لم أكن أعلم أن الدكتور السياسى البارز سابقا والنائب البرلمانى سابقا يمتلك كل هذه المقومات والمهارات التى يمكن لو استثمرها جيدا أن يكون من نجوم عالم المحاماة فى بر مصر. ذلك أن مرافعة الدكتور المنشورة حديثًا دفاعا عن زميلته فى الحزب الوطنى تكشف عن موهبة مدفونة فى شخصية الدبلوماسى الذى حصل على مقعد بمجلس الشعب فى انتخابات 2005 وسط ظروف أزعم أن الكل يعلمها، وأظن أنه ليس فى صالحه نكأها والتذكير بها. الدكتور فى مقاله أمس بدأ موضوعيا تماما، لكنه بكل أسف انتهى منحازا ومتداخلا ومتدخلا فى قضية منظورة أمام قضاء مصر الشامخ الآن. فى البداية تحدث الدبلوماسى الكبير بكل إجلال واحترام، وهو ما لا يختلف أحد عليه.. ثم دخل فى مساحة الأسى على إشراك القضاء فى الإشراف على الانتخابات من باب الأخذ بأسباب الحفاظ على هيبة رموزه وتجنب «إنزاله من سماء المهنة المقدسة إلى أرض الواقع الأليم»، غير أن الدكتور يغفل حقيقة مهمة للغاية وهى أن هناك توافقا بين مختلف أطياف النخبة المصرية على أن تغيير مفردات هذا الواقع الأليم لن يتأتى بغير إشراف قضائى كامل وفعلى وليس منقوصا وديكوريا على الانتخابات التى تجرى على أرض واقع الدكتور الأليم.. وأزعم أن له ولنا فى تجربة الإشراف القضائى الكامل على انتخابات 2005 أسوة حسنة، ويمكن الرجوع فى ذلك إلى مواقف بطولية سجلها نبلاء مهنة القضاء وفى مقدمتهم القاضية الجليلة المستشارة نهى الزينى التى كانت شاهدة على ما جرى غير أنه بعد هذه الديباجة العظيمة يترجل من على جواد الموضوعية ويدخل فى وصلة دفاع حار عن دكتورة التحاليل، الطرف الأول فى القضية المتداولة الآن مع القاضى الجليل وليد الشافعى وبينهما «الشروق». ويدهشك أنه يقفز على الوقائع التى يعرفها الكافة ويرى القضية من منظوره الشخصى باعتبارها «عبارات تم اصطيادها من أستاذة جامعية مرموقة «وأنها جزء من محنة الصحافة المصرية «حيث إن سيادته لا يظن «أن تلك السيدة الفاضلة تكن لهذا القاضى الذى لم تره فى حياتها إلا كل تقدير واحترام واجبين لذلك اعتذرت عن ذلك علنا فى أكثر من موقع» وبعد أن يعطينا درسا فى أصول مهنة الصحافة، يتوجه بعتاب هامس إلى نادى القضاة ووزير العدل على إلغاء التعاقد مع معامل تحاليل الأستاذة، ويبنى مرافعته على أن ذلك «نوع من الضرب تحت الحزام وخلط للأوراق لا مبرر له». وينهى مرافعته كما يفعل المحامون الشطار بالطلبات بقوله «أدعو رجال القضاء المصرى إلى المضى فى طريق التسامح والعفو عند المقدرة» جميل يا دكتور.. رائع.. سننتظرك بالروب الأسود فى جلسة المحاكمة المقبلة، ومن حسن حظ أبنائنا أنك اكتفيت بدور المحامى .