تبدو الانتخابات التشريعية في بريطانيا منافسة ثلاثية حادة بين ديفيد كاميرون الذي يرجح نجاحه في إخراج حزب المحافظين من 13 عاما من الصعوبات، والعمالي جوردن براون غير المحبوب لكنه يستفيد من طريقة الانتخابات التي تأتي في مصلحته، والليبرالي الديمقراطي نيك كليج الذي سيكون قراره بعد الانتخابات حاسما. لكن ما يزيد هذه المنافسة صعوبة هو التعقيد الذي يتسم به النظام الانتخابي في بريطانيا. إذ تعتمد انتخابات مجلس العموم (مجلس النواب) على نظام الاقتراع الأحادي الاسم بالأكثرية في دورة واحدة؛ أي أن الناخب يختار مرشحا واحدا من بين مجموعة، ويفوز المرشح الذي ينال أكبر عدد من الأصوات. ويلاءم هذا النظام الأحزاب الكبيرة على حساب الأحزاب الصغيرة. وغالبا ما يعاد تقسيم الدوائر ال650 في إنجلترا وبلاد الويلز، واسكتلندا وأيرلندا الشمالية، بحيث يبقى متوسط الدائرة 70 ألف ناخب مسجل، لكن إعادة النظر بالدوائر لا تجرى إلا كل اثنتي عشرة سنة. ولأن آخر إعادة نظر في الدوائر تمت عام 2000، تجرى هذه الانتخابات على لوائح تعود إلى عقد من الزمن. وبسبب تحركات السكان، يتراوح حجم الدوائر بين 22 و110 آلاف ناخب، وهو وضع يميل لمصلحة حزب العمال كثيرا. وتوجد معاقل حزب العمال في المدن والدوائر التي يعتبر فيها عدد المسجلين أقل أهمية، وحيث الحاجة إلى الأصوات أقل من أن تنجح في انتخاب نائب، لذلك يمكن أن يخسر حزب العمال بالأصوات على المستوى الوطني، خلف المحافظين وبالتالي الديمقراطيين الأحرار، ويفوز رغم كل شيء بعدد أكبر من المقاعد. والجدير بالذكر أن الناخبين ينتخبون نوابهم، لكنهم لا يختارون مباشرة رئيس الوزراء. ولكي ينال حزب الأكثرية المطلقة، يجب أن يكون عدد نوابه (326 نائبا من أصل 650) في مجلس العموم، وعندما يصل حزب إلى هذا العدد تدعوه الملكة إلى تشكيل حكومة ويعين رئيسه رئيسا للوزراء. أما إذا لم يحصل أي حزب على الأكثرية المطلقة، يصبح البرلمان "معلقا". وفي هذه الحالة، يواصل رئيس الوزراء المنتهية ولايته القيام بأعباء منصبه. ونظرا إلى عدم وجود دستور مكتوب، يقضي العرف بأن يبقى في منصبه حتى لو خسر بالأصوات والمقاعد. ويستطيع عندئذ تكرار المحاولة لإيجاد تأييد لدى أحزاب أخرى لكن إذا تشكل تحالف ضده يقدم استقالته. وإذا تعذر التوصل إلى حل سياسي، يستطيع رئيس الوزراء البقاء في منصبه حتى خطاب الملكة الذي يفتتح رسميا ولاية المجلس في 25 مايو. وهو مناسبة لتقديم برنامج الحكومة الذي يطرح للتصويت على الثقة، عندئذ يكون الديمقراطيون الأحرار أو الأحزاب الصغيرة هي من يصنع الملك: فدعمهم يمكن أن يتيح لحزب العمال الاستمرار في الحكم أو فوز المحافظين بالسلطة. وتعود المرة الأخيرة التي لم يحصل فيه حزب على الأكثرية المطلقة إلى عام 1974، وفي تلك الفترة تمت الدعوة إلى انتخابات جديدة بعد تسعة أشهر. جدير بالذكر أن حزب العمال يشغل 345 مقعدا في الوقت الراهن، والمحافظون 193 والديمقراطيون الأحرار 63 مقعدا.