محافظة الإسماعيلية تناقش آليات تطبيق رسوم النظافة وتحسين الأوضاع البيئية    عاجل - "حماس": ملف التفاوض لا بد أن يؤدي إلى وقف إطلاق نار تام وشامل    جنرال فرنسي يكشف نتائج الضربة الروسية بالقرب خاركوف    روسيا: إسقاط 14 صاروخا من طراز "أولخا" و"فامبير" فوق بيلجورود    رئيس الوزراء الإسباني يشيد بفوز الإشتراكيين في إنتخابات كتالونيا    عاجل.. أولى تصريحات جوميز بعد هزيمة الزمالك أمام نهضة بركان بذهاب نهائي الكونفدرالية    انتظار موعد عيد الأضحى 2024: بين الشوق والترقب    سيرين خاص: مسلسل "مليحة" أظهر معاناة الشعب الفلسطيني والدعم المصري الكبير للقضية    تدريبات خاصة للاعبي الزمالك الذين لم يشاركو في لقاء نهضة بركان    الأزهر يرحب باعتزام مصر دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بمحكمة العدل الدولية    «الترغيب والترهيب».. سياسة أمريكية تجاه إسرائيل مع استمرار الحرب على غزة    مستقبل وطن بأشمون يكرم العمال في عيدهم | صور    سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الإثنين 13 مايو 2024    رئيس مجلس الأعمال المصري الماليزي: مصر بها فرص واعدة للاستثمار    أربع سيدات يطلقن أعيرة نارية على أفراد أسرة بقنا    تعرف على سعر الفراخ البيضاء وكارتونة البيض الأحمر بعد ارتفاعها في الأسواق الإثنين 13 مايو 2024    طلاب آداب القاهرة يناقشون كتاب «سيمفونية الحجارة» ضمن مشروعات التخرج    أسامة كمال: واجهنا الإرهاب في بلادنا وتصرفاته لا تشبهنا    الكشف على 1328 شخصاً في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    نهائي الكونفدرالية.. الزمالك يخسر بثنائية أمام نهضة بركان    ارتفاع سعر طن حديد عز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 13 مايو 2024    رئيس إعلام الشيوخ: تضامن مصر مع دعوى جنوب إفريقيا رسالة واضحة برفض الانتهاكات الإسرائيلية    موعد إجازة عيد الأضحى 2024: تحديد أيام الراحة للقطاع الحكومي والخاص    حالة الطقس اليوم الإثنين.. تحذير هام من الأرصاد لمرضى الصدر والجيوب الأنفية (تفاصيل)    وقوع حادث تصادم بين سيارتين ملاكي وأخرى ربع نقل بميدان الحصري في 6 أكتوبر    لبيب: الزمالك اجتاز ارتباك البداية.. وهذا ما نريده من الجماهير    ليس الوداع الأفضل.. مبابي يسجل ويخسر مع باريس في آخر ليلة بحديقة الأمراء    "لسه الأماني ممكنة".. ماذا يفعل الزمالك عند التعثر في ذهاب النهائي الأفريقي؟ (تقرير)    نقابة الصحفيين: قرار منع تصوير الجنازات مخالف للدستور.. والشخصية العامة ملك للمجتمع    موعد مباراة ليفربول ضد أستون فيلا اليوم في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    انتهاء رفع أنقاض عقار الإسكندرية المنهار.. والحي يكشف عدد الضحايا| صور    الزمالك يخمد ثنائية بركان بهدف ويبقي آمال الفوز بالكونفدرالية في القاهرة    وزيرة الهجرة تبحث استعدادات المؤتمرالخامس للمصريين بالخارج    حجز مبدئي لشقق وأراضي «بيت الوطن».. مليون وحدة لمحدودي الدخل و27 ألفا للإسكان المتوسط    قمة سويسرية أوكرانية بدون روسيا.. موسكو: «مسرحية غير مجدية»    حظك اليوم برج العذراء الاثنين 13-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. لا تعاند رئيسك    تامر عاشور يوجه رسالة شكر ل تامر فوزي.. والأخير يرد | صور    إعادة تطوير مسجد السيدة زينب.. تحفة معمارية تعكس تراث مصر الإسلامي    مزايا وسلبيات وسائل التواصل الاجتماعي في نقاشات مكتبة دار الكتب بطنطا    عمرو أديب يعلن مناظرة بين إسلام البحيري وعبدالله رشدي (فيديو)    أقل سعر صك أضحية.. حياة كريمة تطلق صكوك الأضاحي بالتقسيط على 9 أشهر    رئيس جامعة المنوفية يعقد لقاءً مفتوحاً مع أعضاء هيئة التدريس    بمكونات بسيطة.. طريقة تحضير كيكة الحليب    رئيس جامعة طنطا يتفقد أعمال الانشاءات بمستشفى 900900 في لمحلة الكبرى    هل عدم الإخطار بتغيير محل الإقامة يُلغي الرخصة؟    محمود محيي الدين يستعرض استراتيجيات التمويل المستدام في المنتدى السنوي للميثاق العالمي للأمم المتحدة    بشأن تمكين.. عبدالله رشدي يعلن استعداده لمناظرة إسلام بحيري    الأعلى للصوفية: اهتمام الرئيس بمساجد آل البيت رسالة بأن مصر دولة وسطية    جامعة حلوان تعلن استعدادها لامتحانات نهاية العام الدراسي    أمين الفتوى: سيطرة الأم على بنتها يؤثر على الثقة والمحبة بينهما    محافظ أسوان: العامل المصرى يشهد رعاية مباشرة من الرئيس السيسى    موعد عيد الاضحى 2024 وكم يوم إجازة العيد؟    المفتي يحذر الحجاج: «لا تنشغلوا بالتصوير والبث المباشر»    في العالمي للتمريض، الصحة: زيادة بدل مخاطر المهن الطبية    محافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يشهدان تسلم دليل تنفيذ الهوية البصرية للمحافظة    منها إطلاق مبادرة المدرب الوطني.. أجندة مزدحمة على طاولة «رياضة الشيوخ» اليوم    «بشنس يكنس الغيط كنس».. قصة شهر التقلبات الجوية وارتفاع الحرارة في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحب فكرة المضخات بحرب أكتوبر .. اللواء باقي زكي يوسف: الفكرة وصلت لأعلى مستوى في 12 ساعة
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 10 - 2010

بالرغم من صغر سنه وقتها، وحضوره الاجتماع وسط قادة كبار إلا أنه أطلق الفكرة التي ردت لنا أرضنا وكرامتنا .. فكرة بسيطة وسهلة وعبقريتها كانت في بساطتها، فكرة فارقة .. غيرت تاريخ مصر المعاصر وتاريخ المنطقة بل وسُجلت كبراءة اختراع وأصبحت تُدرس في الجامعات على مستوى العالم... فكرة استخدام مضخات المياه لفتح ثغرات في خط بارليف، إنه اللواء باقي زكي يوسف، صاحب الفكرة التي دكت حصون الإسرائيليين في ساعات قليلة.
- كيف جاءتك فكرة استخدام مضخات المياه لاقتحام خط بارليف؟
كنت رئيس فرع المركبات بالجيش الثالث الميداني، وكنا موجودين غرب القنال في مايو 1969، وصدرت لنا تعليمات بالاستعداد للعبور وكانت أكبر مشكلة أمام الفرقة هي التغلب على الساتر الترابي وفتح ثغرات فيه.
واستعان الإسرائيليين بشركات متخصصة ودرسوا وبنوا خط بارليف وكلفوه ملايين، وظلوا يرفعوا منه ويزيدوا عليه سنوات متتالية على أساس أنه سيكون حدود إسرائيل ولا يمكن اختراقه، وكان الجيش المصري يبعث بعمليات خلف خطوط العدو فتجمع لنا كل المعلومات التي نحتاج إليها، وبلغ الموقف صعوبته القصوى عندما أكد الخبراء الروس أن خط بارليف يحتاج إلى قنبلتين نوويتين لاختراقه.
وفي عام 1969 صدرت الأوامر أن نستعد للحرب، وأثناء اجتماع القادة برئاسة اللواء سعد زغلول عبد الكريم لدراسة الأفكار المقترحة للعبور، وجدت أن كل الاقتراحات التي تم عرضها كان زمن فتح الثغرة فيها كبير، يتراوح بين 12 – 15 ساعة، وكانت الخسائر البشرية المتوقعة لا تقل عن 20% من القوات.
وحتى دخلت الاجتماع لم يكن في ذهني أي حل للمعضلة العسكرية والعائق الضخم المتمثل في خط بارليف، ولكن عندما شرح القائد طبيعة المانع وفهمت أنه يغلب عليه الساتر الترابي تذكرت عملي بالسد العالي، حيث كنت أعمل كمنتدب في بداية الستينات من ابريل 64 وحتى نكسة 67، ومضخات المياه التي كانت تهزم التراب في دقائق معدودة، فرفعت يدي فورا وقبل أن يحل دوري في الكلام.
فطلب مني القائد الانتظار حتى يحل دوري، ولكني أكدت له أن ما سأقوله هام وعاجل، فسمح لي، فقلت له: "انتو بتقولوا رملة .. وربنا أدانا الحل قدام المشكلة وتحت رجلينا وهو الميه .. وفي الحالة دي الميه حتكون أقوى من المفرقعات والألغام والصواريخ وأوفر وأسرع"، مجرد ما أنهيت كلامي وجدت سكون في القاعة، لدرجة أني "خوفت أكون خرفت".
- ألم تقلق أثناء اقتراحك هذه الفكرة أن يتم السخرية منك أو ينهرك قائدك أن تتحدث في غير تخصصك؟
إطلاقا، كلنا كان همنا الأكبر مستقبل المعركة ومستقبل مصر، ولم نكن نفكر في أي اعتبارات شخصية، وكان وقتها يوجد ترحيب بالشباب وبالأفكار الجديدة، وسترى بنفسك كيف تطور الأمر من اقتراح الفكرة إلى التنفيذ في بساطة وجدية.
- وماذا حدث بعد أن اقترحت الفكرة؟
فتح باب النقاش بين قادة كل الأسلحة، كل في تخصصه، ولم يكن هناك مشكلة مبدئية بالنسبة للفكرة، ولكن كان الأهم أن تكون مضخات المياه صغيرة، بحيث تركب على القوارب المطاطية ويمكن المناورة بيها لتأمين سلامتها وسلامة الجنود المسئولين عن تشغيلها.
- وماذا حدث بعد ذلك؟
بعدما عرضت الفكرة على قائد الفرقة اللواء سعد زغلول عبد الكريم، كلم نائب رئيس العمليات اللواء أركان حرب محمود جاد التهامي، وأخبره أن ضابط برتبة مقدم في فرقته لديه فكرة يريد عرضها عليه، فسأله: اسمه إيه؟ قاله فلان، قاله: "لأ ده أنا عارفه ده ما بيهزرش هاتهولي".
يعني احترم اسمي واحترم فكرتي رغم إني كنت مقدم وصغير في السن، ثم ذهبنا في اليوم التالي إليه، ومجرد ما سمع الفكرة وهو جالس على المكتب، خبط بأيده على البنورة وقال "هي ماتجيش إلا كده".
وخلال 12 ساعة، ما بين الساعة 12 ليلا وحتى الساعة 12 ظهر اليوم، التالي كانت الفكرة وصلت لأعلى مستوى في القوات المسلحة، وفي أقل من أسبوع كانت وصلت للرئيس جمال عبد الناصر، القائد الأعلى للقوات المسلحة.
تنفيذ الفكرة
وهل تابعت تنفيذ الفكرة بنفسك؟
لا، لأن المسئولية انتقلت إلى إدارة المهندسين، والتي درست الفكرة من كافة نواحيها وجربوا أكثر من نوع من أنواع المضخات، وقاموا بالعديد من التجارب العملية والميدانية للفكرة زادت على 300 تجربة اعتبارا من سبتمبر عام 1969 حتى عام 1972 بجزيرة البلاح بالإسماعيلية، حيث تم فتح ثغرة في ساتر ترابي أقيم ليماثل الموجود على الضفة الشرقية للقناة.
- معنى هذا أن الجنود تدربوا على استخدام المضخات والاختراق.
الجنود تدربوا على كل عمليات الحرب قبل الحرب، والتدريب في أغلب الأحوال كان أشق من الحرب نفسها بمراحل، وكان كل الجنود في شوق شديد لاستعادة أرضنا وكرامتنا، كان هذا شعور الجميع صغارا وكبارا.
- هل كان تنفيذ الفكرة متفق مع توقعاتك؟
سلاح المهندسين بذل مجهود كبير في تحسين الفكرة في سرية تامة، واستيراد المضخات من ألمانيا باعتبارها وسيلة زراعية كان خطوة موفقة، أما نتيجة الحرب فكلنا شاهدنا النتيجة بأنفسنا، فبفضل هذه الفكرة استطعنا عبور بعض الثغرات بعد 4 ساعات بدلا من 12 ساعة، وكانت قواتنا بتتدفق على الضفة الغربية، بحلول الساعة 10 مساءا كان هناك 80 ألف جندي مصري موجودين في الجانب الآخر من الضفة، لم نفقد منهم إلا 78 جندي فقط في موجات العبور الأولى.
وأفقدنا العدو توازنه، لدرجة أن القادة الإسرائيليين عندما بلغهم بداية عملية العبور وحدوث الثغرات سألوا .... المصريين فتحوا الثغرات إزاي؟ أما أتقالهم بالميه ... ردوا ... كسبوا الجولة الأولى!!
النصر
- كيف كان شعورك بعد النصر؟
شعور لا يوصف ... الحمد لله .. أحنا الأرض بالنسبة لنا عرض لكن العدو مرتزقة .. وعندما انتقلت إلى الضفة الغربية مع رجالي ... كانت الخنادق أشبه بالمجزر الآلي يوم العيد ... كم الجثث والقتلى كان غير معقول، وفكرة مضخات المياه التي كانت أحد أسباب النصر قللت خسائر الأفراد والمعدات وكانت سبب رئيسي في النصر واستعادة الأرض، ويكفي أن يفتخر بي أبنائي وأحفادي على مستوى العالم، ويكفي أني كنت من عناصر هذا النصر.
ويكفي أن ألتقي وقت وقف إطلاق النار بحاخامات يهود كانوا يجمعون جثث قتلاهم، فأسمع بأذني صوت أسنانهم يصطك خوفا مني أثناء تحدثهم معي، وأنا أؤكد أن أي إسرائيلي حضر حرب 1973 لا يمكن يدخل في حرب ثانية أمام مصريين، ولكننا نستطيع.
- هل تم تكريمك على هذه الفكرة؟
حصلت على نوط الجمهورية العسكري من الدرجة الأولى من الرئيس أنور السادات سنة 1974، وبه إشادة بأعمال استثنائية لم يحن بعد وقت التحدث عنها، كما حصلت على وسام الجمهورية من الطبقة الثانية من الرئيس محمد حسني مبارك سنة 1984، ولكن أكبر وأهم تكريم حصلت عليه، عندما طلبت تسجيل الفكرة باسمي حتى أحفظ حقوقي المعنوية، وجاءني اتصال من اللواء سعد زغلول عبد الكريم، الذي قال لي "أنا النهاردة بأمضي إمضاء من أشرف إمضاءاتي العسكرية"، فشكرته جدا وقلت له "يا افندم لو مكنتش حضرتك سمعتها ودعمتها وأديتها ثقلك مكنتش اتنفذت"، قاللي "لأ يا ابني ماتقولش كده ... ده انت اديتنا الطفشاة اللي فتحنا بيها بوابة مصر"، ويكفي أنه لم ينسبها لنفسه كما نسمع في هذه الأيام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.