تحدث البقع الشمسية وتزول، لكن معظمها اختفى مؤخرا. وعلى مدى قرون، سجل علماء الفلك أن هذه البقع المعتمة عندما تظهر على وجه الشمس، تزول مرة أخرى بعد أيام قليلة أو أسابيع أو شهور. وبفضل جهودهم، نعرف أن أعداد البقع الشمسية تنحسر وتزيد فى دورات تستمر نحو 11 عاما.ولكن بالنسبة للعامين الماضيين، اختفت معظم البقع الشمسية. وأصاب غيابها وهو الأطول منذ نحو مائة عام حتى المراقبين المحنكين للشمس بالدهشة. تخضع الشمس لمراقبة لم يسبق لها مثيل، بفضل أسطول من التلسكوبات الفضائية. وتصور النتائج التى ترسلها أقرب النجوم إلينا (أى الشمس)، وتأثيره على الأرض، بمفهوم جديد. تشير البقع الشمسية وغيرها من الدلائل إلى أن النشاط المغناطيسى للشمس يتضاءل، بل ربما تكون الشمس فى حالة انكماش. وتشير النتائج إلى أن شيئا عميقا يحدث داخل الشمس، والسؤال الكبير هو، ما هو هذا الشىء؟ لم يسبق أن كانت المخاطر أعلى من ذلك. تنذر مجموعات من البقع الشمسية بعواصف شمسية هائلة يمكن أن تطلق طاقة تزيد مائة مرة على القنبلة النووية. وقد أدت المخاوف من احتمال أن تتسبب هذه الانفجارات الشمسية العملاقة فى إثارة فوضى على الأرض، خلافات بشأن دور الشمس فى التغير المناخى، مما أدى إلى زيادة أهمية الدراسات حول هذا الموضوع. عندما أطلقت وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية مرصد الشمس والغلاف الجوى قبل 15 عاما تقريبا، «لم يكن فهم دورة الشمس ضمن أهدافه العلمية، لكنه الآن من المسائل الرئيسية»، طبقا لما يقول برنارد فليك، العالم بالمشروع. تعتبر البقع الشمسية «نوافذ على روح الشمس المغناطيسية». فهى تتشكل مع الحلقات المغناطيسية العملاقة التى تتولد فى أعماق باطن الشمس، ثم تصعد لتنفجر عبر السطح، وهو ما يؤدى إلى انخفاض موضعى فى درجة الحرارة يظهر كبقعة معتمة. وتعكس أية تغيرات فى عدد البقع الشمسية تغيرات تجرى داخل الشمس نفسها. ويقول أحد العلماء: «خلال هذا التغير، تسمح لنا الشمس بإطلالة على داخلها». إذا تغيرت الطاقة التى تطلقها الشمس، فلابد أن حرارتها ستكون متقلبة أيضا. وفى حين أن التوهجات الشمسية يمكن أن تشعل الغازات عند السطح، فسيكون للتغيرات فى باطن الشمس تأثير أكبر على درجة الحرارة، على الرغم من أن الحسابات توضح أن الأمر قد يستغرق مئات الآلاف من السنوات كى تنفذ التأثيرات إلى السطح. وأيّا ما كانت الآلية، فكلما برد السطح قلت الطاقة التى «تنفخ» (puff up) الشمس. وأى انخفاض فيما تطلقه الشمس من طاقة سوف يؤدى أيضا إلى انكماش الشمس. لكننا لا نستطيع التنبؤ بما ستفعله الشمس بعد ذلك. ويعتقد معظم علماء الفلك أن دورة الشمس سوف تستمر، ولكن بمستويات نشاط أقل كثيرا عما كانت عليه فى القرن التاسع عشر. ومع ذلك، هناك دليل أيضأ على أن الشمس تفقد بالتأكيد قدرتها على إنتاج البقع الشمسية. وبحلول عام 2015، ربما تكون قد انتهت تماما، لتدخلنا فى عصر جليدى جديد، أو ربما عصر جليدى صغير جديد. وبطبيعة الحال، فإن النشاط الشمسى مجرد أحد المصادر الطبيعية لتغير المناخ. وتمثل الانفجارات البركانية مصدرا آخر، حيث تطلق الغاز والغبار فى الغلاف الجوى. ومع ذلك يظل مهما لفهم قابلية التغير الدقيقة، والطريقة التى تؤثر بها على الأنماط الإقليمية المختلفة للطقس على الأرض. ومن ثم، سوف يصبح علماء المناخ قادرين على تصويب هذه التأثيرات، ليس فقط فى تفسير القياسات الحديثة، ولكن أيضا عند محاولة إعادة تشكيل المناخ بالعودة إلى قرون ماضية. وبذلك فقط نستطيع أن نحقق توافقا سلميا فى الآراء حول المستوى الحقيقى لتأثير الشمس على الأرض ومناخها.