الكنيسة الكاثوليكية بمصر تنعى ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    على مدار الساعة.. سعر الدولار اليوم السبت 28-6-2025 بالبنوك المصرية    تعويضات حادث أشمون وتطوير المطارات.. تكليفات الرئيس اليوم للحكومة (فيديو)    وزير الخارجية يجرى مشاورات سياسية مع نظيرته النمساوية    الاتحاد الأوروبى يرفض الضغط على إسرائيل.. 3 دول فقط تؤيد تعليق اتفاقية الشراكة مع الدولة العبرية رغم جرائمها فى غزة    رونالدو بعد تجديد عقده مع النصر: أقوم بدور مهم في تطوير الكرة السعودية    الاحتلال يعلن اغتيال المسؤول عن الصواريخ المضادة للدروع بحزب الله ب بنت جبيل    تعاون مصري نمساوي لمواجهة الهجرة غير الشرعية وتوفير فرص للعمالة الماهرة    كأس العالم للأندية 2025.. تشكيل متوازن لبنفيكا ضد تشيلسي    كريم نيدفيد يقترب من الرحيل عن الأهلى والانضمام للاتحاد السكندرى    أيمن أشرف يقترب من التوقيع لوادى دجلة فى صفقة انتقال حر    بسبب معسكر المنتخب .. تعرف علي اول توقف للدوري فى الموسم الجديد    النائب أحمد بلال البرلسي يتقدم ببيان عاجل لمحاسبة الحكومة بعد فاجعة الطريق الإقليمي: دماء 19 فتاة لا تُقابل بالصمت    أمهات ولكن.. دوافع نفسية وراء قتل الأبناء.. فتحي قناوي: غير مؤهلات لتحمل مسؤولية الأمومة...داليا العقاد : اضطرابات حادة مثل اكتئاب ما بعد الولادة    محمود البزاوى وأحمد غزى ووليد فواز فى العرض الخاص لمملكة الحرير    باحث: الحرب على غزة وإيران أحدثت ضررا بالاقتصاد الإسرائيلى    رامى صبرى يكشف عن ألبومه الجديد بعنوان أنا بحبك أنت بمقطع موسيقى.. فيديو    مسعد ينفرد بقرار تسمية مولودته من بسمة.. ملخص الحلقة 11 من "فات الميعاد"    عبير صبري تعلن انفصالها عن زوجها أيمن البياع بعد زواج 7 سنوات    طلاب من أجل مصر بجامعة قناة السويس يُشاركون في فعاليات اليوم العالمي للتبرع بالدم بالإسماعيلية    لمدة 15 يومًا.. فتح باب التظلمات لطلاب الشهادة الإعدادية بالبحر الأحمر    النيابة العامة: نلتزم بكشف ملابسات حادث إقليمى المنوفية تحقيقا للردع العام    رسميًا.. موعد إجازة 30 يونيو 2025 للقطاعين العام والخاص بعد قرار الحكومة    لماذا تعلّم سيدنا موسى من الخضر رغم كونه نبيًا؟.. الشيخ يسري جبر يوضح    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع مستحضرات التجميل (المكياج)؟    سجل الآن.. تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة كفر الشيخ (رابط مباشر)    وزيرا الأوقاف والعمل يضعان حجر الأساس لبناء مسجد برأس غارب بتبرع من رجل أعمال    تحت عنوان «عودة الغايب».. فضل شاكر يحيي حفلا غنائيا لأول مرة في قطر يوليو المقبل    تداول 13 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    انطلاق منتدى مصر الدولى للتعدين 15 يوليو المقبل    "صبحي" و"حبشي" يتفقدان نادي بورسعيد الرياضي (صور)    إحالة العاملين بمستشفى بلبيس للتحقيق للإهمال والتقصير في العمل    إسماعيل كمال يتفقد مستشفى أسوان التخصصي العام بالصداقة الجديدة    وزير الزراعة: الصادرات الزراعية المصرية إلى هولندا 500 مليون دولار    انطلاق مؤتمر «شعب مصر» لإحياء ذكرى ثورة 30 يونيو    مصر وتركيا تبحثان سبل تعزيز التعاون في قطاع الصناعات المعدنية    الحرس الثوري الإيراني: سنرد على أي اعتداء جديد "بشكل مختلف وأشد قوة"    انتهاء أعمال الترميم بعدد من المنشآت الأثرية في مدينة الفرما بشمال سيناء    خلال أسبوع.. تحرير أكثر من 330 محضر مخالفات تموينية بمحافظة بني سويف    «شوية رقابة على أي مكان عمل».. صبري فواز يعلق على حادث الطريق الإقليمي    أسفار الحج (6)..الصفا والمروة وزهرة اللوتس    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى فيصل دون إصابات    انتصار السيسي توجه الهلال الأحمر بتقديم الدعم لأهالي ضحايا حادث المنوفية    «عايزين يفجروا أزمة ويضربوا استقرار الأهلي».. إبراهيم المنيسي يفتح النار على عضو مجلس الزمالك    محاضرات وجولات توعية خلال حملة التبرع بالدم في المنيا    محافظ الغربية يطلق حملات التبرع بالدم تزامناً مع اليوم العالمى    شيماء عبد الحميد.. من مدرسة الصنايع إلى كلية الهندسة ثم وداع لا يُحتمل    منظمة أكشن إيد: مراكز توزيع المساعدات تحولت إلى فخ مميت لأهالي غزة    مصر ترحب باتفاق السلام بين الكونجو الديموقراطية ورواندا    توخيل يحفز شباب إنجلترا قبل موقعة ألمانيا في نهائي أمم أوروبا    السبت 28 يونيو 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع    الإنتاج الحربي: الشركات التابعة حققت إيرادات نشاط بنسبة 144% بمعدل نمو بنسبة 44% عن العام الماضي    قصة كفاح مهندسي مصر من أجل تحقيق حلم.. 8 سنوات تلخص رحلة إنشاء مصيف مطروح.. 25 مليون جنيه تكلفة المشروع    5 حالات يجوز فيها التعاقد لحالات الضرورة بقانون الخدمة المدنية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 28-6-2025 في محافظة قنا    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    عبداللطيف: الزمالك يحتاج إلى التدعيم في هذه المراكز    شيماء طالبة بالهندسة.. خرجت لتدبير مصروف دراستها فعادت جثة على الطريق الإقليمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاجآت في انتظار أوباما
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 05 - 2009

قبيل تولى الرئيس الأمريكى باراك أوباما مقاليد الحكم فى يناير الماضى، كثر عقد الندوات والاجتماعات فى القاهرة كما فى غيرها من العواصم، وكلها تحاول استكشاف السياسة المقبلة للإدارة الأمريكية، وكيفية تعاملها مع مختلف المشكلات. وفى إحدى هذه الندوات التى جرت بدعوة من مؤسسة كارنيجى للسلام وشاركت فيها، أكدت أستاذة جامعية أمريكية أن الرئيس الجديد سيكون على النقيض من سلفه، حيث سيعتمد الدبلوماسية وليست الحرب سبيلا لحل النزاعات، وسيحرص على مشاركة الأصدقاء والحلفاء فى الرأى بعيدا عن الانفراد بالقرار، كما أنه سيسعى جاهدا لتحسين صورة أمريكا الخارجية بعد أن نجح بوش، بامتياز، فى تلطيخ سمعة الولايات المتحدة على امتداد ثمانية أعوام كاملة. غير أن الباحثة الأمريكية عبرت فى نفس الوقت عن مخاوفها من حدوث ما لا يحمد عقباه، أو وقوع مفاجئات غير متوقعة، تدفع أوباما دفعا إلى تغيير مسار سياسته أو على الأقل مراجعة حساباته. وأضافت أن آفة أى رئيس أمريكى جديد تتمثل فى وقوع مفاجأة لم تكن فى حسبانه.
ويبدو أن الأستاذة الأمريكية كانت محقة فى تحليلها. فمن الواضح الآن أن أكثر من مفاجأة كانت فى انتظار الرئيس الجديد بالفعل. وأكاد أشعر بأن الرصيد الكبير من النيات الحسنة التى انطلق بها أوباما فى مسيرته للبيت الأبيض، قد اصطدمت بواقع عالم مضطرب عليه أن يتعامل معه بواقعية أكثر وبمثالية أقل.
ولعل أول ما تكشف أمام أوباما مدى تشعب الأزمة الاقتصادية التى ضربت العالم، والأهم أن مسببها الأساسى تمثل فى ذلك القدر من الجشع والأنانية لدى رجال المال والأعمال فى أمريكا وخارجها، بحيث وجد الرئيس الأمريكى نفسه وجها لوجه أمام رأسمالية متوحشة لا تكترث فى قليل أو كثير بمصالح الطبقتين المتوسطة والفقيرة، وهى المصالح التى حاول الدفاع عنها طوال حملته الانتخابية.
ومما لا شك فيه أيضا أن أوباما قد تبين له أبعاد الورطة التى أوقع بوش بلاده فيها بغزوه العراق فى عام 2003، والمشكلات التى نمت وترعرعت منذ ذلك الوقت فى ظل الاحتلال، سواء كانت أمنية أو طائفية أو عرقية. ولابد أنه يسمع الأصوات من داخل أمريكا المنادية بالإبقاء على قدر لا بأس به من القوات الأمريكية حتى بعد الموعد المتفق عليه للانسحاب فى نهاية عام 2011، بل ربما يشفق أوباما الآن على مصير هؤلاء فى العراق الذين روجوا للغزو فى البداية، بعد أن «يحمل الاحتلال عصاه على كاهله ويرحل».
هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى لابد وأن أوباما قد أصابه قدر كبير من الإحباط جراء الموقف الإيرانى غير المتجاوب من اليد الأمريكية الممدودة إليها، خاصة أنه يدعوها فى الواقع إلى مشاركة أمريكا فى التعامل مع مشكلتين كبيرتين هما الوضع فى كل من العراق وأفغانستان. وعلى الجانب الآخر نجد أن إسرائيل مستمرة فى الضغط على الإدارة الأمريكية من أجل القيام بعمل عسكرى، أمريكى أو إسرائيلى، لإجهاض المشروع النووى الإيرانى. ووسط هذه المتناقضات قد يمكن تصديق ما تردد من أن إسرائيل على استعداد لإبرام صفقة مقايضة تضمن لها التخلص من الخطر الإيرانى، فى مقابل التجاوب بشكل أكبر مع جهود ومتطلبات السلام فى الشرق الأوسط.
غير أن أكبر المفاجآت التى كانت فى انتظار أوباما فهى المتعلقة بكل من أفغانستان وباكستان. فالهدف الأصلى من الغزو الأمريكى لأفغانستان، الذى جاء بعد شهر واحد من أحداث سبتمبر 2001، كان القضاء على تنظيم القاعدة المسئول عن هذه الأحداث. لكن ما يجرى حاليا من قتال بين طالبان والقوات الأمريكية فى أفغانستان قد جعل من الولايات المتحدة طرفا فيما يشبه الحرب الأهلية هناك. وكلما ازداد التورط الأمريكى فى هذه الحرب ازداد حنق الأفغان على الولايات المتحدة وما يجره تدخلها من دمار وخراب. ويقرنون الآن فى أمريكا بين أوباما وحرب أفغانستان، تماما كما اقترن اسم بوش بحرب العراق.
ويقودنا هذا الواقع المتدهور فى أفغانستان إلى وضع مماثل فى باكستان المجاورة. ففى محاولة لتخفيف الضغوط على القوات الأمريكية والمتحالفة معها فى أفغانستان، قرر الرئيس الأمريكى السابق بوش فى سبتمبر الماضى توسيع دائرة الحرب عن طريق هجمات على مناطق القبائل داخل الحدود الباكستانية بزعم وجود عناصر من طالبان والقاعدة هناك. ولم يغير أوباما شيئا من هذه الإستراتيجية، واستمرت الهجمات على وتيرتها، وازداد السخط على الولايات المتحدة وعلى الحكومة الباكستانية التى لم تتخذ موقفا حازما أمام التدخل الأمريكى. والتحدى الأكبر الذى يواجه أوباما حاليا يتمثل فى استيلاء مقاتلى طالبان الباكستانية على معظم أجزاء «وادى سوات» الواقع فى الشمال الغربى من باكستان، وقبول الحكومة الباكستانية اتفاقا فى فبراير الماضى يقضى بوقف إطلاق النار والسماح لطالبان وأنصارها بتطبيق الشريعة الإسلامية فى هذه المناطق. غير أن الولايات المتحدة اعتبرت هذا الاتفاق رضوخا كاملا لإرادة طالبان، وحثت الحكومة على شن هجوم جديد أكثر ضراوة على معاقل طالبان على الرغم من أن ذلك قد أدى، كما هو واضح الآن، إلى تفاقم المأساة الإنسانية هناك، ونزوح مئات الآلاف من السكان بعيدا عن مناطق القتال.
والهاجس الأمريكى الأكبر يتمثل فى خطر سقوط المنشآت النووية الباكستانية فى أيدى طالبان، أو على الأقل نفاذهم إلى هذه الإمكانات بطريقة أو أخرى، وهو الأمر الذى تنفى الحكومة الباكستانية بشدة إمكانية حدوثه تحت أى ظرف من الظروف.
ويبدو الآن أن مخاوف الباحثة الأمريكية من حدوث مفاجآت كان لها ما يبررها. وتدفع التحديات التى يواجهها أوباما حاليا إلى مراجعة حاسباته وإعادة تقييم مواقفه، فبدلا من أن يتخلص من إرث بوش الثقيل، يجد نفسه الآن منغمسا أكثر فأكثر فى المستنقع الأفغانى الباكستانى.
وطبيعى، أن نقلق نحن فى منطقتنا من هذا الخلل فى أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة لغير صالحنا، غير أن تشابك المشكلات وتداخلها وتأثيراتها المتبادلة على مستوى العالم، يحرم أى طرف بما فى ذلك الولايات المتحدة من ترف تجاهل أى من هذه المشكلات، خاصة تلك القابلة للانفجار فى أى وقت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.