قالت المخرجة كاملة أبو ذكري عن الفنان خالد النبوي، إنه لا يوجد مثله تماما ونهائيا، معلقة: "مفيش زي خالد خالص نهائيا، أول مرة ألاقي حد معيا قلبه على الشغل كده، أحنا الاثنين هنموت، أو هنقع، وأحنا الاثنين لا ننام، من كثرة التركيز والانشغال بالعمل". وتابعت: "كل يوم أثناء فترة التحضير نتكلم ونتقابل، وكل يوم يخبرني عن تفصيلة صغيرة، وكل يوم ينصحني بقرأة رواية ما.. وعندما بدأنا التصوير سألني في أدق التفاصيل، كيف أطرق الباب، وكيف أقوم بفعل أمر معين وأنا أخبره، حتى قولت لنفسي ده مسلسل 30 حلقة مش فيلم، ليسأل في كل تفصيلة صغيرة". وقال الفنان خالد النبوي، أثناء ندوته الحوارية بمهرجان القاهرة السينمائي، أن المخرجة كاملة أبو ذكري تشترك مع المخرج الراحل يوسف شاهين، في عبقرية خلق المناخ المناسب لكل لحظة، كل لحظة ولقطة لها مناخها المستقل، وإنه يعرف كيف يتعامل جيدا مع الوحدة المفرده، وليس الممثل فقط، بل يده، وعينه، وماذا يوجد في جسد الممثل. وتابع خالد النبوي، في حديثه عن يوسف شاهين، قائلا إنه استمتع بالتمثيل أمام يوسف شاهين، فهو مخرج عبقري وتأتي عبقريته من اهتمامه بأدق تفاصيل الممثل، وبالحالة الشاعرية في المشهد إلى درجة تأثير ذلك على طريقة قوله لكلمة "أكشن". أوضح الفنان خالد النبوي، إن الممثل يحمل أمانة الحفاظ على الهوية في التعامل مع الصناع العالميين، فهم قد لا يدركون بعض التفاصيل المترسخة في هويتنا وديننا. واستشهد خالد النبوي بأحد نشاهد "ممالك النار"، قائلا: "أثناء مشهد سجن تومان باي، أخبرت المخرج إن من الضروري أن يصلي تومان باي في هذا الموقف ويتحدث مع الله ويطلب منه العون، فأجابه إن الزنزانة ليس بها مصدر للمياه، فأخبرته إن في ديننا يمكننا التيمم، وهو الأمر الذي انبهر به". وكشف خالد النبوي عن تفاصيل مسرحيته عن السادات بأمريكا، قائلا: "كانت حفلات 2 و6 مخصصة لطلبة المدارس والجامعات وأساتذتهم، وكانت أكثر الحفلات التي توترني، لأنني أحمل مهمة إيصال صورتنا الحقيقية لهم، وأن أظهر لهم أننا مسالمين ولا نسعى للحرب، ولسنا معتدين، ولكننا نريد الحصول على حقنا فقط، وأننا طيبين ولكننا لسنا ضعفاء، وأننا لدينا ثقافة ونفهم من أممامنا، كما كنت أرفض أي كلمة مسيئة تقال في حق السادات، وإهددهم بإنسحابي من المسرحية، فيقومون بحذفها". وقال الفنان خالد النبوي، إنه حارب لتغيير وجهة النظر عن الإنساني العربي في أوروبا وأمريكا، وأن يكون مظهره لائقا. وكشف خالد النبوي عن قصته مع الملابس في عملي "مملكة الجنة" و"المواطن"، قائلا: "حرصت أن يكون مظهري أنيق، ففي فيلم "المواطن" كانت منسقة الملابس تريدني أن أظهر بملابس رديئة ومتهالكه، فكيف أوافق على ذلك وأنا أجسد شخصية لبناني، واللبناني معروف إنه حتى إذا كان لا يمتك أي أموال بجيبه، هذا لا يهمه فهو بأرخص وأقل الملابس يحرص على الاهتمام بمظهره وأناقته". وتابع: "كما حدث أيضا في فيلم "مملكة الجنة" كانت تصر منسقة الملابس على أن تكون ملابس شخصيتي متسخة، ورفضت ذلك الأمر بشدة، لأنها شخصية طبيب عراقي، والطبيب شخص نظيف جدا ويهتم بنظافته حتى لو كان يمتلك قميصا واحدا". وعبر خالد النبوي عن حزنه، على من يهاجرون إلى الدول الأجنبية ساعيا خلف أحلامهم، ودائما يشعرون بالفرض هناك ويعانون وهم في الخارج، قائلا: "في فيلم "المواطن" الذي يتحدث عن المهاجر العربي ومعاناته وأحلامه هناك، فأصبح حلمي أننا نحلم في بلادنا العربية وننهض بها، فأنت تسافر إلى الخارج يطلبون منك الرحيل، فنحن بلادنا جنة لا نشعر بها ولا ندرك قيمتها". وأكد الفنان خالد النبوي، إن الانضباط أساس الممثل، قائلا: "يجب أن يكون لدى الممثل انضباط غير عادي.. انضباط إلى حد إنه ماينفعش يتعب، وإلا ما الذي جعله ممثلا، ماينفعش تتأخر على الشغل، أو تقول تعبان ولا ضهري واجعني، ولا مكسل ولا مليش مزاج، أنت واخد ملايين وفي ناس كتير بتشتغل وبتحضر وشغلهم معتمد عليك، ماينفعش تضيع تعبهم". وأضاف خالد النبوي: "يجب على الممثل أن يكون لديه بُعد الشخص والشخص الأخر، بُعد الشخص هو الممثل نفسه، أما البُعد الأخر فهي الشخصية التي يقدمها ويجب أن يصدقها الجمهور، إلى جانب تمكنه من أدواته مثل أداة النطق، فيجب أن يفهم المشاهد جيدا ماذا تقول، وأن يستطيع إظهار مشاعر الشخصية التي يجسدها أمام الكاميرا وليس فقط الشعور بها بالإضافة إلى الإتزام بالتعاون مع الجميع في العمل فأنت لا تعمل وحدك. وقال الفنان خالد النبوي، إنه لم يكن يعرف إنه يرغب بأن يكون ممثلا، معلقا: "أنا مكنتش فاهم إني عايز أبقى ممثل، أنا كنت عايز شغلانة كويسه أكسب منها عيش". وتابع خالد النبوي: "عندما كنت أدرس في معهد التعاون الزراعي، كنت أجلس في الكافتيريا بدلا من الحضور، ثم وجدت باب مكتوب عليه "المسرح" فدخلت لأشاهد ماذا يفعلون فقابلني المخرج وقال لي اقراء هذا، فأجبته إنني جئت لأشاهد، فقال لي لا أحد هنا يأتي أما أن تعمل أو تقرأ". وأضاف: "أخذت الورق ورجعت إلى منزلي لاتفاجئ بأنه دور البطولة، وأعجب به جدا ثم بدأنا نجري بروفات "ترابيزه"، وأثناء البروفات الحركية شعرت بشعور غريب مليء بالسعادة، ومازلت أشعر بهذا الشعور حتى الآن". أوضح الفنان خالد النبوي، إن حسين فهمي بالنسبة له أستاذ وصديق، وتعلم منه في الكواليس، والتي بها تفاصيل أهم مما يظهر أمام الشاشة، وإنه كان يطمئنه ويقول له إنه جلس لمدة عامين ينتظر مكالمة عمل، فلا يقلق أو يشغل باله طالما يشعر أنه يقوم بعمله على أكمل وجه. ووجه خالد النبوي شكرا خاصا لإيناس الدغيدي، حيث كان وقع معها فيلم "ديسكو ديسكو" قبل أن يأتي إليه يوسف شاهين، ويطلبه للمشاركة في فيلم "المهاجر"، وأخبره إنه يحتاج إلى تفرغ كامل لمدة عام. وتابع خالد النبوي: "ذهبت إليها وحكيت لها حديثي مع شاهين، فقالت لي أذهب إلى يوسف شاهين فهو أهم مني بكثير، ولا تقلق من العقد سأمزقه بيدي". وقال الفنان خالد النبوي عن إهدائه تكريمه بجائزة فاتن حمامة للتميّز، إلى عمال السينما، إنه أثناء تصوير فيلم "المهاجر"، كانوا يحضرون لمشهد تفجير يأخذ على الشاشة أقل من 10 ثواني، وكانت ظروف العمل صعبة والعمال يمشون على حافة صور صغيرة، ويحضرون لأوقات طويلة، فأشعرني ذلك بالخجل والخوف من أن لا أقوم بتأدية المشهد بشكل صحيح، وأضيع تعبهم ومجهودهم. وتقام ندوة حوارية للفنان خالد النبوي، في إطار فعاليات أيام القاهرة لصناعة السينما التي تُقام ضمن أنشطة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ال46، بالمسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية، وذلك تحت عنوان "من نجم شاب إلى أيقونة سينمائية"، ويدير الحوار الكاتب الصحفي والناقد الفني والسيناريست زين خيري. يأتي هذا اللقاء احتفاءً بالممثل الكبير خالد النبوي، المكرَّم هذا العام بجائزة فاتن حمامة للتميّز، تقديرًا لمسيرة فنية امتدت لعقود وخلّفت بصمة مؤثرة في السينما المصرية والعربية. فمن المهاجر إلى الإمام الشافعي، ومن الأعمال المحلية إلى الإنتاجات العالمية، خاض النبوي رحلة استثنائية من التطور الفني والإنساني، رسّخت مكانته كأحد أبرز نجوم جيله وأكثرهم تأثيرًا.