وسط البلد كما هو فى اى مدينة كبرى فى العالم قلبها النابض ليس فقط من خلال متاجره التى قد تتفوق عليها مولات المهندسين ومدينة نصر ولا لهيئاته ووزاراته التى تتمركز فيه تلقائيا منذ ورثت مقاراتها من العهد الاسماعيلى ولكن ايضا لما يمثله للشباب المصرى المثقف من ملتقى فنى وادبى . لم يكن غريبا ابدا ان يكون ميدان التحرير الذى يتوسط هذه البقعة القاهرية هو بيئة الثورة وعكاظها المقدس الغريب هنا فعلا ان هذه البديهية لم توضع يوما فى حسابات الحكومة المصرية فاغلب تجمعات وسط البلد تقوم اساسا على الجهود الخاصة كمقار دور النشر والمسارح المستقلة المخبئة بين المقاهى فى الشوارع الجانبية والجماعات الادبية التى لا تجد مكانا للتجمع الا الطرق مكونة وزارة ثقافة مصرية موازية . كان هذا مفهوما جدا فى ظل ما تعودنا عليه من سلطوية ورقابة النظام الابوى المزعوم بل ربما كان المطالبة بمساندة الدور لشباب وسط البلد مطلبا عبثيا الى حد كبير لانه لو تحقق فسيتحقق فى ظل سياسات النظام وبالتالى سيظل الكيان المستقل لوسط البلد الثقافى معارضا ومنشقا ولكن الم يأن لوزارة الثقافة المصرية ان تغير وجهها كما غيرت وزيرها؟ لماذا يخلو وسط البلد من المكتبات العامة رغم تعدد المبانى المناسبة والغير مستغلة مثل قصر الامير سعيد حليم المهجور والمشوه رغم قيمته الفنية بشارع شامبليون . القصر الرائع الذى بناه المهندس الايطالى انطونيو لاسيك للامير الثرى الفخور ليبهر اقاربه به ثم تحول طوال عقود طويلة الى مدرسة بعد تقطيع حديقته وعندما تنبهت الدولة الى الجريمة التى ترتكب فى حق هذا البناء الرائع تقرر تحويله الى متحف بلا وظيفة حقيقية (وهو ما لم يتم حتى )فلماذا لا يتحول بمساحته الكبيره وبنائه المميز الى مكتبة عامة كبيرة وملتقى ثقافى رائع يتوسط تجمعات المثقفين بقلب المدينة ودور النشر ؟ نفس الامر ينطبق الان على مقر الحزب الوطنى الرئيسى بالتحرير بعد ان رجع الى ملكية الدولة وله ما له من رمز للثورة وموقع متميز فى قلب احداثها لم يفكر احد فى تحويله الى مكتبة ضخمة وتجمع ثقافى وعلمى مميز يرمز الى الثورة وعهد الشباب ويجمعهم فى مركز ثورتهم لممارسة الهوايات وعقد الدورات (ولا مانع من وجود جزء منه يستغل كمتحف للثورة كما اقترح البعض) بنفس مبناه او ببناء جديد مناسب اذا لم يصلح . الامثلة متنوعة وما يملكه وسط القاهرة من قصور ومبان عريقة لا تستغل كثير جدا فلماذا لا تمنح تلك المقار المهجورة لشباب الثورة بدل الفئران التى تسكنها وتحول الى مكتبات وسارح ومعارض وتجمعات فنية.