حذرت مؤسسة الفكر والتعبير في بيان صادر لها, من تصاعد وتيرة الرقابة على حرية الفكر والإبداع بأنماطها المتعددة خلال الأسابيع الأخيرة, والتي برز منها ما يعرف بدعاوى وبلاغات "الحسبة" بحسب البيان. وأوضح البيان إن أحد المحامين أقام دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير الثقافة للمطالبة بوقف تنفيذ وإلغاء قرار منح حسن حنفي وسيد القمني, جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية, بالإضافة إلى الدعاوى المقامة سلفا من المواطن يوسف البدري, بصدد ذات الموضوع. كما أشار البيان الى قيام بعض المحامين بتقديم بلاغ للنائب العام بسبب قيام الهيئة العامة لقصور الثقافة بنشر طبعة جديدة من كتاب "الف ليلة وليلة"، بدعوى خدشه للحياء العام، فضلا عن قيام محاميين بتقديم بلاغ للنائب العام ضد الكاتب يوسف زيدان مؤلف رواية عزازيل، عقب تصريحاته في ندوة عقدتها جريدة اليوم السابع بصدد طبيعة التعليم الكنسي، ونقده لبعض تعاليم المسيحية، وقد استند مقدما البلاغ إلى أن زيدان قد ارتكب جريمة ازدراء الدين المسيحي. وفي سياق متصل أكد البيان على رفض جهاز الرقابة على المصنفات الفنية ما يقرب من 12 عملا فنيا خلال الأسابيع الماضية, موضحا أن أسباب الرفض تتمثل في كونها أسبابا سياسية أو تتناولها قضايا جنسية يعتبرها القائمون على أعمال الرقابة أنها تسيء للأخلاق الاجتماعية العامة، وأشار البيان إلى أن للمجتمع أمثلة عديدة على ذلك، منها اعتراض الرقابة على أغنية في مسرحية "الحادثة التي جرت" بزعم إساءتها لسياسة الإدارة الأمريكية، وكذا اعتراضها على سيناريو فيلم "المسطول والقنبلة" بسبب تناوله لقضية التعذيب داخل السجون. الأسباب التي أشار إليها البيان لم تقف عد هذا الحد، بل شملت أيضا الأسباب الأخلاقية الاجتماعية، مثل رفض الرقابة لبعض الأفلام التي تتعرض لقضايا المثلية الجنسية باعتبارها واقعا لا ينبغي تناوله، ومثال ذلك فيلم "بنتين من مصر". وهذه الأمثلة هي ما اعتبرها البيان إشارة إلى تزايد معدل التدخل الرقابي في عملية الفكر والإبداع داخل المجتمع المصري، ويساند هذه التوجهات المعادية لحرية الفكر والإبداع نصوص تشريعية سيئة السمعة، تمتلئ بها القوانين المصرية، إضافة إلى الخلط الكامن في عقول القائمين على المؤسسات الرقابية سواء كانت إدارية أو قضائية، بين قناعتهم الشخصية وبين تطبيق المدلول الدستوري المطلق لحرية الفكر والإبداع، وهو ما يضع على عائق الجهات المدافعة عن حرية الفكر والإبداع، وعلى رأسها المفكرين والمبدعين واتحاد الكتاب والمنظمات الحقوقية مهمة التصدي لهذه الهمجية التي تنتقص من قيمة الحرية بمعناها العام. وأكدت المؤسسة في بيانها على أن حماية الفكر والإبداع والتعبير الواردة في الدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، لا تخص فقط الدفاع عن الأفكار السائدة والمقبولة لدى غالبية الناس، ولكن أيضا حماية التعبير عن الكلام والأفكار المخالفة لما هو سائد في المجتمع.