"حاتم باشات": مصر تقود لحظة تاريخية جديدة.. ومفاوضات شرم الشيخ تمثل بارقة أمل لغزة    ندوة تثقيفية لجامعة أسيوط الأهلية حول "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ودور الجامعات في تعزيزها"    سعر الحديد مساء اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025    إطلاق فعاليات القافلة التنموية بقرية برنشت في العياط    بيراميدز يحدد موعد استئناف تدريباته    إصابة جديدة تضرب دفاع ريال مدريد قبل الكلاسيكو    الداخلية تكشف ملابسات واقعة تعدي سائق على سيدة بالإسكندرية بسبب الأجرة    من عمّان إلى نوبل.. عمر ياجي رائد الكيمياء الذي حوّل الهواء إلى مصدر للماء    في احتفالات انتصارات أكتوبر.. وزير الثقافة يفتتح قصر ثقافة حلوان بعد تطويره    شوقي الأخيرُ زمانُه.. جديد منشورات ضفاف والاختلاف    تطور العدالة الاجتماعية في 30 عامًا.. معلومات الوزراء: تراجع عمالة الأطفال إلى 7.8% عالميا.. انخفاض وفيات العمل بأكثر من 10%.. و58% من العمال في وظائف غير رسمية في 2025    مدير صندوق مكافحة الإدمان يستقبل المدير التنفيذي للوكالة الأوروبية للمخدرات    دعوى قضائية بوقف نشر صور متهمات وقاصرات على المنصات الإلكترونية    د. عائد زقوت يكتب من الأراضي المحتلة: ناصر القدوة يعود إلى واجهة المشهد الفلسطيني مع قرب الاستحقاقات المقبلة    جيس ثورب مديرًا فنيًا للنادي الأهلي    حسم التأهل للمونديال.. حسام حسن يعلن تشكيل منتخب مصر لمباراة جيبوتي    نبيل فهمي ضيف صالون ماسبيرو الثقافي السبت    نائب محافظ الأقصر يشارك في احتفال مصنع سكر أرمنت بانتصارات أكتوبر | صور    توتر جديد في القدس.. بن غفير يقتحم المسجد الأقصى ويدعو ل«نصر كامل» على حماس    ألمانيا تمنح الشرطة صلاحية إسقاط الطائرات المسيرة بعد حوادث مطار ميونيخ    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه ل3 متهمين بالإتجار فى المخدرات بسوهاج    محافظ الجيزة يعتمد حركة مديري ووكلاء الإدارات التعليمية    وكيل «تعليم البحيرة» يشهد ندوة «التعليم بين تحديات الحاضر ورهان المستقبل»    وزيرة التضامن تترأس اجتماع اللجنة العليا للأسر البديلة الكافلة    وزارة الاتصالات: تنفيذ برنامج عالمى لأكاديمية إتش بى للابتكار فى مدارس WE    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 8 اكتوبر 2025 فى المنيا    أحمد عمر هاشم.. تعرف على أبرز 10 معلومات عن جهوده الدعوية    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    احذر هذه الأطعمة على معدة فاضية.. تسبب مشاكل في الهضم    خالد العناني مديرًا عامًا لليونسكو.. والريادة الثقافية والحضارية موطنها مصر    انطلاق برنامج مصر جميلة لاكتشاف المواهب الفنية والأدبية بالوادي الجديد    تموين قنا: ضبط 295 مخالفة تموينية متنوعة خلال أسبوع    طارق العوضي: البرلمان الحالي غير مؤهل للنظر في «الإجراءات الجنائية»    بلخي: إعادة بناء النظام الصحي في غزة ضرورة إنسانية عاجلة    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    «فصل الشتاء».. نصائح للوقاية من الأمراض الموسمية    بلخي: اجتماع اللجنة الإقليمية بالقاهرة يناقش إصلاحات جذرية لمستقبل الصحة في المنطقة    السيسي: الوضع الاقتصادي يتحسن يومًا بعد يوم.. ولسه الأفضل قادم    محافظ الشرقية: 1440 وحدة سكنية جاهزة للحجز ضمن مشروع أبراج الحريرى بالزقازيق    نجاة رئيس الإكوادور من هجوم على موكبه    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    مشاركة دولية غير مسبوقة في بطولة مصر لهواة للجولف 2025    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    موقف عصام صاصا بعد اتهامه فى مشاجرة وصدور حكم بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ    رجال لا يكررون الخطأ مرتين.. 4 أبراج تتعلم بسرعة من التجارب    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    مصرع صغير وإصابة 3 آخرين في مشاجرة بالأسلحة النارية بسوهاج    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    سعر سبيكة الذهب اليوم الأربعاء 8-10-2025 بعد الارتفاع الكبير.. بكام سبيكة ال10 جرام؟    اعرف اسعار الدولار اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    نائب رئيس الزمالك: «مفيش فلوس نسفر الفرق.. ووصلنا لمرحلة الجمود»    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورات العرب أصعب الثورات
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 04 - 2011

أثناء الانتفاضة المصرية كنت فى القاهرة، وذات يوم أردت تغيير الفندق لأكون أقرب إلى الحدث، فاتصلت بفندق ماريوت لأرى ما إذا كانت هناك فرصة لذلك. وحادثتنى من قسم الحجوزات فتاة مصرية يوحى صوتها بصغر سنها، عارضة علىَّ حجرة، ثم سألت: «هل تتمتع بامتياز الشركات؟» فقلت: «لا أعرف أنا أعمل لدى صحيفة نيويورك تايمز». وساد الصمت لحظات قليلة، ثم قالت: «هل أستطيع أن أسألك عن شىء؟» أجبت: «بالتأكيد» قالت «هل سنكون بخير؟ أنا قلقة».
وقد احتفظت بذكرى هذه المحادثة لأنها بدت شخصا عصريا، كفتاة من نوع الفتيات اللواتى فى ميدان التحرير. لقد بدأنا للتو ندرك ما يعتمل بداخلهن، فى مصر وبلدان أخرى.
ولنبدأ بالنظر إلى تركيبة الدول العربية. ونتذكر موجة الديمقراطية الأوروبية فى 1989. ففى أوروبا، كانت كل دولة تقريبا تشبه ألمانيا، أمة متجانسة، باستثناء يوغوسلافيا. بينما العالم العربى على العكس من ذلك تماما؛ فهناك، كل دولة تقريبا تشبه يوغوسلافيا باستثناء مصر وتونس والمغرب.
ومعنى هذا، أنه عندما رفعت قبضة الشيوعية الحديدية، استطاعت الدول الكبرى ذات التجانس الكبير أن تنتقل بسرعة واستقرار نسبيين نحو الحكم الذاتى؛ باستثناء يوغوسلافيا متعددة العرقيات والديانات، التى تحطمت إلى أجزاء.
وفى العالم العربى، تعتبر جميع هذه البلدان تقريبا على غرار يوغوسلافيا، مكونة من مجموعات عرقية، ودينية وقبلية، وحَّدتها القوى الاستعمارية باستثناء مصر وتونس والمغرب، التى تضم أغلبيات كبيرة متجانسة. لذلك، فعندما يُرفع الغطاء عن هذه البلدان، ربما لا يُطلق العنان للمجتمع المدنى وإنما للحرب الأهلية.
ولذلك، ربما تكون الثورات العربية الديمقراطية السلمية نسبيا بسبيلها للانتهاء. فقد وقعت فى تونس ومصر، حيث يمكن فى هذين البلدين أن يحتشد المجتمع بكامله كأسرة ويطرد «الأب» الشرير الديكتاتور. ومن الآن فصاعدا، علينا أن نأمل فى «تحولات عربية متقدمة» وإلا سنشهد حروبا أهلية عربية.
وتعتبر المغرب والأردن أكثر دولتين واعدتين بالتحول، فلديهما عاهلان يحظيان بالاحترام، وإذا أرادا يمكنهما قيادة التحولات نحو نظام ملكى دستورى.
وربما كانت بلدان سوريا وليبيا واليمن والبحرين، الممزقة بفعل الانقسامات القبلية والعرقية والدينية مثالية لتحقيق تطور تدريجى نحو الديمقراطية، ولكن ربما فات الأوان الآن. فقد تمثل الدافع الأول عند قادتها فى سحق المتظاهرين، وتلا ذلك إراقة الدماء. وتوجد الآن فى هذه البلدان العديد من المظالم المكبوتة بين الطوائف الدينية والقبائل حيث استفاد بعضها كثيرا من الديكتاتوريات، بينما عومل بعضها الآخر بوحشية، لدرجة أنه حتى لو رفعت القبضة الحديدية المستبدة بطريقة ما، سيكون من السهل أن يقضى النزاع المدنى على آمال الديمقراطية.
فهل هناك ما يمكن أن يحول دون ذلك؟ نعم، قيادة استثنائية تصر على دفن الماضى، بدلا من أن يدفنها. والعالم العربى فى أمس الحاجة لزعماء على غرار زعيمى جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا وديكليرك؛ عمالقة من الجماعات المتعارضة يسمون فوق الأحقاد القبلية والسنية الشيعية من أجل صياغة عقد اجتماعى جديد. وقد فاجأتنا الجماهير العربية ببطولتها. ونحن الآن بحاجة إلى قادة عرب يفاجئوننا بشجاعتهم وبصيرتهم. وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
وهناك خيار آخر؛ أن تتدخل قوة خارجية، كما فعلت أمريكا فى العراق، والاتحاد الأوروبى فى أوروبا الشرقية، للقيام بدور الحكم أو الراعى للتحول الديمقراطى بين الجماعات المفتقدة إلى الثقة فى هذه الدول الممزقة. غير أننى لا أرى من يتقدم لهذه المهمة.
وفى غياب هذه البدائل، لا يحدث سوى ما هو حاصل فعلا. حيث يطلق الحكام المستبدون فى سوريا، واليمن، وليبيا، والبحرين، النار على معارضيهم من منطق قبلى: «إما الحكم أو الموت». بمعنى إما أن تسيطر طائفتى أو قبيلتى أو أموت دون ذلك. وينخفض الآن فى هذه المجتمعات المعروض من العنصر الأساسى للديمقراطية، وهو التعددية الحقيقية؛ حيث يستشعر الناس المصير المشترك، ويتصرفون كمواطنين، ولا يؤمنون بأن وجود الأقلية التى ينتمون إليها فى السلطة شرط لأن ينعموا بالأمان أو النجاح. ومن الممكن أن ينمو هذا العنصر، كما اتضح فى العراق، لكنه يستغرق وقتا.
وفى الوقت نفسه، أوضحت السعودية، التى ينتمى 90 فى المائة من سكانها للمذهب السنى وعشرة فى المائة للشيعى، أنها ستعارض أى تحول إلى الملكية الدستورية فى جارتها البحرين، حيث تسيطر الأقلية السنية على الأغلبية الشيعية. فلن يحدث ذلك سلميا.
ويصعب التحول حتى فى مصر. فقد ألقى الجيش الذى يشرف على عملية التحول، القبض على مايكل نبيل، المدون الليبرالى البارز، بتهمة «إهانة الجيش».
وأرجو ألا يسىء أحد فهمى. فمازلت أؤمن أن هذه الحركة الديمقراطية العربية كانت حتمية، وضرورية، وقائمة على سعى إنسانى عميق وسليم من أجل الحرية، والكرامة، والعدالة. ولكن التحولات العربية ستكون أصعب من تحولات أوروبا الشرقية من دون قيادة استثنائية.
فلنصلى من أجل الألمان. ونأمل فى جنوب أفريقيين. ونستعد ليوغسلاف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.