صباح الخير يا عمو.. .. أنا مصطفى.. أيوه مصطفى أيمن عفت.. أكيد عارفنى.. ده أنا اسمى و«خبرى» ملا الجرايد والتليفزيونات.. أبعث لك هذه الرسالة من السماء.. أيوه من عند ربنا.. حبيت أقول لماما وبابا مايزعلوش عليّا.. أنا هنا أحسن كتير.. بس يا عمو أنا عايز أحكيلك حكايتى علشان نفسى الولاد والبنات أصحابى فى المدرسة والنادى ما يحصلّهمش اللى حصل ليّا.. وأكيد إنت عندك أولاد.. همه هيفهمونى أكتر منك.. بس مهم كل الأطفال اللى فى سنى يعرفوا إنى مش زعلان.. كل الموضوع إنى خايف عليهم.. بس! يوم الأربع اللى فات.. تعبت قوى يا عمو.. حسيت إن ودانى وحلقى جواهم نار.. بابا حبيبى جرى بيّا على الدكتور اللى متعود عليه.. إدانى دوا وكان المفروض أبقى كويس.. لكن تانى يوم حرارتى زادت قوى.. بابا حبيبى اتصل بالدكتور فوجد هاتفه غير متاح.. فجرى بيّا على دكتور تانى، فكتب حقنة «فولتارين»، وطلب أن ياخدنى بابا إلى مستشفى حميات العباسية.. بصراحة يا عمو أنا فرحت قوى لما عرفت إنى هروح مستشفى الحميات الكبيرة والمتطورة اللى بيتكلموا عنها فى الجرايد والتليفزيون.. أنا كنت تعبان قوى قوى ونفسى فى علاج كويس..! مش هطوّل عليك يا عمو.. بابا حبيبى أخدنى لحميات العباسية.. هناك استلمنى دكاترة شبان شكلهم لسة فى «الامتياز»، كنت ساعتها فاقد للوعى، ولكن حاسس بكل اللى بيحصل حواليّا.. دخلونى العناية المركزة، وأخدوا مسحة من حلقى لتحليلها.. نمت فى العناية فترة طويلة ومافيش دكتور كبير أو حتى «نُص نُص» شافنى.. بابا حبيبى أصيب بالانهيار لما طلبوا منه يجيب بلازما وصفائح دم من الخارج.. صرخ وقال لهم: هو هنا مفيش دم؟! قالوا ببساطة وهدوء: لأ.. مفيش دم.. اتصرف من برة وهات دم.! قال: خدوا دم منى ومن أقاربنا وأصحابنا.. قالوا: مفيش أجهزة لتحليل الفصيلة هنا.. بابا حبيبى غاب ورجع وهو يلهث بأكياس الدم.. فرحت قوى يا عمو لأنى كنت بنزف جامد قوى قوى..! بابا حبيبى مالحقش ياخد نفسه.. قالوا له عايزين أشعة مقطعية.. فقال: اعملوها.. فردوا: مفيش جهاز أشعة هنا..! صرخ أبى للمرة الألف وأصر على إخراجى على مسؤوليته إلى مستشفى دار الحكمة.. وصلت عربية الإسعاف.. ووضعونى على جهاز التنفس الصناعى.. وإحنا فى الطريق يا عمو عرفت إنى هموت.. كان نفسى أتكلم كلمة واحدة.. كان نفسى أقول لبابا حبيبى «ماتزعلش إنت وماما وأختى».. «بلّغ أصحابى إنى بحبهم قوى قوى».. فى «دار الحكمة» وصلت نتيجة التحليل اللى اتأخر جداً جداً.. قالوا إنى عندى «أنفلونزا الخنازير».. طيب إزاى سابونى كل ده من غير علاج.. مش همّه اللى بيقولوا إنها بسيطة ويمكن علاجها بسرعة؟!.. قلت لنفسى مفيش فايدة من الكلام.. أنا خلاص بموت..! بصراحة يا عمو كنت زعلان قوى قوى من اللى حصل ليّا.. قلت ليه بيعملوا كده فى طفل عمره 9 سنوات؟!.. نمت شوية كتير.. وفجأة لقيت جسمى خفيف قوى قوى.. وبعدين لقيت نفسى بطير فى السما.. خلاص مت يا عمو.. كانت الساعة خمسة ونص من فجر السبت اللى فات.. زعلت قوى قوى إنى مش هفرّح بابا وماما بيّا.. عارف يا عمو كنت بحلم إنى أطلع طيار زى بابا حسنى.. أو مسؤول كبير قوى قوى وليه هيبة زى عمو نظيف.. أو دكتور غنى قوى قوى زى عمو حاتم الجبلى.. كنت بلعب سباحة فى النادى الأهلى.. وكرة قدم كمان.. كنت هطلع بطل رياضى وأشرف بلدى.. عارف يا عمو رغم كل اللى حصل ليه أنا لسه بحب مصر قوى قوى قوى! تانى يوم.. وأنا فوق فى السما تابعت مؤتمر الحزب الوطنى.. وسمعت خطب كل قيادات الحزب والوزراء.. كلامهم جميل قوى قوى يا عمو.. دى مصر بقت «جنة».. بس معقولة يا عمو إن مصر بقت «جنة» بعد موتى بيوم واحد؟!! [email protected]
