«اللى عمل فيلم عايز حقى ده محتاج جايزة»، فى رأى العطار، قاصدا الفيلم الكوميدى للسيناريست طارق عبدالجليل، والذى يتحدث عن حق المصرى فى امتلاك أرض الوطن. الفيلم كان إلهاما حقيقيا لأن يحاول مواطنون البحث عن حقهم القانونى فى مساءلة الدولة عن مدى حكمة إدارتها للأرض وتوزيعها. «لكن العائق الأساسى وراء عدم قدرتنا فى المطالبة بحقوقنا، كان مشكلة الصفة والمصلحة»، طبقا لشحاتة، فأحد شروط قبول نظر الدعاوى المدنية فى القضاء المصرى أن يكون للمدعى مصلحة، منفعة يجنيها من وراء لجوئه للقضاء، أما الصفة فيقصد بها علاقة الشخص بالمدعى عليه، كالمالك أو الوارث أو غيرهما. فى الماضى، لم يكن يسمح للمواطنين برفع قضايا تمس قرارات وعقود الدولة طالما لم يتضرر منهما بشكل شخصى لعدم توافر مبدأ المصلحة والصفة، لكن كل ذلك تغير بعد حكم بطلان عقد «مدينتى، فقد رأت محكمة أول درجة برئاسة المستشار حسن عبدالعزيز، نائب رئيس مجلس الدولة، أن الصفة والمصلحة متوافرتان فى أى مواطن ينوى رفع دعاوى قضائية لفسخ تعاقدات الدولة الخاصة ببيع أراضيها أو التصرف فى ثروات مصر الطبيعية. «من اللحظة دى، أى مواطن مصرى يقدر يحاسب الحكومة قضائيا على مخالفاتها الإدارية، لأنها بتتصرف فى فلوس وموارد الشعب كله، وكلنا لينا صفة ومصلحة»، وهكذا قرر أن يرفع المحامى محمد شحاتة قضية ضد عقد بيع أراضى توشكى للوليد يوم 18 سبتمبر، بعد ثلاثة أيام فقط من صدور عقد مدينتى. ليس لشحاتة أى نشاط حقوقى أو سياسى سابق، «كنت عضوا فى الحزب الوطنى وقدمت استقالة مسببة منذ 8 سنوات»، اعتراضا على ما رآه شحاتة «إدارة الحزب فى الشرقية بأسلوب الواسطة والمحسوبية والعصبية العائلية». يتخصص شحاتة فى قضايا مجلس الدولة «زى قضايا تعرض الموظفين لظلم إدارى»، كما يعمل فى مجال التوكيلات العقارية. لكنه قرر أن يخوض معركة يراها حقوقية من الدرجة الأولى قبل أن تكون إدارية لأول مرة فى حياته، «لأننا كلنا تعبانين وحزانى من تصرفات الحكومة فى أراضى توشكى»، والتى سمع مشاكلها فى الصحافة، التى تناولت القضية على مدى العامين الماضيين. يتدخل أحمد القاضى فى الحديث قائلا إن عقد بيع الأرض تكون من 20 صفحة، وخلا من أى إشارة للقوانين المصرية، «عقد أرض الوليد فى مصر فيه إذعان غير مفهوم. الأرض ناقصها حتة قماشة ومقطوعة موسيقية. علم ونشيد، وتبقى دولة مستقلة». يتوقع شحاتة أن المحكمة ستقرر اليوم تأجيل النظر فى قضية بطلان عقد بيع أرض توشكى للوليد بن طلال، لحين توفير وزارة الزراعة نسخة رسمية طبق الأصل من عقد بيع الأرض. شاشة التليفزيون تعرض تصريحات د. مجدى راضى، المتحدث الرسمى لمجلس الوزراء، عن إقامة مجلس تنفيذى لحماية أراضى الدولة. «ده مجلس هش ومالوش أى قيمة أو سلطات حقيقية»، يعلق المحامى محمد شحاتة. يجلس شحاتة مسترخيا مع صديقيه المستشار أحمد العطار، والمحامى أحمد القناوى داخل مكتب «أى إم أند إس» لاستشارات التحكيم الدولى. الجلسة الودية هدفها التشاور حول القضية، التى رفعها شحاتة فى مجلس الدولة ضد رئيس الوزراء أحمد نظيف ووزير الزراعة أمين أباظة للمطالبة بفسخ عقد بيع أرض توشكى للأمير الوليد بن طلال. .. وخطة الهجوم بعد أن أقرت المحكمة الإدارية العليا بحق المواطنين فى مقاضاة قرارات الدولة الإدارية وعقودها، أصبحت عملية التقاضى أسرع وأسهل كثيرا. الحصول على المستندات «القاعدة القانونية تلزم الحكومة بتقديم جميع المستندات فى حالة النزاعات الإدارية»، يشرح شحاتة أن قرارات المحكمة الإدارية تلزم الحكومة بتقديم كل المستندات المطلوبة فى حالة النزاعات الإدارية، لأن الحكومة هى الجهة الوحيدة التى تملكها. بطلان العقد دستوريا يقول شحاتة فى عريضة الدعوى إن شروط العقد مجحفة وبها غياب تام لسلطة الدولة، «فهو ليس عقد تخصيص أرض وإنما عقد بيع جزء من إقليم الدولة، كما حدث عندما اشترت الولاياتالمتحدةالأمريكيةإقليمألاسكا من روسيا، واشترت ثلاث ولايات من المكسيك». وهو ما يتعارض مع الدستور، الذى يمنع توقيع اتفاقيات أو معاهدات بيع أو تنازل عن جزء من إقليم الدولة. إثبات المخالفات بعد الحصول على العقود، سيطلب شحاتة أن تقدم الوزارة تقريرا عن الأراضى المستصلحة فى توشكى. الشهر الماضى، صرح إبراهيم العجمى، المدير التنفيذى لهيئة التعمير والتنمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة، بأن الوليد لم يزرع سوى ألف فدان من 100 فدان يملكها، وتردد وقتها أن الوليد يزرع عنبا يصدره للولايات المتحدةالأمريكية. العقد لا يحدد جدولا زمنيا ملزما للوليد بمواعيد استصلاح الأراضى، «لكن فى حالة عدم وجود نزاع على شىء لم يذكر فى العقد، فالقاعدة القانونية هى اللجوء للقانون العام المنظم لموضوع النزاع». والقانون المقصود هنا هو اللائحة التنفيذية لقانون الأراضى الصحراوية رقم 143 لسنة 1981، والذى ينص فى مادته رقم 52 على أن «تاريخ انتهاء المدة المحددة لإتمام الاستصلاح والاستزراع وهو نهاية مدة خمس سنوات من تاريخ توفر مصدر الرى للأرض». بما أن الوليد قد اشترى الأرض عام 1997، أى منذ أكثر من ضعف المهلة الممنوحة لاستصلاح الأرض. قانون المزايدات كانت الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية قد أعربت عن رفضها الرسمى لإعفاء أرض الوليد من الضريبة العقارية وضريبة التمغة وضرائب رأس المال لأن فى ذلك «مخالفة للقوانين ومساسا بالسيادة الوطنية». الأرض لمن يزرعها يطالب شحاتة فى دعوته بتوزيع أرض توشكى على شباب الخريجين بعد سحبها من الوليد بن طلال. اللائحة التنفيذية لقانون الأراضى الصحراوية ينص فى مادة 43 على أحقية رئيس الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بتخصيص أراض دون مزادات أو مناقصات لصالح المسرحين وأسر الشهداء ومصابى العمليات الحربية أو صغار الزراع الذين لا تزيد حيازتهم ملكا أو إيجارا عن خمسة أفدنة للأسرة، وخريجى الكليات والمعاهد،والعاملين بالدولة أو القطاع العام عند تركهم الخدمة أو انتهائها. «أعرف جيدا أن المحكمة ليست مختصة بتوزيع الأراضى على الخريجين، لكنى كتبت ذلك فى عريضة الدعوى كنوع من إحراج الحكومة وتعبيرا عن غيظى»، يقول شحاتة. التحكيم الدولى يؤكد المستشار أحمد العطار الخبير فى مجال التحكيم الدولى أن لجوء الوليد للتحكيم الدولى لن يكون مجديا، «لأن هذا ينفع فى حالة إخلال الدولة بتعاقدها مع المستثمر، ولكن فى هذه الحالة فالمستثمر هو المخطئ بوضوح». ويضيف شحاتة أن القضية موجهة ضد وزارة الزراعة ومجلس الوزراء، وليس ضد الوليد، «وبالتالى فعلى الوزارة والحكومة أن تتعامل مع الوليد، فهذه مشكلتهم وليست مشكلتنا». عقد الإذعان يعدد شحاتة مشاكل العقد «الشاذ وغير المسبوق» وزارة الزراعة خصصت 100 ألف فدان لشركة المملكة للتنمية الزراعية مصر من أراضى توشكى البالغ عددها 540 ألف فدان. سعر الفدان 50 جنيها فقط لا غير، أى أن الأرض الشاسعة ثمنها 5 ملايين جنيه، يسدد منها الوليد مليون جنيه، أى 20% من ثمنها، وقت التعاقد. ولم يحدد العقد جدولا زمنيا واضحا لسداد باقى المبلغ. تلتزم الحكومة بتقديم ضمانات خطية ضد نزع الملكية أو مصادرة الأرض المبيعة. ينص العقد على أن الأرض لن تكون خاضعة لأى أعباء حكومية أو أتعاب أو رسوم، سواء رسوم التسجيل أو التوثيق أو ضريبة التمغة والضرائب العقارية، وضرائب رأس المال المتعلقة بالأرض أو ملكيتها، ولن تكون خاضعة لأى أنظمة تخطيط أو إنشاء فى المنطقة، كما لن تخضع لأنظمة التقسيم إلى مناطق فى الحاضر أو المستقبل. تلتزم الدولة بإمداد صافى الأراضى المزروعة بالمياه من قناة الشيخ زايد 24 ساعة يوميا وعلى مدى السنة بسعر يتراوح بين 4 قروش و6 قروش للمتر المكعب. لا يجوز للدولة قطع الماء عن الأرض إلا بإذن كتابى من شركة المملكة قبل شهرين من القطع. من حق شركة المملكة أن تزرع ما تشاء، وقتما تشاء. لا توجد قيود على نوعية المزروعات لتتناسب مع الاحتياجات المصرية، ولا جدول زمنيا يجبرها على استصلاح الأرض أو يمنعها من تركها بورا. ولا تحتاج الشركة موافقة الحكومة على زراعة أى فصائل جديدة من النباتات. البذور التى تدخلها شركة المملكة لا تدخل الحجر الصحى، وهو الحجر الذى تتعرض له كل البذور المستوردة بما فيها البذور التى تستوردها وزارة الزراعة. من حق شركة المملكة استقدام عمالة أجنبية من أى جنسية وتلتزم الحكومة بتوفير التأشيرات اللازمة، ولا يوجد ما يجبرها على تشغيل عمالة مصرية.