.. هذا وقت مصر

منذ الإعلان عن تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إدارة شئون البلاد مساء الجمعة الماضى، ونحن جميعا نبحث عن رؤية هذا المجلس لما يجرى فى مصر وما يجب أن يجرى فى قادم الأيام.
أمس كانت الفرصة جيدة جدا، لاستطلاع الصورة واستجلاء الرؤية عبر مداخلات شديدة الوضوح من اللواء مختار الملا مساعد وزير الدفاع، واللواء عادل عمارة مساعد وزير الدفاع، بحضور اللواء إسماعيل عتمان رئيس هيئة الشئون المعنوية فى القوات المسلحة. اللقاء استمر ما يقرب من الساعة، لكنه كعادة العسكرية المصرية جاء واضحا ومنضبطا وشفافا ومحدد المعالم ورائق الصورة، التى رأيت تفاصيلها بالشكل التالى:
1 إن البيانات الخمسة، والإعلان الدستورى، تكشف عن منهج المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. هذا من جانب، ومن جانب آخر أن المجلس ملتزم التزاما كاملا بكل ماجاء فى البيانات الخمسة وما جاء فى الإعلان الدستورى.
2 إن المجلس لا يسعى للسلطة، ولم يطلبها، بل هو وضع فرض عليه ويتمنى أن ينهى مهمته بسرعة، لتسليم البلاد لرئيس منتخب بصورة سليمة وحرة معبرة عن توجهات الشعب.
3 المجلس يرى ثورة الشباب، ثورة نظيفة لها مطالب عادلة ومنطقية، وأنها ثورة غير مسبوقة فى التاريخ، ثورة قدمت مشهدا عظيما، لم يحدث من قبل فى أى ثورة من ثورات العالم «مشهد تنظيف الميدان وتلميع أرصفته مازال قادرا على صنع الدهشة عند الجميع».
4 المجلس يعلم أن أصحاب الاحتجاجات والاعتصامات الفئوية، أصحاب حق، لكنه يرى أيضا أن يكون هذا الاحتجاج فى توقيته المناسب حتى تكون الحلول مناسبة أيضا (المجلس يعرف تماما اختلالات هياكل الأجور والوضع المأساوى لبطالة الشباب ولديهم أمثلة على ذلك).
5 يرى المجلس، أن هذا ليس وقت تصفية الحسابات، بل هو وبكل وضوح وقت مصر، ووقت العمل من أجلها. (أعضاء المجلس يعملون 20 ساعة يوميا ولم يغادروا موقعهم منذ 26 يناير الماضى، أى منذ 20 يوما).
6 إنه لا داعى، الآن مطلقا، لنشر روح الإحباط بين جموع الشعب، لكن المجلس يرى أيضا، أن هناك خطرا حقيقيا فى نشر الأمل المزور، فالمطلوب هو التعبير عن حقيقة ما يحدث فى إطار الحفاظ على روح هذا الشعب النابضة بالأمل.
7 يعلم المجلس أن حجم الفساد ظهر بشكل أكبر مما كان يتوقعه أحد، ولكن، وفى ذات الوقت، فإن المجلس يعلم أيضا أن هذا الفساد لن يذهب بين عشية وضحاها، وسيستغرق بعض الوقت، والأكيد أن المجلس لن يسمح بأى فساد جديد.
8 إن عودة جهاز الشرطة للعمل، هو أمر فى صالح الجميع، حتى يعود الأمن للمواطن، ويعود الأمان للوطن.
9 إن المجلس طلب من لجنة تعديلات الدستور، خلال اجتماع عقد صباح أمس، أن تنهى مهمتها خلال 10 أيام، كبداية لضرورة عودة الحياة لطبيعتها المدنية.
10 ترى اللجنة أن الرئيس السابق محمد حسنى مبارك له تاريخ من الإنجازات العسكرية والمدنية، خلال فترة حكمه التى لم تكن كلها فسادا، وأيضا كان له أخطاء، وأن قرار تخليه عن السلطة أنقذ البلاد من كارثة لا يعلم مداها إلا الله.
وحتى تكتمل رؤية المجلس، فمن الضرورى، أن نعرف أن المجلس يرى أن النظام قد سقط، لكن الدولة لم، ولن تسقط إلا على جثث الجميع، جيشا وشعبا.