أعلن الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، فى المؤتمر الصحفى الذى عقده المجلس أمس بمناسبة صدور تقريره السنوى الخامس لعام 2008 2009 عن حالة حقوق الإنسان فى مصر، أنه المسئول عن تأخير صدور التقرير، الذى كان من المقرر أن يعلن منذ بداية العام. وقال أبوالمجد «قمت بتأخير صدور التقرير لأنى أردت إعطاء الفرصة لتحسين الأصل لكى تتحسن الصورة، وذلك من خلال زيارتين قمت بهما لوزارة الداخلية والنائب العام للرد على الشكاوى التى تلقيناها فى العام الماضى». ووصف أبوالمجد ما يحدث من بعض الصحف الآن بأنه نوع ثالث من الإنفلونزا اسمه «إنفلونزا الإثارة» وأن كلمة انفراد أو سبق «عبط»، على حد قوله. وعن حالة حقوق الإنسان فى مصر خلال العام الماضى، تحدث أبوالمجد عن أن هناك استمرارا لحالة الطوارئ وقيودا على حرية التعبير، وفى مقابل ذلك «طفت بعض الظواهر الإيجابية ومنها أن النائب العام ووزارة العدل ردوا على مراسلاتنا بشكل جيد». وحدد أبوالمجد 4 شروط لمشروع قانون يساعد على إلغاء التمييز بين المواطنين، أولها اعتماد الفكرة الأصلية لبراءة الإنسان، وضرورة تعريف الجريمة الإرهابية تعريفا كاملا، ووجود ضمانات لمحاكمة عادلة، وأخيرا محاكمة المدنيين أمام المحاكم المدنية. وكشف التقرير، الذى حصلت «الشروق» على نسخة منه، عن أن نسبة الشكاوى التى تلقاها المجلس من المواطنين فيما يتعلق بهمومهم الاقتصادية والاجتماعية قد تجاوزت ال70%، بما يعكس ما آلت إليه حالة حقوق الإنسان فى مصر، بينما لم تتعد نسبة شكاواهم المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية نسبة ال 9.1%، الأمر الذى يكشف عن حجم المعاناة التى تشكلها المعاناة المعيشية للمجتمع المصرى خاصة فى ظل الأزمة المالية العالمية الأخيرة. وشهد عام 2008، طبقا لما شمله التقرير، عددا من الظواهر السلبية التى تظهر لأول مرة فى الشارع المصرى وعلى رأسها الانفلات السلوكى وتزايد حالات التحرش الجنسى والعنف المصاحب لجرائم القتل على نحو غير مسبوق فى مصر. وبالنسبة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، توقف التقرير عند ظاهرتين بارزتين، وهما مشكلات المصريين العاملين بالخارج، وظاهرة الهجرة غير النظامية. ولم ينكر التقرير الجهد الذى تقوم به الدولة للحد من الظاهرتين ولكنه فى الوقت ذاته شدد على أهمية بذل مزيد من الجهد لاحتوائهما، ونبه إلى أهمية استعداد الدولة لاستيعاب المصريين العائدين من الخارج تحسبا لما قد يحدث فى ظل الركود الاقتصادى العالمى. وحذر التقرير من «استشراء الفساد» الذى تسبب فى تراجع مكانة مصر فى مؤشرات الشفافية العالمية من المرتبة ال70 فى عام 2006 إلى المرتبة ال107 فى عام 2008، فضلا عن الارتفاع الحاد الذى طرأ على بعض الخدمات كالمياه والكهرباء إضافة إلى السلع الأساسية بما لا يتناسب مع انخفاض الأسعار فى الأسواق العالمية. وعلى الرغم من تنامى مساحة الحرية والتعبير وزيادة أعداد الأحزاب السياسية فى مصر وفقا لما تضمنه التقرير، فإن النظام المصرى لايزال يفرض قيودا تشريعية على الجمعيات الأهلية تقف حاجزا أمام عملها، تتمثل فى الاعتراض على نشأة أحزاب جديدة وملاحقة المدونين، إضافة إلى تقييد النقابات عن طريق القانون 100 لسنة 93 الخاص بديمقراطية النقابات المهنية. وأوضح التقرير أن استمرار حالة الطوارئ وسيطرة الهاجس الأمنى على أجهزة الدولة قد أدى إلى عرقلة جهود الإصلاح السياسى فى مصر وتزايد ضحايا التعذيب واعتقالات النشطاء السياسيين، إضافة إلى استمرار المحاكمات الاستثنائية للمدنيين على خلفية العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة، بما أفضى إلى زيادة التظاهرات الاحتجاجية فى الشارع المصرى. وقد رصد التقرير 19 حالة تعرضت لانتهاكات على يد الأجهزة الأمنية فى أثناء احتجازها، وأشار التقرير إلى استمرار قلق منظمات حقوق الإنسان من انتهاك الحق فى الحرية والأمان الشخصى لكثير من المواطنين بسبب الاعتقالات الإدارية التى يسمح بها قانون الطوارئ، فضلا عن حالات الاعتقال العشوائى التى تواجه بها الأجهزة الأمنية التحركات الاحتجاجية، وأبرز أشكال الاعتقال العشوائى وفقا للتقرير تظهر فى أحداث المحلة يوم 6 أبريل 2008، التى أدت لاعتقال أكثر من 100 مواطن. وعلى صعيد الحقوق المدنية والسياسية أعرب المجلس عن قلقه من الاحتقان الطائفى بين المسلمين والأقباط فى مصر والتى تهدد الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى، إضافة إلى قلقه من التوترات الأمنية المستمرة فى سيناء نتيجة التفجيرات المتلاحقة منذ عام 2005 والتوتر الذى شهدته المنطقة الحدودية بين مصر وفلسطين بشأن إغلاق معبر رفح والأنفاق الحدودية، مؤكدا على ضرورة الاهتمام بسيناء وحل مشكلات مواطنيها وتعزيز خطط التنمية فيها. ونوه التقرير لانتشار دعاوى تحقير ديانات ومعتقدات الغير فى العالم على نحو مخالف لقيم احترام الإنسان المتعارف عليها فى جميع المواثيق الدولية، وفى هذا السياق أشار التقرير إلى الانتهاكات الأخيرة التى تعرض لها بعض البهائيين فى صعيد مصر والتى بدورها تزيد من حدة التعصب ورفض الآخر.