باسل عادل: لم أدع إلى 25 يناير على الرغم من مشاركتي بها    سموحة يرد على أنباء التعاقد مع ثنائي الأهلي    وفاة مشرف قطاع الجمرات بالمشاعر المقدسة أثناء عمله في التجهيز لخدمة ضيوف الرحمن    سبب ارتفاع درجة الحرارة بشكل غير مسبوق.. القبة الحرارية (فيديو)    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    يورو 2024| تصنيف منتخبات بطولة الأمم الأوروبية.. «فرنسا» تتصدر و«جورجيا» تتزيل الترتيب    سموحة يرد على أنباء التعاقد مع ثنائي الأهلي    «زد يسهل طريق الاحتراف».. ميسي: «رحلت عن الأهلي لعدم المشاركة»    حزب الله يحول شمال إسرائيل إلى جحيم ب150 صاروخا.. ماذا حدث؟ (فيديو)    الخارجية الأمريكية: نضغط على إيران لتتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    بايدن يحدد "العائق الأكبر" أمام تنفيذ خطة وقف إطلاق النار في غزة    فيديو| مشادة بين محمود العسيلي ومسلم.. والجمهور: "حلو الشو ده"    محافظ شمال سيناء يعتمد درجات تنسيق القبول بالثانوي العام    هشام قاسم و«المصري اليوم»    القنوات الناقلة لمباراة افتتاح يورو 2024 بين ألمانيا وإسكتلندا    الطيران الحربي للاحتلال الإسرائيلي يشن غارة تستهدف موقعا وسط مدينة رفح الفلسطينية    بايدن يزيد من آمال أوكرانيا في الحصول على المزيد من منظومات باتريوت من الحلفاء    ننشر صور الأشقاء ضحايا حادث صحراوي المنيا    تحرير 14 محضر مخالفة فى حملة للمرور على محلات الجزارة بالقصاصين بالإسماعيلية    ضبط مريض نفسى يتعدى على المارة ببنى سويف    الخدمات الصحية بوزارة الدفاع تستعد لتقديم خدمة الإسعاف الجوي خلال موسم الحج    اندلاع حريق هائل بمنطقة الزرائب في البراجيل    هل الأشجار تقلل من تأثير التغيرات المناخية؟.. البيئة ترد    الحركة الوطنية يفتتح ثلاث مقرات جديدة في الشرقية ويعقد مؤتمر جماهيري    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 14 يونيو: انتبه لخطواتك    ما عملش كدا من الباب للطاق، تعليق قوي من هاني شنودة على صفع عمرو دياب لمعجب (فيديو)    أهم الأعمال التي يقوم بها الحاج في يوم التروية    عيد الأضحى 2024| هل على الحاج أضحية غير التي يذبحها في الحج؟    ما ينبغي على المسلم فعله في يوم عرفة    إصابة 11 شخصا بعقر كلب ضال بمطروح    صحة دمياط: تكثيف المرور على وحدات ومراكز طب الأسرة استعدادا لعيد الأضحى    بايدن يكشف العائق الأكبر أمام تنفيذ خطة وقف إطلاق النار    أماكن ذبح الأضاحي مجانا بمحافظة الإسماعيلية في عيد الأضحى 2024    مصطفى فتحي يكشف حقيقة البكاء بعد هدفه في شباك سموحة    جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 عمليات عسكرية بالصواريخ خلال ال 24 ساعة الماضية    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة.. ومفاجآت المجموعة الاقتصادية    بشرة خير.. تفاصيل الطرح الجديد لوحدات الإسكان الاجتماعي    مستقبلي كان هيضيع واتفضحت في الجرايد، علي الحجار يروي أسوأ أزمة واجهها بسبب سميحة أيوب (فيديو)    بعد استشهاد العالم "ناصر صابر" .. ناعون: لا رحمة أو مروءة بإبقائه مشلولا بسجنه وإهماله طبيا    يورو 2024| أصغر اللاعبين سنًا في بطولة الأمم الأوروبية.. «يامال» 16 عامًا يتصدر الترتيب    تحرك نووي أمريكي خلف الأسطول الروسي.. هل تقع الكارثة؟    5 أعمال للفوز بالمغفرة يوم عرفة.. تعرف عليها    مودرن فيوتشر يكشف حقيقة انتقال جوناثان نجويم للأهلي    حبس المتهم بحيازة جرانوف و6 بنادق في نصر النوبة بأسوان 4 أيام    رئيس "مكافحة المنشطات": لا أجد مشكلة في انتقادات بيراميدز.. وعينة رمضان صبحي غير نمطية    3 مليارات جنيه إجمالي أرباح رأس المال السوقي للبورصة خلال الأسبوع    عماد الدين حسين: قانون التصالح بمخالفات البناء مثال على ضرورة وجود معارضة مدنية    سعر ساعة عمرو يوسف بعد ظهوره في عرض فيلم ولاد رزق 3.. تحتوي على 44 حجرا كريما    عماد الدين حسين يطالب بتنفيذ قرار تحديد أسعار الخبز الحر: لا يصح ترك المواطن فريسة للتجار    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية بالأسواق الجمعة 14 يونيو 2024    وكيل صحة الإسماعيلية تهنئ العاملين بديوان عام المديرية بحلول عيد الأضحى المبارك    دواء جديد لإعادة نمو الأسنان تلقائيًا.. ما موعد طرحه في الأسواق؟ (فيديو)    نقيب "أطباء القاهرة" تحذر أولياء الأمور من إدمان أولادهم للمخدرات الرقمية    محافظ الإسكندرية: قريبًا تمثال ل "سيد درويش" بميدان عام في روسيا (صور)    تراجع سعر السبيكة الذهب (مختلف الأوزان) وثبات عيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 14 يونيو 2024    دعاء يوم التروية مكتوب.. 10 أدعية مستجابة للحجاج وغير الحجاج لزيادة الرزق وتفريج الكروب    حدث بالفن| مؤلف يتعاقد على "سفاح التجمع" وفنان يحذر من هذا التطبيق وأول ظهور لشيرين بعد الخطوبة    قرار جمهوري بتعيين الدكتور فهيم فتحي عميدًا لكلية الآثار بجامعة سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب العملات بين الصين وأمريكا
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 10 - 2010

كثيرا ما يمزح مراقبو العلاقات الأمريكية الصينية بقولهم إن واشنطون وبكين مثلهما مثل زوجين متورطين فى زيجة فاشلة. وإذا كان الأمر كذلك، فإننا نشهد حلقة من حلقات النزاع الزوجى على الصعيد الدولى. ويرجع السبب الأساسى للنزاع بين العم سام ودائنه الأكبر فى الوقت الراهن إلى قيمة العملة الصينية، الرنمنبى (التى تعنى حرفيّا أموال الشعب).
ويصوب الأمريكيون بقيادة السياسيين فى الكونجرس الساعين إلى التدليل على أنهم يعملون من أجل إنعاش الاقتصاد الأمريكى الراكد أصابع الاتهام إلى الصينيين لأنهم يقيِّمون عملتهم بأقل من قيمتها الحقيقية ومن ثم يتمتعون بمنافع تجارية غير عادلة.
واقتصادات تقييم العملة على قدر كبير من البساطة. فكلما كانت قيمة العملة منخفضة فى السوق الدولية كانت أسعار السلع التى تنتجها الدولة أقل، وكانت المنتجات التى تصدرها ذات قدرة تنافسية أكبر مقارنة بالعملات مرتفعة القيمة فزيد صادرات هذا البلد.
لكن ليس سهلا على البلدان الإبقاء على أسعار عملاتها منخفضة. لأنه كى يكون بلد ما قادرا على ذلك، يجب أن يكون لدى بنكه المركزى القدرة على شراء كميات كبيرة من العملات الأجنبية. ولا تتوافر لدى معظم البلدان مثل هذه المقدرة. لكن بالنسبة لقوة تصديرية مثل الصين، التى تكسب مليارات العملات الأجنبية كل شهر عن طريق التصدير، لا تمثل هذه مشكلة.
ويؤدى هذا التدخل من جانب الدولة إلى نتائج متباينة. فليس بالضرورة أن البلد الذى يبقى على عملته منخفضة القيمة يربح جراء ذلك، وليس بالضرورة أن يخسر البلد الذى ترتفع قيمة عملته. وفى حالة الصين والولايات المتحدة، يجرى توزيع الفوائد التى تحققها الصين نتيجة انخفاض قيمة عملتها بطريقة غير متكافئة.
فبالنسبة للصين، أدى تقييم العملة بأقل من سعرها الحقيقى إلى تقديم دعم ضمنى للصادرات، لكن معظم الشعب الصينى الذى يمثل المستهلكين يتضرر بسبب ارتفاع أسعار الواردات. وفى الولايات المتحدة، أدى شراء الصين للدين الأمريكى (الذى بلغ 1.6 تريليون دولار ويتجه إلى التزايد)، وهو شرط ضرورى من أجل الإبقاء على سعر الرنمنبى منخفضا وسعر الدولار مرتفعا، إلى تخفيض سعر الفائدة فى الولايات المتحدة وتوفير سلع استهلاكية مستوردة منخفضة التكلفة. لكن عمال الصناعة ممن فقدوا وظائفهم هم من يدفعون الثمن.
ولا شك أن هذه اللعبة مستمرة منذ سنوات. فقد بدأت واشنطن تشكو من تلاعب بكين بالعملة فى بداية عام 2003، عندما حققت الولايات المتحدة عجزا تجاريّا قدره 124 مليار دولار مع الصين.
وبعد أن استطاعت الصين مقاومة الضغوط الأمريكية طوال عامين، رضخت فى عام 2005 وسمحت برفع قيمة الرنمنبى بمعدل 20% خلال السنوات الثلاث التالية (من منتصف 2005 إلى منتصف 2008).
ولكن الأزمة المالية العالمية وما تبعتها من انخفاض فى صادرات الصين جعلت الصين توقف رفع قيمة عملتها كى تستطيع صادرتها الحفاظ على أسعارها التنافسية. ومن ثم ظلال قيمة الرنمنبى ثابتة أمام الدولار خلال العامين الماضيين.
ونظرا لأن انتعاش الوظائف فى الولايات المتحدة بعد الأزمة ظل محدودا جدا (فى واقع الأمر، زاد عدد فرص العمل التى ضاعت عن تلك التى خُلقت منذ نهاية الركود فى أمريكا)، يتصاعد الاستياء من جانب الشعب هنا (عليكم النظر فحسب إلى ظاهرة حركة حفل الشاى كى تدركوا ذلك).
ونتيجة لذلك، وجد السياسيون الأمريكيون فى الصين كبش الفداء السهل. فهم يصرون على أنه إذا رفعت بكين قيمة عملتها سوف تكون السلع الصينية أعلى ثمنا، وسوف تصبح المنتجات الأمريكية أرخص وأكثر تنافسية، ومن ثم ينخفض العجز فى الميزان التجارى بين الولايات والصين. ونتيجة ذلك سوف يُخلق المزيد من فرص العمل فى الولايات المتحدة.
وتبدو هذه القصة مؤثرة ومقنعة. لكن المشكلة هى أنها صحيحة وخاطئة فى آن واحد. فالأمريكيون على حق فى أن قيمة العملة الصينية منخفضة أكثر من اللازم. لكنهم مخطئون فى أن إعادة تقييم العملة الصينية سوف يحل مشكلات أمريكا الاقتصادية، خاصة المشكلة المستعصية بشأن ارتفاع معدلات البطالة.
وإذا أخذنا فى الاعتبار العديد من المقاييس العقلانية، فإن العملة الصينية تعتبر مقيمة بأقل من سعرها الحقيقى (بالرغم من أن درجة انخفاضها عن القيمة الحقيقية محل جدل). وقد ثبتت الصين سعر عملتها فى مواجهة الدولار الأمريكى عام 1994.
إلا أنه خلال السنوات الست عشرة اللاحقة، تزايدت القدرة الإنتاجية فى الصين (حتى عند مقارنتها بالقدرة الإنتاجية فى الولايات المتحدة)، بينما ارتفعت قيمة عملتها بما لا يزيد على 20% فى مواجهة الدولار. واستنادا إلى الحسابات الاقتصادية المتعارف عليها، فإن البلد الذى تتزايد قدرته الإنتاجية يجب أن يرى عملته تتزايد قيمتها. لكن ذلك ليس هو الحال فى الصين.
فهل سيؤدى رفع سعر العملة الصينية إلى حل مشكلة البطالة فى أمريكا؟ فى الأغلب لا. فأولا، إذا نظرنا إلى ما حدث فى العلاقة التجارية بين اليابان والولايات المتحدة، فسوف يتولد لدينا الشك فى جدوى استخدام العملة باعتبارها الحل لجميع المشاكل.
فقد أجبرت الولايات المتحدة اليابان على زيادة قيمة عملتها عام 1985. وكان لذلك نتيجتان، هما ارتفاع قيمة الين بنحو 300% أمام الدولار، وبدلا من أن يختفى العجز التجارى الأمريكي، ظل مرتفعا (نحو 44 مليار دولار فى 2009، مقارنة ب46 مليارا عام 1985).
وفى الفترة فيما بين 2005 و2008، وبالرغم من ارتفاع قيمة الرنمنبى بمعدل 20% أمام الدولار، تزايد العجز التجارى الأمريكى مع الصين من 201 مليار دولار إلى 266 مليارا!
ثانيا: لن يكون العمال الأمريكيون هم من يستفيدون من ارتفاع قيمة العملة الصينية. بل إن العمال الآسيويين (فى فيتنام والهند وإندونيسيا) هم المستفيدون من ذلك، لأن الشركات الأجنبية التى تصنع سلعا منتجة فى الصين سوف تقوم ببساطة بنقل مصانعها إلى تلك البلدان الأقل تكلفة. ومن ثم، فإنه فى أفضل الأحوال، سوف يكون التأثير الإيجابى لرفع سعر العملة الصينية على العمال الأمريكيين هامشيّا.
لكن لماذا يقول السياسيون الأمريكيون إن ذلك ليس صحيحا؟.
من الواضح أن إحدى الخطايا التى يرتكبها جميع السياسيين هى الوعد بأكثر مما يستطيعون تحقيقه. ومن ثم فلا توجد مفاجأة هنا. ولعل الشىء المثير للاهتمام فى المعركة المستمرة بشأن العملة الصينية هو ما إذا كان التهديد الأمريكى سيؤتى ثماره مع الصين.
وحاليا، يهدد الكونجرس الأمريكى بفرض عقوبات متعددة على الصين حال رفض بكين إعادة تقييم الرنمنبى. لكن الصين لا تنحنى أمام مثل هذه الضغوط، على الأقل ليس بالسرعة التى تريدها الولايات المتحدة. فقد وافقت بكين على معاودة عملية رفع سعر الرنمنبى، ولكن ببطء شديد يؤدى إلى شعور رجال الكونجرس بغضب جم.
وإلى الآن، يبدى الرئيس أوباما الكثير من الصبر مع الصين، حيث رفض وصفها بأنها «متلاعب بالعملة». لكن رصيده السياسى ينخفض. ومن المشكوك فيه إذا كان بمقدوره مقاومة التوجه المضاد للصين أكثر من ذلك أم لا.
وفيما يخص الصين، لا يريد قادتها أن يظهروا بمظهر الراضخين للأمريكيين. والصينيون غير مقتنعين بالمنطق الذى يطرحه الأمريكيون دفاعا عن رفع سعر العملة الصينية. كما أنهم لا يحترمون كثيرا غطرسة رجال الكونجرس فى واشنطن، ممن يبالغون فى ادعاء الاستقامة.
كما أن الضغط الأمريكى يعمل بكفاءة أقل حاليا، لأن بكين ترى العم سام باعتباره قوة متراجعة، تحدق بها الأزمات الداخلية والخارجية. وعلى أية حال، فإن التهديد الأمريكى بفرض عقوبات يُعد أقرب إلى القول منه إلى الفعل. ذلك أن الصين باعتبارها ثالث أكبر قوة تجارية فى العالم، يمكنها الانتقام وتكبيد الولايات المتحدة ثمنا حقيقيّا. ونحن لا نتحدث عما يمكن أن تؤدى إليه حرب تجارية مع الاقتصاد الأمريكى ذى التعافى الهش وأسواق المال المضطربة.
ولكن الصينيين شعب براجماتى فى نهاية المطاف. فهم يعلمون أن إهانة شريكهم التجارى الأهم تعتبر فكرة سيئة. ففوق كل شىء، سوف يحقق رفع سعر العملة الصينية فوائد بالنسبة للاقتصاد الصينى، لأنه سوف يساعد على زيادة الاستهلاك المحلى ويقلل من الاعتماد على الأسواق الهشة فيما وراء البحار.
لذلك فمن المرجح أن نرى الصين ترفع قيمة الرنمنبى ببطء خلال السنوات القليلة المقبلة. ولن تساعد تلك الخطوة ملايين العاطلين الأمريكيين على إيجاد فرص عمل. لكنك يمكن أن تراهن على أن رجال الكونجرس الأمريكى سوف يزعمون أنهم حققوا إنجازا بانتصارهم فى حرب العملات ضد الصين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.