قالت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية إن الحرب الأوكرانية باتت بمثابة سوق لفرص العمل في روسيا، فالإعلانات المنتشرة على تطبيق "تليجرام" تعرض عقوداً للقتال تتضمن مكافآت توقيع قد تصل إلى 50 ألف دولار، وهو رقم ضخم مقارنة بمتوسط الرواتب الشهرية الذي لا يتجاوز ألف دولار. وتتجاوز الحوافز المال، لتشمل إعفاءً من الديون ورعاية مجانية لأطفال وعائلات الجنود وضمان مقاعد جامعية للأبناء، فيما لم تعد السوابق الجنائية أو الأمراض أو حتى فيروس نقص المناعة البشرية حواجز تلقائية أمام التجنيد، بحسب "بوليتيكو"، التي تذكر أن الجبهة أصبحت خياراً أخيراً للعمل بالنسبة لمن لا يملكون الكثير ليخسروه. ويتم تنظيم هذا التجنيد من خلال أكثر من 80 حكومة إقليمية، تعمل لتوفير القوى البشرية، وتتنافس فيما بينها كمراكز توظيف، إذ تعلن عن الوظائف، وتفحص المتقدمين وترافقهم خلال إجراءات التسجيل العسكري، ثم تحصل على عمولات مقابل ذلك. وتحظى عملية التجنيد الروسية بمتابعة عن كثب في العواصمالغربية، التي صدمت من قدرة موسكو على زيادة جيشها، رغم فقدان نحو مليون جندي بين قتيل وجريح منذ 2022، حسب المجلة، بل أن الغرب بات يعتبر استمرار التجنيد عنصراً أساسياً لفهم موقف موسكو في المفاوضات السلمية وإمكانية التوسع في المستقبل. ويقول مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق ديفيد بترايوس: "إذا استطاع بوتين الاستمرار في تمويل مكافآت التجنيد الضخمة وتعويضات الوفاة، وتأمين القوى البشرية اللازمة، سيكون بوسع روسيا مواصلة حملة مكلفة وشاقة، كما شهدنا منذ العام الثاني للحرب في أوكرانيا". وتساعد قدرة روسيا على تعويض خسائرها البشرية على تفسير تمسك فلاديمير بوتين، بعد أربع سنوات من الحرب، بفرض شروطه على أوكرانيا، سواء عبر الدبلوماسية أو حرب استنزاف طويلة. وقال بوتين لصحافيين روس، الأسبوع الماضي، إن الحرب لن تنتهي إلا إذا انسحبت القوات الأوكرانية من الأراضي التي تطالب بها روسيا، محذراً من أن موسكو ستفرض شروطها "بالقوة المسلحة" في حال عدم الالتزام. سوق التجنيد وتورد "بوليتكيو" تفاصيل من حياة زوجين روسيين، قالت إنها حجبت اسميهما الكامل حماية لهما، لتستعرض كيف أثرت الحرب الأوكرانية على حياتهما، ومن ثم عملية التجنيد ذاتها. وتقول المجلة الأميركية إن روسيا عندما بدأت الحرب في أوكرانيا في أوائل 2022، كانت أولجا وزوجها ألكسندر يديران عملية توظيف صغيرة في موسكو، توظف عمال البناء وحراس الأمن وعمال التوصيل في وظائف مدنية. وقبل نحو 18 شهراً، حول الزوجان نشاطهما إلى شيء أكثر ربحية عبر أكبر منصة إعلانات مبوبة روسية تطلب تجنيد جنود ومشغلي طائرات مسيرة، وغيرهم للمشاركة في الحرب.