رحيل الأنبا أنطونيوس مرقس مطران جنوب إفريقيا عن عمر ناهز 89 عامًا    انتخابات مجلس النواب 2025.. 143 مرشحا يتنافسون على 16 مقعدًا بالمنيا    أول تحرك برلماني بعد واقعة صفع مسن السويس    جامعة المنصورة تستقبل وفد المجلس العربي للاختصاصات الصحية    شيخ الأزهر يدعو لإنشاء لجنة من حكماء إفريقيا لتخفيف حدة النزاعات بالقارة    أسعار الذهب في السعودية مساء اليوم السبت    حكاية منظمة (4)    مسؤول أمريكي: واشنطن تعد عقوبات جديدة تستهدف قطاعات إستراتيجية بالاقتصاد الروسي    بيدري: تقييمي ل برشلونة 6 من 10.. وريال مدريد أصبح يلعب على الاستحواذ    انتخابات الأهلي – الدماطي: هدفنا التنمية والاستثمار في النادي    القبض على 3 أشخاص بحوزتهم 440 طربة حشيش وأسلحة نارية بالإسماعيلية    ضربها بالخرطوم في الشارع، حكاية فتاة التجمع الخامس مع سائق النقل الذكي تثير الغضب (فيديو)    معرض النيابة العامة للكتاب بطرابلس يناقش دور الثقافة والمعرفة في بناء الجسور بين الشعوب.. مشاركة واسعة لممثلي صحف عربية وإفريقية.. ومقترح بإطلاق جائزة لأفضل إصدار بمجالات الأدب والبحث العلمي    مديرة صحة العاشر تتفقد الخدمات الطبية بمركز طبى 15 القديم بالشرقية    تفاصيل جديدة في واقعة «طفل اللبيني»    مصر تواصل جهودها السياسية والدبلوماسية والإنسانية لدعم الشعب الفلسطيني    الرئيس السيسي يبحث مع رئيس أركان الجيش الباكستاني تعزيز التعاون العسكري وجهود دعم الاستقرار الإقليمي    منح الصحفية الشهيدة مريم أبو دقة جائزة أبطال الصحافة لعام 2025    «بحوث الصحراء» يلتقي بمزارعي جنوب سيناء لدعم التنمية    اسعار اللحوم اليوم السبت 25اكتوبر فى مجازر وأسواق محافظة المنيا    موعد مباراة فالنسيا وفياريال في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    كومباني يعلن تشكيل بايرن ميونخ لمواجهة مونشنجلادباخ في الدوري الألماني    أبو ريدة يستقبل وزير الرياضة ويبحثان دعم خطط وبرامج تطوير كرة القدم    انطلاق الحملة الثالثة للتحصين ضد مرض الحمى القلاعية بالسويس    وزير الإسكان يتفقد الطرق والمرافق بمنطقة الأمل بمدينة العبور الجديدة    جهود قطاع الأمن العام خلال 24 ساعة    الصناعة: طرح 1128 قطعة أرض صناعية مرفقة بمساحة 6.2 مليون متر    رئيس الهيئة الوطنية للصحافة: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم    توجيهات جديدة ل السيسي بشأن حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    أجواء فرح واحتفال بنجاح "لينك".. ونجومه يرقصون على "كاجولوه"    بعد إعلان زواجهما.. منة شلبي وأحمد الجنايني يتبادلان رسائل الحب على السوشيال ميديا    وزير الإسكان يوجه بتسريع وتيرة العمل في مشروع حدائق تلال الفسطاط    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    طلاب من أجل مصر تستلهم روح أكتوبر في ندوة وطنية بجامعة كفر الشيخ    وحدة السكتة الدماغية بجامعة عين شمس تستقبل خبراء من السعودية وكينيا في ورشة عمل    تحرير محضر ضد مدرس وصاحب عقار استخدما سطح مبنى مركزًا للدروس الخصوصية بالشرقية    محافظ أسوان: حل مشكلة تسجيل وتحديث بيانات مواطنين بأبو سمبل في منظومة التأمين الصحي    ربة منزل تتهم زوجها بضرب ابنتهما وتعذيبها بسبب 1200 جنيه فى كفر الشيخ    جدول امتحان شهر أكتوبر لطلاب الصف السادس الابتدائى فى الجيزة    فيلم السادة الأفاضل يتخطى 8.5 مليون جنيه خلال 3 أيام عرض بالسينمات    الحكومة المصرية تدير 7 مراكز لوجستية رئيسية لتعبئة شاحنات المساعدات إلى غزة    طريقة التقديم للحج من خلال الجمعيات الأهلية بالخطوات    رئيس اتحاد الإسكواش لليوم السابع: تألق أمينة عرفي دليل تواصل الأجيال    غارة إسرائيلية تستهدف سيارة قرب مدرسة جنوب لبنان    انطلاق الحملة القومية لتحصين 248 ألف رأس ماشية بكفر الشيخ    برينتفورد ضد ليفربول.. سلوت يشعل حماس محمد صلاح برسالة غير متوقعة    الصحة: فحص 1.5 مليون طالب ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم    اتهامات تزوير تلاحق رمضان صبحي.. وجنايات الجيزة تؤجل نظر القضية ل22 نوفمبر    بعد انخفاض الكيلو.. أسعار الفراخ اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في بورصة الدواجن    نابولي يسعى لمداواة جراحه بإيقاف سلسلة انتصارات إنتر    التضامن: تحسين منظومة الكفالة وتطبيق إجراءات الحوكمة عند تسليم الأطفال    اللواء محمد الدويري: أحد قيادات حماس البارزة لجأ لأبو مازن لحمايته من قصف إسرائيلى    بعت نصيبي من ورث والدي فقاطعني إخوتي هل عليا ذنب؟ الإفتاء ترد    الإفتاء تُجيب| «المراهنات».. قمار مُحرم    «الأزهر العالمي للفتوى» يرد| قطع صلة الرحم.. من الكبائر    الإفتاء تُجيب| تحديد نوع الجنين.. حلال أم حرام؟    تفاصيل اصطدام باخرة سياحية بكوبري كلابشة في أسوان.. ماذا حدث؟    "لا تستمع لأي شخص".. بانزا يوجه رسالة ل محمد السيد بعد انتقادات الجماهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كله عند العرب مؤسسات
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 07 - 2010

انشغل العاملون فى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية خلال الشهور الماضية بإعادة النظر فى أوضاع العمل العربى المشترك، وبوجه خاص دور الأجهزة العاملة على المستوى الشامل (القمة، ومجلس الجامعة والمجلس الاقتصادى والاجتماعى). وبعد لقاءات ومناقشات ومداولات حول مقترحات تقدمت بها عدة دول، أعلن السيد الأمين العام أن الرأى استقر على عدم إلغاء الميثاق القائم للجامعة العربية أو تعديله بإلغاء بعض نصوصه أو تغييرها، واللجوء إلى إضافة ملاحق وبروتوكولات تحدث الميثاق وتطوره وتضيف إليه ويكون من شأنها أن تحل عمليا محل الميثاق كليا أو جزئيا مع بقاء الميثاق كوثيقة تاريخية ذات ثقل قومى.
ذلك أن الخيار الداعى لإجراء تعديل جذرى وشامل يستحدث مؤسسة جديدة تماما، رغم مزاياه، له عيوبه التى تكاد تجعل منه فرضا مستحيلا، لعظم تكاليفه وما يحدثه من شلل العمل العربى (النشيط!!)، دون ضمان لأن تكون النتيجة إيجابية. فلا مفر إذن من إجراء تعديل تدريجى فى إطار خطة شاملة وإطار زمنى واقعى يجعل من الممكن اتخاذ عدد من الخطوات الفعالة فى مجال التطوير، تطبق على أساس جدول زمنى تقرره القمة العربية المقبلة وتتابعه القمم التالية فى ظرف 3 إلى 5 سنوات مثلا.
والمشكلة أن الأمر لا يقتصر على جهاز الجامعة ذاتها، فهناك إلى جانبها 16 منظمة متخصصة، و12 مجلسا وزاريا عربيا. فهل نبقى على هذا النمط، المشابه لمنظومة الأمم المتحدة، رغم اختلاف التكوين والأهداف. وهل يدعو التعقيد المتزايد فى أمور الحياة الإنسانية إلى إضافة تنظيمات جديدة، مثل الإضافة الحديثة لمجلس وزراء المياه العرب؟ وفى كل الأحوال يظل السؤال قائما حول الجهة المسئولة عن دفع القرارات إلى حيز التنفيذ لكيلا تبقى كما هو معهود حبرا على ورق.
وفى هذا المجال يبرز اسم «مجلس جامعة الدول العربية» الذى كان الجهاز الوحيد الذى أقره بروتوكول الإسكندرية (أكتوبر 1944)، واعتمدته المادة الثالثة من ميثاق الجامعة، بينما دعت مادته الرابعة إلى أن يعاونه عدد من اللجان، يختص بأحد أوجه التعاون، ومنها لجنة للشئون الاقتصادية والمالية. وكان من الطبيعى أن تكون عضوية المجلس لوزراء الخارجية بحكم أن الجامعة كانت جهازا ينظم العلاقات البينية بين دول مستقلة.
ثم ظهر المجلس الاقتصادى بعد ذلك بخمس سنوات بموجب مادة فى معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادى (1950)، التى رأت تعزيز الأمن العربى بالنص فى مادتها السابعة على تنظيم وتنسيق النشاط الاقتصادى للدول الأطراف والعمل على رفع مستوى المعيشة فيها.
وأوكلت عضويته للوزراء المختصين بالشئون الاقتصادية، أو من يمثلونهم عند الضرورة، لكى «يقترح» على حكومات تلك الدول ما يراه كفيلا بتحقيق تلك الأغراض، وما يلزم لذلك من اتفاقيات (وفى هذا السياق عقدت اتفاقية الوحدة الاقتصادية). ويبدو أن الشعور بعدم امتلاك المجلس بصورته تلك القدرة على إدارة دفة الشئون الاقتصادية والاجتماعية، وبخاصة بعد استشراء قانون باركنسون، دعا مجلس الجامعة لإصدار قراره رقم 3552 فى 25/3/1977 بتحويله إلى «مجلس اقتصادى واجتماعى» يضم وزراء الدول الأعضاء المختصين ووزراء الخارجية أو من ينوب عن هؤلاء، لتمتد صلاحياته إلى أوجه النشاط المختلفة. وحددت مهامه بتحقيق الأغراض الاقتصادية والاجتماعية للجامعة وما يتصل بها مما نص عليه ميثاق الجامعة ومعاهدة الدفاع المشترك. وعهد إليه بمهمة الموافقة على إنشاء أى منظمة عربية متخصصة، والإشراف على حسن قيام المنظمات الحالية بالمهام الموكلة إليها.
وفى 22/05/2005 عدلت القمة السادسة عشرة فى تونس المادة الثامنة مرة أخرى بالاستعاضة عن وزراء الخارجية بوزراء تحددهم حكومات الدول الأعضاء أخذا فى الاعتبار طبيعة مهام المجلس وأهمية استمرارية التمثيل وفاعليته، كما وسعت نطاق الأغراض الاقتصادية والاجتماعية لتشمل ما يتعلق بأى اتفاقيات أخرى معقودة فى إطار الجامعة، ومنها اتفاقية مجلس الوحدة الاقتصادية العربية.
يذكر أن هناك مباحثات تجرى بين السيد محمد إبراهيم التويجرى الأمين العام المساعد للجامعة، والسفير محمد محمد الربيع الذى خلف الدكتور أحمد جويلى فى أمانة مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، للتنسيق بين المجلسين (وهى قضية تناولناها 11/4/2009 بعنوان «بين مجلسين»). كذلك نظرت تلك القمة فى «وثيقة العهد» التى طرحتها عليها المملكة السعودية، وتعهد الرؤساء فيها بالالتزام ب«تطوير الأجهزة والهيئات الإقليمية العربية المتخصصة وبرامج خطط عملها لضمان أداء دورها وفقا لمتطلبات واحتياجات الدول العربية». وأدخلت قمة الجزائر، مارس 2005 بعض التعديلات على ميثاق الجامعة، منها إنشاء البرلمان العربى، وتعديل أسلوب اتخاذ القرارات فى مجلس الجامعة، والمجلس الاقتصادى والاجتماعى، والمجالس الوزارية الأخرى العاملة فى إطار الجامعة.
وكالعادة غطت الجامعة فى نوم عميق، يبدو أنها بدأت تفيق منه بعد أن واجهت صعوبات جمة فى تنفيذ ما أقرته قمة الكويت التى خصصت للأمور الاقتصادية والاجتماعية والتنمية، فى أوائل 2009. وكما فعلت ليبيا فى محاولة نفخ الروح فى الجسد الأفريقى المتشرذم، أيدت اقتراحا يمنيا بإنشاء ما يدعى «الاتحاد العربى»، أهم ما يميزه رفع مستوى اتخاذ القرار إلى مجلس تنفيذى أعلى، يضم رؤساء الحكومات (لعلهم يتحركون فى نطاق حكوماتهم القطرية).
غير أن خبراء الأمانة العامة رأوا أن هذا يمكن تحقيقه عن طريق رفع هيبة المجلس الاقتصادى والاجتماعى، بعقده على مستوى رؤساء الحكومات وحرصا على وضع رئيس الوزراء المصرى على مستوى أقرانه العرب ننصحه أن يغير عبارة «معالى» التى سبقت اسمه فى اللوحة الضخمة التى أعلنت رعايته للتقرير المحبط للشباب فى 27/6، إلى «دولة الرئيس»، بعد استصدار قانون بإعادة الألقاب، بما فيها صاحب المقام الرفيع.. أو الطويل ولا بأس من أن يواصل السادة وزراء الخارجية أعمالهم حرصا على استمرار العمل فى مسائل سياسية حساسة، خاصة أن مجلس السلم والأمن العربى يتبعه.
وبناء عليه اقترحت ورقة العمل التى أعدتها الأمانة العامة حول تطوير منظومة العمل العربى المشترك للعرض على الدورة الاستثنائية للقمة العربية المقرر عقدها فى أكتوبر المقبل فى مدينة سرت الليبية، تغيير اسم جامعة الدول العربية إلى اتحاد الدول العربية (الاتحاد العربى)، مع تغيير اسم «القمة العربية» إلى «المجلس الأعلى للاتحاد»، وجعل التمثيل فى المجلس الاقتصادى والاجتماعى على مستوى رؤساء الحكومات أو من فى حكمهم، بالإضافة إلى إعادة تأهيل مجلس السلم والأمن العربى. ولما كان فوق كل رئيس رئيس، فعلينا أن نوجد ما يشغل السادة الملوك والرؤساء (حرصا عليهم من نجاسة اليد البطالة) بعقد دورتين سنويا للمجلس الأعلى للاتحاد (القمة)، مع إمكان عقد دورات نوعية. كما اقترح إقرار مبدأ تعيين مفوضين لملفات محددة يتولونها.
لكن تبقى الحاجة إلى قائد عام.. فلا بد من أن يتعاظم دور الأمين العام (أمين لأى شىء؟!) ليصبح «بوابة» للمقترحات والمشاريع، وللأقوال كمتحدث رسمى. وما دمنا بصدد التطوير فلابد من تعزيز البرلمان العربى وإنشاء محكمة عدل. كما يجب أن نعيد الحديث عن منطقة التجارة الكبرى والاتحاد الجمركى، وبالمرة بنك مركزى عربى.
على أن الغريب أن وزير الخارجية المصرى نسب إلى الرئيس مبارك رفضه مسمى «الاتحاد العربى» وفضل تسميته «اتحاد جامعة الدول العربية» تأكيدا لأهمية الحفاظ على مسماها الأصلى «باعتباره جزءا من إرثها التاريخى ومكونا من مكونات هويتها التى تشكلت عبر عقود»، إن لفظ اتحاد يعنى تنظيما يضم عددا من المكونات المتشابهة، على غرار اتحاد الطلبة، أو الاتحاد الجمركى، وهى فى حالتنا دول عربية، وهو نفس ما تعنيه كلمة «جامعة». هل هو تمسك بالقديم ولو على حساب التعبير العلمى السليم لمجرد تطبيق مبدأ «ادى له حاجة» على المستوى العربى، بعد المصرى؟ ألم نقل «كله عند العرب اتحاد.. شريطة ألا يكون عربيا»؟ (الشروق، 19/8/2009).
إن القضية ليست حشد أو إعادة تسمية مؤسسات، ولنا فى ذلك حديث آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.