وزيرا الاتصالات والشباب والرياضة يشهدان حفل ختام المسابقة المصرية للبرمجة لشباب الجامعات ECPC    زيادة أسعار النقل والمواصلات بنسبة 34.8% خلال شهر يوليو 2025    التأمين الصحي الشامل: 5.6 مليون خدمة طبية مقدمة للمواطنين بالأقصر خلال عام بتكلفة 3.19 مليار جنيه    صحة غزة: ارتفاع ضحايا قصف الاحتلال لمراكز توزيع المساعدات إلى 1778 شهيدًا    اجتماع مغلق في جامعة الدول العربية لمناقشة خطة الاحتلال الشامل لغزة وخطط التحرك الدولي    محافظ القليوبية يتفقد موقع حريق شبرا الخيمة ويقود حملة لازالة الأكشاك المخالفة    مصرع شخصين وإصابة 7 آخرين إثر حادث سير على كورنيش الإسكندرية    مجلة قطر الندى تحتفي بالنيل السعيد في عدد أغسطس 2025    محافظ المنوفية يلتقي مدير التأمين الصحي الجديد.. ويشدد على تحسين جودة الخدمات    سعر الجنيه الذهب اليوم الأحد 10 أغسطس 2025    وكيل البحوث الزراعية للإنتاج يشيد بجهود رفع كفاءة الإنتاج واستغلال الموارد المتاحة    الرد فى الصندوق لا فى الهاشتاج    «الصحة» تنظم 146 دورة تدريبية وورشة عمل لتطوير الكوادر التمريضية    ملفات «إبستَين».. وثائق لا تنسى    صيف مشتعل ينذر بدورى مصرى خارج التوقعات    اليوم| انطلاق البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة    تشكيل ليفربول المتوقع أمام كريستال بالاس في كأس درع الخيرية .. موقف صلاح    الجامعات التكنولوجية.. ثورة لتعزيز الإنتاجية ودفع عجلة الاقتصاد    وزير الدفاع يلتقي بعدد من مقاتلي القوات الخاصة من المظلات والصاعقة| صور وفيديو    «الأرصاد» تحذر من حالة الطقس غدًا 11 أغسطس| إنفوجراف    تدمير الوعى ب اللايك والشيروالبث المباشر    محاولة تفجير فاشلة.. محاكمة المتهمين في قضية «خلية المطرية الإرهابية»    ضبط 4 أطنان مصنعات دواجن مخالفة في الشرقية    خلاف على أولوية المرور ينتهي بالقبض على شخصين في الأقصر    جهود منظومة الشكاوى الحكومية في يوليو 2025 |إنفوجراف    آيتن عامر تدعم أنغام بعد جراحتها الدقيقة: «دعواتنا بالشفاء العاجل»    الحقيقة المظلمة ل«البلوجر»    خالد سليم يُطرب جمهور القلعة في حفل غنائي مرتقب السبت المقبل    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يكرم النجمة غادة عادل    محافظة سوهاج تطلق مبادرة خفض الأسعار لتخفيف الأعباء عن المواطنين    التعليم العالي: براءة اختراع جديدة لمعهد تيودور بلهارس في التكنولوجيا الحيوية    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدّمت 38 مليونًا و350 ألف خدمة طبية مجانية    انطلاق حملة «حياة بلا إدمان» بالمدارس ومراكز الشباب والمساجد بسيناء    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين في مصر    عائلات المحتجزين الإسرائيليين بغزة تدعو لإضراب اقتصادي في ال17 من أغسطس الجاري    إزالة 11 حالة تعدٍ على أملاك الدولة ضمن حملات الموجة ال27 في الشرقية    وزير الري يتابع حالة المنظومة المائية بالمحافظات وموقف إيراد نهر النيل    محمد صلاح يضع الأوروبيين في مأزق بعد استشهاد "بيلية فلسطين".. كيف ولماذا وأين مات؟!    طائرات مسيرة أوكرانية تهاجم مصفاة نفطية في مدينة ساراتوف الروسية    طارق يحيى: ريبيرو يعاني في قراءة المباريات.. والزمالك حقق انطلاقة موفقة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 10-8-2025 في محافظة قنا    زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب الساحل الجنوبي الغربي ل غواتيمالا    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 10-8-2025 مع بداية التعاملات    الأرصاد الجوية : ارتفاع فى درجات الحرارة بكافة الأنحاء والعظمى بالقاهرة 38 درجة    موقف مثير للجدل من حسام حسن في مباراة الأهلي ومودرن سبورت (فيديو)    حظك اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    ورطها "زيزو" والجماهير هتفت باسمها، قصة هدى الإتربي مع تشجيع الزمالك وحضور المباريات    ترتيب الدوري المصري بعد تعثر الأهلي وبيراميدز وفوز الزمالك    شيخ الأزهر يلتقي الطلاب الوافدين الدارسين بمدرسة «الإمام الطيب»    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    تنسيق المرحلة الثالثة 2025.. كليات تقبل من 50% أدبي و توقعات الحد الأدني (بينها كليات تربية)    ريبيرو: كنا الأفضل في الشوط الثاني.. والتعادل أمام مودرن سبورت نتيجة طبيعية    لهذا السبب.... هشام جمال يتصدر تريند جوجل    الجيش اللبناني يغلق بعض المداخل المؤدية للضاحية الجنوبية    من غير جراحة.. 5 خطوات فعالة للعلاج من سلس البول    دعاء الفجر يجلب التوفيق والبركة في الرزق والعمر والعمل    طلاب مدرسة الإمام الطيب: لقاء شيخ الأزهر خير دافع لنا لمواصلة التفوق.. ونصائحه ستظل نبراسا يضيء لنا الطريق    مصادر طبية بغزة: استشهاد أكثر من 50 فلسطينيًا 40 منهم من منتظري المساعدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموت بين ذراعى (واهب الحياة)
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 07 - 2010

«يا عمو.. يا عمو المركب فيه فتحة بتجيب ميه».. ببراءة شديدة قالتها مريان، ابنة ال12 عاما إلى «عمو» المراكبى، سائق المركب الصغير فى حلوان. بدا الفتى وكأن الأمر لا يشكل بالنسبة له أى إزعاج. فقط أجاب: «متخافيش، دى بتعدى النيل كل يوم». لم يكد يكمل الجملة حتى كان المركب يميل، ثم يغوص فى الماء تدريجيا.
منذ دقائق كانت مريان وصديقاتها دميانة ومريم ومارينا وفبروينا ومها ومارينا وكاترين وروزفينا ورانيا وماريهان ومارينا ومريم وعبير ومارى ومارى تتمايلن فرحا، وتتضاحكن وتغنين. فهذه هى المرة الأولى منذ سنوات يخرجن سويا فى رحلة جماعية بهذا الشكل. معهن ثلاث مشرفات من الكنيسة. تحايلن على أمهاتهن ليسمحن لهن بالخروج. ولم يكن لدى الأمهات ما يقاومن به إصرار بناتهن. فقد بدأت الإجازة، والبنات نجحن فى دراستهن بتفوق.
صرخ «المراكبى»: تعالوا الناحية دى. المركب بتميل، اندفعت بعض الفتيات إلى الناحية الأخرى. لم تعتدل المركب كما كان الجميع يتوقع، أو ربما يتمنى، بل كانت تزداد ميلا، وقد بدا وكأنها استسلمت تماما للمياه المتدافعة.
مبكرا، أدرك المراكبى ما يحدث. وعرف أن هذه هى الرحلة الأخيرة للمركب، وكان قراره الوحيد: قفز إلى الماء، وسبح حتى الشاطئ. بينما صرخات البنات الصغار تتعالى. والموت يحيط بهن من كل جانب.
على بعد أمتار قليلة، كان هناك الكثير من الأهالى واقفين على الشاطئ ينتظرون عودة المركب لاستقلاله، كان فيهم عدد من الشباب. وكأن مشهد غرق المركب واستغاثات الفتيات أكبر من استيعابهم. فقد تسمروا مشدوهين، ولم ينتبهوا إلى ضرورة إنقاذ الركاب إلا متأخرا للغاية. كان النهر الهادئ قد ابتلع بالفعل عددا منهم.
تدخل عدد من المراكبية الذين تصادف وجودهم قريبا من موقع الحادثة. وبعض الأهالى على الشاطئ محاولين إنقاذ ما يتاح لهم من أرواح.. لم تكن شهوة الماء لابتلاع المزيد قد هدأت. لكنهم تمكنوا من إخراج البعض من بين أنيابه، بينما اختفى آخرون بلا عودة. واختفى المراكبى أيضا، لكن هربا من مصير مخيف ينتظره بعد الكارثة التى تسبب فيها. فالحكايات لا تنتهى دائما بنهايات سعيدة كما عودتنا أفلام الأبيض والأسود.
كان هذا سيناريو الكارثة التى وقعت منذ أيام فى حلوان، أبطالها نهر عرفناه طوال عمرنا بأنه «واهب الحياة والنماء»، ومراكبى صبى، و18 فتاة، وثلاث مشرفات من الكنيسة. غرق 9 من البنات، بينما لم تنته القصة عند هذا الحد، فما زالت قوات الإنقاذ تبحث عن جثث مفقودة.«الشروق» كانت فى بيوت أهالى البنات اللاتى ابتلعهن الماء، واللاتى كتب لهن عمر جديد.. ترصد بالكلمة والصورة ظلال الحادثة عليهم.
المكان: شارع عمار ابن ياسر فى العمرانية، حالة من الكآبة تسيطر على الشارع كله، ملابس سوداء، ووجوه عابسة متجهمة، وعيون تكاد تقطر الدمع، بداية من شارع الثلاثينى وحول كنيسة مارمينا، وسرادقات عزاء فى أكثر من حارة متفرعة من الشارع.
روزفين، كانت فى المركب. لكنها لم تعد إلى بيتها، ولم يعثر أحد على جثتها حتى الآن. هل غرقت وجرفها الماء؟ تبدو الإجابة معروفة. لكن لا أحد يجرؤ أن يصارح أمها بها. فالأم، مرفت نجيب، لا تكف عن الصراخ بأن ابنتها لا تزال على قيد الحياة «أنا بنتى عايشة.. حرام عليكم.. ماحدش يقولى البقاء لله فيها».
يبدو ابنها ريمون عصبيا للغاية، إنه يلوم نفسه، فلو أنه رفض ذهاب أخته لتلك الرحلة ما حدث كل هذا، وكذلك الأم، تتهم نفسها بالتسبب فى ضياع ابنتها: «أنا السبب فى كل ده، ويا ليتنى كنت منعتها تروح الرحلة دى.. بس اعمل إيه هى كان نفسها تحتفل بالنجاح مع صاحباتها، طلعوا من الكنيسة وكلمتنى وهى راكبة الأتوبيس. كانت تغنى أغانى جميلة، وقالت لى كان نفسى تكونى معايا يا ماما أنا مبسوطة قوى».. ثم تنخرط فى بكاء حاد، ويبكى معها كل من حولها.
قليل، وتهدأ الأم وتعود لاستكمال رواية ما تتذكره: «بعد ساعتين كلمنى واحد مش فاكرة مين. بيقول لى بنتك وقعت فى النيل هى وصاحباتها.. مكنتش مصدقة. اتصلت بروزفين كان تليفونها مغلق. كلمت صاحبتها برده مغلق. اتجنيت وجريت على حديقة النيل زى المجنونة. سألت عن بنتى روزفين ملقيتهاش فى الناجين ولا فى المصابين. قلبى وقع منى، وفضلت أصرخ أنادى عليها بصوت عال: اطلعى يا روزفين. أنا أمك. يومين كاملين وأنا ع الحال ده.. بس أنا متأكدة إنها هترجع...» تمسك صورة ابنتها وتصرخ من جديد: أرجوكم شوفوها بس هى فين؟
تكمل الأم بأن ابنتها كانت متفوقة فى الدراسة وحصلت على الابتدائية بمجموع عال جدا وكان حلمها أن تصبح دكتورة، وتقطع ذكرياتها عن ابنتها فجأة لتتحدث عن شرطة المسطحات المائية التى كانت تتعامل مع الكارثة «ببرود شديد.. ده حتى اللى أنقذ البنات هما عمال فى حديقة النيل وأصحاب مراكب كانوا قريبين من المركب وشرطة المسطحات بدأت تشتغل بعد ما البنات غرقوا وشبعوا موت.. وواحد منهم ينزل وواحد يطلع. الصراحة الإنسان فى مصر رخيص رخيص رخيص».
«أنا هاكسر الدنيا لو بنتى ماتت بالطريقة دى».. وتنخرط الأم فى البكاء من جديد.فى نهاية الشارع أقامت أسرة رانيا عاطف سامى (15 عاما) سرادقا للعزاء.. اصطف المعزون على الجانبين. يبدو على الملامح وجوم شديد. البنت الصغيرة الغريقة توفى والدها منذ 5 سنوات، وأخوها الأكبر «بيشوى» يكبرها بعام واحد، بينما شقيقتها الصغرى هى إنجى، 9 سنوات فقط.
الأم منذ أن سمعت خبر غرق ابنتها، وهى راقدة فى فراش المرض لا تكاد تصلب طولها.. وتنكر كل من يحاول أن يعزيها فى وفاة طفلتها.بيشوى يحكى عن اللحظات الأخيرة فى عمر أخته: كانت الأم رافضة تماما خروج ابنتها لهذه الرحلة، لكنها اضطرت إلى الموافقة بعد أن جاءتها إحدى مشرفات الكنيسة قبل الرحلة بساعة واحدة، وطلبت منها أن تسمح للصغيرة بالذهاب مع صديقاتها. «لولا المشرفة مكانتش أختى هتروح».
الموقف الأكثر صعوبة يعيشه المهندس صبرى زغلول الباحث بالمركز القومى للبحوث وجاره فى الشقة المقابلة ناجى موريس. فالأول راحت ابنته مارينا ضحية المركب الغارق، بينما أنقذت العناية الإلهية يوسفين، ابنة الثانى.
يصرخ الدكتور صبرى، وقد أصابته حالة هستيرية: وزارة الصحة لم تكن على قدر المسئولية فى التعامل مع البنات اللاتى أنقذهن الأهالى، فقد كانوا يتعاملون مع البنات على أنهن أجولة بطاطس وليسوا بشرا، والدليل ما حدث لابنتى، فبعد خروجها ناجية على قيد الحياة ألقوا بها على الأرض وسط الزحام وهى غارقة فى ملابسها، وهى بنت عمرها، 12 سنة، مما أصابها بأزمة قلبية أودت بحياتها. ويرفع الرجل يده إلى السماء: منهم لله. هايروحوا من ربنا فين؟ حرام عليهم موتوا البنات الصغيرين وقاعدين على مكاتبهم مش حاسين بالنار اللى جوانا.. لازم المسئولين يتحاسبوا. دى كارثة كبيرة جدا ونتمنى الحكومة تاخد فيها إجراء وبسرعة يطفئ النار اللى فى قلوبنا.
«ابنتى الصغيرة جه اسمها فى قائمة الناجين وقائمة المتوفين برضو.. لأنها خرجت من الميه وهى حية، ولكن أسلوب التعامل مع الكارثة سواء من رجال الإسعاف أو الإنقاذ النهرى قتلها بعد خروجها بنص ساعة.. دى كارثة لا يمكن السكوت عليها. ولازم يتحاسب المسئولين عنها: وزير النقل والداخلية والسياحة والصحة، لأن كل الوزارات دى مشتركة فى جريمة قتل البنات. الأول أهمل فى عدم الرقابة على المركب، لأن المركب أساسا من القناطر.
يبقى إيه جابها تشتغل فى طرة؟ والثانى فين شرطة المسطحات المائية؟ فين فرق الإنقاذ فى النيل وقت الحادث؟ والمفروض إنهم عارفين إن فيه رحلات يومية وفى التوقيت ده بالذات؟ للأسف الشديد فرق الإنقاذ حضرت متأخرة جدا واشتغلت طوال الليل بإمكانيات ضعيفة وطرق بدائية تسببت فى زيادة الكارثة. انتشلوا شوية جثث بس، لكن لم ينقذوا بنت واحدة».. يصرخ الرجل، وكأنه يريد أن يسمع الوزراء فى مكاتبهم بما يقول.
جاره المهندس ناجى موريس، جاءت ابنته يوسفين بين الناجين، يتساءل الرجل: أين تطبيق القانون فى مثل هذه الكارثة؟ وأين صاحب المركب؟ فإلى الآن لم يتم القبض على صاحب المركب الذى سمح لصبى صغير أن يعمل عليها؟ وينقل عددا من الناس يفوق طاقتها؟ وأين التحقيق مع المسئول عن التراخيص؟ ومن الذى ترك هؤلاء يمرحون فى النيل بهذه الطريقة؟ البنات تموت وبعد يومين تنسى الحكومة ما حدث، وهيا بنا لمزيد من الكوارث.. طالما ان مقتل 9 بنات غرقا فى النيل لا يحرك الأحجار التى فى قلوب المسئولين فماذا ننتظر؟
يحكى المهندس ناجى عن ابنته يوسفين، الناجية من الغرق، فيقول إنها حتى الآن لا تصدق ما حدث، وتبكى ليل نهار على صديقتها رانيا التى ماتت وهى تحتضنها على الشاطئ حيث تم إنقاذهما سويا وخرجتا على قيد الحياة، ولكنها فوجئت بها تحتضر ثم تموت وهى بين ذراعيها، مما أصابها بحالة نفسية رهيبة جدا، ومازالت تعانى منها. ويكمل: سوف أذهب بها إلى طبيب نفسى لعلاجها من الصدمة.
وتتذكر يوسفين ما حدث فتقول من بين دموعها: خرجت من المياه أنا وصاحبتى رانيا ونقلونا على الأرض فى حديقة النيل، وكانت هى فى حضنى. وفجأة صرخت وارتعش جسدها، وبقت مبتتحركش. حاولت أصحيها بس الناس قالوا لى هى ماتت. وتنخرط الطفلة يوسفين فى البكاء وتقول: حرام رانيا ماتت فى حضنى والمسعف نقلها للمشرحة. تنخرط الطفلة فى البكاء وتجرى نحو غرفتها.
دميانه عطية بنت الثانية عشرة من عمرها، كانت هى التى كانت اكتشفت الثقب فى المركب، وقالت للمراكبى عنه لكنه تجاهلها، لم يعثر أحد على جثتها بعد، ومازال البحث عنها وصديقتها روزفين جاريا، يقول عمها إنه لن يترك الكارثة تمر بسهولة لان الإهمال متعمد من قائد المركب ولابد من توقيع أشد عقوبة ضده.
على مقربة من منزل دميانة، كان منزل المهندس سامح سعد. ابنته فبروينا فى الصف الأول الاعدادى، نجت من الموت غرقا، كانت الطفلة فى حالة ذهول مما حدث. لقد شاهدت الموت بعينيها، ورأت أعز صديقاتها يختفين تحت الماء، تستعيد ذاكرتها شريط الحادث المفزع الذى تعرضت له وتقول إن المراكبى هو الذى أصر على ركوبهن جميعا المركب رغم تحذير المشرفة له واكتشافنا وجود مياه أسفل المركب، وعندما مال المركب طلب من الجميع أن نتجه يسارا وفجأة شاهدته يقفز إلى الماء والناس على الشاطئ بتتفرج علينا وإحنا مش قادرين ولقيت واحد من المراكبية ينقذنى وسمعت صوت دميانة وهى بتصرخ وبتقول الحقونى.. الحقونى وسمعت صوت بنات كتير وأول ما سابونى على الأرض كنت سامعة كل اللى حوالينا ولكن مش قادرة أتكلم خالص. كان حد منهم بيدوس على بطنى لغاية لما طلعت ميه كتير.. وتنخرط فبرونيا فى بكاء شديد، وتكمل: أنا مش قادرة اخرج للشارع ومش متصورة إن أصحابى ماتوا.
شقيقها فيلوباتير (14عاما) يقول إنه ذهب مع والده إلى مكان الحادث، لحظة الكارثة، ويؤكد أنه لولا وجود بعد الشباب والمراكبية قريبا من مكان الغرق ما كتب لأحد من الركاب النجاة.
والدة فبروينا تطالب بشرطة انقاذ ثابتة فى عدة نقاط على النيل تتركز على الأماكن المزدحمة لإمكانية الوصول إلى الكارثة بسرعة شديدة. وقالت والدموع تغرق خديها: حلوان محافظة جديدة وكان يجب أن يكون اهتمامها بالأمر أفضل من ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.