تهدد الزيادات المتتالية لسعر القمح فى العالم برفع قيمة الدعم المقدم للخبز فى مصر، أكبر مستورد له فى العالم، وهو ما قد ينعكس سلبا على عجز الموازنة، بعد أن صعد سعر طن القمح الذى أشترته مصر خلال شهر واحد بنسبة 13%، على خلفية موجة الجفاف التى تواجهها روسيا، أحد أكبر منتجى المحصول فى العالم. وقال محلل مالى فى أحد بنوك الاستثمار، فضل عدم نشر اسمه، إن سعر الطن فى شحنة قمح اشترتها مصر منذ شهر كان 212 دولارا، ووصل إلى 240 دولارا فى الشحنة التى استوردتها قبل عدة أيام، وأشار إلى أن كلا من روسيا وأمريكا تعدان أكبر مصدرين للقمح إلى مصر، تليهما كندا وكازاخستان. وتقف موجة الجفاف الحادة التى تواجهها روسيا فى هذا الموسم وراء ارتفاع الأسعار، حيث يؤدى العجز فى إنتاجها بالضرورة إلى تراجع المعروض العالمى، «سعر القمح يخضع لآلية العرض والطلب بمعنى أن زيادة العرض تخفض سعره والعكس صحيح» كما قال حمزة عبدالعليم، عضو المؤسسة الأمريكية للقمح. وقال عبدالعليم إن أى عجز فى القمح الروسى سيؤثر سلبا على قيمة واردات مصر منه، لأن سعر القمح الروسى أقل من الدول الأخرى المعروفة بتصديره مثل أستراليا وأمريكا، إضافة إلى أن تكلفة استيراده من روسيا أقل بسبب قربها من مصر، «شحنة من أمريكا تستغرق شهرا حتى تصل إلى مصر، فى حين أنها من روسيا تستغرق نصف هذه المدة»، وبمعنى آخر فإن المشكلة لن تكون فى عدم وجود القمح لأن مناقصات شرائه مفتوحة لكل الدول، ولكن فى التكلفة. وترى ضحى عبدالحميد، أستاذ الاقتصاد التمويلى فى الجامعة الأمريكية، أن زيادة الأسعار وقيمة الدعم ستصعد بالضغط على ميزانية الدولة وتوسع من رقعة العجز فيها والذى وصل إلى 8.3% فى العام المالى المنتهى فى يونيو الماضى، وستكون الحكومة مضطرة إلى حل من اثنين، كلاهما مر، إما زيادة الإيرادات عبر رفع الضرائب، أو تقليص الدعم المقدم للخبز، «رغم صعوبة الحل الثانى ونفى الحكومة له مرارا وتكرارا إلا أنه غير مستبعد، خاصة أنها فعلت نفس الإجراء مع الطاقة والكهرباء والمياه». «ستؤثر الزيادة فى الأسعار سلبا على الدعم المقدم للخبز فى مصر»، أضاف المحلل المالى، وقال إن حجم الدعم المقدم للقمح يدور سنويا حول 16 مليار جنيه، وتستورد مصر نحو 60% من احتياجاتها من القمح سنويا والتى تصل إلى نحو 15 مليون طن، وتعد أكبر مستورد له على المستوى العالمى. وتوقع محللون عالميون فى جريدة فاينانشال تايمز أمس الأول استمرار موجة الصعود فى أسعار القمح العام الحالى، خاصة إذا اتخذت روسيا قرارا بحظر تصدير القمح للحفاظ على كميات منه كافية لحاجة الاستهلاك المحلى بأسعار منخفضة، كما فعلت فى موسم عام 2007 2008. وعضدت شركة فالارس التى تعد ثالث أكبر تاجر للقمح فى العالم وتتخذ من روسيا مقرا لها تلك التوقعات، وأشار رئيسها التنفيذى فى تقرير نشرته وكالة بلومبرج الإخبارية إلى أن السعر سيصل إلى 300 دولار للطن «فى وقت قصير». ورغم أن مؤسسة خبراء الحبوب العالمية استبعدت أن تتوقف روسيا عن تصدير القمح هذا الموسم، وأشارت إلى أنها ستصدر نحو 13 مليون طن هذا الموسم والذى بدأ منذ يوليو الماضى، إلا أن مدير فالارس التنفيذى، أكد أن المزارعين فى روسيا توقفوا عن بيع محصولهم من القمح، بل إن بعضهم قام بفسخ عقود مع مشترين كانوا اتفقوا عليها فى وقت سابق بسعر أقل، وذلك أملا فى تحقيق ربح أكبر بعد ارتفاع الأسعار مجددا.