حملة لأعمال النظافة والتطوير فى منطقة الحجاز بالإسماعيلية    إسرائيل تصعد غاراتها على غزة: استشهاد 200 فلسطيني وتهجير 300 ألف خلال 48 ساعة    الجامعة العربية: مجرد التئام القادة العرب في ظل التحديات أمر يدعو للتقدير    ملك +90.. الأهلي يفوز على البنك ويقترب من التتويج بالدوري    الدقهلية: حملات تفتيشية مستمرة لمديرية التموين على مصانع تعبئة أسطوانات الغاز    محافظ المنيا يسلم حجاج الجمعيات الأهلية جوازات السفر والتأشيرات وتذاكر الطيران    المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي يناقش بناء الروابط بين مهرجانات الأفلام العربية على هامش مهرجان كان    «الجزار» يقود جولة تفقدية بمنشآت جنوب القاهرة لمتابعة رفع كفاءة المستشفيات استعدادا للاعتماد    كشف ملابسات غرق طفل في نهر النيل بالحوامدية    سوء الأحوال الجوية في دمياط.. إصابة سيدة جراء سقوط لافتة إعلانية    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك 2025 فى مدن ومحافظات الجمهورية    السودان يتهم الإمارات بطرد واحتجاز دبلوماسيين بالمخالفة ل اتفاقيات فيينا    الجناح المصري في سوق مهرجان كان يفوز بجائزة أفضل جناح لعام 2025    خبير علاقات دولية: كلمة الرئيس السيسي تعكس قوة مصر ورؤيتها ما لا يراه الآخرون    زواج سري أم حب عابر؟.. جدل قديم يتجدد حول علاقة عبد الحليم حافظ وسعاد حسني    محمد رمضان يكشف عن صورة من كواليس فيلم أسد وعرضه بالسينمات قريبا    تشييع جثمان ابن شقيقة الفنان عبد الوهاب خليل بمقابر بيلا بكفر الشيخ    هنعزم 10 أشخاص.. تامر حسني يكشف عن مفاجأة تجمعه ب«كزبرة» بطريقة كوميدية (فيديو)    رئيس جامعة الأزهر يفسر آية «يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج»    داعية: وجوب تقسيم الميراث على وجه السرعة لهذا السبب    120% نموا فى واردات مصر من السيارات الصينية خلال الربع الأول من 2025    هيئة الخدمات البيطرية تكشف حقيقة نفوق الطيور في مزارع الدواجن    إصابة 48 طالبة.. رئيس جامعة طنطا يطمئن على الحالة الصحية لطالبات «تربية رياضية»    القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى يشهد مناقشة البحث الرئيسى لهيئة البحوث العسكرية    ضحية الانتقام بكرداسة    احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف.. المنيا تحتضن الملتقى العلمي الخامس لتعزيز الوعي الثقافي والتاريخي (صور)    كواليس جلسة الرمادي مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بتروجيت    3 أمناء مساعدين بالجبهة الوطنية.. زكى والصريطي للفنون وضيف الله للتنظيم    مستشار رئيس الوزراء العراقي: قمة بغداد تؤكد أهمية التضامن العربي في مواجهة الأزمات الإقليمية    الزمالك يتحرك لحل أزمة مستحقات ميشالاك قبل عقوبة "فيفا"    فابريجاس: تحدثت مع أندية أخرى.. وهذا قراري بشأن مستقبلي    رئيس جامعة المنوفية يعقد اجتماع مجلس الدراسات العليا الشهري "أون لاين"    الهلال الأحمر يشارك في احتفال سفارة أيرلندا ب50 عامًا على العلاقات مع مصر    قائد تشيلسي: مصير المشاركة في دوري أبطال أوروبا بأيدينا    الضفة.. الاحتلال الإسرائيلي يصيب مسنا فلسطينيا قرب مخيم جنين    "وقاية النباتات" ينظم برنامجا تدريبيا لتعزيز الممارسات الذكية في مكافحة الآفات    مصرع طفل غرقا فى نهر النيل بمنطقة الحوامدية    آخر تحديث للحصيلة.. إصابة 46 طالبة بإغماء في جامعة طنطا بسبب ارتفاع الحرارة -فيديو    هل يجوز توزيع العقيقة لحومًا بدلًا من إخراجها طعامًا؟.. أمين الفتوى يجيب    انطلاق الدورة 41 من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في سبتمبر المقبل    صور| أكاديمية الشرطة تنظم ندوة "الترابط الأسري وتأثيره على الأمن المجتمعي"    بالأسماء، ارتفاع عدد المصابات بإغماء وإجهاد حراري بتربية رياضية طنطا ل 46    جامعة الفيوم تطلق الحدث الريادي الأول "ستار أب" لدعم رواد الأعمال والشباب الخريجين    نقيب الصحفيين يطلق حملة لتعديل المادة 12 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    هل يجوز سفر المرأة للحج دون مَحْرَم.. الأزهر للفتوى يجيب    الأوقاف: الطبيب البيطري صاحب رسالة إنسانية.. ومن رحم الحيوان رحمه الرحمن    أمين «التعاون الإسلامي» يؤكد ضرورة بذل كل الجهود لاسترداد الفلسطينيين لحقوقهم    مخرجش من المنهج.. ردود أفعال طلاب الشهادة الإعدادية الأزهرية بسوهاج بعد امتحان مادتي اللغة العربية والهندسة "فيديو"    وكيل الزراعة بالبحيرة يوجه بسرعة توزيع الأسمدة وإزالة التعديات على الأراضي الزراعية في حوش عيسى    أوكرانيا تعلن إسقاط 36 طائرة روسية مسيرة    رئيس الوزراء يتفقد أعمال التطوير في منطقة السيدة عائشة وطريق صلاح سالم    كلاكيت تالت مرة.. مصطفى محمد يرفض المثلية وينتظر العقوبة    قصر العيني يحتفل ب 80 عامًا على تأسيس قسم المسالك ويطلق برنامجًا لأطباء الامتياز    أسعار البيض اليوم السبت 17 مايو    موجة شديدة تضرب البلاد اليوم| وتوقعات بتخطي درجات الحرارة حاجز ال 40 مئوية    اللقب مصري.. نور الشربيني تتأهل لمواجهة هانيا الحمامي في نهائي بطولة العالم للاسكواش    الأجهزة الأمنية الليبية تحبط محاولة اقتحام متظاهرين لمبنى رئاسة الوزراء بطرابلس    «لو روحتوا أمريكا هينصفوا الأهلي».. عمرو أديب يوجه رسالة لمجلس الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورات العرب أصعب الثورات
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 04 - 2011

أثناء الانتفاضة المصرية كنت فى القاهرة، وذات يوم أردت تغيير الفندق لأكون أقرب إلى الحدث، فاتصلت بفندق ماريوت لأرى ما إذا كانت هناك فرصة لذلك. وحادثتنى من قسم الحجوزات فتاة مصرية يوحى صوتها بصغر سنها، عارضة علىَّ حجرة، ثم سألت: «هل تتمتع بامتياز الشركات؟» فقلت: «لا أعرف أنا أعمل لدى صحيفة نيويورك تايمز». وساد الصمت لحظات قليلة، ثم قالت: «هل أستطيع أن أسألك عن شىء؟» أجبت: «بالتأكيد» قالت «هل سنكون بخير؟ أنا قلقة».
وقد احتفظت بذكرى هذه المحادثة لأنها بدت شخصا عصريا، كفتاة من نوع الفتيات اللواتى فى ميدان التحرير. لقد بدأنا للتو ندرك ما يعتمل بداخلهن، فى مصر وبلدان أخرى.
ولنبدأ بالنظر إلى تركيبة الدول العربية. ونتذكر موجة الديمقراطية الأوروبية فى 1989. ففى أوروبا، كانت كل دولة تقريبا تشبه ألمانيا، أمة متجانسة، باستثناء يوغوسلافيا. بينما العالم العربى على العكس من ذلك تماما؛ فهناك، كل دولة تقريبا تشبه يوغوسلافيا باستثناء مصر وتونس والمغرب.
ومعنى هذا، أنه عندما رفعت قبضة الشيوعية الحديدية، استطاعت الدول الكبرى ذات التجانس الكبير أن تنتقل بسرعة واستقرار نسبيين نحو الحكم الذاتى؛ باستثناء يوغوسلافيا متعددة العرقيات والديانات، التى تحطمت إلى أجزاء.
وفى العالم العربى، تعتبر جميع هذه البلدان تقريبا على غرار يوغوسلافيا، مكونة من مجموعات عرقية، ودينية وقبلية، وحَّدتها القوى الاستعمارية باستثناء مصر وتونس والمغرب، التى تضم أغلبيات كبيرة متجانسة. لذلك، فعندما يُرفع الغطاء عن هذه البلدان، ربما لا يُطلق العنان للمجتمع المدنى وإنما للحرب الأهلية.
ولذلك، ربما تكون الثورات العربية الديمقراطية السلمية نسبيا بسبيلها للانتهاء. فقد وقعت فى تونس ومصر، حيث يمكن فى هذين البلدين أن يحتشد المجتمع بكامله كأسرة ويطرد «الأب» الشرير الديكتاتور. ومن الآن فصاعدا، علينا أن نأمل فى «تحولات عربية متقدمة» وإلا سنشهد حروبا أهلية عربية.
وتعتبر المغرب والأردن أكثر دولتين واعدتين بالتحول، فلديهما عاهلان يحظيان بالاحترام، وإذا أرادا يمكنهما قيادة التحولات نحو نظام ملكى دستورى.
وربما كانت بلدان سوريا وليبيا واليمن والبحرين، الممزقة بفعل الانقسامات القبلية والعرقية والدينية مثالية لتحقيق تطور تدريجى نحو الديمقراطية، ولكن ربما فات الأوان الآن. فقد تمثل الدافع الأول عند قادتها فى سحق المتظاهرين، وتلا ذلك إراقة الدماء. وتوجد الآن فى هذه البلدان العديد من المظالم المكبوتة بين الطوائف الدينية والقبائل حيث استفاد بعضها كثيرا من الديكتاتوريات، بينما عومل بعضها الآخر بوحشية، لدرجة أنه حتى لو رفعت القبضة الحديدية المستبدة بطريقة ما، سيكون من السهل أن يقضى النزاع المدنى على آمال الديمقراطية.
فهل هناك ما يمكن أن يحول دون ذلك؟ نعم، قيادة استثنائية تصر على دفن الماضى، بدلا من أن يدفنها. والعالم العربى فى أمس الحاجة لزعماء على غرار زعيمى جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا وديكليرك؛ عمالقة من الجماعات المتعارضة يسمون فوق الأحقاد القبلية والسنية الشيعية من أجل صياغة عقد اجتماعى جديد. وقد فاجأتنا الجماهير العربية ببطولتها. ونحن الآن بحاجة إلى قادة عرب يفاجئوننا بشجاعتهم وبصيرتهم. وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
وهناك خيار آخر؛ أن تتدخل قوة خارجية، كما فعلت أمريكا فى العراق، والاتحاد الأوروبى فى أوروبا الشرقية، للقيام بدور الحكم أو الراعى للتحول الديمقراطى بين الجماعات المفتقدة إلى الثقة فى هذه الدول الممزقة. غير أننى لا أرى من يتقدم لهذه المهمة.
وفى غياب هذه البدائل، لا يحدث سوى ما هو حاصل فعلا. حيث يطلق الحكام المستبدون فى سوريا، واليمن، وليبيا، والبحرين، النار على معارضيهم من منطق قبلى: «إما الحكم أو الموت». بمعنى إما أن تسيطر طائفتى أو قبيلتى أو أموت دون ذلك. وينخفض الآن فى هذه المجتمعات المعروض من العنصر الأساسى للديمقراطية، وهو التعددية الحقيقية؛ حيث يستشعر الناس المصير المشترك، ويتصرفون كمواطنين، ولا يؤمنون بأن وجود الأقلية التى ينتمون إليها فى السلطة شرط لأن ينعموا بالأمان أو النجاح. ومن الممكن أن ينمو هذا العنصر، كما اتضح فى العراق، لكنه يستغرق وقتا.
وفى الوقت نفسه، أوضحت السعودية، التى ينتمى 90 فى المائة من سكانها للمذهب السنى وعشرة فى المائة للشيعى، أنها ستعارض أى تحول إلى الملكية الدستورية فى جارتها البحرين، حيث تسيطر الأقلية السنية على الأغلبية الشيعية. فلن يحدث ذلك سلميا.
ويصعب التحول حتى فى مصر. فقد ألقى الجيش الذى يشرف على عملية التحول، القبض على مايكل نبيل، المدون الليبرالى البارز، بتهمة «إهانة الجيش».
وأرجو ألا يسىء أحد فهمى. فمازلت أؤمن أن هذه الحركة الديمقراطية العربية كانت حتمية، وضرورية، وقائمة على سعى إنسانى عميق وسليم من أجل الحرية، والكرامة، والعدالة. ولكن التحولات العربية ستكون أصعب من تحولات أوروبا الشرقية من دون قيادة استثنائية.
فلنصلى من أجل الألمان. ونأمل فى جنوب أفريقيين. ونستعد ليوغسلاف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.