مجلس الوزراء يوافق على رعاية المؤتمر السادس لنقابة الصحفيين    «حديد عز» يرتفع 685 جنيها الآن.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 23 مايو 2024    اجتماع البنك المركزي اليوم: توقعات الفائدة لمايو 2024    صعود الأسهم الأوروبية ومؤشر التكنولوجيا يقود مكاسب القطاعات    السعودية تفوز باستضافة منتدى الأونكتاد العالمي لسلاسل التوريد لعام 2026    مكتب نتنياهو يكذب جيش الاحتلال الإسرائيلي بشأن هجوم 7 أكتوبر    ترتيب الدوري السعودي الإلكتروني للعبة ببجي موبايل    تقارير: الهلال السعودي يستهدف التعاقد مع لياو في الصيف المقبل    نتيجة الشهادة الإعدادية فى دمياط.. موعد الإعلان بالاسم ورقم الجلوس    هدوء تام فى أمواج البحر المتوسط بمحافظة بورسعيد.. فيديو وصور    تفريغ كاميرات المراقبة بواقعة العثور على مومياء في الشارع بأسوان    استعد لعيد الأضحى 2024: أروع عبارات التهنئة لتبادل الفرحة والمحبة    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    «يرجح أنها أثرية».. العثور على مومياء في أحد شوارع أسوان    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    «اسم مميز».. تفاصيل برنامج إبراهيم فايق الجديد    موسم الحرب والغناء و303 على مسرح قصر روض الفرج.. الليلة    الأطباء تناشد السيسي بعدم التوقيع على قانون "تأجير المستشفيات": يهدد صحة المواطن واستقرار المنظومة    زغلول صيام يكتب: من فضلكم ارفعوا إعلانات المراهنات من ملاعبنا لحماية الشباب والأطفال وسيبكم من فزاعة الفيفا والكاف!    حسين لبيب: اتحمل مسؤولية إخفاق ألعاب الصالات فى الزمالك    لجنة القيادات بجامعة بنها الأهلية تستقبل المرشحين لرئاسة الجامعة ونوابها    بتكلفة تجاوزت المليار جنيه.. محافظ المنوفية يتفقد مشروع إنشاء مستشفى الشهداء الجديدة    الأزهر للفتوى يوضح فضل حج بيت الله الحرام    حيثيات الحكم على المتهمة بترك نجلتها في الشارع حتى الوفاة بالصف    لحرق الدهون في الصيف.. جرب هذه الأكلات    الملك تشارلز يوافق على حل البرلمان استعدادا للانتخابات بطلب سوناك    أوستن يدعو وزير دفاع الاحتلال لإعادة فتح معبر رفح    أخبار مصر.. التعليم نافية تسريب امتحان دراسات إعدادية الجيزة: جروبات الغش تبتز الطلاب    أيام قليلة تفصلنا عن: موعد عطلة عيد الأضحى المبارك لعام 2024    وزير العدل ورئيس «التنظيم والإدارة» يتفقدان اختبارات الخبراء    تعاون بين الجايكا اليابانية وجهاز تنمية المشروعات في مجال الصناعة    التنمية المحلية: طرح إدارة وتشغيل عدد من مصانع تدوير المخلفات الصلبة للقطاع الخاص    وزير الدفاع: القوات المسلحة قادرة على مجابهة أى تحديات تفرض عليها    في عيد ميلاده.. رحلة «محمد رمضان» من البحث عن فرصة ل«نمبر وان»    6 أفلام في البلاتوهات استعدادًا لعرضهم خلال الصيف    مع عرض آخر حلقات «البيت بيتي 2».. نهاية مفتوحة وتوقعات بموسم ثالث    أكرم القصاص: لا يمكن الاستغناء عن دور مصر بأزمة غزة.. وشبكة CNN متواطئة    أتالانتا يجدد أمل روما.. وفرانكفورت يحلم بأبطال أوروبا    هل يجوز شرعا التضحية بالطيور.. دار الإفتاء تجيب    تريزيجيه: أنشيلوتي طلب التعاقد معي.. وهذه كواليس رسالة "أبوتريكة" قبل اعتزاله    ابنة قاسم سليمانى تهدى خاتم والدها لدفنه مع جثمان وزير الخارجية الراحل.. فيديو    الرعاية الصحية تشارك في المؤتمر السنوي الرابع والأربعين للجمعية المصرية لجراحي الأعصاب    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    أمين الفتوى يوضح ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 9215 طلب تصالح على مخالفات البناء    القبض على رجل أعمال أطلق النار فى حفل زفاف بالمرج    مصطفى شوبير يتطلع لكتابة مجد جديد مع الأهلي فى ليلة الحسم بدوري الأبطال    نقيب المعلمين عن قرار إنشاء «الوطني للتعليم والبحث والابتكار»: فرصة عظيمة    جوزيب بوريل يؤكد استئناف جميع الجهات المانحة بالاتحاد الأوروبي دعمها لوكالة الأونروا    السويد: سنمنح أوكرانيا 6.5 مليار يورو إضافية في صورة مساعدات عسكرية    السيد الغيطاني قارئا.. نقل شعائر صلاة الجمعة المقبلة من ميت سلسيل بالدقهلية    وزير الري يلتقي مدير عام اليونسكو على هامش فعاليات المنتدى العالمي العاشر للمياه    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    ل برج الجوزاء والميزان والدلو.. مفارقة كوكبية تؤثر على حظ الأبراج الهوائية في هذا التوقيت    تحركات غاضبة للاحتلال الإسرائيلي بعد اعتراف 3 دول أوروبية بفلسطين.. ماذا يحدث؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دائن العم سام التعيس
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 12 - 2009

بالرغم من أن معظم الأمريكيين لا يعرفون ذلك، فقد أصبحت الصين الآن أكبر دائن للعم سام. والمفارقة مثيرة. ولتتأملوا هذا فقط: الصين الشيوعية هى الآن أكبر دائن للولايات المتحدة الرأسمالية. من كان يتخيل هذا! ما الذى كان يمكن أن يقوله كارل ماركس؟
وحتى أكون أمينا، فإن قليلين فى الصين كانوا يعتقدون أن الصين يمكن أن تملك يوما 1.5 تريليون دولار من سندات الدين وتتولى تمويل أسلوب حياة واشنطن المسرف. وقد حدث هذا بالمصادفة تقريبا. وبالرغم من أن الصين والولايات المتحدة غريمان محتملان، فلم يكن أحد فى القيادة الصينية من المهارة بحيث يتوصل إلى مؤامرة يمكن للصين بواسطتها تكديس ما يكفى من الدين الأمريكى لتمتلك القدرة بذلك على ابتزاز الأمريكيين. وفى عام 2000، كانت الصين تمتلك حوالى 100 مليار من سندات الخزانة والسندات المضمونة من الحكومة الأمريكية فى احتياطياتها من العملة الأجنبية. وما لم يتوقعه أحد هو اجتماع عدة عوامل جعلت الفائض التجارى الصينى واحتياطيها من العملة الأجنبية يتعاظم بسرعة.
أول هذه العوامل هو تسارع حركة التعهيد الخارجى بعد دخول الصين منظمة التجارة العالمية فى 2001، مما زاد من قدرة الصناعة على التصدير بصورة كبيرة. وثانيها، أن عضوية الصين بمنظمة التجارة العالمية وفرت لها فرصة أكبر فى الأسواق العالمية، ومن ثم زيادة نمو صادراتها. وثالثها، مكنت فقاعة الائتمان التى شهدتها الولايات المتحدة المستهلكين الأمريكيين من مواصلة الإنفاق فوق إمكانيتهم، وزيادة إقبالهم على السلع الاستهلاكية الصينية. ونتيجة لهذا، ازداد نمو الصادرات الصينية على نحو رهيب. وفى 2000، كان إجمالى حجم التجارة الخارجية الصينية 527 مليار دولار. وفى 2008، ارتفع الإجمالى إلى 2.6 تريليون دولار، وهى زيادة مذهلة مقدارها تريليونا دولار فى خلال ثمانى سنوات فقط. ومن ال 2.6 تريليون دولار التى حققتها التجارة الخارجية فى 2008، كان هناك حوالى 1.5 تريليون من الصادرات.
ومع تدفق عوائد التصدير على خزائنها، واجهت الصين مشكلتين عويصتين. إحداهما أين تستثمر أموالها. وكان الحل الواضح هو سندات الخزانة الأمريكية. وتمثلت المشكلة الثانية فى إعادة تقييم العملة الصينية من عدمه، لأن زيادة فوائض التصدير زادت من الضغوط على العملة الصينية. وكان الحل الذى توصلت إليه بكين هو الالتزام بسياستها القديمة بربط عملتها بالدولار للحفاظ على تنافسية الصادرات الصينية (كلما انخفضت قيمة العملة الصينية، كانت السلع المصنوعة فى الصين أرخص).
وقد زاد هذا القرار الحاسم، الذى اتخذ فقط من أجل الحفاظ على سرعة نمو الاقتصاد الصينى، من تكديس الصين للأصول الدولارية. وهو ما يعنى، من المنظور العملى، أن الصين يمكنها استخدام عوائد التصدير المتزايدة لشراء سندات الخزانة الأمريكية وغيرها من صكوك الديون الأمريكية عالية الجودة (كسندات الرهن العقارى المضمونة من الحكومة). ونما كنز الصين من الأصول الدولارية سريعا. وبحلول 2008، أصبحت الصين تمتلك حوالى 1.4 تريليون دولار من السندات الأمريكية، أى حوالى ثلثى ما تملكه بكين من احتياطيات من النقد الأجنبى.
وقد أثار هذا التطور مرارة المحافظين الأمريكيين، الذين اعتبروا الصين خطرا. وقد انتابهم القلق من استخدام الصين الشيوعية قوتها المالية الضخمة للحصول على تنازلات استراتيجية من الولايات المتحدة. وكانت نظرية مؤامرتهم شيئا من قبيل أن تهدد الصين بالتخلص من أصولها الدولارية أو ترفض شراء المزيد من سندات الخزانة الأمريكية، وهو ما قد يؤدى إلى انهيار الدولار أو زيادة كبيرة فى معدلات الفائدة الأمريكية.
إن الحقيقة أكثر تعقيدا، بالطبع. فنظريا، يمكن للصين عمل هذا، ويمكن أن تعانى الولايات المتحدة من صدمة اقتصادية مروعة إن شرعت الصين فى بيع أصولها الدولارية الضخمة. لكن ما يدركه قلة من المحافظين على ما يبدو هو أن الصين نفسها يمكن أن يصيبها الضرر الجسيم كذلك. وبمعاقبة الولايات المتحدة بالتخلص من حيازاتها الدولارية، فإن أصول الصين الدولارية نفسها يمكن أن تفقد كثيرا من قيمتها. وعلى سبيل المثال، فإن انخفاض قيمة الدولار بنسبة 20% يعنى خسارة قدرها 280 مليار دولار فى استثمارات الصين.
وبعد انفجار الفقاعة المالية فى الولايات المتحدة، اضطرت واشنطن إلى ضخ تريليونات الدولارات، سواء من خلال الإنفاق المالى أو التدخلات النقدية من جانب بنك الاحتياطى الفيدرالى، بنك أمريكا المركزى. وبينما أعاد هذا الجهد الاستقرار إلى النظام المالى والاقتصاد الأمريكى، فإن السياسة النقدية الفضفاضة والعجز المقدر بتريليونات الدولارات فى الولايات المتحدة لا يمكن أن يعنى إلا أمرا واحدا: التضخم وانخفاض قيمة الدولار فى المستقبل.
وكأكبر دائن أجنبى لأمريكا، ستعانى الصين خسائر مالية كبيرة جراء سياسات واشنطن الفضفاضة. وهناك قول شائع فى أمريكا بأنك إن اقترضت دولارا من بنك صرت مملوكا له، لكنك إذا اقترضت من البنك مليار دولار، فأنت تملك البنك. ومن المؤكد الآن أن الولايات المتحدة، وليست الصين، لها اليد العليا على ما يبدو باعتبارها أكبر مدين فى العالم. بل إنها ليست بحاجة إلى التأخر فى سداد ديونها. كل ما تحتاجه هو تضخيم ديونها خلسة (بطبع كميات كبيرة من الدولارات).
والصينيون، بالطبع، ليسوا حمقى. وهم يعلمون بما يجرى. لكن الحكومة الصينية ليس لها تأثير، عمليا، على حكومة الولايات المتحدة. وبيعها لأصولها الدولارية الآن يمكن أن يقلل من خسائرها مستقبلا، لكن هذا من المؤكد أنه سيشيع الفزع وتنتج عنه خسائر آنية كبيرة للصين. لذا، وبدلا من أن يحذروا الأمريكيين من تضخيم ديونهم، يتوسل القادة الصينيون إلى نظرائهم الأمريكيين لكى يتصرفوا بمسئولية وبطريقة أخلاقية. وهم يدعون الولايات المتحدة إلى تقليل عجزها الفيدرالى، وينتقدون السياسة المالية الفيدرالية الفضفاضة، ويتوسلون إلى واشنطن علنا كى «تحمى استثمارات الصين».
وبالرغم من أن المسئولين الأمريكيين يردون بأدب على خطاب بكين، فهم لا يبدون رغبة فى تغيير سياساتهم الحالية، الحاسمة فى إنعاش الاقتصاد الأمريكى. فدور واشنطن هو العناية بالمصالح الأمريكية، لا الصينية. والحقيقة أن كثيرين فى واشنطن يلقون باللوم على الصين لحماقتها. فأصل المشكلة يكمن فى سياسة الصين الخاصة بربط عملتها بالدولار ورفضها إعادة تقييم عملتها.
وجحود كهذا لا يجعل أكبر دائنى العم سام سعيدا جدا بعميله.
خاص ب«الشروق»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.