لخص الخبير الاقتصادي البارز، حازم الببلاوي، المستشار بصندوق النقد العربي، المشكلات الاقتصادية في مصر، بأنها تتمثل في عدم وجود ثورة اقتصادية تواكب الثورة السكانية، وأن هذه الظاهرة وُجدت منذ عهد محمد علي وحتى الآن. وأضاف الببلاوي، أن مصر ليس لديها صناعة قادرة على المنافسة، ولولا وجود بعض مصادر النقد الأجنبي من قطاعات أخرى، لتدهور حالة الصناعة المصرية بشكل كبير، لاعتمادها على الاستيراد للكثير من مستلزمات الإنتاج. ودعا الببلاوي، إلى وجود رؤية مستقبلية للاقتصاد المصري تتسم بالتحديد الدقيق للنهوض بالصناعة، وتعظيم مساهمة التكنولوجيا وتحسين التعليم، وقبل هذا كله وجود سياسة سكانية تتسم بالجديد لخفض معدلات الخصوبة لدى المرأة المصرية. جاء ذلك، خلال ندوة نظمها منتدى شركاء التنمية بالقاهرة، مساء أمس السبت، بعنوان "دردشة حول أوضاع الاقتصاد في مصر"، وأوضح الببلاوي أن الوضع الاقتصادي خلال عهد مبارك، مر بمراحل متعددة، كان أسوأها في عقد الثمانينيات، حيث ارتفعت معدلات التضخم لنحو 20%، ووصلت الديون الخارجية لنحو 52 مليار دولار، بعد أن كانت نهاية عهد السادات نحو 18 مليارا فقط، بينما وصل عجز الموازنة لنحو 22%. غير أن برامج الإصلاح الاقتصادي استطاعت أن تحسن من الأوضاع الاقتصادية، لنرى اليوم معدلات تضخم في حدود 13.5%، والبطالة في حدود 13%، وعجز الموازنة في حدود 7.8%، والدين الخارجي في حدود 34 مليار دولار. لكن، هذا التحسن لا يعكس المشكلات الحقيقية التي يعيشها الاقتصاد المصري، فالاقتصاد قائم على مصادر ريعية أو شبه ريعية، كما أن عوائد الزيادة في الدخل القومي ما زالت تنعم بها فئات محدودة. وطالب الببلاوي بوجود إستراتيجية لتحسين الأوضاع في مصر، تأخذ في الاعتبار أن مصر بلد فقير من حيث الموارد الطبيعية، سواء في الطاقة أو المياه أو المعادن، ووصف تصرف الحكومة في القدر القليل المتاح من البترول والطاقة، بأنه يقترب من وصف "الجريمة"، فالعالم أجمع يعاني من مشكلة طاقة، وأن لجوء مصر للطاقة النووية دونه محاذير كثيرة. وأجاب الببلاوي عن سؤال ل"الجزيرة نت" حول مقارنة الأوضاع الاقتصادية لمصر ببلدان مماثلة مثل تركيا، بأن مصر تراجعت كثيرا عما كان مقدرا ومتصورا لها منذ الخمسينيات مثل كوريا وماليزيا، وغيرها. أما تركيا فهي غنية بالموارد الطبيعية، فضلا عن أنها تنطلق من مشروع إحياء لدولة كانت ضمن الدول العظمى قبل الحرب العالمية الأولى. مخاوف القطاع غير الرسمي نبه الببلاوي إلى خطورة حديث البعض عن مساهمة القطاع غير الرسمي في تنشيط الاقتصاد المصري، مبينا أنه لا يمكن لاقتصاد يستهدف النهضة والتنمية أن يعتمد على القطاع غير المنظم، فهو قطاع قائم على مخالفة القوانين وغياب الحقوق وغير معني بقضايا التعليم أو التكنولوجيا. أما عن استفادة مصر من جهود الشركات متعددة الجنسية في إستراتيجيتها الصناعية، فأجاب بأن الأمر يتعلق بطبيعة هذه المساهمة، هل ستأتي لتسيطر على حصة من السوق المحلي في سلع معنية؟ أو تأتي بآخر مراحل العملية الصناعية مثل التجميع؟. إذا كان الأمر كذلك فلن تضيف مساهمة الشركات متعددة الجنسية شيئا لمصر، أما إذا كانت ستأتي في مراحل أولية أو وسيطة للتصنيع، كما هو حادث في تجربة جنوب شرق آسيا، فإن ذلك سيعمق من خبرات مصر التكنولوجية، التي يمكن تطويرها واعتمادها ذاتيًا فيما بعد في عملية التصنيع.