اكتب هذا المقال وأكاد أجزم أنه لسان حال معظم أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية. بعد قيام ثورة 25 يناير توقع الجميع أن تزيد الوقفات الاحتجاجية لأعضاء هيئة التدريس ولكن خابت توقعاتهم تماما. ولم تخرج أي مظاهرة أو وقفة احتجاجية في أي جامعة أو كلية أو معهد على مستوى الجمهورية إيمانا من أعضاء هيئة التدريس بأن الوقت ليس ملائما لذلك علما بأننا كانت لنا في ظل النظام السابق ووزير التعليم السابق وقفات شرسة للمطالبة بحقوقنا. أقول هذا وأتعجب من موقف وزير التعليم العالي الحالي أ0د عمر عزت سلامة وكذلك أ0د عصام شرف وأسألهما هل التجاهل هو المكافأة التي يستحقها أعضاء هيئة التدريس أم أن لي الذراع هو الأسلوب الوحيد لتحقيق المطالب؟ أعود لعنوان المقال – ولنبدأ منذ العام 2005 عند بدايات تغيير قيادات الحزب الوطني وبالأخص لجنة السياسات وعندما بدأت فكرة التوريث – لقد كان تفكير النظام في هذا الوقت هو كيفية تسجيد الشعب وإجباره على قبول فكرة التوريث ولكن كان الشغل الشاغل للنظام في هذا الوقت هو كيف يمكن عمل ذلك بدون مشاكل لقد تم رسم السيناريو الخاص بتطبيق هذا في السنوات الست الأخيرة من قبل لجنة السياسات بالحزب الوطني – ولكن كيف يتم تركيع الشعب ونجعله لا يتذمر – لقد تم ذلك من أكثر من محور أحدها وهو تجويع الشعب ووقوفه في طوابير لا تنتهي حتى ينشغل بقوت يومه – والمحور الثاني الذي كان يقلق النظام هو جهاز الشرطة ولكن كان جهاز مباحث أمن الدولة المنحل هو الضمانة لعدم حدوث تذمر في الشرطة والمقابل مادي وسلطات مطلقة لرجاله – المحور الثالث هو الصحافة وما تمثله من تهديد عن طريق تهييج الشعب واتبع معها سياسة الإرهاب وتم اعتقال الصحفيين لمجرد أنهم شككوا في صحة الرئيس السابق. أحد المحاور الهامة والتي كانت تؤرق النظام هم أعضاء هيئة التدريس وهي أعلى فئة مثقفة وتحت أيديها ملايين الطلاب والذين من الممكن أن يسببوا مشكلة كبرى هذه الفئة كانت الشغل الشاغل لهذا النظام ، فكيف يتم إلهاء أو إشغال أعضاء هيئة التدريس عن حتى مجرد التفكير في موضوع التوريث ، لقد تم إبتكار هيئة سميت الهيئة القومية لضمان الجودة والآعتماد ظاهرها تجويد العملية التعليمية وباطنها إلهاء أعضاء هيئة التدريس عن الأحوال السياسية أو على الأقل ضمان عدم الاعتراض ولقد نجح أعضاء هذه اللجنة اللذين يحصلون على آلاف الجنيهات ويتنقلون من جامعة لأخرى بالطائرات كرؤساء الدول – أقول أنهم نجحوا ( بعلم أو بجهل ) في أن يشغلوا جميع أعضاء هيئة التدريس فيما يسمى الجودة والحصول على الاعتماد مع أننا كلنا نعلم أنه إعتماد محلي وليس له أي أساس أو قيمة لأن الاعتماد معناه أن يتمكن خريج أي كلية معتمدة أن ينافس على الوظائف المعلنة في أي مكان في العالم – هل الخريج المصري المتخرج من كلية معتمدة محليا يستطيع أن يشغل وظيفة معلنة في أمريكا مثلا – أشك في هذا لأن أول سؤال سيسأل عنه هو من الذي أعطاك الاعتماد ؟ معروف أن هناك هيئات دولية تعطي هذا الاعتماد ولكن ما يحدث عندنا وكما فلت إلهاء. ثم تعالوا نقارن بين جامعة حصلت بعض كلياتها على الاعتماد المحلي وجامعة أخرى تم اختيارها من بين أحسن 500 جامعة في العالم كما حدث مع جامعات اسرائيل وجنوب أفريقيا – فهذه الجامعات يتم اختيارها على اساس كم الأبحاث التي تم نشرها في دوريات عالمية لها معامل تأثير Impact factor عالي – ولكان الأفضل لي ولزملائي أن يتم صرف هذه المليارات من الجنيهات التي صرفت على الجودة في تحسين البحث العلمي وتشجيع الأساتذة على نشر أبحاثهم عالميا مما سيعود بالفائدة وبالنسبة لأي عضو هيئة تدريس فهو يالتأكيد يفضل أن تكون جامعته من بين أحسن 500 جامعة عالميا على أن تكون معتمدة محليا ولكن كان الهدف هو الإلهاء كما قلنا كذلك فإن الصرف على البحث العلمي لن يتيح الفرصة للنهب والسرقة لأن البحث العلمي له فواتير يتم تسويتها وبالتالي لا يوجد مجال للسرقة أما الجودة فأموالها تضيع في عقد الاجتماعات واللجان وتنقلات الأعضاء والسفر بالطائرت 000000 الخ0 تعالوا نقارن بين خريج العام 2004 قبل بدأ هذا النظام وبين خريج 2011 - سنجد أن خريج 2004 أفضل بمراحل وبالتالي هذا المشروع فشل فشلا ذريعا0 لقد كنت أحد أفراد هذا المشروع لمدة ستة سنوات لأن هذا المشروع في بدايته كان الظاهر لنا أن الهدف منه هو التجويد وسوف يؤدي إلى تحسين أحوالنا المادية وبعد هذه السنوات اكتشفت هدفه ولكني لم أستطيع الانسحاب لأنني كنت منسق القسم في هذا المجال وكنت أعمل في السنة الأخيرة عن عدم اقتناع0 لقد تم صرف مليارات الجنيهات على هذا المشروع ويجب محاسبة الوزير السابق على إهدار هذه الأموال ، كذلك الوزير الحالي أقنعه فلول النظام السابق من رؤساء الجامعات بأن هذا المشروع صرف عليه كثيرا ولا بد من استمراره – أقول لهم كفى0 لقد كنا نتهدد يوميا ويقال لنا أن الكلية التي لن تحصل على الاعتماد ستلغى من مكتب التنسيق ولن تقبل طلاب جدد وسيتم تخفيض مرتبات أعضاء هيئة تدريس هذه الكليات بحيث لا يحصلوا إلا على اساسي المرتب 000 الخ من التهديدات التي أجبرت أعضاء هيئة التدريس على الانخراط في هذا النظام الفاشل0 وطوال خمس سنوات ونحن عاكفون على أوراق – فقط أوراق – وفي كل زيارة لأعضاء لجان المراجعة التابع للهيئة القومية لضمان الجودة والذين كانوا يحضرون بالطائرة ويحصل كل فرد على الف جنيه في اليوم نظير الزيارة كانوا يبتدعوا أشياء جديدة لا بد من إنجازها أو أشياء في الأوراق يتم تعديلها وعندما ننتهي منها يطلبوا اشياء أخرى وكأنهم كانوا يماطلوا حتى الوصول إلى العام 2011 (عام التوريث)0 ثم يأتي وزير التعليم العالي ليؤكد استمرار المشروع !!! بأي منطق – يليه تصريح غريب بأن مرتبات أعضاء هيئة التدريس ستتحسن خلال 3 سنوات 00 كيف 00 عفوا سيدي الوزير ما الجديد الذي أتيت به بعد الثورة0 أنا أطالب بتجميد هذا المشروع وحل أعضاء الهيئة القومية لضمان الجودة لأنه معروف كيف جاء أعضاؤها وكيف أختيروا لها – كذلك إحلال أعضاء جدد مشهود لهم بالكفاءة ومؤهلين لذلك – وتغيير مسار الجودة بحيث يضمن تحقيق الجودة الفعلية وليس على الورق فقط وذلك بقياس كفاءة الخريج كل عام بعد بداية المشروع وإذا لم يطرأ تحسن فيكون المشروع فاشل ويلغى تماما ونوجه اهتمامنا للبحث العلمي فقط0 نأتي لنقطة أخرى وهي الأمن الجامعي والذي يثير علامات استفهام كثيرة - فمنذ قيام الثورة منذ حوالي ثلاثة أشهر لم يتم عمل جهاز أمن داخلي لأي جامعة وكأن هناك شبه اتفاق مع الوزير على هذا مع أنه أمر في منتهى السهولة فيمكن أختيار أحد قادة الجيش أو الشرطة المتقاعدين تكون مسئوليته تكوين جهاز أمن داخلي من أفراد مدنيين يم تدريبهم ولكن يبدو أن القيادات بداية من الوزير مرورا برؤساء الجامعات وعمداء الكليات ما زالوا يدينون بالولاء للنظام السابق ويريدونها فوضى حتى نسبح بحمد النظام السابق أو على الأقل نبكي على الحرس الجامعي المخلوع التابع لجهاز أمن الدولة المنحل0 نأتي لنقطة أخرى خطيرة وهي لماذا عدم رضا وزير التعليم العالي عن فكرة انتخاب القيادات الجامعية كلها؟ لقد أرسل لنا رئيس الجامعة مقترحات الوزير لاختيار رئيس الجامعة والعميد – هذه المقترحات أساسها تشكيل لجنة حكماء من العواجيز لاختيار رئيس الجامعة والعميد – يعني جه يكحلها عماها – مما جعل أعضاء هيئة التدريس يحتقنوا ويصمموا على عمل ما كنا نرفضه وهو التظاهرات والوقفات الاحتجاجية – لا أعلم حتى الآن ما الذي يضير الوزير من انتخاب العميد أو رئيس الجامعة؟ لا أدري إلا أنه يعمل لصالح النظام السابق ويدين بالولاء له 0 أطالب بسرعة تلبية مطالب أعضاء هيئة التدريس وأولها المطالب المادية وثانيها انتخابات العمادة والوكلاء ورئيس الجامعة ونواب رئيس الجامعة فنحن مقبلون على موسم امتحانات وأتمنى أن لا يحدث ما لا يحمد عقباه0