- آن للأطباء أن يشعروا بالأمان.. القانون الجديد يحمى الملتزمين بالقواعد العلمية ويضمن حماية المريض.. والحكم النهائى على فاعليته يظهر مع التطبيق العملى - زيادة أعداد المقبولين فى كليات الطب بدون فرص تدريب " جرينة" - أجور الأطباء ما زالت متدنية جدًا.. وبدون تحسينها لن تتحسن ظروف العمل - التأمين الطبى إلزامى وصندوق حكومى لتغطية الأخطاء الطبية.. ويجب القضاء على ظاهرة الاعتداء على المستشفيات - اللجان العلمية هى الفيصل لتحديد الخطأ الطبى والمضاعفات.. توثيق الحالات الطبية بدقة واجب لتقليل النزاعات القانونية
أكد نقيب الأطباء، أسامة عبد الحى، أن القواعد المنظمة لتطبيق قانون المسئولية الطبية أصبحت واضحة ومحددة، بما يضمن تحقيق العدالة وحماية حقوق جميع الأطراف، مؤكدًا أنه منذ بدء تطبيق القانون لم يتم حبس أى طبيب احتياطيًا. وأشار إلى أهمية الحلقة النقاشية التى نظمتها النيابة العامة مؤخرًا، وحضرها عدد من أعضاء مجلس النقابة العامة ونقباء الفرعيات، أسفرت عن مجموعة من النقاط الحاسمة فى تحديد دور النيابة العامة فى تحقيق التوازن بين سلامة المريض وضمان بيئة عمل آمنة للأطقم الطبية وفقًا لقانون تنظيم المسئولية الطبية وسلامة المريض. وأوضح عبد الحى، فى حوار مع «الشروق»، أن آلية التعامل مع الشكاوى الطبية تبدأ عند ورودها إلى النيابة العامة؛ حيث تقوم الأخيرة بإعداد مذكرة بالشكوى وإحالتها إلى اللجنة العليا للمسئولية الطبية، وتلتزم اللجنة خلال ثلاثة أيام بالرد على النيابة وإخطارها بتشكيل لجنة ثلاثية متخصصة للتحقيق فى الواقعة. كما أشار إلى أنه يتم إخطار الطبيب المشكو فى حقه والشاكى بموعد المثول أمام اللجنة، والتى تنتهى من أعمالها خلال شهر، وترفع تقريرها إلى اللجنة العليا لاعتماده خلال خمسة عشر يومًا، ثم يُرسل التقرير إلى النيابة لإعمال شئونها. ولفت نقيب الأطباء إلى أن تقرير اللجنة العليا للمسئولية الطبية قد ينتهى إلى أحد ثلاثة مسارات: الأول، عدم وجود خطأ طبى وانتفاء مسئولية الطبيب؛ الثانى، ثبوت خطأ طبى، وفى حال كان الخطأ الفنى وارد الحدوث، تتعامل النيابة معه باعتباره خطأ فنيا، وقد تحال القضية إلى المحكمة التى تطبق أحكام القانون الجديد، والتى تقضى بالغرامة التى تتراوح بين عشرة آلاف ومائة ألف جنيه، إضافة إلى التعويض؛ والثالث، ثبوت خطأ طبى جسيم، مثل عمل الطبيب فى غير تخصصه أو فى مكان غير مرخص أو تحت تأثير مخدر، ويعاقب القانون فى هذه الحالة بالغرامة والحبس إلى جانب التعويض. وتابع عبد الحى: «يجوز عرض النزاع على لجنة التسويات التابعة للجنة العليا للمسئولية الطبية، وفى حال التوصل إلى تسوية رضائية للتعويض، لا تُحال القضية إلى المحكمة ولا تُوقع غرامة على الطبيب». وأكد أن القانون يحقق توازنًا حقيقيًا بين حماية المريض ومنح الطبيب الأمان المهنى، خاصة مع إلغاء عقوبة الحبس فى الأخطاء الطبية غير العمدية، مشددًا على أن الحكم النهائى على فاعلية القانون سيظهر مع التطبيق العملى، موضحًا أن النقابة كانت تأمل فى أن يقتصر الجزاء فى حالة الخطأ الفنى الوارد حدوثه على التعويض فقط دون الغرامة. وبشأن شعور الأطباء تجاه قياس الخطأ الطبى، قال: «من المبكر الحكم على هذه النقطة، لكن بالممارسة العملية سيكون واضحًا أن جميع الأطباء سيشعرون أن الخطأ الطبى يُقاس علميًا وليس جنائيًا، مع تحديد الخط الفاصل بين المضاعفات الطبية والخطأ الطبى عبر اللجان العلمية المختصة، والتى تنظر فى كيفية تعامل الطبيب مع الحالة وفق القواعد العلمية المتعارف عليها». وقال عبد الحى: «النقابة تأمل تراجع فكرة حبس الأطباء فى حالات الخطأ غير العمدى بعد تطبيق قانون المسئولية الطبية»، مؤكدًا أن الهدف الأساسى هو ترسيخ مبدأ عدم الحبس فى حالات الخطأ الفنى الوارد حدوثه، بما يتيح للطبيب العمل فى مناخ من الطمأنينة. وأكد النقيب استقلالية عمل لجان المسئولية الطبية، مع وجود قواعد منظمة تمنع تضارب المصالح، من بينها تنحى أى عضو تربطه صلة قرابة بالطبيب محل التحقيق، ومراعاة عدم تشكيل اللجان من الجهة أو الجامعة نفسها التى يعمل بها الطبيب المشكو فى حقه. وبخصوص البلاغات الكيدية، أوضح عبد الحى أن أغلب الشكاوى المقدمة سابقًا ثبت عدم صحتها بنسبة نحو 98% بحسب ما أعلنه النائب العام، مؤكدًا أن العقوبات الواردة فى القانون ضد البلاغات الكيدية من شأنها تقليل هذه الظاهرة، التى غالبًا ما تنتج عن انفعال أهل المريض وتصورهم وجود تقصير. وحول التأمين ضد أخطاء المهنة، شدد على أنه أصبح إلزاميًا، وأن العمل جارٍ بوتيرة متسارعة لإنشاء صندوق التأمين الحكومى لتغطية الأخطاء الطبية، لافتًا إلى الانتهاء من القواعد العامة لهذا الصندوق وحجم الاشتراك فيه. وأوضح أن شركة التأمين تتحمل كامل قيمة التعويض فى حال ثبوت الخطأ الطبى، بينما تظل الغرامات مسئولية شخصية على الطبيب، مؤكدًا أهمية التوثيق الطبى، وضرورة كتابة كل ما يتعلق بحالة المريض بدقة، معترفًا بوجود تحديات بسبب كثرة عدد المرضى، لكنه شدد على التزام الأطباء بالتوثيق الكامل لتفاصيل الحالة. وأشار إلى جهود النقابة فى التوعية بالقانون من خلال الندوات واللقاءات فى مختلف المحافظات، بالتعاون مع الجامعات ومديريات الصحة، لتعريف الأطباء بمكاسب القانون والالتزامات المترتبة عليهم. وعن المواد التى ترى النقابة تعديلها، ذكر عبد الحى أن أبرزها المادة المتعلقة بالغرامة، حيث ترى النقابة ضرورة إلغائها فى حالات الخطأ الفنى الوارد حدوثه والاكتفاء بالتعويض فقط، معتبرًا أن الخطأ الفنى لا يعكس تعمد إيذاء أو مخالفة للقواعد العلمية. وشدد على ضرورة أن يشعر جميع الأطباء بالأمان أثناء ممارسة مهنتهم، طالما التزموا بالقواعد العلمية المتعارف عليها، مؤكدا أن الأطباء لن يكونوا مهددين بالحبس فى هذه الحالات. وكشف النقيب عن أبرز ملفات المجلس الحالى، ومنها تسهيل تراخيص العيادات والمنشآت الطبية، وحل مشكلة شروط التسجيل والترخيص، وتوحيد شروط التخلص من النفايات الطبية، بالإضافة إلى تحسين الأجور وبدلات النبطشيات والسهر، لتوفير بيئة عمل أفضل للأطباء، مضيفًا أن أجور الأطباء ما زالت متدنية جدًا، وبدون تحسينها لن تتحسن ظروف العمل. كما جدد التأكيد على ضرورة القضاء على ظاهرة الاعتداء على المستشفيات، مشددًا على أهمية تأمين المستشفيات وتوعية المواطنين بالحصول على حقوقهم عبر القانون وليس بالاعتداء على الطاقم الطبى. وفيما يتعلق بالتوسع فى إنشاء كليات الطب، شدد النقيب على ضرورة عدم زيادة أعداد المقبولين دون التوسع الموازٍ فى أماكن التدريب والتعليم، سواء خلال سنوات الدراسة الإكلينيكية أو بعدها، محذرًا من أن التوسع العشوائى سيؤثر على جودة التعليم ومستوى الطبيب المصرى، قائلًا: زيادة أعداد المقبولين فى كليات الطب بدون فرص تدريب "جرينة". كما شدد على أن أى طبيب يتخرج دون أن تتوافر له وظيفة تدريبية يعمل من خلالها، فإن عدم تخرجه يكون أفضل للدولة وللطبيب نفسه وحرصا على مستوى وسمعة الطبيب المصرى الذى نفتخر به جميعا. وأشار إلى أهمية التعليم الطبى المستمر وإتاحة فرص الدراسات العليا لجميع الخريجين، خاصة الزمالة المصرية أو الماجستير، مع التنويه بأن الفرص المتاحة حاليًا تغطى نحو 50 إلى 60% فقط من أعداد الخريجين، مؤكدًا أن أى زيادة فى المقبولين دون توفير فرص تدريبية مواكبة ستؤدى إلى أزمة حقيقية فى التعليم الطبى.