يُعد قصر ثقافة شرم الشيخ واحدًا من أبرز المعالم الثقافية ذات الطابع التاريخي بمحافظة جنوبسيناء، إذ كان في الأصل دشمة خرسانية استخدمها الجنود الإسرائيليون كسكنة عسكرية ترفيهية إبان الاحتلال قبل حرب أكتوبر المجيدة، قبل أن يتحوّل بعد التحرير إلى مركز إشعاع ثقافي ومسرح يحتضن كبرى الفعاليات والمهرجانات الدولية والمحلية. وفي هذا السياق، قال أحمد الشيخ، رئيس شعبة السياحة والفنادق بجنوبسيناء، إن المبنى يقع في منطقة السوق القديم أسفل هضبة "أم السيد"، وقد شُيّد من الصخور الخرسانية على شكل نجمة داوود، وكان يُستخدم كمسرح للجنود الإسرائيليين، يتسع لنحو 400 كرسي، ويضم شبكة كهرباء وتكييفًا هوائيًا. وأوضح الشيخ أنه عقب انسحاب القوات الإسرائيلية من شرم الشيخ عام 1982، تم تسليم المبنى إلى الهيئة العامة لقصور الثقافة، حيث أُعيد تأهيله ليصبح قصر ثقافة شرم الشيخ، ويؤدي دوره حاليًا كمركز حيوي للأنشطة الثقافية، وكمسرح للاحتفال بأعياد نصر أكتوبر وتحرير سيناء. من جانبها، أكدت أميمة إسماعيل، مديرة قصر ثقافة شرم الشيخ، أن المبنى يُعد تحفة معمارية فريدة ذات قيمة تاريخية كبيرة، مشيرة إلى أنه كان يضم غرفتين استخدمهما الإسرائيليون خلال فترة الاحتلال لإدارة أهم العمليات العسكرية، وهو ما يضفي عليه أهمية تاريخية إضافية. وأضافت أن القصر يضم واحدًا من أجمل المسارح في المنطقة، ويُقام عليه سنويًا مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، بمشاركة أكثر من 30 دولة حول العالم، كما يستضيف فعاليات المهرجان الهندي سنويًا، مما يجعله نقطة تلاقٍ حضاري وثقافي. وأشارت مديرة القصر إلى أن المبنى تحول إلى ملتقى ثقافي للمرأة وسكان المحافظات الحدودية، ويحتوي على غرفة للفنون الشعبية والباليه، تم تحويلها إلى مركز لتدريب فرق الكورال، إضافة إلى مسرح مكشوف مخصص للبروفات والعروض الموسمية في فصلي الربيع والخريف. كما أوضحت أن القصر يحتضن أيضًا فعاليات "المدرب الصغير"، التي تهدف إلى تنمية مهارات الأطفال القيادية، من خلال تدريبهم على تعليم أقرانهم الحرف اليدوية، بما يعزز روح القيادة والتعاون منذ الصغر. وفي إطار دعم الفنون التشكيلية، تم تحويل المنطقة المحيطة بالقصر إلى متحف مفتوح لعرض بورتريهات كبار الفنانين المصريين عبر العصور، واستُغلت كافة الأركان لتطوير مواهب أبناء المدينة من مختلف الفئات العمرية، ليصبح القصر حاضنة للفن والإبداع في قلب شرم الشيخ. وأبرزت أميمة إسماعيل أن مدينة شرم الشيخ لم يكن بها فرق مسرحية منذ عام 1982، لكن بفضل جهود القائمين على القصر، تم تأسيس أول فرقة مسرحية معتمدة عام 2023، وقدّمت الفرقة أول عروضها بمسرحية "المأوى" من إخراج محمود عثمان، تلاها عرض "زيارة السيدة العجوز" عام 2024 من إخراج محمد علي إبراهيم. كما شهد القصر إنتاج أكثر من 12 عرضًا مسرحيًا ضمن نوادي المسرح للكبار، ومن المقرر أن يُعرض قريبًا عمل مسرحي جديد بعنوان "الكمامة" من إخراج الفنان محمد الجندي، المعروف بدوره في فيلم "الكنز" مجسدًا شخصية الرئيس الراحل أنور السادات.