فى ظل انشغال حكومة "الوطنى" بتنفيذ سيناريو التوريث وكيفية التعاطى مع المشاكل التى تعترض طريق جمال مبارك نحو الوراثة، بالإضافة إلى الصراعات الداخلية بين أجنحة الحزب فيما يعرف بالحرسين القديم والجديد، والمتمثل فى الاضطراب الظاهر فى تحديد اسم مرشح الحزب فى "انتخابات" الرئاسة القادمة. فى ظل كل هذه المعطيات نسيت حكومة "الوطنى" أهم مقومات الحياة لأى وطن وأى شعب.. ألا وهما الماء والخبز.. فقد خدرت حكومة "الوطنى" الشعب بعدم أهمية تحركات الصهاينة فى دول حوض النيل، ثم فوجئت الحكومة نفسها بالمشكلة، وها هى تفاجأ مرة أخرى بمشكلة تهدد المواطن المصرى بعدم حصوله على رغيف الخبز بعد القرار الروسى بحظر تصدير القمح "الفاسد" بسبب الجفاف. مخاطبة الجانب الروسى وفى أول رد فعل رسمى من جانب الحكومة على القرار الروسى بحظر تصدير القمح، تعتزم وزارة التجارة مخاطبة الجانب الروسى رسميا عدم تطبيق القرار بأثر رجعى بحيث يتم استثناء التعاقدات السابقة على صدور القرار والخاصة بهيئة السلع التموينية من الزيادة الجديدة لتفادى أى تأزم فى العلاقات مع الجانب الروسى، وفيما أكدت الوزارة أن الحكومة لن تتردد فى زيادة موازنة دعم الخبز فقد استبعدت وزارة المالية فتح اعتمادات إضافية لهيئة السلع التموينية.
فى سياق متصل، عقد المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة، اليوم، اجتماعا عاجلا مع قيادات الوزارة وعدد من مستوردى القمح لبحث تداعيات القرار الروسى بحظر تصدير القمح والذى يسرى اعتبارا من منتصف الشهر الحالى وحتى نهاية العام، ويبحث الاجتماع الموقف القانونى من التعاقدات التى تمت مع الجانب الروسى قبل صدور القرار، جانب موقف المخزون الاستراتيجى من القمح وموقف التوريدالمحلى والإجراءات القانونية التى يمكن اتخاذها مع الجانب الروسى.
وأكد هشام رجب، مستشار وزير التجارة والصناعة، أن الحكومة لن تتردد فى زيادة موازنة دعم رغيف الخبز ممثلا فى دعم أسعار القمح المستورد 13.8 مليار جنيه فى موازنة العام الحالى، وذلك فى ظل الزيادات الطارئة فى أسعار القمح عالميا والتى وصلت، خلال الشهر الماضى، إلى 70 دولاراً للطن ووصل معدل الزيادة، خلال الشهر الحالى، إلى 90 دولاراً للطن، مشيرا إلى أن الحكومة قامت، قبل عامين، بزيادة ميزانية الهيئة لتغطية الزيادة فى أسعار السلع الغذائية وتستورد هيئة السلع التموينية نحو 6 ملايين طن. وأكد أن الجانب الروسى لم يوضح موقفه من التعاقدات التصديرية السابقة على صدور القرار، وهل سيتم السماح بتنفيذها أم سيشملها قرار حظر التصدير، وستتم مخاطبة الجانب الروسى رسميا فى هذا الصدد خلال أيام.
وكانت الهيئة العامة للسلع التموينية قد تعاقدت، قبل عدة أيام، على شراء 180 ألف طن قمح روسى بأسعار وصلت إلى 270 دولاراً للطن وبزيادة 46% خلال شهر واحد فقط.
من جهته، قال عاطف ملش، رئيس قطاع الموازنة العامة بوزارة المالية، إن تقلب الأسعارالعالمية للقمح لا يستدعى فتح اعتمادات مالية إضافية بالموازنة، لاسيما أنها فى بداية عامها الجديد 2010 / 2011، مؤكدا أن أى احتياجات يتم تدبيرها من الموازنة.
انخفاض المخزون الاستراتيجي كما أعلنت الهيئة العامة للسلع التموينية أمس، أنها اشترت 240 ألف طن من القمح الفرنسي للشحن في الفترة من الأول إلى الخامس عشر من سبتمبر، وطرحت مناقصة "عاجلة" لتوريد نحو 55 ألف طن متري من القمح، لمواجهة العجز فى المخزون الاستراتيجي للقمح.
وقال نعماني نصر نعماني، نائب رئيس الهيئة، إن الهيئة تعاقدت على أربع شحنات كل منها 60 ألف طن بأسعار دارت بين 279.69 دولار للطن و283.69 دولار للطن تسليم ظهر السفينة (فوب).
وأعلن عن طرح مناقصة عاجلة لتوريد نحو 55 ألف طن من القمح خلال الفترة من الأول إلى الخامس عشر من سبتمبر، لمواجهة العجز فى المخزون الاستراتيجي للقمح، وأضاف، إنه تم استبعاد روسيا وكازاخستان من العطاء بسبب إعلان روسيا وقف صادراتها من القمح والحبوب للخارج، نتيجة موجة الجفاف وسوء الأحوال الجوية التي اجتاحت روسيا والعالم خلال الفترة الماضية، وفقًا لما أورده موقع "بلومبرج" المعني بالأخبار الاقتصادية.
يأتي هذا في الوقت الذي كشفت فيه مصادر بالهيئة، أن المخزون الاستراتيجي للقمح لا يكفى أكثر من شهرين فقط، وأن الهيئة تحاول جاهدة زيادة المخزون إلى أكثر من 3 أشهر لمواجهة أي موقف طارئ فى الأسواق العالمية للقمح.
مخاوف من عودة أزمة الخبز وتخشى الهيئة من التداعيات المحتملة لنقص المعروض من الأقماح فى الأسواق العالمية، نتيجة موجة الجفاف التي تجتاح روسيا، وأن يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعاره، لتعود أزمة الخبز فى مصر للظهور مرة أخرى كما حدث العام الماضي، خاصة مع انخفاض توريدات الفلاحين من القمح هذا العام بالرغم من رفع وزارة الزراعة سعر شراء الإنتاج المحلي إلى 270 جنيهًا للأردب.
وتوقعت المصادر أن تتغاضى الهيئة عن الضوابط الخمس التي كانت وضعتها على استيراد الأقماح المستوردة بسبب قلة المعروض وارتفاع الأسعار. وهذه الضوابط تقضي بمضاعفة قيمة الضمانات المالية المقدمة من شركات المراجعة المعتمدة دوليا والمقيدة بسجلات الهيئة الموكل إليها فحص القمح في ميناء الشحن، ومعاقبة المخالفين بعقوبات تصل إلى الشطب من سجل الهيئة في حال ورود شحنات قمح غير مطابقة للمواصفة القياسية المصرية، وكذلك استمرار هيئة السلع التموينية في استيراد احتياجات القمح من البلاد مباشرة.
يذكر أن الهيئة المصرية العامة للسلع التموينية كانت قد أعلنت فى يونيو الماضي عن شراء 120 ألف طن من القمح الروسي للتسليم في الفترة من 21 إلى 31 يوليو 2010 بسعر 165 دولارا للطن على شحنتين بواقع 60 ألف طن للشحنة من شركتي فينوس وأستون، ولا يعرف حتى الآن إذا ما كان قد تم تسليم هذه الشحنة أم لا بسبب القرار الروسي وقف بحظر تصدير الحبوب للخارج .
إلى ذلك، أكد الدكتور على مصيلحي وزير التضامن الاجتماعي، أنه لا تخفيض لأي كميات من حصص الدقيق البلدي المخصص للمخابز البلدية التي تنتج رغيف الخبز المدعم والمحدد سعره بخمسة قروش، وذلك بسبب ارتفاع أسعار العالمية، والتي أشار إلى أنها لا تمثل أي عبء على ميزانية دعم الخبز محليا، وأكد أن هذه المستويات لا تزال فى الحدود الآمنة ولا تتطلب أي تدخل من الحكومة، وفق قوله.
وقال الوزير إنه سيطلب دعما أضافيا لرغيف الخبز إذا استمرت الأسعار في الارتفاع, وأشار إلي انه طلب دعما أضافيا فى عام 2008، عندما ارتفعت أسعار القمح عالميا وبلغت أكثر من 500 دولار للطن وتحملت الحكومة فروق الأسعار المرتفعة وقتها للإبقاء علي الكميات المخصصة للمخابز، موضحا أن الكميات المخصصة للمخابز حاليا تزيد علي 675 ألف طن قمح شهريا تسلم لأكثر من 23 ألف مخبز لإنتاج مابين 220 مليون إلى 240 مليون رغيف يوميا على مستوى الجمهورية.
فجوة بين الإنتاج والإستهلاك وأكد مصيلحي أن وزارة التضامن الاجتماعي مستمرة في زيادة حصص الدقيق البلدي للمناطق التي يقل فيها نصيب متوسط الفرد من الرغيف، وذلك بالتنسيق مع المحافظين ومديريات التموين وزيادة حصص الدقيق البلدي بالمستودعات في المحافظات الحدودية، حسب تعبيره.
يذكر أن مصر تستهلك نحو 12 مليون طن قمح سنويا ينتج منها محليا حوالي 6.5 مليون طن ويتم استيراد الباقي من الخارج لسد الفجوة الغذائية بين الإنتاج والاستهلاك.
وشهدت مصر العام الماضي ومطلع هذا العام جدلا واسعا حول جودة القمح المستورد منذ أن أمرت في عام 2009 بإعادة تصدير شحنات قمح روسية قالت عنها أنها غير مطابقة لمواصفات الجودة المصرية.
ووفقا لخبراء الحبوب، فإن القمح المصري يتمتع بنسبة بروتين عالية جدا تفوق 13 % تقريبا، ونسبة جيلوتين تزيد علي 25 %، وهي أعلي بكثير من النسب التي حددتها المواصفة القياسية المصرية لاستيراد القمح من الخارج.
يشار إلى أن مصر تعد أكبر بلد مستورد للقمح في العالم. وعلى مدى السنة المالية المنتهية في 30 يونيو اشترت هيئة السلع التموينية 5.53 مليون طن من القمح الأمريكي والفرنسي والروسي والألماني والكازاخستاني والكندي في مناقصات عالمية.
الاحتياطي يكفي من 3 إلى 5 شهور! وعلى العكس ما أعلنته هيئة السلع التموينية، زعم الدكتور علي المصيلحى وزير التضامن الاجتماعى تعدد مصادر استيراد القمح فى مصر، مشيرا إلى أن توفير الخبز المدعم للمواطنين لن يتأثر بالارتفاع المفاجىء فى أسعار القمح العالمى نتيجة موجة الجفاف التى ضربت روسيا.
وقال المصيلحى، فى تصريحات صحفية له أمس السبت، عقب المؤتمر الشعبى الذى عقده بقرية الصورة مركز كفر صقر بمحافظة الشرقية "إن مصر تعتمد على سياسة تعدد المناشىء فى استيراد القمح وعدم الاعتماد على دولة واحدة"، وطمأن المواطنين على كفاية الاحتياطى الاستراتيجى من القمح الذى يكفى من 3 إلى 5 شهور إلى جانب تعاقدات مستقبلية.
وأوضح أنه سيلجأ لمجلس الشعب لتعزيز بند دعم الخبز إذا استمرت معدلات ارتفاع الأسعار العالمية للقمح خلال الفترة المقبلة.
وأكد وزير التضامن أنه لا نية لرفع أسعار السلع التموينية المدعمة، منوها بضم 765 ألف مواطن جدد لبطاقات التموين بعد استبعاد الوفيات والمسافرين للخارج.
ودعا المواطنين للابلاغ عن أية تجاوزات من الشركاء فى توفير الخبز المدعم وأسطوانات البوتجاز أو صرف المقررات التموينية، ووعد بالتحقيق فى كافة الشكاوى التى ترد من المواطينن حفاظا على حقوقهم إلا أنه لن يتم الالتفات للشكاوى الكيدية.
وفى الوقت الذى يوزع فيه الحزب "الوطنى" ما سمى ب"شنطة رمضان" بزعم مساعدة الفقراء، شدد الدكتور علي المصيلحى وزير التضامن الاجتماعى على حظر استخدام شنط رمضان فى الدعاية الانتخابية للمرشحين مع اقتراب انتخابات البرلمان، مشيرا إلى أن الوزارة وضعت ضوابط صارمة بالتنسيق مع المؤسسات والجمعيات الأهلية الكبرى لتوزيع نحو 3 ملايين شنطة رمضانية على الفقراء تحتوى على احتياجات الأسر من السلع الأساسية بكميات مناسبة.
وقال المصيلحى "إن التوزيع يجرى حاليا بالتنسيق بين وزارة التضامن والجمعيات الأهلية حتى نقطع الطريق على محترفى الحصول على المساعدات من الجهات المختلفة ونضمن وصولها للجميع"، مشيرا إلى أن وزارة التضامن توفر معلومات للجمعيات الأهلية من خلال خرائط الاستهداف للمناطق الأكثر احتياجا بالإضافة إلى تحديد مناطق جغرافية لكل جمعية لمنع تكرار التوزيع فى المنطقة الواحدة.
وشرح وزير التضامن، خلال المؤتمر الشعبى، رؤية الوزارة بالاتجاه إلى التنمية البشرية للاستفادة من طاقات الشباب المعطلة فى الإنتاج سواء فى القطاع الخاص أو المشروعات الصغيرة، كما دعاهم للتوجه نحو المدن الجديدة للاستفادة من إمكانياتها فى خلق فرص العمل ومساكن الشباب بدلا من الاستمرار فى التعدى على الأرض الزراعية والتكدس فى القرى الفقيرة فى انتظار فرصة عمل قد لا تكون مناسبة.