انعقاد لجنة اختيار المرشحين لمنصب عميد كلية التجارة بجامعة قناة السويس    رئيس جامعة جنوب الوادي يهنئ السيسي بالعام الهجري الجديد    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 24 يونيو 2025    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    أسعار النفط تهبط 4% بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    تنسيق مشترك بين الري والجيزة لتوفير مياه لإستخدامات المنطقة الصناعية بأبو رواش    وزير العمل يُعلن فتح باب التقديم على وظائف مكاتب التمثيل العمالى بالخارج    أسعار اللحوم البلدي والكندوز اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    رسميا.. الحكومة الإسرائيلية تعلن سريان وقف إطلاق النار مع إيران    بغداد: فتح الأجواء العراقية في المنطقة الجنوبية أمام الرحلات الجوية    ريمونتادا الأهلي ضد بورتو تفجر غضب الصحافة البرتغالية    الأهلي يمنح لاعبيه راحة من التدريبات 18 يومًا    أول تعليق من ريبيرو بعد وداع الأهلي كأس العالم للأندية    «الكرة مش أوفسايد».. أول تعليق من أفشة على لقطة مباراة بالميراس    الأرصاد: ارتفاع نسبة الرطوبة 3 درجات حتى الأحد المقبل    الثانوية العامة 2025.. بدء امتحان الإنجليزي لطلاب STEM    نتيجة الشهادة الإعدادية في محافظة قنا 2025 (طريقة الاستعلام فور الاعتماد)    سبب مشاركة سلوى محمد علي في أفلام أمريكية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    رئيس الوزراء يستعرض مع رئيس مؤسسة برجيل القابضة أوجه التعاون في مجال زرع النخاع    الديدان الطفيلية تساعد البشر في مكافحة السمنة.. كيف؟    علي الحجار يشيد ب«الأرتيست»: عرض عالمي يُشرف مصر نصًا وإخراجًا وتمثيلًا    الأمن العراقى: طائرة مسيرة مجهولة استهدفت الرادار فى معسكر التاجى    رد مثير من أفشة على الانتقادات والسخرية من لقطته أمام بالميراس    رغم تحذير أسرته، عودة العندليب بتقنية الهولوجرام بمهرجان موازين تثير اندهاش الجمهور (صور)    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع «المكياج»؟.. الإفتاء تُجيب    بوجبا يقترب من العودة إلى منتخب فرنسا    ضبط المتهمين باشعال النيران داخل سوق في حدائق القبة    البابا تواضروس يعزي بطريرك أنطاكية للروم الأرثوذكس في ضحايا الهجوم على كنيسة مار إيلياس    استدعاء مالك عقار شبرا المنهار لسماع أقواله    ضبط صاحب محل ملابس ب سوهاج استولى على 3 ملايين جنيه من 8 أشخاص بدعوى توظيفها    مصر للطيران تعلن استئناف تدريجي للرحلات الجوية بعد تحسن الأوضاع الإقليمية    "طلعت مصطفى" تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر.. وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    لطلاب الثانوية.. منح 75% للتسجيل المبكر بالبرامج الدولية بهندسة عين شمس    سلمى أبو ضيف: «مش مقتنعة بالخطوبة واتجوزت على طول عشان مضيعش وقت»    سلمى أبوضيف: وزني زاد 20 كيلو ب الحمل وتمنيت ولادة صوفيا يوم عيد ميلادي    "تعليم الشيوخ" تُطالب بتكاتف الجهود لمواجهة التنمر بالمدارس    أحمد جمال يكتب: قنبلة صيفية    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    عراقجي: إذا أوقفت إسرائيل هجماتها عند الرابعة فجرًا سنلتزم ب عدم الرد    متحدثة الحكومة الإيرانية: لم نبدأ الحرب وسندافع عن حياة شعبنا حتى النهاية    كانت تعبر الطريق.. تفاصيل مصرع سيدة صدمتها سيارة في الهرم    فرص تأهل الهلال إلى دور ال 16 من كأس العالم للأندية    تامر عاشور يشعل ليالي "موازين 20" بالرباط.. ومسرح العظماء يستعد لصوته    محمد سلامة يعلن انتهاء أزمة مرتبات العاملين بالاتحاد السكندري ويجتمع بلاعبي السلة والقدم    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    جماهير الأهلى تحفز اللاعبين بلافتات "أعظم نادى فى الكون"    ضبط عامل لاعتدائه على زوجته وزوجة شقيقه بسلاح أبيض في أبو النمرس    تحرير 8 محاضر منشآت طبية غير مرخصة في سوهاج (صور)    طريقة عمل المسقعة باللحمة المفرومة في خطوات بسيطة    علاج الإمساك المزمن، بالأعشاب الطبيعية في أسرع وقت    أيمن سمير يكتب: 4 سيناريوهات للحرب الإسرائيلية - الإيرانية    ترامب: الحرب كادت تدمر الشرق الأوسط لسنوات لكنها لم ولن تفعل    بروتوكول بين «الجمارك» وجامعة الإسكندرية لتعزيز الاستثمار في التنمية البشرية    مسئول إيراني: طهران لم تتلق أي مقترحات لوقف إطلاق النار    ترجمات| «هكذا تكلم زرادشت».. صدم به «نيتشه» التيارات الفلسفية المتناقضة في أوروبا    ليلى الشبح: الدراما العربية تعد من أبرز أدوات الثقافة في المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطفال "القاعدة" ينشرون الرعب في عائلاتهم وينفذون المهمات بحِرفية الكبار
نشر في جود نيوز يوم 19 - 11 - 2010

بغداد : - العراق بعد الغزو الامريكى وما يسمى تحرير ارض الرافدين من حكم صدام حسين صار يعيش حالة من الخوف والرعب .. ليس من التفجيرات الارهابية فحسب .. بل احيانا يخش افراد العائلة الواحدة بعضهم البعض .. فلا أحد يعلم من جند من .. ولا من استقطب من ..
القتل على الهوية
جريدة الحياة اللندنية نشرت تحقيقا صحفيا متميزا أُنجز بدعم وإشراف من شبكة "أريج" - إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية .. وتذكر ان الشابين أسعد وعمران وهما في عمر متقارب (18 سنة) يقتسمان زنزانة واحدة في سجن الأحداث في بغداد بعيدا من عائلتيهما اللتين تقطنان محلة الدورة جنوب العاصمة. دخل الصبيَّان المجموعات المسلحة وشاركا في أعمال عنف دموية عام 2006. لكن ما يفرق بينهما أنهما ينتميان الى تنظيمين متخاصمين الى حد القتل على الهوية.
السجن افضل
قد يكون السجن أفضل مصير بالنسبة للشابين، ذلك أن المئات من أقرانهم قتلوا في معارك أو تطايرت أشلاؤهم في تفجيرات انتحارية جندّتهم لها تنظيمات مسلحة.
يفضّل أسعد حسام الدين البقاء في السجن حتى لا يواجه حكماً عشائرياً بإهدار دمه لأنه شارك في قتل أربعة أفراد من عائلة واحدة. اشتهر هذا الشاب في طفولته ب(العلاس)، وهو لقب يطلق باللهجة العراقية على صبيان يكلفون العملَ مخبرين للمجموعة المسلحة. من مهماته اختيار الهدف ورصد تحركاته حتى تتمكن المجموعة المسلحة من اختطافه وتنفيذ حكم الموت فيه.
بحسب اعترافاته، كان أسعد ينشط في مراقبة أبناء منطقته كي يبلغ عناصر "القاعدة" عن تحركاتهم مقابل 200 دولار عن الشخص الواحد.
حكم بالسجن لمدة 15 سنة
لعمران عباس سجل مشابه، سوى أنه كان يعمل في الخندق المعادي. عمران يقضّي حكماً بالسجن 15 سنة بعد إدانته بارتكاب أعمال عنف في منطقة أبو دشير التي يفصلها شارع عن الدورة (يختلف سكانهما من حيث انتماؤهم الطائفي). كان عبّاس في الرابعة عشرة حين انتمى إلى الجماعات المسلحة المناوئة وشارك في أعمال عنف في ذروة العنف الطائفي عام 2006. قبلها بفترة قصيرة كان والد عباس قد اختطف على يد "القاعدة" ثم عثر عليه مقطوع الرأس في الحد الفاصل بين المنطقتين "المتحاربتين".
انتقاماً لأحد الأقارب أو اتباعاً لخطواتهم، وقع الكثير من الصبيان الذين التقيناهم في سجن الأحداث مثل ناظم جبار ومهدي حسن وسعدون... ومئات غيرهم ضحايا ظاهرة تجنيد الأطفال على يد جماعات مسلحة أطلت برأسها بعد معارك ربيع وصيف عام 2004 في مدينتي النجف والفلوجة. برز في العراق بعد تلك المعارك الشرسة، الكثير من المجموعات المسلحة التي توزعت بين الانتماءات الشيعية والسنية. لكن غالبية تلك التنظيمات شاركت في معارك على فترات زمنية انتهى الجزء الأكبر منها بعد ربيع عام 2008.
القاعدة هى الاخطر
التنظيم الأكثر خطورة والذي واصل ممارسة العنف بمنهجية ثابتة، هو "القاعدة" الذي ركز عمله بعد عام 2003 في محافظة الأنبار، ثم سيطر على الكثير من مدن المحافظات كصلاح الدين ونينوى وديالى وجنوب كركوك وجنوب بغداد وشمال بابل.
تدرجت ظاهرة تجنيد الاطفال في التنظيم من تدريبهم على المراقبة، وجمع المعلومات ونقل الرسائل بين المسلحين، مروراً بزرع العبوات الناسفة والمشاركة في عمليات القتل وصولاً إلى تنفيذ عمليات انتحارية في ذروة العنف الطائفي بين عامي 2006 - 2007.
انتحار، انتقام وخطف
قبل ذلك، كان توظيف الأطفال في العمليات الانتحارية يجرى في شكل متقطع ونادر. فأول عملية نفذّها طفل في العاشرة من عمره كانت في خريف عام 2005 واستهدف فيها قائد شرطة كركوك (250 كيلومتراً شمال شرق بغداد). بعد قرابة الشهرين، نفذ طفلان عمليتين انتحاريتين ضد القوات الأميركية في مدينتي الفلوجة التابعة لمحافظة الأنبار (110 كيلومتر شمال غرب العاصمة)، والحويجة التابعة لمحافظة كركوك. وفي صيف عام 2008، لاحق طفل في العاشرة أيضاً، متخفياً بهيئة بائع متجول، أحد ابرز قادة قوات الصحوة في منطقة الطارمية هو الشيخ عماد جاسم، ولمدة ثلاثة ايام متواصلة، تمكن بعدها من تفجير نفسه بالقرب من قائد الصحوة الذي بترت ساقه نتيجة العملية. في العام نفسه، نفذّت طفلة في ال13 من عمرها عملية انتحارية في منطقة بعقوبة مركز محافظة ديالى (57 كم شرق بغداد) أسفرت عن مقتل عدد من أفراد الصحوة.
اعمال انتقامية
القائد العسكري الذي حقق في تلك العملية وكذلك عدد من عمليات الأطفال الانتحاريين في ديالى، يشير إلى أن غالبية العمليات التي ينفذها أطفال تكون "انتقامية" وغالباً ما تقع في مناطق انحسر عنها تأثير القاعدة لمصلحة قوات الصحوة.
مسؤول الإعلام في قيادة شرطة الأنبار يرى من أن "بعض العمليات الانتحارية لم يكن دافعها الانتقام. فآخرها نفذها طفلان أحدهما تم تخديره، والثاني كان يعاني من اختلال عقلي". زُنّر الطفلان بأحزمة ناسفة وأرغما على التوجه نحو نقاط التفتيش، لكن خللاً في توقيت الأحزمة الناسفة مكّن القوات الأمنية من إبطال مفعولهما قبل الانفجار، على ما يضيف المسؤول الإعلامي. ويشرح بأن "ربط الأحزمة الناسفة حول أجسام الأطفال تكتيك استخدمه تنظيم القاعدة طوال السنوات الماضية" إلى جانب "إرسال طرود مغلفّة تحوي عبوات ناسفة بأيدي أطفال، سرعان ما يتم تفجيرها عن بعد، عند وصولهم إلى الأسواق أو إلى منطقة قريبة من القوات الأمنية أو صعودهم في سيارات مدنية".
انتحارى مختل عقليا
والد الطفل "الانتحاري المختل عقلياً"، يقول إن ابنه غازي اختطف من أمام منزل العائلة في منطقة الخالدية بالأنبار، وظل مصيره مجهولاً إلى أن عثر عليه بالقرب من نقطة تفتيش وهو مزنّر بحزام ناسف. ويعاني أبو غازي الآن من قلق مضاعف لأن ولده الأصغر اختطف أيضاً مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إذ يخشى أن يتم استخدامه بالطريقة نفسها إذا لم يتمكن من دفع الفدية التي يطلبها الخاطفون.
أما الطفل المصاب بمرض المنغوليا فقد فخّخه عناصر في "القاعدة" بعد أن أغروه بشراء حلوى من محل مجاور لمركز أمني يتجمع فيه عناصر من الشرطة أثناء استراحتهم. قتل الطفل ضرغام في الانفجار ومعه عدد من عناصر الشرطة والمتبضّعين. مع ذلك يرفض والده انتقاد التنظيم لأنه يخشى عودته مجدداً يوماً ما.
الآباء يخافون الأبناء
هاجس الخوف من انتقام "القاعدة" لا يقتصر على والد ضرغام، بل يشمل الكثير ممن تحدثنا اليهم، إذ أحجموا عن سرد تجاربهم مع عمليات تجنيد أطفالهم.
يقول ضابط رفيع في محافظة الأنبار إن خلايا القاعدة النائمة تنشط في فترات معينة ثم تعود للكمون، ما يعني أن المجازفة بكشف تفاصيل قد لا تعجب التنظيم وبالتالي قد يكون ثمنها القتل.
يروي هذا الضابط قصة ثلاثة أبناء أحرقوا والدهم، وهو رجل دين معتدل، بأن وضعوه بين إطارات سيارات ثم أحرقوه حياً لمجرد انه انتقد التنظيم.
أحد آباء الاطفال المجندين قال: "عشت سنوات وأنا متردد في منع ابني او نصيحته خوفاً من أن يقتلني إن تماديت في ذلك". وعلى رغم أن الابن غادر العراق إلى دولة مجاورة بعد الضربات التي تلقتها القاعدة، فإن الأب لا يزال محتفظاً بحذره خوفاً من أن يعود الابن ذات يوم.
الفقر والانتقام
يلخص الباحث الاجتماعي فارس العبيدي دوافع الأطفال للانخراط بالجماعات المسلحة بمفردتين هما "الفقر" و "الانتقام". لكن مسؤولاً في شعبة البحث بسجن الأحداث يرى أن "البطالة والتفكك الأسري" هما أبرز الأسباب، فضلاً عن نوع "الفكر العقائدي" الذي يسود في المنزل باعتباره الحاضنة الأولى التي تسحب معها الأبناء إلى دائرة العنف. والعراق "مؤهل لانسياق الأجيال وراء العنف، لأنه عاش لعقود في حالة من الصراع والحروب المتواصلة".
الباحث الاجتماعي فواز إبراهيم يعيد هذه الظاهرة إلى حقبة ما قبل 2003، تاريخ الغزو الأميركي بغدادَ. فقبل ذلك التاريخ بسنوات "شارك أطفال يطلق عليهم (أشبال صدام) في عمليات قتل وقطع أيدٍ وألسن في مناطق متعددة. وكانت عسكرة الطفولة جزءاً من عسكرة المجتمع التي شهدها العقد السبعيني من القرن الماضي"، على ما يضيف إبراهيم. حينذاك "كانت منظمة الطلائع التابعة لحزب البعث تجند أطفالاً في مجموعات موالية للسلطة تقوم بمراقبة الحي والشارع والمدرسة وحتى البيت، وترفع تقارير دورية عن كل من يشك بأنه مناوئ للنظام".
التجنيد يعتمد على بيئة الطفل
الناشط المختص في فكر الجماعات المسلحة علي المسعودي وثّق الكثير من مظاهر انخراط الأطفال في الجماعات المسلحة. وهو يرى أن التجنيد يعتمد في شكل أساسي على "بيئة الطفل المجند". فغالباً ما ينجرف الطفل وراء المعتقدات التي تسود في منزله وشارعه والحي الذي يسكن فيه. ويقسم المسعودي هذه الظاهرة إلى أربعة مستويات، جمع المعلومات أو المراقبة (أقل من عشر سنوات)، حمل السلاح، المشاركة في الحراسات ونقاط التفتيش (بين 13 و18 سنة) والانخراط في عمليات عنف مثل الاختطاف والقتل والدخول في معارك شوارع (15 إلى 18 سنة). أما المستوى الأخطر، بحسب المسعودي، فهو تنفيذ عمليات انتحارية.
المستوى الأول ينتشر "في المناطق المغلقة مذهبياً، خصوصاً خلال مرحلة العنف الطائفي التي كانت فيها الجماعات المسلحة تحظى بتعاطف سكان تلك المناطق". ونشط الأطفال المتجمهرون عند مفارق الطرق في إبلاغ المسلحين باقتراب آليات أميركية استعداداً لتفجير العبوات قربها.
جند السماء
يقول أحد خبراء وزارة الداخلية إن تجنيد الأطفال لا يقتصر على جماعة مسلحة دون أخرى "على رغم تفاوتها في مقدار تركيزها". وقد شاهد هذا الخبير بنفسه أعداداً كبيرة من الأطفال يحملون السلاح في معسكر "جند السماء" بمنطقة الزركة الواقعة على بعد 13 كيلومتراً شمال شرق مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد)، أثناء المواجهات التي دارت بينهم وبين القوات العراقية مطلع عام 2007. لكنه يعتقد أن التنظيم الأخطر على الأطفال هو القاعدة الذي أنشأ تنظيمات مختصة لإغراء الأطفال تحت أسماء رقيقة مثل "طيور الجنّة، وفتيان الجنّة وأشبال الجنة".
الخبير يذكر أن تنظيم طيور الجنة الذي نشط في الأنبار وديالى إبان سيطرة القاعدة عليهما كان خاصاً ب "أبناء قيادات وعناصر القاعدة في العراق". أما أشبال الجنة والفتيان، فاستخدما "لاستدراج أطفال ذوي مواصفات خاصة تؤهلهم لخوض المعارك أو تنفيذ عمليات انتحارية".
معسكرات لغسيل الدماغ
بعد غارة في تشرين الثاني ( نوفمبر) 2008 على "وكر" لتنظيم القاعدة شمال بغداد، عثرت القوات الأميركية على شريحة خزن الكترونية تضم معلومات عن خلايا نائمة من الأطفال، فضلاً عن تفاصيل تتعلق بطرق تجنيدهم وتدريبهم على العمليات المسلحة.
يؤكد مدير عمليات وزارة الداخلية السابق اللواء الركن عبدالكريم خلف، إن تنظيم القاعدة "أبرز الجهات التي اعتمدت على تجنيد أطفال العائلات الفقيرة وأولئك الذين تعرضوا لتحول فكري باتجاه التشدد من خلال الدورات الدينية التي تقام في الجوامع من دون رقابة".
أبرز المناطق التي درب فيها تنظيم القاعدة الأطفال على العمليات المسلحة، هي منطقة "المخيسة" النائية التي تقع ضمن شريط تلال حمرين في محافظة ديالى، بحسب اللواء خلف. في تلك المنطقة "تعرض مئات الأطفال لغسيل دماغ وتدريب متواصل بإشراف خبراء في تنظيم القاعدة قدم بعضهم من خارج العراق لهذا الغرض.
جيل جديد
أحد منظري القاعدة السابقين وهو اليوم نزيل سجن تابع لوزارة الداخلية قال "إن تجنيد الأطفال يتم بإشراف مباشر من قيادات القاعدة". تبدأ أولى الخطوات ب "حضّ الأطفال على دخول دورات تحفيظ القرآن" وبالتحديد من يتمتعون بمواصفات بدنية معينة مثل البنية القوية والطاعة الشديدة. ويضيف: "نأخذ في الحسبان العائلة التي ينتمون إليها فيما إذا كانت معروفة بالتشدد أم لا... ثم نلحقهم بمجموعات أكبر منهم سناً يغذونهم فكرياً تمهيداً لتكليفهم مهمات مثل نقل مبالغ نقدية ومنشورات لعناصر التنظيم". بعد ذلك "يتم تكليفهم نقلَ عبوات ناسفة، وأحياناً زرعها في مناطق محددة، ثم ندخلهم في عمليات مسلحة تتطلب أحياناً الدخول في مواجهات مباشرة".
أحد المنشقين عن تنظيم القاعدة يقدم وصفاً موسعاً لمراحل بناء شبكات الأطفال على أيدي مختصين في القاعدة نجحوا في غسل دماغ عدد كبير من أطفال قتل آباؤهم أو إخوتهم. "أبو الوليد" كنية مستعارة أطلقها على نفسه، وهو رجل في نهاية الأربعينات سبق له أن عمل مع القاعدة، ثم انتقل لقوات الصحوة قبل أن يهجر الاثنين معاً لينزوي في منزل استأجره في منطقة تقع في طرف بغداد الجنوبي. يقول أبو الوليد، "أولى الخلايا المختصة بتجنيد أطفال انطلقت بعد معارك عام 2004 جنوب العاصمة، وضمت قرابة 100 طفل تم اختيارهم بعناية لضمان تنفيذهم واجبات خطيرة أبرزها التفجيرات الانتحارية".
قتال الاعداء
ويلخص أبو الوليد استراتيجية القاعدة في تجنيد هؤلاء الفتية بإعطائهم دروساً دينية تركز على "الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تشجع على قتال الأعداء وضد الكفار والخارجين عن الدين". بعد ذلك، كما يقول أبو الوليد، تعرض عليهم أشرطة فيديو لعمليات انتحارية نفذها عناصر التنظيم سابقاً في العراق وأفغانستان ضد القوات الأجنبية. ثم يعمد الخبراء إلى إقناع الفتيان بأنهم يمكن أن يفعلوا ذلك حفاظاً على العقيدة، وأنهم سيصبحون أبطالاً تذكرهم الأجيال اللاحقة".
غالبية الذين يتم اختيارهم لخلايا الأطفال، كما يكشف أبو الوليد، من أبناء عناصر القاعدة أو ممن يعرف عنهم الميل للتشدد في وقت مبكر من أعمارهم. بعضهم "يبدأ مرحلة التجنيد باندفاع، لكنه سرعان ما يحاول التراجع فيكون على تنظيم القاعدة أن يجبره على الاستمرار من خلال تهديده بإبلاغ عائلته أو السلطات عن مشاركته في التدريب أو تهديده بالقتل أو تصفية عائلته إذا تراجع".
لكن أخطرهم، كما يقول أبو الوليد، هم "الذين فقدوا ذويهم على أيدي القوات الأمريكية أو العراقية أو حتى نتيجة للصراعات الداخلية". فهؤلاء "لا يحتاجون إلى جهد كبير لتشجيعهم على تنفيذ العمليات القتالية وحتى الانتحارية. إذ يكفي التركيز على أنهم سيثأرون لقتلاهم إذا نفّذوا العمليات الانتحارية".
ومن العناوين الاخرى فى عدد اليوم من جريدة الحياة :
طهران متشائمة بنتائج قمة نجاد ومدفيديف: موسكو "لا تزال تلعب بورقتنا" مع واشنطن
20 "أف - 35" هدية أميركية للحصول على موافقة إسرائيل لتجميد الاستيطان 90 يوماً


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.