يطالب العديد من الاقتصاديين والمسئولين فى سوق المال بإعادة فتح البورصة، وهو مطلب عادل وشرعى، وقد تأخر كثيرا ولكن يوجد سؤال مهم عن الدور الذى كانت تلعبه البورصة فى الماضى والدور الذى نتمنى أن تلعبه البورصة فى المستقبل عقب افتتاحها. فالبورصة منذ أن بدأت العمل فى التسعينيات من القرن الماضى كانت إحدى أدوات الحكومة فى تنفيذ برنامج الخصخصة سواء فى بيع حصص حاكمة فى بعض الشركات أو فى بيع حصص أقلية فى شركات أخرى من أجل تنشيط البورصة. هذا وقد تم تحقيق أرباح طائلة من خلال إعادة بيع بعض الشركات، التى تم خصخصتها مثل الأهرام للمشروبات ودون أن يدفع البائع جنيها واحدا ضرائب للدولة المصرية نظرا لتمتع الشركات المقيدة فى البورصة بإعفاء ضريبى عن عمليات نقل الملكية. كما كانت البورصة أيضا مجالا خصبا للمستثمرين قصيرى الأجل، الذين يطلق عليهم «مضاربون»، وقد حقق هؤلاء أرباحا طائلة وخسائر طائلة أيضا. إلا أنه إنصافا للحق فإن أغلب الخسائر كانت من نصيب صغار المستثمرين، وذلك من وجهة نظرى لضعف الدور الرقابى من الهيئات المشرفة ولأن صغار المستثمرين كانوا أكثر ناس ينفقون أموالا بناء على شائعات ولذلك يقع عليهم الضرر الأكبر. ويبقى أن أقول إن الدور الرقابى كان يتحسن مع الوقت ولكنه لم يصل إلى درجة عالية من الصدق، وذلك من وجهة نظرى، لأن البورصة وهيئة سوق المال مثلها مثل مصر كان يتم اختيار أغلب المناصب بها بناء على الصداقة وليس الكفاءة. ولكن يبقى السؤال ما هو الدور الحقيقى الذى يجب أن تلعبه البورصة؟ البورصة دورها الرئيسى هو أن تكون أحد مصادر التمويل للشركات العاملة فى الاقتصاد المصرى، بمعنى أن أى شركة عاملة فى السوق المصرى وتريد أن تعمل مشروعات توسعية ولا تجد موارد ذاتية عليها أن تبحث أحد خيارين لتنفيذ التوسعات، إما الاقتراض من البنوك أو زيادة رأس المال سواء من خلال طرح عام فى البورصة أو طرح خاص لمستثمرين آخرين. هنا يجب الإشارة إلى أن البورصة قد بدأت تلعب هذا الدور فى عام 2006 من خلال بعض الطروحات الخاصة لشركات مثل السويدى وغبور وطلعت مصطفى وجهينة. ولكن أعتقد أنه فى المستقبل يجب أن يكون لهيئة الرقابة المالية دور أقوى فى تحديد القيمة العادلة لسعر الطرح وأن الشركات التى تنوى زيادة رأس المال من خلال البورصة يجب أن تنشر خطة واضحة ومعلنة عن كيفية استخدام هذه الأموال وليس كما فعلت بعض الشركات من أخذ أموال المستثمرين دون خطط واضحة. الدور الثانى للبورصة هو الاستثمار وليس المضاربة وهنا يجب أن يتم توعية صغار المستثمرين على أنهم يجب أن يعلموا أن أفضل طرق الاستثمار هى اختيار مجموعة من الأسهم بناء على نصائح الخبراء والاحتفاظ بهذه الأسهم لمدة لا تقل عن 6 أشهر وليس يومين كما كان يحدث فى الماضى أو الاستثمار عن طريق صناديق الاستثمار ذات الأداء الجيد فى أوقات صعود البورصة وهبوطها أيضا. كما يجب على هيئة الرقابة المالية أن تعيد تأهيل السماسرة العاملين فى القطاع، وذلك لأنى أعتقد أن 70% على الأقل منهم مسئول عن تضليل صغار المستثمرين بالشائعات. أعتقد أن الهيئة يجب أن تضع قواعد واختبارات يجب على العامل اجتيازها قبل أن يتحول إلى سمسار فى البورصة. تبقى النقطة الأخيرة وهى هل يجب فرض ضرائب رأس مالية على أرباح البورصة؟ أعتقد أن الوقت الحالى لا يسمح بذلك ولكن يجب أن تتم على عمليات نقل الملكية فإذا كان الهدف تنشيط التداول وحماية المستثمرين الصغار فلا معنى لحماية المستثمرين الكبار فى عمليات نقل ملكية وبيع كسبوا من ورائها مليارات دون أن يدفعوا جنيها واحدا ضريبة لخزينة الدولة.