عندما يستشعر الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى بأن هناك قضية تمس الأمن العام فى فرنسا وتستدعى خطابا جادا، فإن أولى المفردات اللغوية التى تتفتق إلى ذهنه هى إعلان «الحرب»، هكذا بدأت صحيفة «لوموند» الفرنسية تقريرا لها بعنوان: «ساركوزى.. ثمانى أعوام من إعلانات الحرب». وتابعت الصحيفة أنه فى أعقاب أعمال الشغب التى وقعت فى الحى اليونانى منذ يومين، أعلن رئيس الدولة عزمه خوض «حرب» ضد «المهربين» أو المهاجرين غير الشرعيين، وهو التصريح الذى لم تعد له أهمية بسبب كثرة حروب ساركوزى منذ توليه مناصب قيادية فى الدولة. وأضافت «لوموند»: منذ توليه منصب وزير الداخلية، وساركوزى يقدم نفسه على أنه الرئيس المحارب، واستشهدت الصحيفة بمقتطفات من خطابات أدلى بها منذ تقلده وزارة الداخلية، ومنها فى 27 يونيو 2002، عندما جمع المديرين التنفيذيين ونحو 2000 من قادة الشرطة، بدأ خطابه ب«يجب علينا العمل على الحد من الجريمة»، مضيفاً: «نحن من سنكسب الحرب ضد أعداء الأمن». وفى 24 أكتوبر 2002، أعلن وزير الداخلية أثناء زيارته لأحد أحياء ستراسبورج حيث تم إحراق عدد من السيارات ضمن أعمال شغب شهدتها تلك المنطقة، زيادة أعداد رجال الأمن فى المنطقة، قائلاً: «لكى نستطيع الوصول إلى الخارجين على القانون يجب أن نشن حربا ضدهم». وكرر ساركوزى مصطلح الحرب فى 14 فبراير 2003 ، خلال جلسة استماع أمام لجنة مكافحة المخدرات بمجلس الشيوخ، قائلاً: «من الواضح أن المخدرات مازالت تتداول بين مواطنينا، إذن فالحرب يجب أن تستمر على تجار ومروجى الممنوعات»، وفى أول يوليو 2003 كان إعلان جديد للحرب ضد السائقين المتهورين على الطرق. وتابعت الصحيفة أنه مع انتخاب ساركوزى رئيسا للبلاد، بدأ رئاسته بالتأكيد على معاركه، ففى 8 فبراير 2008 ، قال: «غدا ستكون حربا دون رحمة على المجرمين ومخالفى القواعد المرورية، وتجار المخدرات وكل أعداء الأمن». فى العام التالى، ظلت المعركة مستمرة، عندما ذهب نيكولا ساركوزى فى زيارة إلى سان دينيس التى شهدت وقتها أعمال عنف وشغب من قبل أقليات، أعلن خلالها «حربا شاملة على عصابات العنف». وواصل ساركوزى حربه ولكنه انتقل بها إلى حقل جديد وهو التعليم، حيث أعرب فى 29 سبتمبر 2009، عن عزمه شن «حرب بلا هوادة ضد المتسربين من التعليم». واختتمت «لوموند» تقريرها بأنه من بين كل حروب ساركوزى ظلت الحرب ضد الجريمة على رأس كل المعارك، مواصلا طرحها فى خطاباته طوال ثمانى سنوات بلا هدنة. جاء تقرير «لوموند» بعد إعلان الرئيس الفرنسى مؤخراً عن عقده اجتماعا خاصا الأسبوع المقبل لمناقشة الهجوم المحتمل على المعسكرات غير القانونية للغجر فى فرنسا فى أعقاب اندلاع اشتباك عنيف بين الشرطة ومجموعة من المهاجرين، والتى تفجرت عقب مصرع شاب من أصول رومانية فى مطاردة برصاص الشرطة عند محاولته الهرب من نقطة تفتيش. وفى السياق ذاته، وجهت أكثر من جهة اتهامات لساركوزى بممارسة التمييز ضد الغجر وتشويه صورتهم، ويواجه الرئيس الفرنسى، زعيم حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، الكثير من الأزمات الداخلية والفضائح المالية، كان آخرها فضيحة «لوريال» التى أجبرته على المثول أمام وسائل الإعلام لتبرئة وزير العمل من تقديم خدمات لوريثة إمبراطورية لوريال، ليليان بيتانكور من أجل الحصول على أموال لحملته الانتخابية.
