تجري اليوم الثلاثاء في الضاحية الجنوبية لبيروت، مراسم تشييع المرجع الشيعي العلامة السيد محمد حسين فضل الله في مأتم شعبي ورسمي وسط حداد وإقفال عام أعلنته الحكومة اللبنانية. وتبدأ مراسم التشييع الساعة الواحدة والنصف بعد صلاة الظهر أمام منزله في حارة حريك في الضاحية الجنوبية، ويسلك موكب التشييع عددا من شوارع الضاحية قبل أن يصل إلى مسجد الإمامين الحسنين حيث ستقام الصلاة، ويوارى الثرى في صحن المسجد. وبدأ آلاف الأشخاص بالتجمع في أحياء الضاحية خصوصا قرب منزل فضل الله، ورفعت الأعلام السوداء وصور المرجع الشيعي في كل مكان. وقالت فاطمة مشيش (20 سنة) إنها درست في مدرسة تابعة لجمعية المبرات الخيرية التي أسسها فضل الله والتي تعنى باليتامى، وقالت: "فقدت والدي وأنا في الثالثة، وتحجبت لدى السيد فضل الله وأنا في الثامنة"، وأضافت: "عندما سمعت بوفاته، قلت في نفسي لقد توفي أبي". وقال حسن فقيه (55 سنة) الذي قدم مع زوجته من النبطية للمشاركة في التشييع: "جئت محبة بالسيد الذي كان يعني لنا الكثير، خصوصا أنه كان المؤيد الأول للمقاومة وهو الذي أطلق فكرة المقاومة والفكر المقاوم". كان فضل الله قد توفى يوم الأحد الماضي عن عمر يناهز ال 75 عاما نتيجة إصابته بنزيف داخلي حاد. وأعلن مجلس الوزراء اليوم الثلاثاء يوم حداد وإقفالا عاما. وخلال اليومين الماضيين توافد المسئولون الكبار والشخصيات من كل المذاهب والأحزاب السياسية للتعزية بالراحل، بالإضافة إلى وفود شعبية. كما وردت برقيات تعزية به من العديد من الشخصيات في الخارج وبينهم علي خامنئي مرشد الجمهورية الإسلامية ومحمود أحمدي نجاد الرئيس الإيراني وملك البحرين والأمين العام لجامعة الدول العربية ونائب الرئيس السوري ومسئولون فلسطينيون وعراقيون. وفي تعليق على وفاته على مدونة إلكترونية للسفيرة البريطانية في بيروت، كتبت السفيرة فرانسيس جاي أن غياب فضل الله "سيتجاوز أثره شواطئ لبنان". وتحدثت عن انطباعاتها بعد التعرف إليه، فقالت: "عند زيارته يمكنك أن تكون متأكدا من حصول نقاش حقيقي مع جدال محترم، وتعلم أنك سوف تتركه مع شعور بأنك أصبحت شخصا أفضل". واعتبرت جاي أن "العالم يحتاج إلى مزيد من الرجال مثله المستعدين للتواصل عبر الأديان والاعتراف بواقعية العالم المعاصر ولديهم الجرأة لمواجهة القيود القديمة". وقد عرف فضل الله بانفتاحه على العصر في فتاواه، مع تمسكه بأصول الدين. كما كان "المرشد الروحي" لحزب الله في بداية تأسيسه في الثمانينات، قبل أن يحصل تباعد بين الجانبين بسبب تباينات في وجهات النظر حول المرجعية الدينية، إذ سعى فضل الله إلى تأسيس مرجعية مستقلة للحزب الشيعي، في حين أن الأخير يعتبر "ولاية الفقيه" من صلب عقيدته.