تكره أم عمر السلاح وأزيز الرصاص، لكن خوفها على أبنائها وبيتها من "الإرهابيين" أجبرها على تعلم إطلاق النار، هكذا تشرح زوجة أحد عناصر شرطة الأنبار، غرب بغداد، لماذا تتعلم على يد زوجها إطلاق النار. ولا شك أن موجة العنف التي عمت العراق في أعقاب الاجتياح الأمريكي عام 2003، وسيطرة الجماعات المسلحة على عدة مناطق بينها محافظة الأنبار، تشكل المبرر الرئيسي للبحث عما يضمن أمن العائلة. وتؤكد أم عمر - 27 عاما: "أكره استخدام السلاح وحمله وصوت الرصاص، لكن الوضع الأمني وخوفي على أبنائي وبيتي أجبروني على ذلك". وحال أم عمر كحال كثير من زوجات الموظفين الحكوميين ورجال الأمن، وخصوصا ضباط الشرطة الذين قد يتغيبون لأيام في محافظة الأنبار التي كانت إحدى أهم معاقل تنظيم القاعدة في السنوات الماضية. ويقول أحمد كريم - 32 عاما - زوج أم عمر الذي يعمل مفوضا في شرطة الأنبار: "دربتها على استخدام المسدس للدفاع عن الأولاد والبيت عند الضرورة أثناء غيابي". وأشار كريم إلى تعرض منزله منذ أشهر إلى محاولة اقتحام من مسلحين مجهولين، وعندها لم تجد زوجته، وهي أم لولدين وابنة أكبرهم في ال12، ما تدافع به عن أولادها وبيتها "غير الصراخ والعويل". وتابع: "لكن اليوم أصبحت زوجتي تملك سلاحا خاصا وتجيد استخدامه". وتتلقى النساء التدريب غالبا في حديقة المنزل أو في مناطق ريفية ومزارع تابعة للعائلة أو الأقارب. ويعد المسدس السلاح الرئيسي الذي يتدربن عليه لسهولة حمله، فيما يتدرب عدد محدود من النساء على استخدام "الكلاشنكوف" في المناطق الريفية غالبا. وتقول غادة أحمد، أم أنور (24 عاما)، زوجة الملازم فراس العيساوي في شرطة الفلوجة، وتبعد 60 كم إلى الغرب من بغداد: "في غياب الأزواج، باتت زوجات رجال الشرطة مسئولات عن حماية العائلة في الليل". وتضيف أم أنور، وهي أم ل4 أطفال، أكبرهم في السادسة، وهي ترتدي حجابا ورديا وتحمل بندقيتها، بثقة عالية: "حتى عندما يعودون يكونون متعبين، فنتركهم يرتاحون، ونتولى نحن حراسة المنزل". وتتدرب أم أنور مع زوجها على إطلاق النار من بندقية كلاشنكوف وبندقية صيد، في مزرعة العائلة غرب الفلوجة. ويقول أحد رجال الدين في مدينة الرمادي، مفضلا عدم كشف اسمه، إنه "من الضروري أن تجيد المرأة استخدام السلاح من أجل حماية أطفالها وبيتها عند الضرورة، وهو أمر نصت عليه الشرائع والأحاديث النبوية الشريفة". وتقول أم سامر، وهي أم ل5 أولاد وبنات أكبرهم في ال17: "أنا فخورة لكوني أصبحت قادرة على حماية أولادي وبيتي"، مؤكدة أنها لا تحمل السلاح "إلا في المنزل". ويرى اللواء بهاء القيسي، قائد شرطة الأنبار، أن تدريب النساء "ظاهرة حضارية، ولا مانع لدينا من ذلك"، مؤكدا أن "عددا من أعضاء مجلس المحافظة دربوا نساءهم". ويضيف: "ليس لدينا عدد كاف من عناصر الشرطة لتأمين حماية منازل المسئولين وعناصر الشرطة ولا منازل المواطنين في غيابهم". ويرى الشيخ عدنان خميس المهنة، أحد شيوخ عشائر "البوعلوان" المعروفة، أن "النساء العربيات يشاركن الرجال منذ القدم في الحروب، وللمرأة دور تاريخي حافل في البطولات". ويعتبر تدريب النساء "ظاهرة جميلة رغم كونها طارئة، فلولا الوضع الأمني لبلدنا لما وافقنا على أن تحمل النساء السلاح".