«هل يمكن لرئيس دولة أن يستخدم أجهزة مخابرات بلاده فى قضية مما لا شك فيه أنها حساسة ومهمة لكنها تمس مصالح حزبه بالدرجة الأولى أكثر من المصلحة الوطنية؟!».هذا التساؤل الاستنكارى طرحته صحيفة «لوموند» الفرنسية على صفحتها بعد أن قررت مقاضاة الرئيس نيكولا ساركوزى، بدعوى أنه سعى بطريقة غير قانونية إلى التعرف على مصدر للصحيفة سرب لها معلومات عن التحقيق فى قضية ليليان بيتانكور، أغنى سيدة فى أوروبا، والتى يدور الحديث عن تورط ساركوزى ووزير العمل إيريك فيرت فيها. وقال مدير أخبار الصحيفة سيلفى كوفمان فى مقال إن «الرئيس خرق قانون سرية المصادر»، مضيفا أن مصادر للصحيفة فى الشرطة أبلغتها أن جهاز المخابرات الداخلى درس سجلات الاتصالات الهاتفية لمصدر فى وزارة العدل زود لوموند بمعلومات عن التحقيق مع مدير حسابات بيتانكور، باتريس دو مايستر. فقد تضايق ساركوزى من التسريبات التى بنت الصحيفة على أساسها قصة عن الموضوع فى يوليو الماضى شملت تفاصيل عن استجواب الشرطة لمدير حسابات بيتانكور، التى مولت حسب موظفة سابقة لديها، بصورة غير قانونية حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» الحاكم فى عام 2007. وبحسب الصحيفة فإن الرئيس أمر بتقصى مصدر التسريبات، وهو ما قام به جهاز المخابرات الداخلى دون تفويض قضائى، متهمة الحكومة بالعمل على إخراس وسائل الإعلام التى تتناول قضية بيتانكور.وقد أضرت هذه القضية بساركوزى وبوزير العمل المتهم بجمع تبرعات غير قانونية من الثرية الفرنسية عندما كان أمين صندوق الحزب الحاكم. غير أن الإليزيه (قصر الرئاسة) نفى فى بيان التجسس على مصادر لوموند، مشددا على أن ساركوزى لم يعط أى تعليمات فى هذا الشأن لأى جهاز أمنى. وقالت الصحيفة إن نتائج التقرير الذى سلمته مديرية فرع المعلومات للإليزيه فى يوليو الماضى كانت وراء إزاحة المستشار فى مكتب وزيرة العدل ميشال أليو مارى، دافيد سانا، إذ تم إرساله فى مهمة إلى كايان فى غويانا الفرنسية، لكون مصدر المعلومات المسربة. وللصحفيين فى فرنسا حق رفض الكشف عن مصادرهم، حيث يحميهم القانون من تحقيقات الشرطة إلا فى حالات استثنائية. وكان قد تم الكشف عن فضيحة «فيرت بيتانكور»، بفضل تسجيلات صوتية قام بها خادم ليليان بيتانكور، بناء على طلب من ابنتها، للمبالغ المالية الكبيرة التى أهدتها والدتها لصديقها.