دخلت الأزمة اللبنانية المستمرة منعطفا جديدا بعدما قاطعت قوى رئيسية فى المعارضة على رأسهم حزب الله وتيار عون جلسة الحوار الوطنى، فبينما أكد حزب الله التضامن مع حليفه ميشال عون ورفضه مماطلة رئيس الوزراء فى فتح ملف شهود الزور، احتشد مسيحيو الأكثرية النيابية فى بكركى لتوحيد المواقف تحت مباركة البطريرك نصر الله بطرس صفير. وفى تصريح ل«الشروق» عبر الهاتف من بيروت، نفى النائب بالبرلمان اللبنانى عن حزب الله حسن حب الله أن تكون مقاطعة حزب الله لجلسة الحوار أمس الأول موجهة إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، وقال: «نحن نقدر رئيس الجمهورية ونحترمه ونتعامل كجزء من الحكومة». لكنه أشار فى ذات الوقت أن الحزب يرفض المماطلة فى تحويل ملف شهود الزور إلى المجلس العدلى، قائلا: «إنه تم تأجيل اجتماع المجلس الوزراء الذى كان من المقرر ان ينظر قبل يومين فى ملف شهود الزور اكثر من مرة قبل ان تلغى الجلسة الأخيرة». ونفى أن يكون عدم حضور الجلسة مقاطعة للحوار الوطنى و«لكننا وجدنا ان هناك احتجاجا من قبل حلفائنا (تكتل التغيير والاصلاح بزعامة ميشيل عون) على أمور عديدة لم يتم التعامل معها من قبل المعنيين.. ونحن ملتزمون بأن نكون فى خندق واحد». ورأى حزب الله أن موضوع المحكمة الدولية يعد مخلا لأمريكا وحلفائها للتحكم فى لبنان والقضاء على المقاومة، وقال: «الغبى والأحمق من يطلب العدالة عند الولاياتالمتحدة.. فهم الذين يثيرون الفتن وينهبون ثروات العرب». وأعلن عون مقاطعة جلسة الحوار أمس الأول احتجاجا على إلغاء اجتماع مجلس الوزراء، وتبعه فى ذلك عدد من قيادات المعارضة بجانب حليفه الرئيسى حزب الله. وقال عون فى تصريحات لصحيفة الأخبار اللبنانية إنه «لم يعدْ معنيا بأى حوار ما لم يبت مجلس الوزراء فى ملف شهود الزور»، مشددا على أن «تأجيل جلسة مجلس الوزراء أول من أمس لم يكن مبررا إلا بغرض التمييع وكسب المزيد من الوقت». وأعلن عون أنه «لن يقبل بالدعوة إلى أى جلسة لمجلس الوزراء ما لم يكن جدول أعمالها هو نفسه جدول أعمال الجلسة المؤجلة، وعلى رأسه ملف شهود الزور بندا أول». كما أعلن أن وزراءه «سيطالبون بالتصويت على هذا الملف فى الجلسة المقبلة إذا لم يبت بالتوافق، فالمسألة لم تعد تحتمل التأجيل، وعلى الجميع أن يتحمّلوا مسئولياتهم فى هذا الشأن». ومن جانبه، اعتبر القيادى فى تكتل التغيير والإصلاح «ألن عون» ل«الشروق» «أن مقاطعة الجلسة صرخة احتجاج بوجه الطرف الآخر». ورأى أن التهرب الحكومى من ملف شهود الزور «لن يكون له ضحية سوى الحكومة ذاتها، لأن إلغاء اجتماعات الحكومة سيعطل عملها الدستورى». وفى غضون ذلك، عقدت القيادات المسيحية فى قوى 14 آزار فى لقاء مسيحى موسع فى مقر البطريركية المارونية فى بكركى برئاسة البطريرك نصر الله بطرس صفير. وأكد منسق الأمانة العامّة لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد أن «لقاء بكركى يريد الإشارة إلى أن البطريرك المارونى والكنيسة المارونية العربية قاما بخطوة تقدمية بربط بقاء المسيحيين فى الشرق بالاستقرار»، لافتا وفق ما أوردت صحيفة «الأخبار» إلى أن «هناك من يُحاول القول إن المسيحيين منسحبون من الأمور الوطنيّة الكبرى تحت عنوان أن ما يحدث هو فتنة إسلامية إسلامية ولا علاقة للمسيحيين بالموضوع، ولذلك فإن لقاء اليوم سيؤكّد أن المسيحيين مع بناء الدولة، وأن بناء الدولة التى تحتكر السلاح هو الذى يمنع الفتنة». وتعليقا على ذلك، اتهم «الن عون» قوى 14 آذار بالسعى لاستقطاب البطريرك الذى من المقرر ان يكون حياديا فى الأزمة السياسية. وقال إن عقد مثل هذا اللقاء يسىء لموقع البطريرك». على جانب آخر، كان من المقرر أمس حتى مثول الصحيفة للطبع انعقاد جلسة لمجلس الأمن اليوم تخصص لمناقشة التهديدات المتواصلة لعمل المحكمة الدولية. وقالت مصادر صحفية لبنانية نقلا عن مصادر دبلوماسية فى بيروت إن مجلس الأمن سيناقش رسالة رئيس المحكمة الخاصة بلبنان القاضى انطونيو كاسيزى إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون المتصلة بالاعتداء على المحققين الدوليين فى الضاحية الجنوبية الأسبوع الماضى. يأتى ذلك فى الوقت الذى وصل فيه وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير لإجراء محادثات مع كبار المسئولين اللبنانيين، فى ضوء المحادثات الأخيرة التى جرت فى العاصمة الفرنسية بين مسئولين فرنسيين وأمريكيين، بخصوص أوضاع الشرق الأوسط ولبنان.