«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرادعي: نعيش الآن لحظة تاريخية لتغيير مستقبل مصر
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 07 - 2010

أجرت مجلة "دير شبيجل" الألمانية حوارا مع الدكتور محمد البرادعي المدير العام السابق لوكالة الطاقة الذرية، أوضح فيه أهمية الفترة الحالية لتغيير مستقبل مصر، ووصفها باللحظة التاريخية التي لن تتكرر، كما تناول إشكالية تحالفه مع جماعة الإخوان المسلمين لخوض الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة، والخطة المطروحة لإجبار الرئيس حسني مبارك للتخلي عن الحكم وتداول السلطة.
دير شبيجل: منذ 6 أشهر فقط أعلنت أنك ستنسحب من الحياة العامة بعد 12 عاما مديرا عاما لوكالة الطاقة الذرية في فيينا، والآن الدكتور محمد البرادعي يتحدى الرئيس المصري حسني مبارك، فما الذي حدث؟
البرادعي: في اللحظة التي عدت فيها لمصر في فبراير الماضي، كنت أريد فقط أن أقضي أجازة هادئة في منزلي بالهرم، لكنني وجدت أمامي أكثر من 1500 مواطن مصري في استقبالي بمطار القاهرة. وتنوعت فئاتهم بين طلبة وتجار وعمال والكثير من النساء، منهن مصريات محجبات، وكلهم كانوا يهتفون بالتغيير ويطلبون مني مساعدة مصر في تغيير شكل مستقبلها، بل كنت مصعوقا عندما هتف بعضهم مناديا بي رئيسا لمصر!
دير شبيجل: وهل هذا هو ما جعلك تغير خططك؟ المعروف أن الدستور المصري لا يسمح لك أن ترشح نفسك للرئاسة دون أن تكون عضوا في حزب سياسي.
البرادعي: إن ما حركني هو رغبة المصريين الحقيقية في التغيير، وحماسهم الذي قابلوني به، كما أن النظام الحاكم لم يترك لي خياراً آخر سوى أن أتحول إلى ناشط سياسي، فبعد أن عتمت وسائل الإعلام القومية الحكومية على الأمر برمته، أطلقت حملة غير مسبوقة لتلويث سمعتي ومهاجمتي باعتباري عميلا لأنظمة أجنبية.
دير شبيجل: هل تعرف ما الذي يحدث للذين يجرؤون على تحدي النظام الحاكم؟ آخر واحد قرر أن يتحدى مبارك انتهى أمره في السجن!
البرادعي: التقيت بأيمن نور في الإسكندرية منذ فترة قصيرة، وكنا نساند ضحايا التعذيب على يد النظام. وأنا أتشرف أنني يمكنني الاعتماد على حصانتي الدولية لتحميني. وطبيعي أن عائلتي وأبنائي يخافون من أن أتعرض لأي عنف، لكنهم يعرفون أني لا أمتلك خيارا آخر، فنحن نمر بلحظة تاريخية، لحظة صحو وانتفاضة للشعب المصري.
دير شبيجل: كثير من الناس يعتبرونك "المسيح"..
البرادعي: أنا لا أستطيع ولا أريد أن أكون "المخلّص"، إن ما أحارب ضده تحديدا هو تلك العقلية التي لا تريد أن تفعل شيئا لتنتظر قائدا يخلصها مما هي فيه. ينبغي على الناس أن يؤمنوا بالتغيير، وأن يخلصوا له، ليحققوا تقدما ملموسا على أرض الواقع. وأتصور أن هذا هو ما يحدث الآن في مصر.
دير شبيجل: كيف؟
البرادعي: هناك متطوعين من كافة أنحاء مصر، ومن كل الفئات ينضمون للجبهة الوطنية للتغيير كل يوم. أكثر من 15 ألف متطوع يزور كل محافظات مصر فقط ليقول للمصريين ما هي الجمعية الوطنية للتغيير. وهناك الآلاف الذين يوقعون على بيان التغيير بأسمائهم وأرقامهم القومية كل يوم، كل هذا يقول إنهم اكتفوا من الوضع الراكد، وقرروا أن الوقت حان للتغيير.
دير شبيجل: هل أصبحت مدوناً في الفترة الأخيرة؟
البرادعي: إلى فترة قريبة، لم أكن أعرف حتى ما هو "الفيسبوك" وماهو "التويتر"، أما الآن أستخدم وسائل الإعلام الحديثة بكثرة، ولدينا حوالي 30 ألف عضو على الموقع الإلكتروني، وأكثر من 250 ألف عضو على مجموعتين على الموقع الاجتماعي "فيسبوك"، ما يعني أن الأمور بدأت تتحرك في مصر.
دير شبيجل: ولماذا لم تتحرك الأمور في مصر إلا الآن فقط؟
البرادعي: النظام المصري يحكم بقانون الطوارئ منذ 30 عاما، وصلاحيات الأمن في مصر مطلقة، والداخلية تتعامل بهمجية مع كل الناس، كل هذا خلق ثقافة خوف غير طبيعية لدى المواطنين، وأنا مستعد تماما لكي أكون العامل المحفز للتغيير في مصر.
دير شبيجل: كنت منذ 5 سنوات مصدرا لفخر النظام المصري، كونك المدير العام لوكالة الطاقة الذرية وحصولك على جائزة نوبل للسلام، فماذا حدث؟
البرادعي: منذ سنوات قليلة، قلدني الرئيس مبارك أرفع وسام في الجمهورية، واعتبرني من أروع أبناء مصر، لكن منذ أن أصبحت ناشطا سياسيا معارضا، قامت السلطات بمنعي من الظهور إعلاميا، وألقت القبض على بعض المؤيدين لي، حتى إن بعض الفنادق ألغت حجوزاتي بها بناء على طلب الأمن!
دير شبيجل: بعض الناس يعتبرون مبارك "فرعونا" بسبب حكمه لمصر أكثر من 30 عاما، فكيف تراه أنت؟
البرادعي: مبارك هو رجل النظام الحاكم الأوحد، لا يتفاعل مع الناس، سمح لمصر أن تتحول لدولة بوليسية. مبارك وصى بديكتاتورية على دولة انحدرت بشكل غير مسبوق، وفقدت مكانتها المرموقة وتأثيرها بشكل مأسوي.
دير شبيجل: لقد استطاعت كل من تركيا وإيران السيطرة على الشرق الأوسط، فهل ترى أن مصر هبطت لتلعب دورا ثانويا في المنطقة؟
البرادعي: لقد كانت مصر قوة لا يستهان بها ثقافيا واقتصاديا يوما ما، أما الآن، ثلث المصريين أميين، وهناك مواطن مصري من بين كل خمسة مواطنين مضطر ليعيش بأقل من دولار يوميا، وأصبحت مصر الدولة الأكثر فسادا في العالم حسب تقرير الشفافية الدولية، وهذا يوضح مستوى الانحدار الذي وصلنا إليه.
دير شبيجل: تبدو هذه مهمة مستحيلة بالنسبة للرئيس القادم لمصر..
البرادعي: نعم، خاصة وأن السياسة الداخلية والخارجية أصبحتا غير منفصلتين عن بعضهما البعض. إن أية دولة تسعى لتصبح قوة دولية، يجب عليها أن تطور من أحوال المجتمع داخلها أولا.
دير شبيجل: ومع ذلك، مازال الغرب يعتبر مبارك شريكا، فعلى الرغم من الديمقراطية المعيبة في مصر، فإن مبارك يعتبر ضمانا للاستقرار في المنطقة، والدليل أن مصر وإسرائيل هما أكثر دولتان تتلقيان الدعم الأمريكي..
البرادعي: هذه معضلة بالنسبة للغرب، فقد استطاع مبارك أن يقنع الغرب أن لديه خياران فقط، إما القبول بحكم النظام الديكتاتوري في مصر، وإما أن تقع مصر فريسة للأنظمة الإرهابية شبيهة القاعدة، وطبعا ليس هذا صحيح. فمبارك يستخدم رعب الأنظمة الغربية من الإرهاب الإسلامي في مقابل التغاضي عن تحقيق الديمقراطية في مصر. لكن ينبغي على واشنطن أن تدرك أنها بدعمها للنظام الحاكم الحالي في مصر، ستخلق المزيد من المتطرفين كل يوم، وهذا أبعد ما يكون عن الاستقرار.
دير شبيجل: البعض يقول إن الغرب ارتبط ارتباطا وثيقا بنظام مبارك، بينما يرى آخرون إن مبارك أصبح مثل الخادم الخاضع للقوى الغربية، فما رأيك؟
البرادعي: يمكنك أن تنظر إلى الصراع في غزة. لقد تحول القطاع إلى أكبر سجن في العالم، يحرسه سجانين، إسرائيل من ناحية، ومصر من ناحية أخرى عن طريق غلق المعبر. والغريب إن النظام المصري يروج أن مشاركته في الحصار لدواعي أمنية، بينما كل ما يخشاه هو قوة حماس – التي لا أتفق معها في مواقفها المتطرفة- لكنها على الأقل تسلمت السلطة عن طريق انتخابات شرعية.
دير شبيجل: ما الذي كنت ستفعله بخصوص مشكلة غزة؟
البرادعي: ينبغي علينا أن نفعل كل ما بوسعنا لتخفيف معانا الشعب الفلسطيني في غزة، يجب أن نفتح المعابر ونضغط لرفع الحصار فورا، وبشكل كامل، وليس كما يحدث الآن من تخفيف جزئي للحصار.
دير شبيجل: وكما يرى الإسرائيليون الآن، حتى لو كان ذلك عن طريق المساعدات الغذائية..
البرادعي: لا أرى أي خطر حقيقي على أمن مصر القومي من فتح المعابر بشكل مطلق ودائم، لكن الخطر فعلا هو تعاون النظام المصري الدائم والمهين مع من يهينون ويعذبون الشعب الفلسطيني.
دير شبيجل: هل مازلت تؤمن بالدولة الفلسطينية، التي تقوم جنبا إلى جنب مع الدولة الإسرائيلية؟
البرادعي: هذا هو الحل الوحيد، لكن لكي يحدث ذلك لابد أن تصل للحكم حكومة إسرائيلية مقتنعة بمبدأ العودة لحدود ما قبل 67، وأن تكون مقتنعة أن القمع ليس الحل.
دير شبيجل: ويجب على الفلسطينيين أيضا أن يقتنعوا بحق إسرائيل في الوجود، وأن يتوقفوا عن إطلاق صواريخ من غزة على إسرائيل، ينبغي على الجانبين أن يبذلا مجهوداتهم لإنجاح المفاوضات..
البرادعي: بالضبط، لكن الشرق الأوسط يرى أن الأمور غير عادلة، وهناك أحكام تكيل بمكيالين وليست في صالح الفلسطينيين، وهذا ما يثير مشاعر الغضب والكراهية في نفوس الشعوب العربية، وخاصة الشعب المصري.
دير شبيجل: كيف يمكنك التوفيق بين إرضاء الشارع العربي وبين التعاون مع الغرب والتفاوض مع إسرائيل؟
البرادعي: إن تركيا عضو في حلف الناتو، وحليف مهم للغرب ولإسرائيل، ومع ذلك لم يتهاون أردوغان رئيس الوزراء التركي في مسألة القافلة التركية التي كانت متجهة إلى غزة، لهذا احتفت كل الشعوب العربية بأردوغان، وأصبحت صوره في كل مكان.
دير شبيجل: إن الشعبية السياسية لا تساعد كثيرا، وخذ إيران مثالا على ذلك برئيسها أحمدي نجاد..
البرادعي: أوافقك الرأي، لكن الأنظمة التي تسمي نفسها "أنظمة معتدلة" في الشرق الأوسط، لم تنجح في تحقيق أي شيء، وشعرت الشعوب أن حكامها خانوها. حتى الجامعة العربية التي تتخذ من القاهرة مقرا لها أصبحت بلا فائدة منذ وقت طويل، ومازالت مترددة في اتخاذ أبسط المواقف. إن ما تبقى من الجامعة العربية مجرد نكتة، لذلك أصبح أحمدي نجاد –رغم مواقفه المتطرفة- رمزا شعبيا في المنطقة.
دير شبيجل: حكام الشرق الأوسط يخشون أحمدي نجاد، بسبب برنامج بلاده النووي، وأنت أكثر من أي شخص آخر في العالم تعلم خطورة هذا، فمفتشي الوكالة الذرية جمعوا أدلة تثبت تورط طهران في برنامج نووي، كما أن المخابرات الأمريكية أكدت أن إيران ستمتلك القنبلة النووية في غضون سنتين على الأكثر..
البرادعي: إن الموقف الإيراني له عدة أوجه، فطهران تعمل على تكنولوجيا تجعل من الممكن الحصول على قنبلة نووية، لكنها مجرد قوة نووية افتراضية، وشخصيا لا أعتقد أن الإيرانيين سيمتلكون أسلحة نووية يوما ما.
دير شبيجل: لكن امتلاك إيران للوقود النووي يضعها تلقائيا في مصاف القوى النووية وفي موقف أقوى من جيرانها..
البرادعي: هذا موقف مبالغ فيه فرضته الدول الغربية، الأمر كله مجرد محاولة من إيران لإظهار نفوذها وهيبتها التكنولوجية لجيرانها العرب، لتؤكد لهم أنها استطاعت أن تتساوى بالدول المتقدمة.
دير شبيجل: لكن هناك مزاعم أن مصر والسعودية تسعيان لتطوير قوتهما النووية، فهل هذا صحيح؟
البرادعي: أعتقد أن كل هذا لا أساس له من الصحة. أنا من أشد المناصرين لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، سواء الإيرانية أو الإسرائيلية. لكن عموما، الخوف من امتلاك إيران للسلاح النووي مبالغ فيه للغاية، وأحيانا يستغله البعض عمدا لمصالح خاصة. أعتقد أن معيار التأثير والقوة في المنطقة لا يرجع للقوى العسكرية، وإنما للقوة الناعمة. هذه المنافسة ستحسم لصالح من يمتلك أفكارا أفضل، ومؤسسات أكثر تأثيرا، ومن يمتلك فكرا أكثر تحضرا ووعيا.
دير شبيجل: ما هي خططك لتخليص الشعب المصري من هذا الإحباط الذي يعيش فيه؟
البرادعي: إن الديمقراطية لا تعني شيئا لهؤلاء الذين يبحثون عن "لقمة العيش"، لهذا يجب أولا أن نحسن الأوضاع المعيشية للمصريين الذين يعانون تحت وطأة الفساد والمحسوبية، يشعرون أنهم مهما أنجزوا لن يحققوا شيئا، كما إن الفجوة بين الأغنياء والفقراء تتسع يوما بعد يوم. ولأن الناس يتوقون للحرية والكرامة، يجب أن يعرفوا أن الديمقراطية في كل مناحي الحياة هي السبيل الوحيد لذلك.
دير شبيجل: ماذا تعني بذلك؟
البرادعي: لا يمكن أن تستمر صلاحيات الرئيس مطلقة كما هي الآن، يجب أن يكون التصويت متاحا لعزله من منصبه أو عزل الحكومة إذا فشل أحدهما في أداء واجباته. نحن نحتاج لنظام قضائي مستقل، وإعلام حر. ينبغي أن يكون المصري قادر على اختيار من يمثلوه في مناخ نزيه وحر، دون الوقوع تحت ضغط النظام الحاكم، ودون النظر إلى الدين أو النوع، فلماذا لا تتولى امرأة أو قبطي منصب الرئاسة؟!
دير شبيجل: وهل تريد أن تنفذ هذا البرنامج بمساعدة الإسلاميين من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين؟!
البرادعي: نعم، صحيح، لقد التقيت ببعض ممثلي الجماعة، وناقشنا معا الصراع مع نظام مبارك الحاكم.
دير شبيجل: لكن هناك بعض الأخبار عن "شراكة إستراتيجية"..
البرادعي: أنا أتحدث مع كافة قوى المعارضة في مصر. الإخوان محظورون من تكوين حزب سياسي، لكن انظر لما فعلوه في انتخابات مجلس الشعب، حصلوا على 20% من مقاعد البرلمان، ويحظون بالاحترام لأنهم ناشطين اجتماعيا، وأنا أرى أن ربطهم بأشخاص مثل بن لادن مجرد كلام فارغ. وليس معنى أنني لا أتفق مع أفكارهم المتحفظة بشأن الإسلام، أنني سأتجاهلهم، فهم جزء من المجتمع المصري، ولديهم كل الحق في المشاركة في تطوير مستقبل مصر، إذا استمروا في نشاطهم بديمقراطية وبعيدا عن العنف.
دير شبيجل: ولكن هذا ما يخشاه المحللون بالضبط، أن يستغلك الإخوان المسلمين للوصول إلى السلطة..
البرادعي: هذا لن يحدث أبدا، فأنا أحترم كلمة الإخوان المسلمين، كما إن الإسلام هو الذي شكل مصر أساسا، وأنا لن أعتبر نفسي أداة، إلا للتغيير الديمقراطي.
دير شبيجل: هل يتكامل فعلا الإسلام مع الديمقراطية؟
البرادعي: هناك سورة في القرآن الكريم تؤكد على أنه يجب على الحاكم أن يستشير شعبه ليحكم بالعدل، وفي النهاية، الإسلام مثله مثل أي دين سماوي آخر، يعتمد على كيفية فهمك له وتطبيقك لمبادئه.
دير شبيجل: مصر كلها تسأل الآن: هل سترشح نفسك للرئاسة؟
البرادعي: في سني هذا؟!
دير شبيجل: عندما تبدأ الانتخابات سيكون عمرك 69 عاما، ومبارك سيصبح في الثالثة والثمانين، الفرصة الوحيدة لوصول شاب إلى الرئاسة لن تأتي إلا عن طريق جمال مبارك نجل الرئيس.
البرادعي: لقد التقيت جمال أكثر من مرة، لا أعتقد أنه سيء، لكن لا شيء يدل على إنه سيكون مختلفا عن والده.
دير شبيجل: بمعنى آخر، هل ترى أنك الوحيد المناسب في حلبة الصراع على الرئاسة؟
البرادعي: سيتطلب هذا تغييرا في قوانين الأحزاب السياسية وشروط الترشح للانتخابات، كما سيتطلب ضمان فرصة حقيقية لي في إعلام حر، وطبعا يجب أن تسنح لي الفرصة لتحويل جبهة التغيير إلى حزب سياسي، ويجب أن نجمع تبرعات لبدء حملة انتخابية. لكن دعنا نكون واضحين هنا، إذا تحققت هذه الشروط، وأرادني المصريون رئيسا لهم، لن أخذلهم أبدا.
دير شبيجل: هل تعني أنك ستترك "اللحظة التاريخية" تمر هكذا؟!
البرادعي: لا، ليس من المفروض أن أكون رئيسا لأدعم التغيير في مصر. وقد قلت في إحدى المرات على الإنترنت إننا سنواجه مخاوفنا، وسنفعل المجتمع المدني بمؤسساته وسنحطم كل الجدران، تماما كما فعلت ألمانيا يوما.
دير شبيجل: إذا لم يسمح لك بخوض الانتخابات، ما الذي ستنصح مؤيديك بفعله؟
البرادعي: إذا لم تتغير القوانين، وإذا لم تكن هناك فرصة لحملة انتخابية عادلة، سأطالب بمقاطعة الانتخابات.
دير شبيجل: وهل ستطالبهم بالتظاهر والثورة حتى لو انتهى ذلك بحمام من الدم في مصر؟
البرادعي: أنا قلق فعلا من أن يقامر النظام ويرفض خيار التداول السلمي للسلطة، وأخشى من اندلاع العنف ولهذا السبب تحديدا لم أدع حتى الآن لقيام مظاهرات أو لإضراب عام. ويجب على النظام أن يعرف هذا، أنه يمكنه أن يعتقل بعض المتظاهرين، لكنه لن يستطيع أن يعتقل شعبا بأكمله.
دير شبيجل: في رأيك أيهما أسهل.. منع إيران من صنع قنبلة نووية أم تحقيق الديمقراطية في مصر؟
البرادعي: الاثنان بنفس الصعوبة، والاثنان محتملان.
دير شبيجل: أخيرا د. البرادعي، نراك قريبا في خريف 2011، في القصر الرئاسي بالقاهرة..
البرادعي: كما قال أندريه مارلو "إن الأصعب على التصديق، هو عادة ما يحدث في النهاية"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.