الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن تفاصيل إجراء انتخابات مجلس الشيوخ الثلاثاء المقبل    مدارس البترول الحكومية بعد الإعدادية 2025 (الشروط والأوراق المطلوبة)    زيادة التعويضات لضحايا حادث طريق أشمون ل500 ألف جنيه لأسرة كل متوفي    البابا تواضروس الثاني يلتقي وكلاء المطرانيات وأعضاء المجالس الإكليريكية الفرعية (صور)    السيسي يوافق على قرض بقيمة 35 مليون يورو لإنشاء خط سكة حديد الروبيكي    تداول 13 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    انطلاق منتدى مصر الدولى للتعدين 15 يوليو المقبل    ترامب: اتفاق قريب لإنهاء حرب غزة واحتفال مرتقب في البيت الأبيض    بنفيكا يخطط لإنقاذ جواو فيليكس من دكة تشيلسي    مجلة «جون أفريك» تكشف كواليس مطاردات الموساد لعناصر حزب الله في أفريقيا    موعد مباراة بنفيكا ضد تشيلسي في دور الستة عشر من كأس العالم للأندية    وزيرا الأوقاف والعمل يضعان حجر الأساس لبناء مسجد برأس غارب بتبرع من رجل أعمال    الاحتفاء بمسيرة أحمد الباسوسي في أمسية بقصر الإبداع الفني بأكتوبر    تحت عنوان «عودة الغايب».. فضل شاكر يحيي حفلا غنائيا لأول مرة في قطر يوليو المقبل    إسماعيل كمال يتفقد مستشفى أسوان التخصصي العام بالصداقة الجديدة    فوائد مشروب الكركم وأفضل طرق لعمله والاستفادة منه    أيامه أصبحت معدودة.. تفاصيل العروض الخارجية لضم وسام أبو علي من الأهلي    سيريس السويدى يترقب الحصول على 10% من إجمالى صفقة بيع وسام أبو علي    قمة برازيلية.. الموعد والقناة الناقلة لمباراة بالميراس وبوتافوجو في كأس العالم للأندية    «عايزين يفجروا أزمة ويضربوا استقرار الأهلي».. إبراهيم المنيسي يفتح النار على عضو مجلس الزمالك    بتكلفة 850 مليون جنيه.. افتتاح وصلة قطار بلقاس - المنصورة بالدقهلية    خرجت بمحض إرادتها.. مصدر أمني يكشف تفاصيل تغيب «فتاة سوهاج»    غلق وتشميع 35 محلا وكافيه غير مرخص فى أسوان    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى فيصل دون إصابات    تجديد حبس عاطل بتهمة سرقة مبلغ مالى من مكان عمله السابق    الحرس الثوري الإيراني: سنرد على أي اعتداء جديد "بشكل مختلف وأشد قوة"    الجيش الروسي يحرر بلدة تشيرفونا زيركا في دونيتسك    فى ذكرى ميلاده.. أبرز مؤلفات عباس العقاد    مدير مركز القدس للدراسات: إسرائيل ترفض أى تهدئة وسط كارثة إنسانية غير مسبوقة    انطلاق التحضيرات لمهرجان أكاديمية الفنون للعرائس وتعيين إدارة تنفيذية جديدة    أسفار الحج (6)..الصفا والمروة وزهرة اللوتس    عيبك أولى بالإصلاح من عيوب الآخرين    حركة حماس تنعى والد عزت الرشق القيادى بالحركة    وزير الزراعة: الصادرات الزراعية المصرية إلى هولندا 500 مليون دولار    محاضرات وجولات توعية خلال حملة التبرع بالدم في المنيا    بينها «500 ألف طوارئ و100 ألف عملية».. عميد قصر العيني: نستقبل سنويًا 2 مليون مريض    تأجيل محاكمة عاطل قتل نجل زوجته بالسلام إلى جلسة 27 أغسطس    عودة الهضبة وعمرو مصطفى للتعاون الفني.. أبرز ملامح ألبوم عمرو دياب الجديد    شيماء عبد الحميد.. من مدرسة الصنايع إلى كلية الهندسة ثم وداع لا يُحتمل    مديرية الصحة في شمال سيناء تطلق حملة لتعزيز الوعي بأهمية وفوائد نقل الدم    نوران جوهر بعد تتويجها ببطولة العظماء الثمانية: لم يكن لديّ ما أخسره    منظمة أكشن إيد: مراكز توزيع المساعدات تحولت إلى فخ مميت لأهالي غزة    موعد مباراة الهلال القادمة في كأس العالم للأندية بعد الصعود لدور الستة عشر    ضحى همام.. رحلت قبل أن تفرح بنجاحها في الإعدادية    12 أكتوبر.. روبي تحيي حفلا في فرنسا    "كانت بتنشر الغسيل".. مصرع سيدة سقطت من الرابع في قنا    الإنتاج الحربي: الشركات التابعة حققت إيرادات نشاط بنسبة 144% بمعدل نمو بنسبة 44% عن العام الماضي    "الفنية العسكرية" توقع اتفاقين لدعم الابتكار في المسابقة الدولية التاسعة    مصر ترحب باتفاق السلام بين الكونجو الديموقراطية ورواندا    قصة كفاح مهندسي مصر من أجل تحقيق حلم.. 8 سنوات تلخص رحلة إنشاء مصيف مطروح.. 25 مليون جنيه تكلفة المشروع    مصدر فلسطيني مسئول لسكاي نيوز عربية: حماس تضع 4 شروط لقبول صفقة التبادل    السبت 28 يونيو 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع    5 حالات يجوز فيها التعاقد لحالات الضرورة بقانون الخدمة المدنية    مع شروق الشمس.. أفضل الأدعية لبداية يوم جديد    إرادة جيل يطلق أولى دوراته التدريبية لتأهيل المرشحين استعدادا لانتخابات 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 28-6-2025 في محافظة قنا    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    عبداللطيف: الزمالك يحتاج إلى التدعيم في هذه المراكز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعديل الدستور.. كيف ولماذا؟
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 02 - 2011

امتدادا للجزء السابق نشره فى عدد يوم 10/2 عن النصوص الدستورية التى تحتاج إلى تعديل، نؤكد أن إتمام هذا التعديل يملأ فراغا قائما فى هيكل السلطة لابد من ملئه فى أقرب وقت، ومن ذلك أن إتمام تعديل بعض هذه النصوص أمر ضرورى حتى تجرى الانتخابات الرئاسية وفق نظام قائم على أساس جديد لكل ما يتصل بمنصب الرئاسة وبسائر السلطات والمؤسسات الدستورية، وإذا كنا قد ناقشنا فى الجزء الأكبر من هذه الدراسة نص المادة 76 فإننا نعالج فى هذا الجزء الثانى من الدراسة نصوص المواد الأخرى التى نرى حاجتها إلى التعديل وهى المواد 77، 136، 139، 179.
1 أما المادة 77 فأمرها يسير، إذ كانت قبل تعديلها عام 1980 تحدد المرات التى تجوز فيها إعادة انتخاب الرئيس، بفترة رئاسية ثانية، فجاء التعديل مغيرا كلمة «مدة» إلى جواز «إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدد أخرى».
والعلاج المقترح الآن هو العودة إلى النص قبل تعديله، أى «جواز إعادة انتخاب الرئيس مدة واحدة أخرى».
2 ثم تأتى المادة 83 فتقرر أنه «إذا قدم رئيس الجمهورية استقالته من منصبه وجه كتاب الاستقالة إلى مجلس الشعب».. وهو نص واضح المعنى ولا يثير لبسا.
3- ثم تعالج المادة 84 حالة خاصة هى حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل فتقرر أنه «فى حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل يتولى الرئاسة مؤقتا رئيس مجلس الشعب، وإذا كان المجلس منحلا حل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا، وذلك بشرط ألا يرشح أيهما للرئاسة. مع التقيد بالحظر المنصوص عليه فى الفقرة الثانية من المادة 82».
ويلاحظ أن هذا النص يتحدث عن خلو منصب رئيس الجمهورية «أو عجزه الدائم عن العمل» بما يعنى أنه يعالج حالة متميزة عن الحالة التى تتحدث عنها المادة 82 إذ إن المادة 82 تعالج حالة وقوع مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته.. كمرض أو سفر طويل، وحينئذ يقوم بإنابة نائب الرئيس لممارسة اختصاصاته (أى اختصاصات الرئيس).. ولذلك أيضا جاءت الفقرة الأخيرة من هذا النص مانعة من ينوب عن الرئيس سواء كان هذا النائب هو نائب رئيس الجمهورية المختار من قبل أو رئيس مجلس الوزراء عند عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية من مباشرة اختصاصات ثلاثة هى: طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو إقالة الوزارة.
4 وأخيرا تأتى المادة 139، وهى واردة فى الفصل الثالث من الدستور والذى عنوانه «السلطة التنفيذية» بينما جاءت النصوص الأخرى التى تحدثنا عنها فى الجزء الأول من هذه الدراسة ضمن الفصل الأول من الباب الخامس من الدستور وعنوانه «نظام الحكم» وهذا الفصل عنوانه «رئيس الدولة» وهذه المفارقة بين مكان المواد من 73 إلى 85 وعنوانها «رئيس الدولة» بينما جاء نص المادة 136 تحت عنوان «مجلس الشعب»، وإن كان النص يتعلق فى الحقيقة بقيد أريد فرضه على حق رئيس الجمهورية فى حل مجلس الشعب، وجاءت بعد ذلك المادة 139 الواردة فى الفصل الثالث وعنوانها «السلطة التنفيذية» التى تتيح لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم ويعفيهم من مناصبهم. لذلك رأى واضعو هذه النصوص أن يضعوا المادة 139 ضمن الفرع الأول من الفصل الثالث الخاص بالسلطة التنفيذية. ولهذه المفارقة معناها الذى نشير إليه فيما يلى.
وفى أعقاب الثورة وتداعياتها فى مراحلها المختلفة، وكلها تداعيات ومآلات انتهت بمصر وبنا جميعا إلى الوضع القائم بعد استقالة الرئيس حسنى مبارك من رئاسة الجمهورية، كما أدت إلى ظهور كيان جديد مشارك فى إدارة أمور البلاد خلال المرحلة المؤقتة التى بدأت بتقديم الاستقالة إلى مجلس الشعب وهذا الكيان هو «المجلس الأعلى للقوات المسلحة».
وهو كيان يستمد شرعيته المؤكدة من تعبير الشعب عن إرادته الواضحة فى قبول استقالة الرئيس مبارك وفتح الباب أمام مرحلة جديدة تماما من الناحية السياسية، وإلى وضع حجر الأساس فى تنظيم هيكلى مؤقت يشغله المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
ويشغله معه «مجلس تنفيذى» نقترح أن يطلق عليه وصف «مجلس الإنقاذ الوطنى» وهاتان الجهتان تكون مهمتهما الأساسية هى «إدارة» المرحلة المؤقتة.. وتنتهى هذه المهمة بانتخاب رئيس جديد للبلاد، وانتخاب مجلسين تشريعيين هما مجلس الشعب ومجلس الشورى.. وبانتهاء هذه المهمة تعود «الشرعية الدستورية» بمعناها الأصيل.. إلى حياتنا السياسية والدستورية بعيدا عن «حالة الطوارئ» التى استمرت نحو ثلاثين سنة تراجعت خلالها «المشروعية العادية» المستمدة من الاختيار الطوعى الحر لشاغلى مقاعد مجلسى الشعب والشورى، وما يترتب على هذا الاختيار من قيام المجالس التشريعية بدورها التشريعى الأصيل ودورها فى محاسبة السلطة التنفيذية بالوسائل والإجراءات التى ينص عليها الدستور فى تنظيمه لسلطات الحكم تنظيما يقوم على مبدأ تبادل المراقبة المستمدة من رفض السلطة المطلقة، والانحياز لمبدأ «الكوابح والموازنات» Checks and Balances.
ومن وراء هاتين الهيئتين تقف سلطة قضائية نزيهة ومحايدة، مزودة بالضمانات اللازمة التى تتحول حينئذ من امتيازات تحتكرها إحدى السلطات إلى ضمانات حقيقية وفعالة لسيادة القانون وتعزيز الحقوق والحريات وتتحول إلى الحصانات التى تحيط بالسلطة القضائية من ضمانات للقضاة إلى حصانات للمتقاضين وسائر أفراد الشعب صاحب السيادة.
5 وأخيرا تبقى المادة 179 التى هى فى الحقيقة المكمن الأخير لثغرة كبيرة فى نصوص دستور 1971بعد تعديله وهى ثغرة من غرائبها الشكلية أنها جاءت مادة وحيدة فى الفصل السادس وعنوانه «مكافحة الإرهاب»، ومن المفارقات المدهشة أيضا أن يأتى هذا الفصل الثالث تحت عنوان يتفق الناس جميعا حوله وهو «مكافحة الإرهاب» بعد الفصل الخامس وعنوانه «المحكمة الدستورية العليا».. فبعد أن أرسى هذا الفصل أسس الشرعية، وضمان احترام الحريات، واستقلال الهيئة القضائية التى تمارس الرقابة على الهيئتين الكبيرتين العاملتين فى هيكل السلطة وهما السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وبعد أن وصفت المادة 174 من الدستور المحكمة الدستورية بأنها «هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها»، وبعد أن نصت المادة 177 على أن «أعضاءها غير قابلين للعزل».. بعد هذا كله تقرر المادة 179 فى مطلعها أمرا لا خلاف حوله داعية إلى أن تعمل الدولة على حماية الأمن والنظام العام فى مواجهة الإرهاب إلا أنها تعود فتقرر أن «القانون ينظم أحكاما خاصة بإجراءات الاستدلال والتحقيق التى تقتضيها ضرورة مواجهة هذه الأخطار».. ثم تقول: بحيث لا يحول الإجراء المنصوص عليه فى كل من الفقرة الأولى من المادة 41 والمادة 44 والفقرة الثانية من المادة 45 من الدستور دون تلك المواجهة كما تنص الفقرة الأخيرة منها على أن «لرئيس الجمهورية أن يحيل أية جريمة من جرائم الإرهاب إلى أى جهة قضاء منصوص عليها فى الدستور أو القانون».
وهكذا يرفع هذا النص الغريب راية «حماية الأمن والنظام فى مواجهة الإرهاب.. ثم إذا به يفتح الباب واسعا شديد الاتساع لإهدار أهم حريات الأفراد وحقوقهم فى مواجهة السلطات.. وإهدار شبكة الضمانات المنصوص عليها فى نصوص المواد من 41 إلى من الدستور45، فالمادة 41 تقرر أن «الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد، أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة وذلك وفقا لأحكام القانون».
وتقرر المادة 44 أن «للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب».
وتقرر المادة 45 أن «لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون» وأن «للمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية حرمة وسريتها مكفولة ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة وفقا لأحكام القانون.
وهكذا تطاول واضعو المادة 179 على كل هذه الحقوق الإنسانية والحريات التى هى الأصل فى الإنسان ونزعوا جوهرها الأصيل واصفين إياها مجتمعة ومتفرقة بأنها «الإجراء المنصوص عليه فى الفقرة الأولى من المادة 41، والمادة 44 والفقرة الثانية من المادة 45 من الدستور.
إلى هذا الحد غير المسبوق انحازت المادة 179 إلى استباحة الحقوق الأصيلة التى قررتها تلك المواد، وإلى مصادرة الحقوق والحريات التى سقط دفاعا عنها فى تاريخ الشعوب آلاف من الضحايا الأبرياء.
إن تعديل المادة 179 التى ولدت وعاشت وحق لها الآن أن تموت.. قد جرى خلسة ومناورة.. واصطنع لها واضعوها شرعية كاذبة حين ضمنوها ما عرض على شعب مصر فى الاستفتاء.
لذلك نرى أن المادة 179 قد ولدت يوم ولدت محملة بأشد صور «المخالفة الدستورية» و«الانحراف بالسلطة التشريعية»، فى تاريخنا الدستورى والسياسى وآل أمرها أخيرا إلى طلب حذفها دون تردد أو إبطاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.