فى كل مرة ستتفجر شرارة حدث، ويطل علينا ما درج على تسميته بالفتنة الطائفية، وتخرج علينا ثنائية «الأقباط والمسلمون»، تارة يستهجن مسلمون ما يتصورون أنه سلوك مضاد من الجانب القبطى وتارة أخرى يستفز أقباط مما يعتبرونه سلوكا اضطهاديا من جانب المسلمين، وفى كل مرة سيعتبر كل «فريق» أن «الآخر» طرف «الأغلبية المسلمة» يستعرض جانب قوته، وطرف «الأقلية القبطية» يتقوى وربما يستقوى بعناصر خارجية من بنى ملتهم «أقباط المهجر» أو من «دولة كبرى» صارت تستخدم أوراقا دينية فى سياستها الخارجية وهى الولاياتالمتحدةالأمريكية التى تصدر تقريرا سنويا «للاضطهاد الدينى» تعطى من تشاء «صكوكا للغفران» وتصم من تريد بكل شائنة من «التعصب والتمييز والاضطهاد» ضمن مقاييس تضعها وتدعى تطبيقها. ويمثل لكل ذلك بيئة ووسطا قابلا لأحداث جديدة تراكم «قابليات الفتنة الطائفية» فى «مجتمع» جدّ على عناصره «ثقافة تعصب وتطرف وانعزال وغلو». و«دولة» قد لا تبادر برؤية كلية شاملة واستراتيجية لمواجهة ثقافية وتربوية لحالة تطل برأسها كل حين لتعلن أن «أزمة» لاتزال من دون مواجهة و«اشتعالا» من دون حل، و«مجتمعا من المثقفين» بدلا من أن يمارس حلا ثقافيا يمثل قاطرة للخروج من حال الأزمة، يمارس أقسى وأقصى درجات «التأزيم»، ضمن حالة اصطنعها وراكمها من ممارسة «الحروب الأهلية الفكرية» ومنازعات ومناوشات لا يعرف لها من نهاية، وحوارات، هكذا تتسمى فى مناسبات ومؤتمرات تعبر عن حالة موسمية، ولا بأس باستدعاء كل ما يفجر أو يؤجج هذه الحروب الفكرية لتكريس حالة من الاقتتال الثقافى والفكرى وليس هناك من موضوع يمكن استدعاؤه ويسكب الزيت على النار أكثر من موضوع العلاقة بين «المسلمين والأقباط»، إننا أمام حالة مجتمعية وثقافية وتربوية وسياسية قابلة لعمليات إثارة هذا الموضوع ضمن تلك الثنائية (المسلمون والأقباط) وضمن (إشكال طائفى) يصل إلى منتهاه فى تسميته بالفتنة الطائفية. أحداث الأزمات ومع تعددها أصبحت تثير التساؤل حول طبيعتها. هل هى تعبير عن نمط متكرر، أم أنها مجرد تعبير عن أحداث فردية وعفوية، ومن المهم للإجابة عن هذا التساؤل أن نلحظ عناصر مهمة فى وصف الأوضاع التى تحيط بتلك الأحداث المتكررة وأن نلحظ ما تتسم بها إدراكات هذه الأحداث وتصورها الذى لا تسلم من صناعة يحوطها قدر ليس بالهين من الانفعال ووسط يمتلىء بكثير من عناصر الافتعال، وأطراف لابد أن تضطلع بأدوار جوهرية غالبا ما تسلك سلوك الإغفال، وشخوص تجنح فى أفكارها وسلوكياتها إلى الانخراط فى تيار العزلة والانعزال، بين الانفعال والافتعال والإغفال والانعزال تدور المواقف وتغيب الأدوار، لكنها فى كل الأحوال تشكل وسطا مواتيا لإحداث فتنة تتكرر، وتمرر من دون حل. هل نحن قادرون على ملاحظة وملاحقة هذه العناصر التى أراها شروطا جوهرية تتحول من خلالها تلك الأحداث الفردية والعفوية إلى حالة تكرارية قد يشوبها مع الإغفال حال أشبه بالتعمد فى إثارة هذه الأحداث وتحولها إلى أزمات.. وفى كل مرة سيصرخ من يصرخ، ويتحدث من يتحدث: إنها الفتنة؟ ويرفع البعض صوته مناديا: «الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها؟». ونحن ممن لا يريدون «نوم» أو «تنويم» الفتنة، بل يجب أن يقطع دابرها من كل جذر تتغذى منه، وننفى كل عمل يسهم فى تأجيجها، ونحرك كل عمل ومبادرة إيجابية تحفظ للوطن أمنه ولكل مواطن كرامته وحقوقه المتساوية من دون نظرة طائفية ضيقة المجرى وأنانية الهدف، إنها جامعية المواطنة عبر الوطن تستدعى منا التعلم لأصول تأسيس الجماعة الوطنية، وقواعد الاندماج فيها، وتكثيف الفاعليات لهذه الجماعة ضمن قواعد وحدود ترتضيها هذه الجماعة تتعلمها من تاريخها وتتأكد من أعرافها وقواعد نظامها العام، وتحوط كل ذلك بعناصر بيئة ثقافية وتربوية تشكل بنى تأسيسية لعملية التسامح. ذلك أن التسامح قد يعبر عن قيمة كلية يجب التزامها، إلا أن هذه القيمة تظل مجرد حلية أو كلام مكرور من دون فعل وعمل إن لم تتحول إلى عملية مستمرة تشكل بيئة التربية والتعليم والثقافة شروطا لا يمكن تجاهلها فى هذا المقام. الجماعة الوطنية: معانى الجامعية ومخاطر الانعزال: مثلما يؤكد الحكيم البشرى (المستشار طارق البشرى) : إن كانت ثمة قاعدة يمكن استخلاصها من وقائع تاريخ مصر المعاصر - من زاوية تشكل الجماعة الوطنية واندراج مكوناتها المتعددة والمتنوعة فى هذا التشكل فإن الجماعة الوطنية تتضام عناصرها وتتماسك قواها بقدر نهوضها الجمعى للدفاع عن مخاطر الخارج عليها، والذود عن أرضها وثوابتها الفكرية وعن مصالحها السياسية والاقتصادية بعيدة المدى. وأن مخاطر الخارج عليها تعمل فيما تعمل على تفكيك هذا التماسك، فنحن شعوب قامت جماعاتها الوطنية وتماسكت فى معارك الدفاع عن النفس وعن التراث الجماعى فى مواجهة مخاطر الخارج، وأن تيار العزلة ينمو مع زيادة النفوذ الخارجى وتيار الاندماج ينمو مع قوة المواجهة الوطنية لهذا النفوذ الخارجى. وفى هذا المقام يمكن التوقف عند عناصر أساسية يشير إليها ذلك القانون: 1- تشكل الجماعة الوطنية واندراج مكوناتها المتعددة والمتنوعة. 2- تماسك الجماعة الوطنية فى نهوضها للدفاع عن ذاتها فى مواجهة مخاطر الخارج. 3- أن هناك من القواعد العامة الحاكمة للجماعة الوطنية وقدراتها واستمرارها. 4- أن الخارج قد يلعب دورا فى تفكيك التماسك. 5- أن تيار العزلة ينمو مع زيادة النفوذ الخارجى وتيار الاندماج ينمو مع قوة المواجهة والتماسك الوطنى فى مواجهة المخاطر والتحديات التى تحيق بالوطن. فى هذا المقام يمكن رؤية خيوط التماسك بين الأقباط والمسلمين، فمن المهم ألا يدفع المسلمون الأقباط لزاوية العزلة، ومن المهم ألا يمارس الأقباط مسار العزلة وعدم الاندماج، إنها المسئولية المشتركة للجماعة الوطنية بكليتها لأن عينها فى ذلك على الوطن والمواطنة، وهما جامع وجامعة مهمان يعصمان من كافة العناصر التى تهيئ لما يسمى بالفتنة الطائفية. إن وقوع الأحداث أمر وارد إلا أن حقيقة المعالجة وإدارة مثل هذه الأزمات مسئولية الجماعة الوطنية بكافة أطرافها، وعلى «حكماء الجماعة الوطنية» أن يتنادوا فى كل ظرف حتى يمكن تفعيل تلك الشروط والعناصر فى تشكل الجماعة الوطنية وتماسكها وعناصر اندماجها ومواجهة تحدياتها وتنفى كل العناصر الهادفة إلى التفكيك أو التأجيج بوعى الجامعية ووعى المواطنة ووعى ثوابت الهوية. الجماعة الوطنية: شبكة العلاقات الاجتماعية وأصول تكوين النسيج الاجتماعى: فى هذا المقام الذى يؤصل عناصر الاندماج فى الجماعة الوطنية لابد من البحث فى شروط تكوين شبكة العلاقات الاجتماعية والبحث فى أصول تكوين النسيج الاجتماعى الذى يحرص على النشاط (المشترك المستمر)، إن للعيش الواحد المشترك مقتضياته، وللتعايش فى الجماعة الوطنية ضروراته، ولشبكة العلاقات المجتمعية بين خيوط نسيجها الاجتماعى متطلباته. هذا النشاط (المشترك المستمر) الذى تقوم به الكائنات والأفكار والأشياء، مطبوع على صفحة الزمان، بما يتوافر بين هذه العناصر من صلات ضرورية، لتربط أجزاءها فى نطاقها الخاص وتشكل فى ذات الوقت كيانها العام من أجل عمل مشترك. نتيجة منطقية لابد منها تؤسس لعالم رابع هو مجموع العلاقات الضرورية (شبكة العلاقات الاجتماعية) واجتماع الأشخاص (على اختلافهم وتنوع قدراتهم وأهلياتهم بل وثقافتهم ورؤاهم)، فى أى ظرف فى أى مكان هو التعبير المرئى عن هذه العلاقات فى مجال معين من مجالات النشاط الاجتماعى، وجميع صور هذا الاجتماع. ولا يقاس غنى أى (مجتمع - تجمع - جماعة) بمقدار ما يملك من أشياء، بل بمقدار ما فيه من أفكار فاعلة وإيجابية ومنتجة، وفاعلية الأفكار تخضع لشبكة العلاقات، فلا يمكن تصور عمل متجانس من الأشخاص والأفكار والأشياء دون هذه العلاقات الضرورية، وكلما كانت شبكة العلاقات أوثق كان العمل فعالا مؤثرا، والعلاقات الاجتماعية تكون فاسدة عندما تصاب الذوات أو التكوينات بالتضخم، فيصبح العمل الجماعى المشترك والتعايش صعبا أو مستحيلا، إذ يدور النقاش حينئذ لا لإيجاد حلول للمشكلات، بل لسجالات اقتتالية. فى حالة الصحة يكون تناول المشكلات من أجل علاجها هى أما فى الحالة المرضية فإن تناولها يصبح لتورم الذات وانتفاشها، وحينئذ يكون حلها مستحيلا، لا لفقر فى الأفكار أو فى الأشياء، ولكن لأن شبكة العلاقات لم تعد أمورها تجرى على طبيعتها. الجماعة الوطنية تحتاج إلى شبكة علاقات جامعة، تؤمن بقاء المجتمع وتحفظ له شخصيته، وإنها هى التى تنظم طاقته الحيوية، لتتيح له أن يؤدى نشاطه المشترك فى التاريخ.. فإذا فهمنا ذلك أدركنا فى هذه الحالة قيمة نظام الدفاع الذى ينصبه مجتمع بطريقة غريزية حول شبكة علاقاته، كيما يحميها من أى مساس بها، إن إقامة خطوط دفاع عن جماعاتنا الوطنية يتطلب أن تدفع عنه القوارض التى تقرض شبكة علاقاته.. (القوارض الاجتماعية) أخطر ما يكون على فاعلية شبكة العلاقات الاجتماعية والقيام بأدوارها، وهذه القوارض ليست مجرد مرض، بل إنها قد توصل الأمر إلى حد خيانة المجتمع وغالبا ما يتمثل ذلك فى نوعين: نوع يهدم روحه، وآخر يهدم وسائله! هذه المعادلات التى أشار إليها مالك بن نبى تكون أصول رؤية دقيقة وعميقة تعرف أصول تأسيس شبكة العلاقات الاجتماعية، وأصول الأمراض الاجتماعية وترهل شبكة العلاقات أو انحراف روابطها، أو شد خيوطها فى حالة من التوتر الحاد والاحتقان الشديد إلى درجة تنقطع فيها عناصر وخيوط النسيج الاجتماعى أو تهمل التعرف على عمل القوارض التى تتسرب لقرض خيوط هذه الشبكة من دون أن تستحضر قوى دفاعها الذاتى، ولمواجهة نوعية من خيانة المجتمع لكيانه وأمنه أو لوسائله وأدوات عافيته. إن القوارض التى تفعل فعلها فى حال الجماعة الوطنية قد تتمثل فى أطراف التطرف والغلو فى كل اتجاه وضمن أى تكوين، وكذلك فى توجهات العزلة والانعزال التى تقطع خيوطها مع محضنها ومجتمعها وتمد عناصر صلة فى غير محضنها (قلة من أقباط المهجر)، التطرف يؤسس لبيئة التوتر والغلو يشكل تربة الاحتقان، والانعزال يحرك دواعى الريبة وعدم الثقة. أليست تلك جميعا تمثل أنواعا من القوارض لشبكة العلاقات الاجتماعية وتفسخها وتفككها وتقطيع أواصرها. أليس من هذه القوارض أيضا كلمات نستخدمها فى خطابنا العام وهى فى الحقيقة لا تمثل إلا مفاهيم وتصورات وإدراكات «مفخخة» تحملها عقول وأدمغة مفخخة، مال كل منا يطلق على شريكه فى الوطن لفظ «الآخر»، الآخر المسلم بالنسبة للقبطى، والآخر القبطى بالنسبة للمسلم، هل القبطى أو المسلم داخل الجماعة الوطنية وبجامع المواطنة آخر، إنما هما معا وبفعل شبكة العلاقات الاجتماعية والعيش الواحد المشترك إنما ينتمون جميعا ل «نحن» التى تشكل هوية وجامعية المواطنة. مالنا نطلق على القبطى، وقد يؤكد ذلك القبطى فى خطابه وتعامله، أنه «أقلية» على الرغم من أن ذلك المفهوم والذى ولد فى داخل أدبيات السياسة فى الحضارة الغربية، وصرنا نستخدمه، على الرغم مما يحمله من علاقة صراعية أقلية تستقوى وأغلبة تهيمن، أن هذا التصور لابد أن ينشىء علاقة صراعية ولنا فى خبرة الدولة العثمانية عبرة لابد أن نتوقف عندها ونتدبر الفعل السلبى لمفهوم الأقلية الذى ارتبط بالامتيازات الأجنبية وجعل له امتدادات خارجية تقوم كل دولة خارجية بحماية من هم على نفس مذهبها، وبدا مفهوم الأقلية مفهوما استفزازيا فى حق الأغلبية واضطهاديا فى حق الأقلية، مفهوم الآخر وكذا مفهوم الأقلية من المفاهيم المفخخة التى تشكل الإدراكات والتصورات وتحدث مردودا سلبيا عميقا على شأن الجماعة الوطنية وجامعية المواطنة عبر الوطن فيها. إن مفهوم الآخر وبما يحمله من ظلال (الانفصال أو العداء) وكذا مفهوم الأقلية إنما يغذى بيئة تيار العزلة والانعزال، وقد يعطى حجة لتيار التطرف والغلو. ومن هنا تبدو الإشارة الدائمة بأن الأقباط هم أقلية عن ما أكده أدوار ووكن Edwar waken فى كتاب ألفه أسماه «الأقلية الوحيدة»، والإشارة أنهم ليس لهم امتداد بشرى خارج مصر، وأن هذه الظاهرة يتعين معالجتها، إن هذا يشير إلى النقد الذى أولاه د.ميلاد حنا عندما وصف اتجاها بين الأقباط يرى أن «الارتباط مع الغرب فيه مصلحة مصر لأن الدول الغربية تدافع عما أسماه «تشرشل» الحضارة المسيحية». ذلك أن هذا القصور وهذه المفاهيم إنما تولد اتجاه الانعزال الذى يعمل دائما على أن يكون على رأس قوائم الاهتمام لدى الرأى العام للجماعة الوطنية موضوع يتعلق «بالوضع القبطى» لأن ذلك هو الخليق بأن يقيم الانتماء القبطى» على رأس الانتماءات الجماعية فلا يستوعب المواطن بين المواطنين بحيث يستدعى حقوق المواطنة إذا مسه ظلم أو جحود لحق له. والأقباط على ما يقول البشرى يشكلون أعدادا أقل بكثير من أعداد المسلمين، وإذا قام التركيز على الوصف القبطى وحده، أو عليه أساسا لدى القبطى، فمن المحتم بسبب القلة العددية ألا يجد الظهور القبطى الكثير فى الحركة الاجتماعية السياسية الفكرية. ويتبلور الشعور بأن نقص الوجود المطموح إليه سببه كثرة الأكثرية، فالأكثرية هنا سبب المحنة، لأنه لا يجدها تعبر عن هذا الوضع الذى يعتبره الأولى، وأنه رأس قواعد الانتماء، وتبدأ الكراهية وفقدان الأمن. ومن المهم أن نؤكد القبول بل المطالبة بأن تثار أية دعوى تتعلق بظلم أو بجحود حق لمواطن قبطى لحساب أتراب له مسلمين ومتساوين معه فى المواطنة، وهذا أمر يستوجب أن يولى أكبر درجات الاهتمام لتشيع الطمأنينة بين المواطنين بعضهم البعض وليجد المرء أمانه بين مواطنيه بأن يتدرج فى لوائح ترتيب الحقوق معهم بذات القوة والجدارة، وليسترد حقه المجحود عليه لا بواسطة سعيه وحده ولكن بفعل سعى مواطنيه جميعا طبقا لنظام متبع. إنها قواعد الاندماج فى الشأن الذى يتعلق بالجماعة الوطنية وهى تقوم على أسس فكرية ونظرية وعلى سلوك عملى وتعتمد على المساواة والمشاركة فى الحقوق والواجبات. إنه الفهم الذى يتعلق بجامعية المواطنة عبر الوطن وهو أمر فهمه المستشار وليم سليمان قلادة، كما أكد عليه البشرى «.... فالأمر كله... يجرى فى إطار مفهوم المواطنة والجامعة السياسية التى يتشارك فيها المسلمون والمسيحيون من الجماعات التى تشاركت من قبل فى تحرير بلادها وتشكيل جامعاتها السياسية، وأن أمر المواطنة بمعناها الحديث الناجم عن تحرير البلاد والناس من وطأة الاستعمار القديم، هو أمر مساواة بين المواطنين فى التعامل ومشاركة بينهم فى إدارة الشأن العام، ومن ثم فهى تضم تماما الوجود الإسلامى والمسيحى من الوطنيين على أساس من المساواة ومن المشاركة الكاملتين». فالدكتور وليم سليمان لم ير أبدا تعارضا بين هاتين الجماعتين رغم اختلافهما فى التكوين (جماعة الدينية) و(جماعة السياسة المصرية الوطنية العامة)، ورأى فى الأولى اختلاف خصوص قبطى وفى الثانية عموم مصرى يضم المسلمين والأقباط فى عيش واحد مشترك له مقتضياته كما له متطلباته وبيئته السوية التى يتفاعل فيها ومعها.. إن أى ملف يرتبط بهذا الأمر لابد أن يفتح من خلال المحضن الصحيح، والمحضن الصحيح هو «الجماعة الوطنية» بجامع المواطنة عبر الوطن، وذلك يتطلب عملا فكريا وثقافيا وتربويا وسياسيا. فهل فهمنا درس أصول تأسيس الجماعة الوطنية فى قراءة ما يسمى بأوضاعنا الطائفية. حمى الله مصر «جماعة» و«وطناً». ------------------------------------------------------------ روز اليوسف