اقترب لبنان من جديد من حافة الهاوية السياسية بعدما زاد التوتر الداخلى إثر ورود معلومات عن قرب صدور لائحة اتهام بحق أعضاء فى حزب الله فى المحكمة الدولية التى تنظر فى اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريرى. وجاءت تصريحات الأمين العام لحزب السيد الله حسن نصر الله كأبرز علامة على هذا التوتر، حيث قال فى مؤتمر صحفى عقده فى الضاحية الجنوبية فى بيروت عبر دائرة تليفزيونية إن هناك مشروعا كبيرا يستهدف المقاومة من خلال المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريرى بعد الحديث عن قرب صدور قرار ظنى يستهدف عناصر من حزب الله. وقال نصر الله «فلنتكلم بوضوح شديد نحن نعتبر انه بعد كل الذى جرى فى المرحلة الماضية يوجد مشروع كبير يستهدف المقاومة مباشرة.. من خلال المحكمة ومجددا من خلال استغلال قضية محقة وعادلة وعاطفية ويجمع عليها اللبنانيون هى قضية استشهاد واغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريرى». ولم تحدد المحكمة الخاصة التابعة للأمم المتحدة موعدا لبدء توجيه اتهامات أو إعلان نتائج تحقيقاتها. وقال محللون إنهم يتوقعون أن يتماشى اتهام أفراد من حزب الله مع تقرير نشر فى مجلة دير شبيجل الألمانية العام الماضى ذكر أن محققين لبنانيين وجدوا صلة بين ثمانية هواتف محمولة استخدمت فى المنطقة فى وقت الهجوم وشبكة من 20 هاتفا آخر يعتقد أنها تخص ذراع العمليات فى حزب الله. ونقل نصر الله عن رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى ونجل رفيق الحريرى قوله له خلال زيارة خاصة ان القرار الظنى «سيتهم أفرادا من حزب الله وهؤلاء جماعة غير منضبطين والحزب لا علاقة له وأنا وعدتك سابقا إذا حصل مثل هذا الشىء سأقول فى الإعلام ان الحزب لا علاقة له. يوجد أناس غير منضبطين». وشدد نصر الله على أنه ليس موافقا على اتهام «نصف واحد من حزب الله». وقال نصر الله «لا أقبل قرارات هذه المحكمة إلا إذا استندت إلى ادلة حقيقية وصلبة. لم يحصل تحقيق ولا نقاش حول الفرضية الإسرائيلية.. طالما انها لم تشتغل على الفرضية الإسرائيلية فهى محكمة غير نزيهة». وأضاف: «هناك جهات أمريكية وإسرائيلية تروج للاستعداد لمرحلة ما بعد اتهام أفراد من حزب الله بالتورط باغتيال الحريرى». ودعا نصر الله فريق 14 آذار (الأكثرية النيابية) إلى مراجعة نقدية لمواقفهم طوال الفترة الماضية منذ اغتيال الحريرى منذ العام 2005 وحتى الآن ونقد ذاتى مع اللبنانيين جميعا.. معتبرا أن نتيجة سياسات قيادات 14 آذار فى الفترة الماضية كانت ستقود لبنان إلى الهاوية». وفى رده على تصريحات نصر الله، قال منسق الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار فارس سعيد فى اتصال هاتفى مع «الشروق» من بيروت إن «نصر الله كان مرتبكا فى خطابه أمام احتمال اتهام حزبه فى حادث اغتيال الحريرى، وهذا الارتباك يضع حزب الله فى دائرة الخوف من القرار الظنى.. حسن نصر الله يرفض التعامل مع مبدأ المحاكمة ويدعو اللبنانيين إلى تبنى وجهة نظره وإذا رفض اللبنانيون فإنهم سيكونون إسرائيليين مثل المحكمة». وقال ان «نصر الله يدعونا ويدعو جمهورنا إلى الاستسلام لرؤية حزب الله وإلا لن يسلموا ولن تسلم قياداتهم معها». ودعا سعيد بالمقابل نصر الله إلى الاستسلام إلى الدولة بشروط الدولة.. وليس مطلوبا ان نستسلم إلى نصر الله ولا ان يستسلم لنا». وقال انه من أجل تجنب اشتعال الموقف فى لبنان، فان أمام نصر الله «الوقت الكافى من أجل التراجع عما قاله الليلة البارحة وان يستسلم للشرعية اللبنانية المتمثلة فى اتفاق الطائف والشرعية العربية المتمثلة المبادرة العربية للسلام وانخراطه فى النظام العربية والبعد عن الأحلاف الإقليمية وأيضا الإقرار بالشرعية الدولية وعلى رأسها المحكمة الدولية». ورأى القيادى فى قوى 14 آذار ان حزب الله يمكن ان «يقوم ببعض الحماقات فى الشارع اللبنانى إذا صدرت لائحة بالاتهام ضده لكن اعتقد ان هذا المنطق أصبح معزولا فمستحيل ان تضع إيران يدها على دولة عربية على ضفاف المتوسط». ورأى أن مشروع حزب الله هو «مشروع مستحيل لأنه يتناقض مع الشرعية الدولية والتنوع الطائفى فى لبنان.. وهذا يجعل من خطاب نصرالله خطاب ناريا على المستوى اللفظى ومستحيلا على المستوى العملى».ومن جانبه، رأى المحلل السياسى اللبنانى سركيس أبوزيد ان لبنان «دخل إلى نفق حديدى ستتحدد نهايته بالتطورات اللى ممكن نشهدها فى الفترة المقبلة». وقال فى اتصال هاتفى مع «الشروق»: «ان هناك مسئولية كبرى على سعد الحريرى وحسن نصر الله لاستيعاب الوضع وايجاد الحلول والمخارج.. فلابد من معرفة الحقيقة الخاصة باغتيال الحريرى لكن لابد أيضا ألا تكون مسيسة لتصفية حسابات». ورأى ان القرار الظنى مرهون على نوعية المعلومات التى سيستند عليها، فإذا استند على معلومات غير صلبة فسيكون كاريكاتوريا.. والاتهامات السابقة سواء لسوريا للضباط الأربعة الذين دخلوا السجن بناء على شهادات زور أثبتت خطأها بالأدلة». ورأى انه مثلما تستفيد إسرائيل من هذا الوضع، فان هناك اطرافا داخلية وعلى رأسها حزب القوات اللبنانية المسيحى بزعامة سمير جعجع تحاول الاستفادة من التناقض بين سعد الحريرى ونصر الله وتلعب على الخلافات بين السنة والشيعة من أجل ان يتاح لها دور على الساحة اللبنانية بعدما اعتراها الضعف السياسى». وقال إن «هذه اللعبة غير مجدية، خاصة أن الشرعية اللبنانية المتمثلة فى الرئاسة والحكومة والبرلمان مع التفاهم والاستقرار بالبلد» وتوقع أبوزيد تبعا لذلك افتعال لبعض الفتن والخلافات «لكن لا اعتقد انها ستصل إلى النزول للشارع».