مجلس الوزراء: خامات الأعلاف المستوردة والمحلية متوفرة.. وأسواق الدواجن واللحوم مستقرة    محافظ الإسكندرية: تخفيض إنارة الشوارع بنسبة 60%.. وتوقيع أقصى عقوبة على المحال المستخدمة لإضاءة الزينة    إيران تستدعي سفير سويسرا للاحتجاج على تصريحات ترامب    "نيوزويك": إسرائيل تسحب قوات من غزة وتنفي وجود نقص في صواريخ "آرو" الاعتراضية    جوارديولا: مواجهة الوداد كانت الأصعب.. وعودة رودري تمنحنا التوازن    جوارديولا ينتقد حكم مباراة مانشستر سيتي والوداد في مونديال الأندية    عبدالمقصود: الزمالك يحتاج تدعيمات.. والفريق لا يقف على أحد    دون خسائر بشرية.. انهيار جزئي لعقار قديم شرقي الإسكندرية    انطلاق أولى جلسات صالون الجامعة العربية الثقافي حول دور السينما في التقارب بين الشعوب    لجنة السكان بقنا تبحث التدخل السريع لمواجهة "النقاط الحمراء" بأبوتشت ودشنا    الرقابة المالية تحدد الشروط والمعايير المطلوب توافرها بأعضاء مجالس إدارة شركات التأمين أو إعادة التأمين والإدارات التنفيذية لها    مينا مسعود وشيرين رضا في ضيافة معكم منى الشاذلي.. غدًا    قرار من النيابة بشأن واقعة تصوير السيدات داخل مطعم بالدقي    آخر موعد لتقديم مرحلة رياض الأطفال KG1 في القليوبية (الشروط والأوراق المطلوبة)    أسامة كمال: حديث نتنياهو عن امتلاك إيران لسلاح نووي قديم ومكرر منذ 2011    «بتوع مصلحتهم».. الأبراج الثلاثة الأكثر نرجسية    هل يجوز للزوجة زيارة والدتها المريضة رغم رفض الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    ما الفرق بين القرض والتمويل؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير خارجية الكويت: نأمل في خفض التصعيد بالمنطقة وجهودنا الدبلوماسية لم تتوقف    الأهلي يرد على العرض الأمريكي لضم وسام أبو علي.. شوبير يكشف    نكران الجميل.. عامل يقتل رب عمله ويقطع جثته إلى أشلاء بغرض سرقته    تأجيل محاكمة متهمي نشر أخبار كاذبة    جامعة الأزهر ضمن أفضل 300 جامعة بالعالم وفقًا لتصنيف US NEWS الأمريكي    الشيخ خالد الجندي: استحضار الله في كل الأمور عبادة تحقق الرضا    خالد الجندي: «داري على شمعتك تِقيد» متفق مع صحيح العقيدة فالحسد مدمر (فيديو)    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في جنوب غزة    تكريم الدرديري في حفل الأفضل    بعد شائعات الخلاف مع ميدو.. عبد الواحد السيد يكشف ل"أهل مصر" كواليس طلبه الحصول على إبراء ذمة مالية    ننشر موازنة اتحاد الغرف السياحية.. 54 مليون جنيه إيرادات و26 مصروفات    «فات الميعاد».. صفع متبادل بين أحمد مجدي وأسماء أبواليزيد ينهي الحلقة الخامسة    وفاة شقيق الفنان الراحل حسن يوسف    محافظ الأقصر يتفقد المرحلة السابعة من مشروع سترة السكني    أستاذ علوم سياسية: إسرائيل تمارس «هندسة إبادة جماعية» بحق الفلسطينيين وسط صمت دولي    وكيل شباب الفيوم يستقبل لجنة هيئة تعليم الكبار لتفعيل مبادرة "المصريون يتعلمون"    الجبهة الوطنية يقرر إرجاء المؤتمر الجماهيري بالقليوبية    خالد الجندي يوضح الفرق بين قول "بإذن الله" و"إن شاء الله"    البابا تواضروس لرئيس وزراء صربيا: الأراضي المسيحية المقدسة موجودة في فلسطين ومصر    حيل نفسية لكسر حاجز القلق والخوف من الامتحانات.. تعرف عليها    بعد الإقلاع عن التدخين- إليك طرق تنظيف الرئتين من النيكوتين    مشروعات تعليمية جديدة في قويسنا ومنوف لدعم المنظومة التعليمية    الجهاز القومي للتنسيق الحضاري يشارك في الحلقة النقاشية «حوار المدن» بالمعهد الفرنسي للآثار الشرقية    كرة يد – منتخب مصر يهزم السعودية في افتتاح بطولة العالم للشباب    إيران تمدد تعليق الرحلات الداخلية والدولية حتى فجر غد الخميس    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر2025    محافظ الأقصر يتفقد المرحلة السابعة من مشروع «سترة» بعد تسليمه للمستفيدين    الغربية.. ضبط سيارة نقل محملة ب236 أسطوانة غاز منزلي مدعم قبل تهريبها    حصريا ولأول مرة.. قناة النيل للأخبار في هيئة الرقابة النووية المصرية    تقديم خدمات طيبة علاجية مجانية ل 189 مريضا من الأولى بالرعاية بالشرقية    ضبط 79 مخالفة تموينية متنوعة خلال حملات مكثفة على الأسواق بالفيوم    فليك يجتمع مع شتيجن لحسم مصيره مع برشلونة    محافظ القليوبية يعقد لقاء المواطنين الأسبوعي للتواصل معهم وحل مشاكلهم بشبين القناطر    الأمم المتحدة تدين إطلاق النار على مدنيين يبحثون عن الطعام في غزة    بعد الموافقة النهائية من «الإسكان».. تفاصيل عقود الإيجارات القديمة التي تطبق عليها التعديلات    الصحة: إصدار أكثر من 18 مليون قرار علاج على نفقة الدولة خلال 5 سنوات    الأرصاد تكشف عن ارتفاع درجات الحرارة ابتداء من الجمعة    ترامب يختتم اجتماعه بفريق الأمن القومي الأمريكي وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران    «هنعاير بعض».. رئيس تحرير الأهلي يهاجم وزير الرياضة بسبب تصريحاته عن الخطيب    أطفال الغربية تتوافد لقصر ثقافة الطفل بطنطا للمشاركة في الأنشطة الصيفية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(الشروق) تنشر النص الكامل لمشروع ممر التنمية للدكتور فاروق الباز
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 02 - 2011

يحتاج التفكير في مستقبل مصر إلى بعد نظر، فلا يمكن أن يتغير الوضع الحالي بين عشية وضحاها، المهم أن يكون هناك مخطط يعمل على تحريك الشعور بالمواطنة في عقل وقلب كل مصري ومصرية، ينمو ذلك عندما يؤمن السواد الأعظم من الناس بأن قادتهم يعملون للصالح العام أولا وأخيرا، ويؤهل هذا الشعور، أن يؤدي كل فرد دوراً فعالاً في مخطط الإنماء، هكذا يجري إنماء الدول الغنية والفقيرة على حد سواء.
إذن يلزمنا إعداد مشروع يفهم مقصده كل الناس، له مخطط زمني محدد نعلم بدايته ونهايته ويستطيع كل فرد أن يرى فيه مكانا أو خيرا إما له شخصيا أو لأبنائه أو للآخرين، يجب أن يتيح هذا المخطط الاستخدام الأمثل لعقول الناس وسواعدهم وقدراتهم لكي يؤمن الجميع به ويشعر كل فرد بأن له دوراً مهماً في إنجاحه. بناء على كوني جيولوجياً جاب أراضي مصر ونجوعها وصحاريها، ويعلم بالممارسة أحوال معيشة الناس في المدن الكبيرة والصغيرة والقرى والواحات، كذلك أعلم الوضع الماضي والحالي بالمدارس والجامعات والمعاهد وما وصلنا إليه، وما يمكننا أن نصل إليه إذا ما تحسن وضعنا المعيشي وانفتحت آفاق التقدم والرقي. لقد أثبت تاريخ الأمم أنه منذ خلق الله الإنسان على الأرض ازدهرت الحضارة بين أي مجموعة من الناس إذا توافرت في مجتمعهم ثلاثة مقومات أساسية هي:
1- إنتاج فائض من الغذاء مما يجعل الناس تنمو أجسامهم قوية ومخيلاتهم خصبة والغذاء الجيد يمنح الصحة والعافية التي تؤهل إلى العمل المجدي.
2- تقسيم العمل بين أفراد المجتمع تقسيماً مناسباً، ويستدعي ذلك ترقية أهل الخبرة والمعرفة وحسن الإدارة (وليس أهل الثقة) على جميع المستويات.
3- تأهيل الحياة الكريمة في المدن بحيث لا ينشغل الناس فقط بالبحث عن قوتهم ويعيشون في بيئة صالحة لكي يتمكن البعض منهم من الإبداع والابتكار في عملهم، والإبداع في العمل هو أهم مقومات الحضارة والرقي.
إذن لن نحدّث مصر ونؤمن مستقبل أهلها إلا إذا تحسنت أوضاعنا بالنسبة إلى المقومات الثلاثة السابقة، لذلك فالحل الأمثل هو البدء في مشروع ممر التنمية في شريط من صحراء مصر الغربية يمتد من ساحل البحر المتوسط شمالاً حتى بحيرة ناصر في الجنوب، وعلى مسافة تتراوح بين 10 و80 كيلومتراً غرب وادي النيل، يفتح هذا الممر آفاقاً جديدة للامتداد العمراني والزراعي والصناعي والتجاري والسياحي حول مسافة شاسعة.
أهمية النقل
يُعتبر النقل من أساسيات التقدم والازدهار على مر العصور، ونحن نعلم أن قيام الدولة المصرية القديمة منذ أكثر من خمسة آلاف عام اعتمد على النيل كطريق يربط شمالها بجنوبها، حيث كان ينتقل من خلاله الناس والأخبار والغذاء والمنتجات والبضائع ورجال الأمن وجامعو الضرائب وكل ما يمثل كيان الدولة وسر بقائها، كذلك اعتمد الإغريق والرومان والعرب على تسهيل وتأمين النقل في جميع أرجاء حضاراتهم، وفي العصر الحالي نَمَت أوروبا الحديثة بعد إنشاء شبكات الطرق السريعة فيها، وكذلك تفوقت أمريكا على باقي العالم الغربي باستخدام ثرواتها الطبيعية أحسن استخدام، مما استدعى إنشاء شبكة متميزة من السكك الحديدية والطرق الممتازة، الدائمة الصيانة في جميع أرجائها.
وبالنسبة لنا في مصر لا يصِح إنشاء شبكة طرق جديدة في وادي النيل والدلتا لأن في ذلك اعتداء على الأرض الزراعية المُعتدى عليها أصلاً، نتيجة النمو الكبير للكتل السكانية العشوائية وغير المُرخَص لها في أغلب الأحيان، هذه الأراضي الخصبة رسبها نهر النيل العظيم على مدى ملايين السنين، ولقد تكدس سكان مصر في مساحة محدودة منها نتيجة الزيادة المستمرة في عدد السكان، ولا يعقل أن نستمر في العيش على 5% من مساحة أرضنا، مع الاستمرار في البناء فوق التربة الزراعية، لذلك فلا بد من فتح آفاق جديدة للتوسع العمراني والزراعي والصناعي والتجاري والسياحي خارج نطاق وادي النيل الضيق.
ويسعى الممر المقترح، إضافة إلى تسهيل النقل بين أطراف الدولة، إلى الحد من التوسع العمراني في وادي النيل والدلتا بفتح آفاق جديدة للنمو بالقرب من التجمعات السكانية الكبرى ومجالات لا حصر لها في استصلاح أراضٍ صحراوية وإنشاء مشاريع جديدة للتنمية في مجالات التعمير والزراعة والصناعة والتجارة والسياحة، كما يُعطي الممر أملاً جديداً لأجيال المستقبل باستخدام أحد عناصر الثروة الطبيعية وأقربها إلى التجمعات السكانية الحالية، وهو الشريط المتاخم لوادي النيل في الصحراء الغربية.
لقد اُختِير هذا الجزء من الصحراء الغربية بُناءً على خبرة في تضاريس مصر وإمكاناتها التنموية، ويتكون الشريط المتاخم لوادي النيل من هضبة مستوية بميل بسيط من الجنوب إلى الشمال بموازاة النيل، ولا تقطع المنطقة أودية تهددها السيول كما هو الحال في شرق النيل، كذلك تتواجد مساحات شاسعة من الأراضي التي يسهُل استصلاحها لإنتاج الغذاء، إضافة إلى احتمالات تواجد المياه الجوفية، هذا الشريط بالذات تقل فيه الرمال ولا تتقاطع معه خطوط الكثبان الرملية.
دعائم الممر
بناءً على ما تقدم يتضمن مقترح ممر التعمير إنشاء ما يلي:
1- طريق رئيسي يعتبر المحور الأساسي للسير السريع بالمواصفات العالمية يبدأ من غرب الإسكندرية، ويستمر حتى حدود مصر الجنوبية بطول 1200 كيلومتر تقريباً.
2- اثني عشر محورا من الطرق العرضية التي تربط الطريق الرئيسي بمراكز التجمع السكاني على طول مساره بطول كلي حوالي 800 كيلومتر.
3- شريط سكة حديد للنقل السريع بموازاة الطريق الرئيسي.
4- أنبوب ماء من بحيرة ناصر جنوباً حتى نهاية الممر على ساحل البحر المتوسط.
5- خط كهرباء يُؤمن توفير الطاقة في مراحل المشروع الأولية.
1- الممر الرئيسي
يمثل الطريق العالمي من الشمال إلى الجنوب العنصر الأساسي لممر التعمير، يبدأ الطريق على ساحل البحر المتوسط في موقع بين الإسكندرية والعلمين، ويؤهل لإنشاء ميناء عالمي جديد يُضاهي الموانئ العالمية الكبري في المستقبل، وتُؤخَذ في الاعتبار الحاجة إلى توفير استخدام تكنولوجيا المعلومات الحديثة في التعامل السهل السريع مع الصادرات والواردات والبضائع المؤقتة.
يتكون الطريق الرئيسي من ثمانية ممرات على الأقل، اثنان لسيارات النقل واثنان للسيارات الخاصة ذهاباً وإياباً، كما يلزم تمهيد الطريق وفق المواصفات العالمية التي تسمح بالسير الآمن السريع دون توقف إلا في حالات الطوارئ ومحطات الاستراحة والوقود ومراكز تحصيل رسوم السير.
2- المحاور العرضية
يشتمل المقترح على 12 محورا عرضيا يربط كل منها الطريق الرئيسي بموقع من مواقع التكدس السكاني في الدلتا وبموازاة وادي النيل، تسمح هذه الطرق بالامتداد العمراني غرباً في هذه المواقع رويداً رويداً وتضيف بُعداً جغرافيا لعدد من المحافظات التي تعاني من الاختناق في الوقت الحالي، ويجب ألا يُسمح إطلاقا بالنمو العشوائي في تلك المناطق، بل يجب أن يسبق التخطيط والتنظيم والخدمات النمو الحضري لها، وعلى سبيل المثال، تشمل المحاور العرضية المقترحة ما يلي:
محور الإسكندرية
يمتد هذا المحور من الطريق الرئيسي غرباً ليصل إلى مدينة الإسكندرية ومينائها ومطارها الدولي، ويمكن أن يستمر المحور شرقاً حتى طريق الدلتا الساحلي إلى رشيد ثم دمياط، وبذلك يربط هذا الفرع الطريق الرئيسي للممر بشمال الدلتا بأكملها.
محور الدلتا
لربط الطريق الرئيسي بمنتصف منطقة الدلتا ربما في مدينة طنطا، مثل هذا المحور يتطلب المحافظة على الأراضي الزراعية في مساره وربما يتطلب كباري جديدة على فرع رشيد وقنوات الري والصرف، والجزء الغربي من هذا الطريق يُرصف على صحراء قاحلة وقابلة للاستصلاح وتمثل بعدا جغرافياً جديداً لمحافظة الغربية أكثر محافظات الدلتاً اختناقاً على الإطلاق.
محور القاهرة
يؤهل هذا المحور ربط الطريق الرئيسي بطريق «مصر- إسكندرية الصحراوي» ثم بأكبر تجمع سكاني في قارة أفريقياً بأكملها، ألا وهو محافظة القاهرة، ويمكن لهذا الفرع أن يستمر شرقاً إلى المعادي ومنها إلى طريق السويس كي يربط الميناء الجديد بميناء السويس، ويؤهل ذلك نقل البضائع برياً من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر عبر خليج السويس.
محور الفيوم
يضمن هذا المحور تنمية الصحراء في شمال وغرب منخفض الفيوم، ومنطقة غرب الفيوم بالذات يمكن تنميتها صناعياً لإبعاد الصناعات الملوثة للبيئة، مثل صناعة الأسمنت عن المواقع السكنية.
محور البحرية
ويهدف هذا الفرع إلى توصيل الطريق الرئيسي بالواحات البحرية في اتجاه جنوب غرب الجيزة، وبذلك يؤهل للربط بين واحات الوادي الجديد الشمالية والطريق الرئيسي، ويسمح الفرع بالتوسع في السياحة في منخفض البحرية.
محور المنيا
يفتح هذا المحور آفاقاً جديدة للنماء غرب وادي النيل في منطقة تكتظ بالسكان وتحتاج إلى التوسع في العمران نظراً لوجود جامعة بها، بالإضافة إلى الحاجة لعدد من المدارس ومعاهد التدريب.
محور أسيوط
يمكن إعادة كل ما قِيل عن فرع المنيا، إضافة إلى أن هذا المحور يؤهل السير على طريق الواحات الخارجة وباقي واحات محافظة الوادي الجديد.
محور قنا
يوصل هذا المحور إلى منطقة واسعة يمكن استصلاح أراضيها تقع جنوب مسار نهر النيل بين مدينتي قنا ونجع حمادي، وتكونت التربة في هذه المنطقة نتيجة لترسيب الأودية القديمة مما يعني أيضاً احتمال وجود مياه جوفية يمكن استخدامها في مشاريع الاستصلاح.
محور الأقصر
يعد هذا الطريق امتداداً غير محدود للمشاريع السياحية المتميزة فوق الهضبة وغرب وادي النيل بالقرب من أكبر تجمع للآثار المصرية القديمة في الأقصر.
محور كوم أمبو وأسوان
يعتبر هذا المحور سهلاً واسعاً يمثل مجرى قديما للنيل ولذلك تغطيه تربة خصبة صالحة للزراعة، ولأسباب جيولوجية بدأ مجرى النيل الهجرة شرقاً حتى وصل إلى موقعه الحالي، ولذلك يمكن استخدام المياه الجوفية المُختَزنة منذ قديم الزمن في استصلاح هذا السهل الخصيب، ويربط امتداد الفرع في اتجاه الجنوب الشرقي بينه وبين الطريق الرئيسي ومدينة أسوان، مما يسهل نقل المنتجات المحلية إلى المحافظات الشمالية علاوة على التنمية السياحية عبر تيسير زيارة المواقع السياحية في منطقة أسوان، إضافة إلى ذلك يؤهل الطريق تنمية مطار أسوان للتجارة العالمية.
محور توشكى
يهبط الطريق الرئيسي من الهضبة حيث يجري وصله بعدة أماكن حول منخفض توشكى، وجرى حفر قناة لتوصيل ماء النيل من بحيرة ناصر إلى منخفض توشكى بغرض استصلاح الأراضي المحيطة بالبرك التي تكونت في المنخفض، هذا المشروع يستدعي عدة سبل للنقل السريع إلى المحافظات الشمالية ومنافذ التصدير معاً.
محور بحيرة ناصر
تمثل بحيرة ناصر موقعاً متميزاً لتنمية الثروة السمكية وصيد الأسماك، خاصة إذا جرى تسهيل نقلها إلى مواقع التكدس السكاني في المحافظات الشمالية. لقد اختيرت هذه المحاور لقربها من مواقع التكدس السكاني وسهولة المرور بها من الناحية الطبوغرافية، هذا ويمكن إضافة محاور أخرى كما في دراسة أعدها متخصصون من وزارة التنمية الاقتصادية، وأفادت بإمكانية ثلاثة محاور إضافية.
يشتمل ممر التعمير المقترح على شريط سكة حديدية للنقل السريع بموازاة الطريق الرئيسي. تؤهل هذه الوسيلة نقل الناس والبضائع والمنتجات من جنوب مصر حتى ساحل البحر المتوسط لا سيما أن السكة الحديدية الحالية تُعاني من الكهولة. كما لا يصِح إنشاء سكة حديدية جديدة داخل وادي النيل؛ لأن في ذلك تعدياً على الأراضي الزراعية.
تؤهل السكة الحديدية للنقل السريع شحن الأسماك من بحيرة ناصر التي تزخر بالثروة السمكية إلى مواقع التكدس السكاني في شمال وادي النيل. كذلك تُمكّن الوسيلة من الاستخدام الأمثل في الصناعات العديدة كصناعة الألومنيوم في نجع حمادي، فتواجد السكة الحديدية الجديدة سوف يجعل النقل من الميناء إلى المصنع ثم نقل المُنتَج من المصنع إلى السوق يتم في سهولة ويسر وبتكلفة أقل، هذا بالإضافة إلى الحد من الزحام الناتج عن حركة الشاحنات على الطريق الزراعي الحالي.
أنبوب الماء
يلزم توفير الماء الصالح للشرب بطول الممر المقترح فوق هضبة الصحراء الغربية. يُفضل نقل الماء من بحيرة ناصر أو قناة توشكى داخل أنبوب لمنع البخر أو تسرب الماء في الصخور. ويشمل التخطيط لمشاريع التنمية المختلفة على طول الممر استخدام المياه الجوفية في الزراعة والصناعة، ولكن الحاجة إلى الماء للاستخدامات البشرية خلال المراحل الأولي للمشروع تتطلب توفير الأنبوب المذكور.
ربما يلزم المشروع خلال تلك المرحلة أنبوب قطره متر واحد أو متر ونصف. وهذا ليس بكثير لأن ليبيا قد أقامت النهر الصناعي العظيم لنقل الماء العذب من آبار صحرائها في الجنوب إلى مدنها على ساحل البحر المتوسط في أنبوب قطره أربعة أمتار وبطول 2000 كيلومتر. وكما هو الحال في ليبيا، بعد ضخ الماء إلى مستوى الهضبة يتم نقله من الجنوب إلى الشمال بالميل الطبيعي لسطح شمال أفريقيا.
خط الكهرباء
يلزم للمقترح إنشاء خط كهرباء للإنارة والتبريد على طول الطريق الرئيسي، وخاصة لأن مسار الطريق يمر في منطقة صحراوية لا تتواجد فيها متطلبات التنمية الأساسية، خلال المراحل الأولى للمشروع. في نفس الوقت يجب تشجيع مشاريع التنمية العمرانية والزراعية والصناعية والسياحية المُنَظمَة واستخدام مصادر الطاقة المستدامة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
مزايا المشروع
يلزم لأي مقترح لمشروع تنموي دراسة الآثار الجانبية له خاصة من الناحية البيئية، ولأن المشروع المقترح يقلل من تدهور البيئة في وادي النيل فهذا يعتبر إحدى مزاياه العديدة. الجانب الأساسي الذي يجب دراسته هو الجدوى الاقتصادية للمشروع، أي مدى نجاحه المؤكد من ناحية الاستثمار، وهذا يتم من خلال دراسة جدوى يجريها المختصون بناءً على بيانات حقيقية ومنطقية. أما المزايا والمنافع المنتظرة للمشروع فعديدة، نوجز منها ما يلي:
- الحد من التعدي على الأراضي الزراعية داخل وادي النيل من قِبَل القطاع الخاص والحكومي معاً.
- فتح مجالات جديدة للعمران بالقرب من أماكن التكدس السكاني.
- إعداد عدة مناطق لاستصلاح الأراضي غرب الدلتا ووادي النيل.
- توفير مئات الآلاف من فرص العمل في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة والإعمار.
- تنمية مواقع جديدة للسياحة والاستجمام في الصحراء الغربية بالشريط المتاخم للنيل.
- الإقلال من الزحام في وسائل النقل وتوسيع شبكة الطرق الحالية.
- تأهيل حياة هادئة ومريحة في بيئة نظيفة تسمح للبعض بالإبداع في العمل.
- ربط منطقة توشكى وشرق العوينات وواحات الوادي الجديد بباقي مناطق الدولة.
- خلق فرص جديدة لصغار المستثمرين للكسب من مشاريع في حقول مختلفة.
- مشاركة شريحة واسعة من الشعب في مشاريع التنمية، مما ينمي الشعور بالولاء والانتماء.
- فتح آفاق جديدة للعمل والتمتع بثمار الإنجاز في مشروع وطني من الطراز الأول.
- خلق الأمل لدى شباب مصر، وذلك بتأمين مستقبل أفضل.
وسيلة الإنجاز
مع أن تنفيذ المقترح الحالي قد نُوقِش في محاضرات عديدة بالجامعات والمؤسسات ومع الحكومة المصرية، لكنه يُعرض كمشروع للقطاع الخاص وذلك لأسباب كثيرة. لقد قدر المختصون تكلفة المشروع بحوالي 24 مليار دولار. وهذه القيمة ليست بالكثير في الوقت الحالي لا سيما أنها تؤمن مستقبل شعب بأكمله وتنقذ مصر من الوضع الاقتصادي المُتردي في هذا الوقت بالذات. وربما تمكن المستثمرون من تأمين المبلغ المطلوب لتنفيذ المشروع عبر بيع الأراضي الصالحة للإعمار على جانبي المحاور العرضية في بداية المشروع، ونحن نعلم أن أسعار أراضي البناء تزداد بسرعة خيالية حالياً.
بطلب من السيد الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء قامت لجنة وزارية برئاسة فايزة أبو النجا، وزيرة التعاون الدولي بدراسة جميع آفاق المقترح بناء على دراسة مستفيضة بواسطة أهل الخبرة في المهن المختلفة أثناء السنوات الثلاث الماضية. قام بالدراسة خبراء في مراكز الأبحاث والجامعات لكي يتحقق تقييم المقترح جدياً بواسطة أهل الخبرة والمعرفة في جميع المجالات تحت إشراف وزارة التنمية الاقتصادية. في نظري تلزم أيضا مناقشة مثل هذا المشروع الحيوي في البرلمان لكي يمكن سن القوانين واتخاذ الإجراءات التي تحمي الناس من الروتين الحكومي أو استغلال بعض العاملين في القطاع الخاص.
ويا حبذا لو بدأ التفكير منذ لحظة الانطلاق بمشاركة أوسع شريحة ممكنة من الناس، فيمكن لكل محافظة مثلا البدء في إعداد قائمة بمشاريع التنمية وأولوياتها بناءً على احتياجاتها الحقيقية وفي ضوء مواردها من العمالة الفنية اللازمة وقدراتها الأخرى، وفي نفس الوقت يجب عدم السماح باستقطاب عمالة أجنبية للعمل في المشروع مهما كانت الأسباب، لأن المصري أو المصرية يمكن تدريبهما للقيام بأي عمل كان وبأعلى مستويات الأداء العالمية.
وكذلك يمكن تشجيع شباب الجامعات من خلال مسابقات لاختيار مشاريع تنمية تُقام في محافظاتهم. حتى طلبة المدارس يمكنهم المشاركة بمسابقات لاختيار أسماء الطرق العرضية والمدن والقري التي سوف تنشأ على جوانبها. مشاركة الشباب مهمة للغاية لأن الهدف من المشروع هو تأمين مستقبلهم عبر إتاحة فرص عمل لا نهائية أمامهم.
معنى ذلك أن الباب مفتوح على مصراعيه لمشاركة من يود أن يدلو بدلوه، على شرط أن تكون الأفكار المقدمة ليس الغرض منها هو الكسب الشخصي الضيق والمحدود، ولكنها تصب أولاً وأخيراً في الصالح العام. وهكذا تتقدم الدول ويعمل الناس بعزم ونشاط وولاء وانتماء وتزدهر الحياة مرة أخرى في وادي النيل الخالد.
خاتمة
في عرض سابق لفكرة المشروع ذكرت أن حفيدتي ياسمين (وعمرها 10 سنوات) عادت من مدرستها في واشنطن لتخبر أمها أن المُدرِسة ذكرت اسم مصر في أول درس من دروس التاريخ، وأضافت أن المُدرِسة قالت إن التاريخ يعيد نفسه، وسألت أمها هل هذا صحيح؟ فعندما أجابتها الأم بالإيجاب سألت بحماس شديد: هل هذا يعني أن مصر يمكن أن تعود عظيمة مرة أخرى؟
الإجابة على سؤال هذه الصغيرة، التي تعيش بعيداً ولكنها تحتفظ بذكرى مصر في قلبها وعقلها، تستدعي التفكير الثاقب والعمل الدؤوب في سبيل رفعة هذا البلد الذي يستحق موقعاً متقدماً بين الأمم. فمصر كانت على مدى العصور منبعاً للحضارة والفكر والعلم والثقافة والفن والبناء وحسن الأداء، ولكن بين آونة وأخرى تخبو فيها شعلة الحضارة وينطوي شعب مصر على نفسه وكأنه في غيبوبة لا يعي بما يدور حوله في العالم، ولكن سرعان ما يفيق هذا الشعب العظيم من الغثيان وينتفض بكل حيوية ونشاط لكي تتوهج شعلة الحضارة مرة أخرى في أرض مصر.
ويمكنني القول إن العرب في كل مكان ينتظرون رفعة مصر لأن في ذلك رفعتهم جميعاً. ولم تكن للعرب مكانة في أي وقت من الزمان إلا في وجود مصر القوية كالعمود الفقري الذي تلتف حوله البلدان العربية جميعاً.
لن تعود مصر دولة عظيمة مرة أخرى إلا إذا تحسنت أوضاعنا الحالية. وبناءً على مزايا ومنافع وهذا المشروع يمكنه أن يوصل مصر إلى الغرض المنشود خلال عقد أو عقدين من الزمان على الأكثر، كما أن من شأنه أن يُخرِج مصر من الوضع الحالي بمآسيه المختلفة، لذلك فإنني مقتنع تماماً بأن المشروع المقترح يمكن أن يعيد الحيوية والإنتاجية لشعب مصر ويؤهل هذا البلد الطيب المعطاء للوصول إلى موقع متميز بين أعظم بلدان العالم مرة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.