وسط إقبال كثيف في الجنوب وضعيف في الشمال, مر اليوم الأول للاستفتاء علي مصير جنوب السودان الذي انطلق أمس ويستمر حتي السبت المقبل من دون مشكلات أمنية أو لوجستية أو فنية, وفيما هنأت البعثات العالمية المستقلة لمراقبة الاستفتاء شريكي الحكم ببدء الاقتراع أكد السيناتور الأمريكي جون كيري مسئول العلاقات الخارجية بالكونجرس أن تنفيذ اتفاق نيفاشا سيتيح فرصة أفضل للشعب السوداني للعيش في سلام وإيجاد حياة أفضل. و أكد كيري أن اكمال اتفاق السلام الشامل في السودان بالوصول الي مرحلة الاستفتاء أمس, سيتيح فرصة أفضل للشعب السوداني للعيش في سلام, وايجاد حياة أفضل بما سيتوافر من فرص لمعالجة المشكلات الاقتصادية باستقطاب رءوس أموال أجنبية وتحقيق المزيد من الانفتاح في العلاقات الخارجية مع دول الجوار واوروبا والولاياتالمتحدةالامريكية. وأضاف في تصريح صحفي في جوبا أمس أن الرئيس باراك اوباما مهتم ويتابع عن كثب عملية استفتاء جنوب السودان, التي تسير بصورة طيبة, وهنأ كيري الشعب السوداني لوصوله باتفاقية السلام الي مراحلها النهائية. من جهته, وصف رئيس الالية التنفيذية العليا التابعة للاتحاد الافريقي ثابو امبيكي الوصول الي مرحلة الاقتراع لاستفتاء جنوب السودان أمس بالحدث المهم للشعب السوداني, وأشار الي سهولة وسلاسة وصول الناخبين الي مراكز الاقتراع في مدينة ملكال التي تفقد فيها عددا من مراكز الاقتراع. وأعرب عن أمله في أن تكون النتيجة مرضية لكل الاطراف وتدعم ديمومة السلام وأشار الي الاهمية الاستراتيجية للولاية خاصة أنها تجاور عددا من الولايات الشمالية. وحثت البعثات العالمية المستقلة لمراقبة استفتاء جنوب السودان جميع الأطراف والشعب السوداني علي العمل من أجل استفتاء سلمي شامل يحترم حق المواطنين في التصويت بحرية دون أي خوف من ترهيب أو قسر أو عنف. وهنأت بعثات الاتحاد الافريقي, مركز كارتر, الاتحاد الأوروبي, مجموعة دول الإيجاد وجامعة الدول العربية, في بيان صحفي صدر أمس في الخرطوم شريكي اتفاقية السلام الشامل ومفوضية استفتاء جنوب السودان علي ما بذل من جهد لتنظيم وتسهيل عملية الاستفتاء. وجاء في البيان أن البعثات تشجع مفوضية استفتاء جنوب السودان علي العمل بشفافية خلال وبعد فترة الاقتراع, والحرص علي دقة عمليتي فرز وتجميع الأصوات, والحفاظ علي بيئة سلمية في فترة انتظار ظهور النتائج النهائية. كما رحبت بالالتزام المتجدد من قبل شريكي اتفاقية السلام الشامل نحو تقبل نتيجة الاستفتاء وقرار شعب جنوب السودان. ووصف مراقبون اقبال المواطنين علي المراكز بجنوب السودان بالكثيف..فيما شهدت ولايات الشمال اقبالا ضعيفا. ووجه رئيس مفوضية استفتاء جنوب السودان محمد ابراهيم خليل بمد فترة الاقتراع للناخبين اعتبارا من اليوم لتصبح الفترة من الثامنة صباحا حتي السادسة مساء بدلا الخامسة مساء..وذلك لظروف الناخبين وارتباطهم بأعمال مختلفة لاسيما العاملين في الدولة, وحتي يتمكنوا من الادلاء بأصواتهم. و أكد مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني الفريق محمد عطا المولي عباس أن بلاده لا تواجه أي مخاطر ترتبط بعملية الاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان الذي بدأ أمس. وجدد مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني التزام جهاز الأمن بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخري لاستكمال عملية الاستفتاء في أجواء مستقرة ومطمئنة. وقال عطا المولي- في لقاء بقيادات الأجهزة الإعلامية والصحفية- إن الأجهزة الأمنية ملتزمة بتأمين الاستفتاء والحفاظ علي حماية المواطنين بالشمال والجنوب, مؤكدا انه لا توجد مؤشرات مقلقة بشأن الأمن. من جهة أخري,عبر عدد من المراقبين الدوليين عن ارتياحهم للترتيبات والتجهيزات التي تصاحب عملية الاقتراع لتحديد مصير جنوب السودان, موضحين أن الإجراءات تسير علي قدم وساق بحسب ما وضع لها. و رفض مستشار وزير الإعلام السوداني الدكتور ربيع عبد العاطي الاتهامات الموجهة من قبل الحركة الشعبية لتحرير السودان لحكومة الخرطوم بمحاولة عرقلة الاستفتاء. وقال عبد العاطي في تصريح خاص لقناة العربية الفضائية أمس إن الحركة الشعبية تعلق قصورها علي الحكومة في الشمال, مضيفا أن حكومة الجنوب معنية بتحمل المسئولية كاملة لضمان أمن مراكز الاقتراع في جنوب السودان. وأضاف أن المسئولية التي تتحملها حكومة الشمال هو ضمان أمن مراكز الاقتراع التي يتجه إليها المواطنون الجنوبيون في الشمال. وأكد والي ولاية الخرطوم الدكتور عبدالرحمن الخضر حرص الحكومة علي إكمال عملية الاستفتاء باعتباره ضمن استحقاقات اتفاقية السلام الشامل الموقعة بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية عام2005, جاء ذلك خلال تفقده أمس عددا من مراكز استفتاء تقرير مصير جنوب السودان في الخرطوم. وقال الخضر- في تصريحات صحفية- إن زيارته التفقدية تأتي تأكيدا علي حرص الحكومة لإكمال عملية الاستفتاء بصورة سلسة ونجاحها, كما جاءت ردا علي الشائعات التي تروج عن عدم حرص الحكومة علي استكمال الاستفتاء. وأكد الوالي في رسالة وجهها لأبناء الجنوببالخرطوم, أن السودان وطن واحد يسع الجميع ولم يجبر أحدا بمغادرة الشمال, كما أكد قبول نتائج الاستفتاء طالما جاءت نزيهة وشفافة لتحقيق السلام. وأعرب جيمس هوث رئيس هيئة الأركان بالجيش الشعبي لجنوب السودان عن ثقته في تصويت سكان جنوب السودان لصالح قرار الانفصال عن الشمال. وقال هوث- في تصريح خاص لقناة الجزيرة الفضائية أمس إن نتيجة الاستفتاء قد لا تكون معروفة للبعض لكننا علي ثقة من اختيار قرار الانفصال وإقامة الدولة المستقلة في الجنوب. وأشار إلي أن الجيش الشعبي لتحرير السودان ظل يقاتل لأكثر من21 سنة وصولا إلي ما نشهده حاليا, وبالتالي فإن النتيجة تكاد تكون معروفة سلفا. وكان قد بدأ ملايين من ابناء جنوب السودان الإدلاء بأصواتهم أمس في استفتاء طال انتظاره بشأن الاستقلال من المتوقع ان يؤدي إلي تحول إقليمهم إلي دولة جديدة. واصطف المقترعون في طوابير لساعات تحت الشمس المحرقة في جوبا عاصمة الجنوب حيث وصفت لافتات الاقتراع الذي يستمر أسبوعا بأنه مسيرة أخيرة الي الحرية بعد عقود من الحرب الأهلية وما يعتبرونه قمعا من جانب شمال السودان. وقال سلفا كير رئيس حكومة جنوب السودان بعد أن أدلي بصوته هذه هي اللحظة التي كان شعب جنوب السودان ينتظرها وحث الناس علي التحلي بالصبر أثناء انتظارهم الإدلاء بأصواتهم. وفي الشمال قوبل احتمال فقد ربع اراضي البلاد ومصدر معظم نفطها بالتقبل وبعض الاستياء. وأدلي الرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي دافع عن الوحدة في الفترة السابقة للاستفتاء بتصريحات تميل الي المصالحة بشكل متزايد وفي الشهر الحالي وعد بالانضمام إلي الاحتفالات بالاستقلال اذا كانت هذه نتيجة الاستفتاء.