بدأ ملايين من السودانيين الجنوبيين في الإدلاء بأصواتهم، اليوم الأحد، في استفتاء طال انتظاره، بشأن الاستقلال، والذي من المتوقع أن يؤدي إلى ظهور منطقتهم كدولة جديدة. تشهد مراكز الاقتراع في شمال السودان إقبالا ضعيفا من قبل الجنوبيين، الذين يحق لهم التصويت في استفتاء تقرير المصير، الذي بدأ في الثامنة من صباح اليوم الأحد بالتوقيت المحلي، وذلك بعد مرور أكثر من ساعتين على بدء العملية، آخذا في الاعتبار أن الآلاف من الجنوبيين في الشمال قد غادروا إلى مناطقهم الأصلية في الجنوب، للإدلاء بأصواتهم هناك، وربما تحسبا لاحتمالات المستقبل، الذي قد يفضي إلى انفصال جنوب السودان عن شماله. كما بدت شوارع العاصمة السودانية الخرطوم هادئة، بما لا يتناسب مع أهمية الحدث والزخم الإعلامي الذي سبق عملية التصويت للاستفتاء على مدى شهور، ولم تلاحظ أي ملصقات أو لافتات تعبر عن رأي هذا الطرف أو ذاك، سواء كان بالوحدة أو الانفصال. كما لوحظ الوجود الضعيف للمراقبين الدوليين في مراكز الاقتراع، ربما لمغادرة معظمهم إلى الجنوب، باعتباره مسرح الحدث الرئيسي، حيث تشهد المراكز هناك إقبالا كبيرا. ودأب قياديون في حزب المؤتمر الوطني، خلال الفترة الماضية، على اتهام مسؤولين بالحركة الشعبية بتخويف المواطنين الجنوبيين في الشمال إلى حد تهديدهم بالقتل، إن قاموا بالتصويت، اعتقادا بأنهم قد يصوتون لصالح الوحدة. وقال جوستين فيكتور، الكاهن في كاتدرائية كل القديسين الأسقفية في جوبا عاصمة الجنوب، "نعم سأصوت بالطبع لصالح الانفصال، نحتاج إلى استقلالنا، نحتاج لأن نتحرر من العرب". وحدد موعد الاستفتاء ضمن بنود اتفاقية السلام الموقعة عام 2005، والتي أنهت الصراع الدامي بين الشمال والجنوب، الذي يعتنق أغلب سكانه المسيحية ومعتقدات تقليدية. وعلى الرغم من أن كثيرين يقولون إن حقيقة وصول الجانبين إلى يوم الاستفتاء دون نشوب حرب بينهما تعد إنجازا في حد ذاتها، فإن بعض المسائل الشائكة لم تحل بعد، مثل وضع الحدود وكيفية اقتسام عائدات السودان من البترول. وقال باراك أوباما الرئيس الأمريكي، إن إجراء استفتاء هادئ ومنظم يمكن أن يضع السودان من جديد على طريق نحو إقامة علاقات طبيعية مع الولاياتالمتحدة، بعد سنوات من العقوبات، ولكنه حذر من أن إجراء استفتاء تسوده الفوضى سيؤدي إلى مزيد من العزلة. وفي الشمال الذي يغلب عليه المسلمون، قوبل احتمال فقد ربع أراضي البلاد، ومصدر معظم بترولها باستسلام وبعض الاستياء. وقال إبراهيم غندور، القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، إنه إحساس بالحزن والغضب في آن واحد، وأنه إحساس بخيبة الأمل في القيادة السياسية بالجنوب، التي قادت الجنوبيين نحو الانفصال. ففي جوبا انطلقت شاحنات تبث موسيقي وشعارات أمام مبان غطتها ملصقات مؤيدة للانفصال، وغنى تلاميذ المدارس، وساروا عبر الشوارع، في الوقت الذي أقامت فيه جماعات محلية استعراضات رقص عفوية على جانبي الطرقات المتربة. وقال في كلمة، "لم يتبق لنا سوى بضع ساعات لاتخاذ، أهم قرار في حياتنا، أحثكم على اتخاذ القرار بأسلوب هادئ". وفي الخرطوم كانت حركة المرور خفيفة، ولم تكن هناك شعارات تشير إلى قرب الاستفتاء التاريخي، وقالت مفوضية الاستفتاء، إنها تحدت التوقعات المتشائمة بتأخر تسليم كل مواد التصويت في الوقت المناسب لموعد الاستفتاء، اليوم الأحد. ويذهب الجنوبيون إلى صناديق الاقتراع، دون أن يعرفوا على وجه الدقة موقع حدودهم مع الشمال أو حجم الديون المستحقة على السودان، والتي يتعين عليهم تحملها بعد الانفصال. ويجري الجانبان مفاوضات، منذ شهور، بشأن كيفية اقتسام عائدات البترول وتسوية قضايا أخرى بعد الانفصال، ولم يظهر علنا ما يشير إلى تحقيق تقدم. وسيتعين على الجنوب أيضا مواجهة التناحرات العرقية داخله، وحل نزاع مرير مع الشمال بشأن السيادة على منطقة آبيي الوسطى.