استضاف صالون جامعة الدول العربية الثقافي جلسة حوارية موسعة تحت عنوان «حوار الحضارات بعد عقدين: مستقبل حوار الحضارات والثقافات من أجل التعايش السلمي»، وذلك بحضور عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، وبمشاركة كل من الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء الأسبق، ومحمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، إلى جانب ممثلي الأزهر والكنيسة، وعدد كبير من السفراء ومندوبي جامعة الدول العربية والبعثات الدبلوماسية. وافتتح أعمال الصالون مدير إدارة الثقافة وحوار الحضارات، المستشار يوسف بدر مشاري، الذي تناول في كلمته مراحل تطور مفهوم «حوار الحضارات» مقابل «صراع الحضارات»، مشيدًا بمبادرة الأمين العام الأسبق عمرو موسى بتأسيس إدارة الثقافة وحوار الحضارات عام 2002. وطرح مشاري تساؤله الأبرز لافتتاح دائرة النقاش: أين نحن، كعرب، من هذا الحوار أو الصراع بين الحضارات؟. من جهته، استعرض عمرو موسى في مستهل حديثه أهمية الدور العالمي لتحالف الأممالمتحدة للحضارات (UNAOC)، الذي تأسس عام 2005 بمبادرة من الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان، بهدف تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، ومواجهة التطرف، وبناء جسور التفاهم بين الشعوب، مع تخصيص يوم دولي للحوار بين الحضارات في العاشر من يونيو من كل عام. وأكد موسى على محورية دور جامعة الدول العربية في هذا السياق، مشيرًا إلى أن دور الجامعة لا يقتصر على الجانب الثقافي فحسب، بل يمتد أيضًا إلى البعد السياسي. وأوضح ضرورة التركيز على البحث في آفاق جديدة للنقاش حول كيفية حماية الحضارات العربية والإسلامية والمسيحية، التي باتت تواجه العديد من التحديات، والعمل بالتعاون مع الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرها من المنظمات الدولية لإحياء حوار حضاري فاعل، يكون منطلقًا لخلق قاعدة تفاهم تمهيدًا لعمل سياسي يجمع هذه الحضارات ويسهم في تحقيق السلام العالمي. وشدد موسى على أهمية تحويل مفهوم "صراع الحضارات" الذي تفرضه بعض القوى الدولية إلى حوار حضاري حقيقي يقوم على السلام والتعاون وبناء المصالح المشتركة. كما دعا إلى إطلاق آلية لحوار الجنوب العالمي، وإيجاد قنوات اتصال فعالة مع الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وبقية الفاعلين الدوليين، مشيرًا إلى أن المصالح، لا الأيديولوجيات، باتت تحكم عالمنا اليوم، في ظل حالة من عدم الاستقرار ،من المتوقع أن تستمر خلال المرحلة المقبلة. وأوضح أن المشهد العالمي يتجه نحو قيادة محتملة لخمس قوى كبرى، هي الولاياتالمتحدةوالصين وروسيا والهند واليابان، لافتًا إلى أن بعض هذه القوى تمارس الهيمنة على حساب القانون الدولي، وهو ما يعزز صراع الحضارات على حساب الحوار القائم على العدالة. من جهته، أكد الدكتور عصام شرف أن حوار الحضارات الذي أرسته الأممالمتحدة قبل ثلاثة عقود كان موجَّهًا وفق مصالح القوى المنتصرة، مشددًا على ضرورة تكتل دول الجنوب العالمي، بقيادة الصين، لمواجهة نمط الصراع المفروض على الدول النامية. وأوضح أن طبيعة التحركات الدولية الحالية تشير إلى أننا نسير نحو نظام عالمي جديد وربما حكومة عالمية جديدة، مؤكدًا أن المنطقة العربية تمتلك فرصة حقيقية، خاصة أن ما يجمع دولها أكثر بكثير مما يفرقها. أما وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي، فرأى أن الواقع الدولي يشهد "صراع أديان" أكثر منه "حوار حضارات"، مؤكدًا ضرورة إعادة إحياء الحوار الحضاري لضمان السلام العالمي وحماية الأمن والسلم الدوليين. من جهته، أكد ممثل الكنيسة أن الحوار يمثل "ضرورة إنسانية"، مشيرًا إلى أن الإنسان خُلق بطبيعته كائنًا اجتماعيًا، يقوم وجوده على التواصل والتعايش لا على الصراع. كما أكد ممثل الأزهر الشريف أن الإسلام يؤمن بجميع الأديان السماوية ويحترم العقائد المختلفة، ويدعو إلى السلام وترسيخ التعايش بين الأمم والحضارات. وأشار إلى مبادرة "بيت العائلة المصرية" التي أنشأها الأزهر الشريف بالتعاون مع الكنيسة المصرية، والتي تعمل على تعزيز الوحدة الوطنية، ونبذ التطرف، وترسيخ القيم المشتركة، من خلال برامج وأنشطة تشمل مختلف محافظات مصر، تأكيدًا على أهمية حوار الحضارات ورفض الصراعات.