تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات كليات الطب الجامعات الحكومية جميع المحافظات    ننشر نص كلمة الرئيس السيسى بمناسبة الاحتفال بالذكرى 73 لثورة 23 يوليو المجيدة    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    ننشر أسعار الذهب اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025.. عيار 21 يسجل 4700 جنيه    انخفاض أسعار البيض اليوم الأربعاء بالأسواق (موقع رسمي)    أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    وزير الصناعة والنقل يشارك في الملتقى الاستثماري المصري الكويتي    بكام طن الشعير؟.. أسعار الأرز اليوم الأربعاء 23 -7-2025 في أسواق الشرقية    توصيل خطوط مياه الشرب للتجمعات البدوية المحرومة بسانت كاترين    ارتفاع أسعار النفط مع تقدم المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والدول الأخرى    الأمم المتحدة: مؤسسة غزة الإنسانية «فخ سادي للموت»    البث العبرية: واشنطن تهدد حماس بسحب الضمانات بشأن اتفاق غزة    بزشكيان: إنهاء البرنامج النووي الإيراني وهم.. ومستعدون لضرب عمق الأراضي المحتلة من جديد    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    الناجح يرفع إيده.. الطالبة ياسمين التاسعة على الجمهورية: توقعت حصولي على مجموع كبير    أخبار الطقس في السعودية اليوم الأربعاء 23 يوليو    تشييع جثمان الطفلة السادسة المتوفية لأسرة ديرمواس بالمنيا وسط صدمة الأهالي    شمال سيناء تواصل عروضها التراثية بمهرجان جرش في الأردن    رئيس وزراء اليابان: دراسة تفاصيل الاتفاقية التجارية مع أمريكا بدقة    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    رئيس اتحاد شمال إفريقيا للخماسي يكرم الطالبة وسام بكري الأولى على الجمهورية (دمج) ب 100 ألف جنيه    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    50 ألف جنيه مكافأة من حزب الجبهة الوطنية لأوائل الثانوية العامة    اليوم، الأهلي السعودي في مواجهة نارية أمام كومو الإيطالي، الموعد والقنوات الناقلة    حريق يلتهم محلين تجاريين وشقة في أسيوط    مجلس الأمن يعتمد قرارا لحل النزاعات بالطرق السلمية    رابط نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 عبر بوابة الأزهر الشريف فور اعتمادها رسميًا    تنسيق الجامعات .. مؤشرات الكليات والمعاهد التي تقبل من 55% علمي وأدبي (تفاصيل)    عودة القائد.. حارس الصفاقسي يرحب ب معلول (صورة)    حمزة نمرة يطرح اليوم الدفعة الأولى من ألبومه "قرار شخصي"    نقابة الموسيقيين اللبنانية عن تقبيل راغب علامة في حفل العلمين: تعبير عن محبة واحترام    الصفقات الجديدة والراحلين يشعلون غضب يانيك فيريرا في الزمالك.. تقرير يكشف    طريقة عمل الحواوشي بالعيش، أحلى وأوفر من الجاهز    ترامب يتهم باراك أوباما بالخيانة بشأن تدخل روسيا في انتخابات 2016    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    فيروس شيكونجونيا.. ما هو وباء البعوض الذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية ويهدد 5 مليارات شخص؟    "مستقبل وطن" يحشد جماهير مطاي في مؤتمر لدعم مرشحيه بانتخابات الشيوخ 2025    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    شخص مقرب منك يؤذي نفسه.. برج الجدي اليوم 23 يوليو    محمد التاجي: جدي «عبدالوارث عسر» لم يشجعني على التمثيل    محمد التاجي: فهمي الخولي اكتشف موهبتي.. ومسرح الطليعة كان بوابتي للاحتراف    كتائب القسام: قصفنا موقع قيادة وناقلة جند إسرائيلية بالقذائف والصواريخ    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد المركز الإعلامي الأوزبكستاني    تعليم البحيرة تهنئ الطالبة نوران نبيل لحصولها على المركز السادس فى الثانوية العامة    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    بدون أدوية.. 6 طرق طبيعية لتخفيف ألم الدورة الشهرية    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    من 4% إلى 70%.. الطالبة ميار حماده تحقق قفزة دراسية لافتة في قنا    موندو ديبورتيفو: الخطيب بحث إمكانية مواجهة برشلونة بافتتاح استاد الأهلي خلال زيارة لابورتا    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أساطير نظام هوى
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 03 - 2011

نريد لمصر «الجديدة» أن تتطهر ليس فقط من شخوص وقيم النظام السابق، ولكن أيضا من مراراته التى مزقت الأواصر، ومن أساطيره التى شوهت الإدراك.
(1)
ليس يكفى أن يستعيد المجتمع روحه المغيبة وكرامته المهدرة وحرياته المنتهكة، لكننا نريد للمجتمع أن يستعيد عافيته وأن يستنهض عناصر القوة والمنعة فيه، والخطوة الأولى فى هذا الاتجاه ان يتصالح المجتمع مع ذاته ومع تاريخه وجغرافيته. ذلك ان بلدا كبيرا مثل مصر لا يستطيع أن يستقر أو أن ينهض بمسئولياته دون أن يجرى مثل هذه المصالحة التى سبقتنا إليها دولة أخرى كبيرة ومهمة فى المنطقة هى تركيا. ذلك انها لم تثبت حضورها ولم تنل حظها المشهود من التقدير والاحترام والفاعلية، إلا بعد أن قطعت أشواطا بعيدة فى المصالحة سواء مع ذاتها من خلال استدعاء المجتمع وتذويب مراراته أو مع محيطها الاستراتيجى من خلال رفع شعار «زيرو مشاكل»، الذى كان يعنى تسوية كل المشاكل العالقة بينها وبين جيرانها الأقربين والأبعدين.
المصالحة المنشودة يفترض أن تسبقها إرادة مستقلة ورؤية استراتيجية واضحة تحدد من نحن وماذا نريد. وإذا كانت معطيات ثورة 25 يناير قد ردت للشعب المصرى اعتباره، وأعادت إليه ثقته فى ذاته وفى دوره، فإن نجاح التقدم على ذلك الطريق يقتضى إجراء المصالحات التى أتحدث عنها، وفى مقدمتها ما يلى: مصالحة أساسية تصحح العلاقة بين السلطة والمجتمع، وهو ما يتكفل به التمسك بقيم الممارسة الديمقراطية التى تجعل السلطة اختيار المجتمع وليس قدره. بما يعنى أنها فى خدمة الناس وليس العكس. وإذا تم ذلك على الصعيد السياسى، فإن المصالحة هنا لا تعنى فقط أن يصبح الشعب «سيد قراره»، إذا جاز التعبير، ولكنها تستصحب أيضا ثقة فى قدرة المجتمع على ان يضع مصيره بسواعد ابنائه وابداعهم، وليس بتبرعات المانحين وهباتهم.
رجال القانون الذين أعرفهم يعتبرون أن قيمة القانون تراجعت وأهدرت فى ظل النظام السابق، بحيث ان الفيصل فى الأمور لم يعد ما إذا كان المرء صاحب حق أو معتدى عليه، وانما ما إذا كان قويا أم ضعيفا. فإذا كان قويا فله كل ما يريد، أما إذا كان ضعيفا فليشرب من البحر. لذلك فإنهم يقولون إنه إذا كانت الثورة قد اعادت إلى الشعب حلمه، فإن رد الاعتبار للقانون فى مصر يظل أحد الأبواب التى تسهم فى تحويل الحلم إلى واقع. إلى جانب المصالحة المنشودة بين السلطة والمجتمع، فإن مصالحة المجتمع على بعضه البعض هى الساق الثانية التى ينبغى أن تعتمد عليها المسيرة. لذلك فإن التفكير يظل واجبا فى ردم وتضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء. وفى المصالحة بين القوى السياسية ذاتها، خصوصا بين الإسلاميين من جانب وبين العلمانيين والقوميين من جانب آخر. وهى إن كانت واجبة بين السياسيين فهى أوجب بين المسلمين والأقباط.
أدرى أن العناوين التى ذكرتها تحتمل كلاما كثيرا ونقاشا موسعا، لكننى أردت أن أنبه إلى موضوعها، وإلى كونها مما ينبغى أن تنشغل به النخبة، التى يفترض أن تكف عن الاحتراب الأهلى الذى ظل مستمرا ومستعرا خلال العقود التى مضت. وإذا كان ذلك الاضراب محتملا أو مفهوما حين كان المواطن مخطوفا ومخصوبا، فإنه الآن لا ينبغى له أن يستمر، بعد أن استعاد المصريون وطنهم، وأصبحوا شركاء فيه وليس مجرد ضيوف عليه.
(2)
هذا الذى ذكرته يمكن أن يشكل مدخلا للمصالحة مع الذات. أما المصالحة الأخرى المهمة فهى مع التاريخ والجغرافيا، والأولى تتصل بهوية مصر التى ترتكز على انتمائها العربى والإسلامى، والثانية تتعلق بمسئولية مصر عن أمنها الوطنى ودفاعها عن محيطها الاستراتيجى. وللأسف فإن المسألتين ظلتا محل لغط والتباس فى ظل النظام السابق، وصلا إلى حد المنازعة فى مقومات الهوية والمفاصلة بين مصر والعالم العربى والتشكيك فى طبيعة التهديد الاستراتيجى، وما إذا كان يتجسد فى إسرائيل حقا، أم أن إيران أصبحت تمثل ذلك التهديد. وهذه الخلفية تسوغ لنا أن نقول إن الوهن والتشتت الذى عاشت مصر فى ظله طوال الثلاثين سنة الأخيرة على الأقل أحدث خللا جسيما فى الرؤية الاستراتيجية أوصل العطب ليس فقط إلى مقومات استقرار الوطن ومسيرته، وإنما أيضا إلى ثوابته التى بها أو بدونها يقوم الوطن أو لا يقوم.
لقد آن للذين يتأففون من ذكر الانتماء العربى لمصر وأولئك الذين ينفرون من انتمائها الإسلامى أن يراجعوا أنفسهم، ذلك أن هوية مصر لا ينبغى أن تخضع للمساواة أو الخصم. بالتالى فلا ينبغى أن نتساءل أو نتحفظ على مقومات هذه الهوية، وإنما التساؤل ينبغى أن ينصب على كيفية استثمار تلك المقومات بحيث تصبح مصدرا للقوة والمتعة وليس عنصرا سلبيا يخصم من رصيد الوطن ولا يضيف إليه. وإذا كانت تركيا قد نجحت فى توظيف المصالحة مع التاريخ والجغرافيا لصالح مشروع النهضة الذى تتقدم على طريقه الآن، فما الذى يمنع مصر أن تتنكب الطريق ذاته، خصوصا أن نهوضها سيعنى فى حقيقة الأمر صحوة الأمة العربية كلها، بما يعيدها إلى مجرى التاريخ الذى خرجت مصر منذ انكسرت مصر وانكفأت، وتنكرت للتاريخ والجغرافيا فى فترة مظلمة من تاريخها.
(3)
التصالح الذى أدعو إليه له وجه آخر، إذ يقتضى مراجعة جادة للعديد من الأساطير التى جرى الترويج لها فى ظل العهد السابق. ويحضرنى فى هذا الصدد موقف تعرضت له خلال الأسابيع الأخيرة. فقد استقبلت شابا جاءنى لكى يجرى حوارا ضمن مشروع دراسى يعده. وكان أول سؤال وجهه إلىَّ هو: هل تعتقد أن قطر تقف وراء المظاهرات التى خرجت إلى ميدان التحرير؟.. فوجئت بالسؤال الذى لم أتوقعه، ولم أنشغل بالإجابة عنه بقدر انشغالى بمعرفة الخلفية التى جعلته يفكر فيه ويستهل به الحوار، وحين ناقشته فى ذلك أدهشنى أننى وجدته مقتنعا بأن قطر تتآمر على مصر وأن قناة الجزيرة اداتها فى ذلك بالتالى.
لم يكن تفكير الشاب استثنائيا، لأن الانطباع الذى عبر عنه له أنصاره فى بعض الأوساط المصرية. وكان الجديد فقط ان ظنونه ذهبت فى ذلك إلى أبعد مما ينبغى.
إذا أدركت أنه ليست هناك مشكلة من أى نوع بين مصر وقطر، وأن المشكلة الحقيقية أن الجهات الإعلامية والأمنية فى النظام السابق أرادت أن تعامل قناة الجزيرة كما تعامل التليفزيون الرسمى المصرى، وان ما كانت تبثه القناة عن مصر أقل بكثير مما كانت تنشره الصحف المصرية المستقلة والمعارضة، فسوف تكتشف أن الأبواق الدعائية المصرية فى دفاعها عن النظام السابق، لم ينل بتشويه الإدراك المصرى وإحداث الوقيعة بين الشعبين.
الذى حدث مع قطر تكرر بصورة أقسى مع الفلسطينيين الذين صورهم الإعلام المصرى الموجه باعتبارهم خطرا يهدد أمن مصر ويسعى إلى ضرب اقتصادها، خصوصا حين رفضت حركة حماس الوصاية المصرية وتمسكت بالدفاع عن ثوابت القضية فى مواجهة حملة تصفيتها الجارية على قدم وساق. وقد اشتدت تلك الحملة بعدما حاول فلسطينيو غزة تجاوز بوابة رفح، احتجاجا على الحصار الذى شاركت فيه مصر. وكانت نتيجة التعبئة المضادة التى تنافست وسائل الإعلام المصرية فى إطلاقها آنذاك ان تصور البعض ان العدو الاستراتيجى هو فلسطينيو غزة وحركة حماس تحديدا وليست إسرائيل.
هذا المنطق المختل أدى أيضا إلى تخريب العلاقات بين مصر وسوريا. وفى ظل ذلك التخريب سكت الجميع على مفارقة مفجعة، أدت إلى أن أصبح الطريق مفتوحا وممهدا بين القاهرة وتل أبيب، فى حين صار ذلك الطريق مقطوعا بين القاهرة ودمشق. كما ان أحدا لا يستطيع أن ينسى الأزمة المخجلة التى ثارت مع الجزائر بسبب مباراة لكرة القدم. وكانت نموذجا للخبل السياسى الذى أصاب الإعلام يلوثه، حتى أعلنتها أبواقه حربا شرسة وقبيحة أوصلت العلاقات بين البلدين إلى الحضيض.
(4)
من الأساطير التى شاعت أيضا فى ظل النظام السابق ان إيران عدوة لمصر، وأن حزب الله يسعى إلى تخريبها وضرب اقتصادها. والاسطورة الأولى كانت وراء القطيعة المستمرة بين البلدين منذ قامت الثورة الإسلامية فى عام 1979، وحتى اللحظة الراهنة. ولأننى واحد ممن تابعوا مسار العلاقات بين القاهرة وظهران منذ السنة الأولى للثورة، فإننى لم أجد سببا مقنعا لا للقطيعة بين البلدين، ولا لتصنيف إيران بأنها عدو لمصر، فهمت أن ثمة عداء له ما يبرره بين إيران الثورة وبين الأمريكيين، وان العداء الأكبر قائم بينها وبين إسرائيل. لذلك فإنه فى غياب أية أسباب جوهرية لاستمرار القطيعة والخصومة بين القاهرة وطهران، فإن انحياز مصر إلى موقف القطيعة لم يكن يفسر إلا بأنه يتم بالوكالة عن الأعداء الحقيقيين.
أدرى أن ثمة خلافات سياسية بين البلدين، وأن هناك ملفات عالقة بعضها عربى والبعض الآخر أمنى مصرى، لكن من قال إن العلاقات الدبلوماسية لا تقوم بين الدول إلا فى حالة الاتفاق بينها فى كل شىء. علما بأن الدول الأشد خلافا مع إيران، مثل السعودية ودولة الإمارات، تختفظ بعلاقات دبلوماسية طبيعية مع طهران. ومن المفارقات المثيرة للدهشة فى هذا الصدد ان التناقضات الاستراتيجية بين مصر وإسرائيل، التى هى أكثر عمقاء وجذرية أمكن تجاوزها بصورة نسبية، فى حين أن التناقضات الثانوية والفرعية بين مصر وإيران تعذر حلها.
تهديد حزب الله فى لبنان لمصر اسطورة أخرى جرى الترويج لها بعد اكتشاف دخول عناصر من الحزب إلى مصر للبحث عن وسيلة لمساعدة الفلسطينيين المحاصرين فى غزة. وقد جرى التهويل فى هذه العملية التى كان يمكن احتواؤها بسهولة، خصوصا أنه لم يكن فيها أى شىء ضد مصر. وبعدما تولت الأجهزة الأمنية نسج الأكاذيب التى حولت العملية إلى مؤامرة، قام الإعلام المصرى بدوره فى تشويه حزب الله وهجائه بصورة مُسِفَّه ومقذعة. وانتهى الأمر بمصر الكبيرة التى كانت لاعبا رئيسيا فى الساحة اللبنانية ان أصبحت طرفا صغيرا فاقد الاحترام والاعتبار فى الصراع السياسى والطائفى هناك. الاسوأ من ذلك أن اصطفافها جاء إلى جانب الطرف المؤيد أمريكيا وإسرائيليا وأوروبيا.
اختم بأسطورة محور «الاعتدال» الذى قادته مصر أو انتسبت إليه. إذ يكفى لتكذيبها واسقاطها أنه لم يحتف بذلك الاعتدال المريب سوى الولايات المتحدة وإسرائيل. بل يكفى لادانة الموقف المصرى فى هذا الصدد ان رئيسها اعتبر كنزا استراتيجيا لإسرائيل. وهى قرائن تدل دلالة صارخة على أننا بصدد عنوان مغشوش وضع فوق تجمع مشبوه. إذ ان ذلك التجمع كان نموذجا لحلف جديد تورطت فيه بعض الدول العربية لموالاة الدولتين الراعيتين (الولايات المتحدة وإسرائيل). الذى لا يقل خطرا عن ذلك ان الاصطفاف إلى جانب ذلك «الاعتدال» المريب، كان يعنى مباشرة ادانة للمقاومة واستهجانا للممانعة وازدراء للصمود، وتمهيدا للطريق أمام الانبطاح الكامل فى نهاية المطاف.
إن إزالة آثار العدوان «الوطنى» على مصر مهمة أصعب بكثير من إزالة آثار العدوان الإسرائيلى عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.