تمكن الثوار الليبيون أمس من بسط سيطرتهم بالكامل على مدن شرق البلاد، فى وقت تنهار فيه مزيد من دعائم نظام العقيد معمر القذافى الذى فقد ولاء العديد من المسئولين والقبائل بسبب الحملة الدموية الشرسة التى يشنها ضد المواطنين، متوعدا اياهم بالمزيد. ففى مدينة طبرق الليبية، ترددت أصداء زخات من نيران الاسلحة الآلية فى شوارع المدينة أمس الاول فى جو احتفالى بالمدينة، فى حين أسقط المحتجون المناهضون للحكومة نصبا تذكاريا للكتاب الأخضر الذى ألفه الزعيم الليبى معمر القذافى. وجابت شاحنات حاملة المتظاهرين شوارع المدينة الساحلية الواقعة فى شرق ليبيا مارة وسط المنازل الخرسانية المنخفضة وأعمدة الدخان البعيدة. وقال الجنود الليبيون فى المدينة لوكالة رويترز فى طبرق إنهم لا يؤيدون القذافى وإن المنطقة الشرقية خرجت عن سيطرته. وقال اللواء سليمان محمود العبيدى إن الزعيم الليبى لم يعد موضع ثقة، مضيفا أنه قرر تحويل ولائه بعد أن سمع أن السلطات أعطت أوامر بإطلاق النار على المدنيين فى مدينة بنغازى بشرق البلاد. وكانت مدينة بنغازى التى اندلعت بها شرارة الثورة قد خرجت عن سيطرة النظام الليبى بعد ايام من بدء الانتفاضة الشعبية وهو ما دعا القذافى إلى قصفها بالطائرات. وقال الرائد السابق بالجيش هانى سعد مرجا إن كل المناطق الشرقية خارج سيطرة القذافى وان الشعب والجيش أصبحا يدا واحدة. وكان الجانب الليبى من الحدود المصرية يخضع لسيطرة الثوار. فى غضون ذلك، أعلن وزير الداخلية الليبى اللواء عبدالفتاح يونس العبيدى انضمامه لثورة الشعب وحث الجيش على الانضمام للثورة. وقال العبيدى فى بيانه إنه يعلن انه تخلى عن كل واجباته ليستجيب لثورة 17 فبراير على اساس اقتناعه التام وشرعية مطالب المحتجين ويحث الجيش الليبى على خدمة الشعب ومساندة الثورة. وفى اتصال مع قناة العربية، قال العبيدى إن أحد أعوان القذافى أطلق عليه الرصاص لكنه أخطأ وأصاب أحد أقارب الوزير المستقيل. واوضح أن القبائل الليبية تؤيد المحتجين وأن المتظاهرين سيطروا على مدينة بنغازى، وأن السلاح أصبح بمتناول الشعب. كما اعلنت قيادة ضباط القوات المسلحة فى منطقة الجبل الاخضر شرق البلاد انضمامها للثورة. ودعا ناطق باسم الكتائب بقية أفراد الجيش الى الالتحاق بالثورة وحماية الشعب الليبى. وتوجهت أمس سفينة عسكرية ليبية إلى مالطة بعد رفضها المشاركة فى قصف المواطنين. وأصدرت «ثورة 17 فبراير» بيانا مصورا دعت فيه المجتمع الدولى إلى دعم الثورة وحماية الشعب الليبى من المجازر والابادة الجماعية. وقدم مساعد لسيف الإسلام القذافى ويدعى يوسف الصوانى استقالته احتجاجا على العنف الذى يجتاح البلاد. واعلن مزيدا من السفارات الليبية حول العالم تأييدها للثورة، ومنها سفارات بالنمسا وفرنسا وبنجلاديش والولاياتالمتحدة. فيما لا يزال سفير ليبيا لدى الأممالمتحدة عبد الرحمن شلقم مؤيدا للقذافى على خلاف باقى افراد البعثة. وبعد الخطاب الذى القاه امس الاول العقيد القذافى وتوعد فيه «بتطهير ليبيا بيتا بيتا» من المحتجين، اتهم ابراهيم الدباشى نائب رئيس البعثة الليبية فى الاممالمتحدة وحدات بالجيش موالية للقذافى بالبدء فى مهاجمة المدنيين فى مدن بغرب ليبيا فور سماعها الخطاب. وكشف الامين العام للحركة الوطنية الليبية مفتاح لملوم فى اتصال مع الشروق من منفاه بلندن أن دولا عربية ودولة اوروبية تدعم القذافى عسكريا للقضاء على الثورة. وقال إن الجزائر بعثت بأربع طائرات من طراز سى 130 وطائرتين من طراز «اليوجن» لنقل مرتزقة افارقة داخل ليبيا، كما بعثت السودان بطائرة «اليوجن» فيما بعثت اوكرانيا بطائرتين. وأوضح لملوم أن هذه المعلومات استقاها من مصادر عسكرية منشقة عن النظام الليبى. واضاف أن 60 ألفا من المرتزقة الافارقة والعرب دخلوا ليبيا خلال اسبوع فيما تواصل مطارات العتيقة فى طرابلس والقربانية فى سرت وسبها بالجنوب استقبال المزيد خاصة من زيمبابوى وتشاد. وذكر لملوم عن احد النشطاء داخل ليبيا أنه رأى مرتزقة أوروبيين يتحدثون الايطالية. وتوقع لملوم أن ينفذ القذافى ما هدد به ويرتب مجزرة غير مسبوقة «فهو انسان مصاب بلوسة وغير سوى»، على حد وصفه. وقال إن «الابادة الجماعية بدأت فى ليبيا». فى غضون ذلك، دعت فرنسا إلى فرض عقوبات دولية على ليبيا للضغط على القذافى من أجل وقف اراقة الدماء. وكان مجلس الامن قد اصدر بيانا امس دعا فيه إلى انهاء العنف فورا واتخاذ خطوات لتلبية المطالب المشروعة للسكان بما فى ذلك الحوار الوطنى. وقالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلارى كلينتون يوم الثلاثاء إنه يجب على ليبيا أن تكف عن استخدام العنف فى مواجهة المحتجين وان الولاياتالمتحدة ستتخذ الخطوات المناسبة» فى الوقت المناسب.