أثار طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو العفو من الرئيس إسحاق هرتسوج عاصفة من الانتقادات لكونه يمثل عملًا عدوانيًا يهدف إلى إلغاء العدالة. وفى قلب هذا الجدل، يقف نتنياهو الذى يطالب بالعفو دون أى اعتراف بالمسئولية أو تقديم أى تنازلات، بل يواصل تصوير نظام إنفاذ القانون على أنه إجرامى. فى ضوء ما سبق، تناولت مقالات من صحف ومواقع إسرائيلية تلاعب نتنياهو الصارخ بمبدأ المساواة أمام القانون واستغلاله مؤسسة العفو لخدمة مصالحه الشخصية.. نعرض ما جاء فى المقالات فيما يلى: استنكرت هيئة تحرير جريدة هاآرتس فى مقالها، طلب العفو الذى قدمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للرئيس إسحاق هرتسوج واصفة إياه بالوقح. تضيف هيئة التحرير بأن نتنياهو غير مستعد للاعتراف بأى شىء، ولا يتحمل المسئولية عن أى شىء، إذ حتى وهو يطلب من الرئيس العفو عنه، فإنه يواصل التلميح إلى أن القضايا المرفوعة ضده (وهى قضايا رشوة واحتيال وخيانة الأمانة) ملفقة ويصور نظام إنفاذ القانون على أنه إجرامى. تؤكد هيئة التحرير بأن هذا الطلب ليس إلا عملا عدوانيا من شخص يسعى لاستغلال مؤسسة العفو لإلغاء العدالة وتدمير المبدأ الأساسى للمساواة أمام القانون. وترجح الكاتبة غيلى كوهين، فى مقالها المنشور على موقع قناة «كان 11»، بأن سبب طلب نتنياهو هذا العفو هو تصفير سجل جرائمه للوصول إلى الانتخابات دون عبء قضائى. تستكمل هيئة تحرير جريدة هاآرتس عرض التناقض فى مواقف نتنياهو، إذ فى الوقت الذى يترأس فيه نظامًا مُحكمًا من التحريض ضد المدعين العامين، ومحققى الشرطة، والشهود، والقضاة، وبينما يعمل بشكل منهجى على تفكيك المجتمع الإسرائيلى، وهو أمر لم يتحمل مسئوليته أبداً يسعى الآن لتصوير نفسه كشخص يعمل على شفاء الأمة. فيما مضى، كانت المقترحات تدور على الأقل حول إمكانية عفو مقابل التخلى عن النشاط السياسى. وعلى الرغم من عدم مقبولية تلك الصفقة، إلا أنها كانت توفر حدًا أدنى من الاعتراف بعدم جواز استغلال المتهم لوضعه لجعل البلاد رهينة. أما الآن، فلا توجد حتى إشارة إلى اتفاق بالمقايضة. فنتنياهو يطلب العفو دون تقديم أى التزام فى المقابل: لا استقالة، لا أسف، ولا تنازل من أى نوع. تؤكد هيئة التحرير بأن اعتماد نتنياهو على مزاعم حول الأمن و«الفرص الإقليمية» كتبرير لمحو محاكمته الجنائية هو نوع من التلاعب، فعندما سعى نتنياهو لإقناع المحكمة العليا بأنه يمكنه أن يخدم كرئيس للوزراء بينما تتم محاكمته الجنائية أيضًا، وعد بأن أحدهما لن ينفى الآخر. الآن، يطلب نتنياهو بوقاحة أن يُنظر إليه أولاً كرئيس للوزراء، وأن يتم التخلص من المحاكمة لأنها تتعارض مع وظيفته. توضح هيئة التحرير بأن خطورة هذا العفو تكمن فى بعث رسالة واضحة لا لبس فيها للأجيال القادمة من المتهمين الأقوياء مفادها: هاجموا مؤسسات الدولة، مارسوا الضغط السياسى، فككوا كل قاعدة، وفى النهاية ستُكافَئون. فى هذا الصدد، جاء رد رئيس إسرائيل إسحاق هرتسوج، فى بيان مصور يوم الإثنين الماضي، موضحا أن الطلب بالعفو عن رئيس الوزراء من التهم الموجهة إليه فى محاكمة الفساد الجارية «سيتم التعامل معه بأكثر الطرق ملاءمة ودقة. ولن أنظر إلا فى مصلحة البلاد والمجتمع الإسرائيلى»، كما ورد فى مقال هيئة تحرير جريدة «تايمز أوف إسرائيل». ختامًا، إذا وافق هرتسوج على هذا الطلب، فسيكون ذلك استسلامًا من إسرائيل لبلطجة وفساد الرجل الذى يرأسها. سيكون هذا انتصارا كاملا لنتنياهو وهزيمة كاملة لفكرة وضع إسرائيل أولا. ومن المرجح أن يسجل هرتسوج فى التاريخ كشخص تعاون مع الابتزاز، وقدم مساهمة كبيرة فى تدمير أسس الديمقراطية الإسرائيلية، حسب قول هيئة تحرير جريدة هاآرتس.
إعداد وتحرير: وفاء هانى عمر النصوص الأصلية: • جريدة هاآرتس https://tinyurl.com/34kt45zp • مؤسسة الدراسات الفلسطينية https://tinyurl.com/4e4x3zzc • جريدة «تايمز أوف إسرائيل» https://tinyurl.com/3y47fpex