إلى ما ثبت من قيام نانسى بعملية تجميل. تحمل إذن وجهاً غير الذى كان. فعل يُكمل - حسب تعبيره - «ملامح التناقض الذى سعت المطربة الشابة إلى أن تحمله فى هيئتها، وتالياً.
يشرح صاغية الوجه الذى صار: «لم تقلص نانسى خديها لقرص الأب المفترض، على ما فعلت زميلاتها الأخريات فى حرصهن على اكتساب شكل غربى بسيط وضعيف المخيلة. لكنها، من جهة أخرى، غلظت شفتيها وقدمتهما قليلاً إلى الأمام (...) نانسى، بالاكتناز النسبى الذى أبقته لوجهها، تُطفل جنسية الشفتين وتُسكن حدة الإغراء فيهما. وهى غالباً تُرسل من ورائهما بسمة تخون الإغراء المألوف والمُطنطن كما قد تمارسه نجمة كبرى، أو سيدة «محترمة» آثرت أن تجافى الاحترام قليلاً».
يُشير صاغية فى تحليله للوجه العجرمى إلى ما سماه «الخلط الشيطانى» الذى «تمارسه الصورة فتتجرأ به على الطبيعى والمُعطى، فإن الطفلة التى «يستنطقها (استرجاع) الماضى لا تعود طفلة تماماً، كما أن الوجه الآخر، الذى يراد له أن يأتى صارخاً فى حسيته، لا يبقى كذلك». ويختم المؤلف فكه لشفرات هذا الوجه بأن يُشير بسخرية إلى أن صاحبته نجحت حين رطبت حلقها بجرعة كوكاكولا التى ارتبطت بعقد إعلانى مع شركتها فى مواجهة جفاف المثقفين.
لكن ماذا عن كارل ماركس بلحيته الكثة؟ لم يهتم حازم صاغية بوجه ماركس بل تساءل: هل ماتت أفكاره؟ هل ذهب أصلاً؟ ويرى أنه يمكن قول الكثير عما سقط أو تهافت من تعاليم ماركس. فالديمقراطية ليست حقوقاً صورية، ولا الصورى والشكلى على تلك التفاهة التى نعتتهما بها ثقافة المضمون المتجهمة. وليس «الإفقار المطلق» لبروليتاريا تقل حصتها من السلع والخدمات تباعاً، حجة يتباهى بالدفاع عنها من يخاف على سمعته.
فثمة تطورات حدثت على الطبقة العاملة كما وصفها ماركس وكما حملها فيما يبدو بما لا تطيق من قدرة مطلقة على التغيير. لكن المؤكد - حسب صاغية - أن ثمة ضرورة فى التعرف عند مصطلح ماركس الشهير الخاص بالطبقات الاجتماعية والانقسام حول توزيع الثروة والسياسات المعبرة وارتباط أنماط العيش والتفكير بأنماط الإنتاج. ويتساءل: «ألا نرى فى البلدان المتقلصة كيف تقلصت فعلاً الفوارق بين المدنية والريف، وبين العمل اليدوى والذهنى؟!
لا بل (الإفقار المطلق) نفسه، وإن تهاوى داخل حدود الأسواق الوطنية للدول الأمم، ألا يستحضره بعض حالات العمالة المهاجرة التى تصل إلى تخوم الموت فى البحور والمحيطات؟!» ويواصل تساؤلاته التى بدا فيها دفاع صاغية عن أفكار ماركس بقوة: «هل يُعقل نبذ تأويل العولمة الراهنة بوصفها، فى معنى ما، علامة على تطور قوى الإنتاج عابرة الحدود والقوميات؟!».
يعلن صاغية بوضوح أن فكرة إماتة ماركس «فكرة مشبوهة» لأنه «بين سقراط ويومنا هذا لم يظهر المفكر الذى لم تتهاو فكرة أو أكثر من أفكاره». ثمة إنجازات للماركسية فقد نجحت فى فرز وجوه تنويرية ونخبوية فى العالم أجمع: بابلو نيرودا، ماركيز، ناظم حكمت وغيرهم ممن لم يتعرضوا للتقليد الليبرالى ولا عرف الكثيرون منهم تعليماً جيداً وحديثاً.
وعبر تعاليمه «تعرفوا إلى المساواة بين الإنسان والإنسان، وبين المرأة والرجل، والأسود والأبيض، وعلى ضوئها أدركوا أن القبائل والعشائر والأمم والأديان ليست قدراً يصحب الإنسان بالضرورة، أو فى أضعف الإيمان حلموا بتلك الرحابة البديل،
هكذا انضم بيض منهم إلى الحركة السوداء المناهضة للعنصرية فى جنوب أفريقيا، وتعاطف عرب منهم مع أكراد، ومسلمين (...) ومن طريق الماركسية أنبتت عقول هؤلاء، أو بعضهم، بطريقة نقدية هى التى حملت ذاك البعض على نقدها، هى نفسها فى وقت لاحق». لكن الثابت رغم هذا كله أن ماركس كان «الوحيد الذى يُعلن موته».
والثابت أيضاً أن البقاء للأقوى، فنانسى ليست كارل ماركس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.