محمود التهامي يحيي الليلة الختامية لمولد أبو الإخلاص الزرقاني بالإسكندرية (فيديو وصور)    رانيا هاشم تقدم حلقة خاصة من داخل العاصمة الإدارية الجديدة في "بصراحة"    مجلس الوزراء يحسم الجدل حول حقيقة وجود عرض استثمارى جديد ل«رأس جميلة»    أسعار العملات الأجنبية اليوم الجمعة.. آخر تحديث لسعر الدولار عند هذا الرقم    عز بعد الانخفاض الجديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 19 إبريل بالمصانع والأسواق    وعد وهنوفي بيه، الحكومة تحدد موعد إنهاء تخفيف أحمال الكهرباء (فيديو)    حماس تعلق على الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة    الأردن يدين الفيتو الأمريكي على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة    وزير خارجية إيران يتوعد برد فوري على أي "مغامرة" إسرائيلية    الجامعة العربية تطالب مجلس الأمن بالاعتراف بالدولة الفلسطينية باعتبار ذلك سبيلاً للسلام    الهلال الأحمر الفلسطيني: نقل إصابة ثانية من مخيم نور شمس جراء اعتداء قوات الاحتلال    رضا عبد العال يثير غضب جماهير الأهلي بشأن أحداث مباراة القمة    صدمة .. إصابة أحد صفقات الأهلي في الميركاتو الصيفي    هدف قاتل يحقق رقما تاريخيا جديدا في سجل باير ليفركوزن    مواعيد أهم مباريات اليوم الجمعة 19- 4- 2024 في جميع البطولات    رياح خماسين وذباب صحراوي تضرب المحافظات .. ما الحكاية ؟    3 ليال .. تحويلات مرورية بشارع التسعين الجنوبي بالقاهرة الجديدة    أحمد خالد موسى يكشف سبب تغير نهاية مسلسل "العتاولة"    منهم شم النسيم وعيد العمال.. 13 يوم إجازة مدفوعة الأجر في مايو 2024 للموظفين (تفاصيل)    شاهد.. نجوم الفن في افتتاح الدورة الثالثة ل مهرجان هوليود للفيلم العربي    سوزان نجم الدين تتصدر التريند بعد حلقتها مع إيمان الحصري.. ما القصة؟    محمود عاشور يفتح النار على رئيس لجنة الحكام.. ويكشف كواليس إيقافه    أبو الغيط يأسف لاستخدام الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين بالأمم المتحدة    البابا تواضروس خلال إطلاق وثيقة «مخاطر زواج الأقارب»: 10 آلاف مرض يسببه زواج الأقارب    انهيار منزل من طابقين بالطوب اللبن بقنا    تعديل ترتيب الأب.. محامية بالنقض تكشف مقترحات تعديلات قانون الرؤية الجديد    متحدث الحكومة: دعم إضافي للصناعات ذات المكون المحلي.. ونستهدف زيادة الصادرات 17% سنويا    #شاطئ_غزة يتصدر على (اكس) .. ومغردون: فرحة فلسطينية بدير البلح وحسرة صهيونية في "زيكيم"    «علاقة توكسيكو؟» باسم سمرة يكشف عن رأيه في علاقة كريستيانو وجورجينا (فيديو)    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    الإفتاء تحسم الجدل بشأن الاحتفال ب شم النسيم    انطلاق برنامج لقاء الجمعة للأطفال بالمساجد الكبرى الجمعة    جريمة ثاني أيام العيد.. حكاية مقتل بائع كبدة بسبب 10 جنيهات في السلام    إصابة 4 أشخاص فى انقلاب سيارة على الطريق الإقليمى بالمنوفية    ظهور أسماك حية في مياه السيول بشوارع دبي (فيديو)    "ليس لدي أي تأثير عليه".. كلوب يتحدث عن إهدار صلاح للفرص في الفترة الأخيرة    فيوتشر يرتقي للمركز الثامن في الدوري بالفوز على فاركو    بسبب "عباس الرئيس الفعلي".. عضو مجلس إدارة الزمالك يهاجم مشجع (صورة)    خبير عسكري: هجوم إسرائيل على إيران في لبنان أو العراق لا يعتبر ردًا على طهران    سكرتير المنيا يشارك في مراسم تجليس الأنبا توماس أسقفا لدير البهنسا ببني مزار    برج الدلو.. حظك اليوم الجمعة 19 أبريل 2024 : يساء فهمك    أحمد الطاهري يروي كواليس لقاءه مع عبد الله كمال في مؤسسة روز اليوسف    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء للمريض في ساعة استجابة يوم الجمعة.. من أفضل الأوقات    النشرة الدينية.. هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟.. وما هي أدعية شهر شوال المستحبة؟    تخفيض سعر الخبز السياحي بجنوب سيناء    طريقة عمل الدجاج سويت اند ساور    طريقة عمل الكب كيك بالريد فيلفت، حلوى لذيذة لأطفالك بأقل التكاليف    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    بسبب أزمة نفسية.. فتاة تنهي حياتها بالحبة السامة بأوسيم    المشدد 5 سنوات لشقيقين ضربا آخرين بعصا حديدية بالبساتين    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    البيت الأبيض: واشنطن وتل أبيب تتفقان على الهدف المشترك بهزيمة حماس في رفح    محافظ الإسكندرية يفتتح أعمال تطوير "حديقة مسجد سيدى بشر"    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموت بين ذراعى (واهب الحياة)
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 07 - 2010

«يا عمو.. يا عمو المركب فيه فتحة بتجيب ميه».. ببراءة شديدة قالتها مريان، ابنة ال12 عاما إلى «عمو» المراكبى، سائق المركب الصغير فى حلوان. بدا الفتى وكأن الأمر لا يشكل بالنسبة له أى إزعاج. فقط أجاب: «متخافيش، دى بتعدى النيل كل يوم». لم يكد يكمل الجملة حتى كان المركب يميل، ثم يغوص فى الماء تدريجيا.
منذ دقائق كانت مريان وصديقاتها دميانة ومريم ومارينا وفبروينا ومها ومارينا وكاترين وروزفينا ورانيا وماريهان ومارينا ومريم وعبير ومارى ومارى تتمايلن فرحا، وتتضاحكن وتغنين. فهذه هى المرة الأولى منذ سنوات يخرجن سويا فى رحلة جماعية بهذا الشكل. معهن ثلاث مشرفات من الكنيسة. تحايلن على أمهاتهن ليسمحن لهن بالخروج. ولم يكن لدى الأمهات ما يقاومن به إصرار بناتهن. فقد بدأت الإجازة، والبنات نجحن فى دراستهن بتفوق.
صرخ «المراكبى»: تعالوا الناحية دى. المركب بتميل، اندفعت بعض الفتيات إلى الناحية الأخرى. لم تعتدل المركب كما كان الجميع يتوقع، أو ربما يتمنى، بل كانت تزداد ميلا، وقد بدا وكأنها استسلمت تماما للمياه المتدافعة.
مبكرا، أدرك المراكبى ما يحدث. وعرف أن هذه هى الرحلة الأخيرة للمركب، وكان قراره الوحيد: قفز إلى الماء، وسبح حتى الشاطئ. بينما صرخات البنات الصغار تتعالى. والموت يحيط بهن من كل جانب.
على بعد أمتار قليلة، كان هناك الكثير من الأهالى واقفين على الشاطئ ينتظرون عودة المركب لاستقلاله، كان فيهم عدد من الشباب. وكأن مشهد غرق المركب واستغاثات الفتيات أكبر من استيعابهم. فقد تسمروا مشدوهين، ولم ينتبهوا إلى ضرورة إنقاذ الركاب إلا متأخرا للغاية. كان النهر الهادئ قد ابتلع بالفعل عددا منهم.
تدخل عدد من المراكبية الذين تصادف وجودهم قريبا من موقع الحادثة. وبعض الأهالى على الشاطئ محاولين إنقاذ ما يتاح لهم من أرواح.. لم تكن شهوة الماء لابتلاع المزيد قد هدأت. لكنهم تمكنوا من إخراج البعض من بين أنيابه، بينما اختفى آخرون بلا عودة. واختفى المراكبى أيضا، لكن هربا من مصير مخيف ينتظره بعد الكارثة التى تسبب فيها. فالحكايات لا تنتهى دائما بنهايات سعيدة كما عودتنا أفلام الأبيض والأسود.
كان هذا سيناريو الكارثة التى وقعت منذ أيام فى حلوان، أبطالها نهر عرفناه طوال عمرنا بأنه «واهب الحياة والنماء»، ومراكبى صبى، و18 فتاة، وثلاث مشرفات من الكنيسة. غرق 9 من البنات، بينما لم تنته القصة عند هذا الحد، فما زالت قوات الإنقاذ تبحث عن جثث مفقودة.«الشروق» كانت فى بيوت أهالى البنات اللاتى ابتلعهن الماء، واللاتى كتب لهن عمر جديد.. ترصد بالكلمة والصورة ظلال الحادثة عليهم.
المكان: شارع عمار ابن ياسر فى العمرانية، حالة من الكآبة تسيطر على الشارع كله، ملابس سوداء، ووجوه عابسة متجهمة، وعيون تكاد تقطر الدمع، بداية من شارع الثلاثينى وحول كنيسة مارمينا، وسرادقات عزاء فى أكثر من حارة متفرعة من الشارع.
روزفين، كانت فى المركب. لكنها لم تعد إلى بيتها، ولم يعثر أحد على جثتها حتى الآن. هل غرقت وجرفها الماء؟ تبدو الإجابة معروفة. لكن لا أحد يجرؤ أن يصارح أمها بها. فالأم، مرفت نجيب، لا تكف عن الصراخ بأن ابنتها لا تزال على قيد الحياة «أنا بنتى عايشة.. حرام عليكم.. ماحدش يقولى البقاء لله فيها».
يبدو ابنها ريمون عصبيا للغاية، إنه يلوم نفسه، فلو أنه رفض ذهاب أخته لتلك الرحلة ما حدث كل هذا، وكذلك الأم، تتهم نفسها بالتسبب فى ضياع ابنتها: «أنا السبب فى كل ده، ويا ليتنى كنت منعتها تروح الرحلة دى.. بس اعمل إيه هى كان نفسها تحتفل بالنجاح مع صاحباتها، طلعوا من الكنيسة وكلمتنى وهى راكبة الأتوبيس. كانت تغنى أغانى جميلة، وقالت لى كان نفسى تكونى معايا يا ماما أنا مبسوطة قوى».. ثم تنخرط فى بكاء حاد، ويبكى معها كل من حولها.
قليل، وتهدأ الأم وتعود لاستكمال رواية ما تتذكره: «بعد ساعتين كلمنى واحد مش فاكرة مين. بيقول لى بنتك وقعت فى النيل هى وصاحباتها.. مكنتش مصدقة. اتصلت بروزفين كان تليفونها مغلق. كلمت صاحبتها برده مغلق. اتجنيت وجريت على حديقة النيل زى المجنونة. سألت عن بنتى روزفين ملقيتهاش فى الناجين ولا فى المصابين. قلبى وقع منى، وفضلت أصرخ أنادى عليها بصوت عال: اطلعى يا روزفين. أنا أمك. يومين كاملين وأنا ع الحال ده.. بس أنا متأكدة إنها هترجع...» تمسك صورة ابنتها وتصرخ من جديد: أرجوكم شوفوها بس هى فين؟
تكمل الأم بأن ابنتها كانت متفوقة فى الدراسة وحصلت على الابتدائية بمجموع عال جدا وكان حلمها أن تصبح دكتورة، وتقطع ذكرياتها عن ابنتها فجأة لتتحدث عن شرطة المسطحات المائية التى كانت تتعامل مع الكارثة «ببرود شديد.. ده حتى اللى أنقذ البنات هما عمال فى حديقة النيل وأصحاب مراكب كانوا قريبين من المركب وشرطة المسطحات بدأت تشتغل بعد ما البنات غرقوا وشبعوا موت.. وواحد منهم ينزل وواحد يطلع. الصراحة الإنسان فى مصر رخيص رخيص رخيص».
«أنا هاكسر الدنيا لو بنتى ماتت بالطريقة دى».. وتنخرط الأم فى البكاء من جديد.فى نهاية الشارع أقامت أسرة رانيا عاطف سامى (15 عاما) سرادقا للعزاء.. اصطف المعزون على الجانبين. يبدو على الملامح وجوم شديد. البنت الصغيرة الغريقة توفى والدها منذ 5 سنوات، وأخوها الأكبر «بيشوى» يكبرها بعام واحد، بينما شقيقتها الصغرى هى إنجى، 9 سنوات فقط.
الأم منذ أن سمعت خبر غرق ابنتها، وهى راقدة فى فراش المرض لا تكاد تصلب طولها.. وتنكر كل من يحاول أن يعزيها فى وفاة طفلتها.بيشوى يحكى عن اللحظات الأخيرة فى عمر أخته: كانت الأم رافضة تماما خروج ابنتها لهذه الرحلة، لكنها اضطرت إلى الموافقة بعد أن جاءتها إحدى مشرفات الكنيسة قبل الرحلة بساعة واحدة، وطلبت منها أن تسمح للصغيرة بالذهاب مع صديقاتها. «لولا المشرفة مكانتش أختى هتروح».
الموقف الأكثر صعوبة يعيشه المهندس صبرى زغلول الباحث بالمركز القومى للبحوث وجاره فى الشقة المقابلة ناجى موريس. فالأول راحت ابنته مارينا ضحية المركب الغارق، بينما أنقذت العناية الإلهية يوسفين، ابنة الثانى.
يصرخ الدكتور صبرى، وقد أصابته حالة هستيرية: وزارة الصحة لم تكن على قدر المسئولية فى التعامل مع البنات اللاتى أنقذهن الأهالى، فقد كانوا يتعاملون مع البنات على أنهن أجولة بطاطس وليسوا بشرا، والدليل ما حدث لابنتى، فبعد خروجها ناجية على قيد الحياة ألقوا بها على الأرض وسط الزحام وهى غارقة فى ملابسها، وهى بنت عمرها، 12 سنة، مما أصابها بأزمة قلبية أودت بحياتها. ويرفع الرجل يده إلى السماء: منهم لله. هايروحوا من ربنا فين؟ حرام عليهم موتوا البنات الصغيرين وقاعدين على مكاتبهم مش حاسين بالنار اللى جوانا.. لازم المسئولين يتحاسبوا. دى كارثة كبيرة جدا ونتمنى الحكومة تاخد فيها إجراء وبسرعة يطفئ النار اللى فى قلوبنا.
«ابنتى الصغيرة جه اسمها فى قائمة الناجين وقائمة المتوفين برضو.. لأنها خرجت من الميه وهى حية، ولكن أسلوب التعامل مع الكارثة سواء من رجال الإسعاف أو الإنقاذ النهرى قتلها بعد خروجها بنص ساعة.. دى كارثة لا يمكن السكوت عليها. ولازم يتحاسب المسئولين عنها: وزير النقل والداخلية والسياحة والصحة، لأن كل الوزارات دى مشتركة فى جريمة قتل البنات. الأول أهمل فى عدم الرقابة على المركب، لأن المركب أساسا من القناطر.
يبقى إيه جابها تشتغل فى طرة؟ والثانى فين شرطة المسطحات المائية؟ فين فرق الإنقاذ فى النيل وقت الحادث؟ والمفروض إنهم عارفين إن فيه رحلات يومية وفى التوقيت ده بالذات؟ للأسف الشديد فرق الإنقاذ حضرت متأخرة جدا واشتغلت طوال الليل بإمكانيات ضعيفة وطرق بدائية تسببت فى زيادة الكارثة. انتشلوا شوية جثث بس، لكن لم ينقذوا بنت واحدة».. يصرخ الرجل، وكأنه يريد أن يسمع الوزراء فى مكاتبهم بما يقول.
جاره المهندس ناجى موريس، جاءت ابنته يوسفين بين الناجين، يتساءل الرجل: أين تطبيق القانون فى مثل هذه الكارثة؟ وأين صاحب المركب؟ فإلى الآن لم يتم القبض على صاحب المركب الذى سمح لصبى صغير أن يعمل عليها؟ وينقل عددا من الناس يفوق طاقتها؟ وأين التحقيق مع المسئول عن التراخيص؟ ومن الذى ترك هؤلاء يمرحون فى النيل بهذه الطريقة؟ البنات تموت وبعد يومين تنسى الحكومة ما حدث، وهيا بنا لمزيد من الكوارث.. طالما ان مقتل 9 بنات غرقا فى النيل لا يحرك الأحجار التى فى قلوب المسئولين فماذا ننتظر؟
يحكى المهندس ناجى عن ابنته يوسفين، الناجية من الغرق، فيقول إنها حتى الآن لا تصدق ما حدث، وتبكى ليل نهار على صديقتها رانيا التى ماتت وهى تحتضنها على الشاطئ حيث تم إنقاذهما سويا وخرجتا على قيد الحياة، ولكنها فوجئت بها تحتضر ثم تموت وهى بين ذراعيها، مما أصابها بحالة نفسية رهيبة جدا، ومازالت تعانى منها. ويكمل: سوف أذهب بها إلى طبيب نفسى لعلاجها من الصدمة.
وتتذكر يوسفين ما حدث فتقول من بين دموعها: خرجت من المياه أنا وصاحبتى رانيا ونقلونا على الأرض فى حديقة النيل، وكانت هى فى حضنى. وفجأة صرخت وارتعش جسدها، وبقت مبتتحركش. حاولت أصحيها بس الناس قالوا لى هى ماتت. وتنخرط الطفلة يوسفين فى البكاء وتقول: حرام رانيا ماتت فى حضنى والمسعف نقلها للمشرحة. تنخرط الطفلة فى البكاء وتجرى نحو غرفتها.
دميانه عطية بنت الثانية عشرة من عمرها، كانت هى التى كانت اكتشفت الثقب فى المركب، وقالت للمراكبى عنه لكنه تجاهلها، لم يعثر أحد على جثتها بعد، ومازال البحث عنها وصديقتها روزفين جاريا، يقول عمها إنه لن يترك الكارثة تمر بسهولة لان الإهمال متعمد من قائد المركب ولابد من توقيع أشد عقوبة ضده.
على مقربة من منزل دميانة، كان منزل المهندس سامح سعد. ابنته فبروينا فى الصف الأول الاعدادى، نجت من الموت غرقا، كانت الطفلة فى حالة ذهول مما حدث. لقد شاهدت الموت بعينيها، ورأت أعز صديقاتها يختفين تحت الماء، تستعيد ذاكرتها شريط الحادث المفزع الذى تعرضت له وتقول إن المراكبى هو الذى أصر على ركوبهن جميعا المركب رغم تحذير المشرفة له واكتشافنا وجود مياه أسفل المركب، وعندما مال المركب طلب من الجميع أن نتجه يسارا وفجأة شاهدته يقفز إلى الماء والناس على الشاطئ بتتفرج علينا وإحنا مش قادرين ولقيت واحد من المراكبية ينقذنى وسمعت صوت دميانة وهى بتصرخ وبتقول الحقونى.. الحقونى وسمعت صوت بنات كتير وأول ما سابونى على الأرض كنت سامعة كل اللى حوالينا ولكن مش قادرة أتكلم خالص. كان حد منهم بيدوس على بطنى لغاية لما طلعت ميه كتير.. وتنخرط فبرونيا فى بكاء شديد، وتكمل: أنا مش قادرة اخرج للشارع ومش متصورة إن أصحابى ماتوا.
شقيقها فيلوباتير (14عاما) يقول إنه ذهب مع والده إلى مكان الحادث، لحظة الكارثة، ويؤكد أنه لولا وجود بعد الشباب والمراكبية قريبا من مكان الغرق ما كتب لأحد من الركاب النجاة.
والدة فبروينا تطالب بشرطة انقاذ ثابتة فى عدة نقاط على النيل تتركز على الأماكن المزدحمة لإمكانية الوصول إلى الكارثة بسرعة شديدة. وقالت والدموع تغرق خديها: حلوان محافظة جديدة وكان يجب أن يكون اهتمامها بالأمر أفضل من ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.