المصريون بالرياض يدلون بأصواتهم في جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب 2025    جامعة القاهرة الأهلية تواصل تنفيذ برامجها التدريبية والعملية بمعامل الكيمياء والفيزياء ب"هندسة الشيخ زايد"    اسعار الخضروات اليوم الإثنين 15ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    بدء أعمال تكريك وتعميق مدخل ميناء البرلس البحري والمجرى الملاحي    وزير السياحة يتوقع استقبال مصر 19 مليون سائح بنهاية العام    محافظ كفر الشيخ يعلن بدء أعمال تكريك ميناء البرلس    الأهالى بدون مأوى …المنخفض الجوى يفاقم الكارثة الإنسانية فى قطاع غزة    سفارة البحرين بالقاهرة تقيم حفل استقبال بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني    تنظيم داعش يعلن مسئوليته عن هجوم استهدف دورية تابعة لقوات الأمن السورية في إدلب    محمود ناجي حكمًا لمباراة مصر ونيجيريا الودية    توروب يفتح الباب أمام مغادرة جراديشار للأهلي    الزمالك ينتظر انتظام عدي الدباغ في التدريبات الجماعية اليوم    تموين المنيا: تحرير 216 مخالفة خلال حملات رقابية وضبط سلع مدعمة قبل تداولها في السوق السوداء    الأرصاد تحذر هذه المحافظات من أمطار خلال ساعات وتتوقع وصولها إلى القاهرة    محافظ المنوفية: ضبط مخزنين بقويسنا والباجور لحيازتهم مواد غذائية مجهولة المصدر    رئيس الأوبرا ينعى الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات بتعيين وتجديد تعيين 14 رئيسًا لمجالس الأقسام العلمية بطب قصر العيني    وزارة الصحة تعلن الانتهاء من إجراءات تسجيل لقاح الانفلونزا للتصنيع المحلى    فيتش تشيد بجهود الحكومة المصرية في دعم الرعاية الصحية وتعزيز الحماية للفئات الأكثر احتياجًا    تمكين ذوي الهمم يبدأ بالتواصل... تدريب موظفي الحكومة على لغة الإشارة    وزير الخارجية: مصر تدعم الدور المضطلع به البرلمان العربى    ضبط سائق نقل اصطدم بسيارة وفر هاربًا    ضبط محطة وقود غير مرخصة داخل مصنع بمدينة السادات    تعليم القليوبية يحسم توزيع رؤساء لجان امتحانات الشهادة الإعدادية والتغطية الصحية    القبض على المتهمين بقتل تاجر ماشية في البحيرة    وزيرة التخطيط: انعقاد اللجنة المصرية الألبانية يعكس حرص القيادة على تعزيز أطر التعاون    الرقابة المالية تنضم إلى فريق دولي تابع للمنظمة الدولية لمراقبي التأمين    غياب عادل إمام عن حضور جنازة شقيقته بمسجد الشرطة وحضور أحمد السعدنى    وزير الزراعة يسلم جوائز مركز "البحوث الزراعية" الثلاثة للفائزين    "الوزراء" يستعرض تفاصيل الخطة الحكومية لتطوير المنطقة المحيطة بالقلعة وأهم التحديات    بالفيديو.. الأوقاف: كل نشاط للوزارة يهدف إلى مكافحة كل أشكال التطرف    المنوفية تنهى استعداداتها لانطلاق جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    "حقوق المرأة في التشريعات المصرية" ندوة توعوية بجامعة بنها    وزيرة التضامن: إطلاق جائزتي الدكتور أحمد خليفة و"باحث المستقبل" باسم الدكتورة حكمت أبو زيد    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد الأفريقي لكرة السلة    لاوتارو مارتينيز: هدف إنتر ميلان التتويج بلقب الكالتشيو    الهيئة العامة للاستثمار تبحث التعاون مع IT Park Uzbekistan لدعم الشركات التكنولوجية وتعزيز الاستثمارات المتبادلة    "فورين أفيرز": واشنطن تعيش وهم الطائرات بدون طيار مما يفقدها تفوقها الضئيل على الصين    مخالفة للقانون الدولي الإنساني ..قرار عسكري إسرائيلي بهدم 25 مبنى في مخيم نور شمس شرق طولكرم    التحقيقات الأولية . ابن روب وميشيل راينر المشتبه به الرئيسى فى حادث مقتلهما بلوس أنجلوس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    غدًا انطلاق اختبارات اختيار كوادر مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده    دار الكتب والوثائق القومية تنعى وزير الثقافة الأسبق محمد صابر عرب    بدء اجتماع إسكان الشيوخ لمناقشة استكمال امتداد الطريق الصحراوي الشرقي من الأقصر لأسوان    استشاري ينصح بتناول الشاي المغلي وليس الكشري أو الفتلة حفاظا على الصحة    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    الاثنين 15 سبتمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟.. الأزهر للفتوى يوضح    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    إخماد حريق داخل عقار فى الهرم دون إصابات    ذكرى رحيل نبيل الحلفاوي.. رحلة فنان مثقف من خشبة المسرح إلى ذاكرة الدراما المصرية    جائزة ساويرس الثقافية تعلن عن القوائم القصيرة لشباب الأدباء وكتاب السيناريو    فيتامين سي ودعم المناعة.. ما دوره الحقيقي في الوقاية وكيف نحصل على أقصى فائدة منه؟‬    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    وفد من لجنة الصحة بمقاطعة هوبي الصينية في زيارة رسمية لمستشفى القصر العيني    مرشح اليمين المتطرف يفوز بالانتخابات الرئاسية في تشيلي    محمد صلاح يوجه رسالة للمصريين من خلال ابنته "كيان" قبل أمم إفريقيا    كابال ينهي سلسلة 5 تعادلات.. يوفتنوس ينتصر على بولونيا في ريناتو دالارا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل دولة مارقة ومنبوذة
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 06 - 2024

يكاد يجمع علماء العلاقات الدولية، على أن مفهوم الدولة المارقة، Rogue State، ينصرف إلى تلك الدولة، التى تظهر عجزًا فجًا ومزمنًا إزاء مواطنيها، كما فى التعاطى البناء مع محيطيها الإقليمى والدولى. بحيث لا تتورع عن مباشرة الانتهاك المتواصل للأعراف، القوانين والمواثيق الدولية؛ بما يشكل تهديدًا حقيقيًا للسلم والأمن الدوليين.
أما الدول المنبوذة Pariah State فيعرّفها قاموس «بينجوين» للسياسة الخارجية، بأنها الدول، أوالكيانات الدولية، التى تفضى سياسات نظامها الحاكم، أو توجهاته وانحيازاته الإيديولوجية، إلى تعرضها لعزلة دبلوماسية عالمية، وازدراء أخلاقى كونى. ومن ثم، يعتبرها المجتمع الدولى، منبوذة، ما قد يدفعه إلى وضعها تحت طائلة العقوبات، بمختلف أشكالها. وربما تتعرض للغزو، أو الهجوم العسكرى من قبل دول تعتبر سياساتها، توجهاتها، أو حتى وجودها، بحد ذاته، أمرًا غير مقبول.
بإمعانها فى العدوان على الفلسطينيين، منذ السابع من أكتوبر الماضى، وإيغالها فى اقتراف أبشع جرائم الحرب، الإبادة الجماعية، والعقاب الجماعى بحقهم؛ أسقطت إسرائيل اللثام عن وجهها القبيح، لتغدو دولة مارقة ومعزولة بامتياز. فبعدما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية كاسحة، فى الحادى عشر من مايو الماضى، على أهلية فلسطين للحصول على العضوية الكاملة بالمنظمة الدولية؛ أقدمت كل من إسبانيا، إيرلندا والنرويج، بعدها بأسبوعين، على الاعتراف بالدولة الفلسطينية. حيث جاءت الخطوة ردًا على مواصلة الاحتلال الإسرائيلى قتل، تشريد وتجويع مئات آلاف من الفلسطينيين فى غزة، ومحاولة لإحقاق العدالة للشعب الفلسطينى. وقد ضاعفت تلك الخطوة من وطأة الضغوط على حكومة نتنياهو، كما ولدت زخمًا دوليًا للاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ إذ تمثل تحولًا لافتًا فى الموقف الغربى الذى طالما تشبث بآلية المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين سبيلًا وحيدًا كى تبصر تلك الدولة النور. الأمر الذى من شأنه تعميق عزلة إسرائيل، وتعزيز التعاطف الدولى مع المأساة الإنسانية، التى يكابدها سكان غزة جراء العدوان.
بجريرة ارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية حيال المدنيين الفلسطينيين؛ وجه المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، مطلع الشهر الفائت، بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى، نتنياهو، ووزير دفاعه، جالانت.
بالتزامن، أمرت محكمة العدل الدولية، وهى أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، وتعد قراراتها ملزمة قانونا، لكنها تفتقر إلى آليات تنفيذها، إسرائيل، بوقف عدوانها على رفح، وإبقاء معبرها مفتوحا، بعدما أغلقته إثر بدء هجومها أوائل الشهر المنقضى. وقد كثف الاتحاد الأوروبى مطالباته إسرائيل بتنفيذ تلك الأوامر.
غير بعيد، دق منسق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، ناقوس الخطر، إثر تدهور الوضع الأمنى والإنسانى فى قطاع غزة، جراء نضوب مخزونات الغذاء، الدواء والوقود . محذرا من شبح المجاعة، تزامنا مع خروج المستشفيات عن الخدمة، وفرار نحو 800 ألف فلسطينى من رفح، خلال أسابيع قليلة.
لم تسلم أموال الفلسطينيين من القرصنة الإسرائيلية. فقبل قليل، حذر البنك الدولى من مخاطر انهيار الوضع المالى للسلطة الفلسطينية، جراء جفاف تدفقات الإيرادات، وانكماش النشاط الاقتصادى، مع استمرار العدوان على غزة. متوقعًا أن يناهز العجز المالى لدى السلطة الفلسطينية 1.2 مليار دولار، خلال الأشهر المقبلة؛ بما يضاعف فجوة تمويلية، بلغت 682 مليونًا، نهاية العام المنصرم.
بدورهم، انبرى مسئولون غربيون فى التحذير من «كارثة اقتصادية» وشيكة تجتاح الضفة الغربية المحتلة، حالة عدم تجديد إسرائيل الإعفاء، الذى تحتاجه البنوك الإسرائيلية لاستبقاء علاقاتها الاضطرارية مع نظيراتها الفلسطينية. وفى السياق ذاته، دعا بيان لوزراء مالية مجموعة السبع الصناعية العظمى، إسرائيل، إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان استمرار خدمات المراسلة المصرفية بين البنوك الإسرائيلية ومثيلاتها الفلسطينية، حتى تظل المعاملات المالية، التجارية، الخدمات الحيوية. إضافة إلى الإفراج عن أموال المقاصة المحتجزة للسلطة الفلسطينية، لا سيما أن احتياجاتها المالية العاجلة، آخذة فى التعاظم. علاوة على إلغاء، أو تخفيف الإجراءات، التى أثرت سلبًا على التجارة، للحيلولة دون تفاقم التدهور الاقتصادى فى الضفة الغربية، وكرر البيان تحذيرًا أطلقته وزيرة الخزانة الأمريكية، مؤداه أن عدم تجديد خدمات المراسلة، التى سينتهى سريانها قريبًا، سيقضى على شريان حيوى للبقاء على الأراضى الفلسطينية، تحت وطأة الصراع الدامى والمدمر فى قطاع غزة.
تشمل أموال المقاصة، عائدات الضرائب، الجمارك والمكوس المفروضة على السلع، التى يقوم الجانب الفلسطينى باستيرادها، بينما تجبيها إسرائيل عند المعابر نيابة عن السلطة الفلسطينية، مقابل عمولة بنسبة 3%. وتقدر القيمة الإجمالية لتلك الأموال بحوالى 257 مليون دولار شهريًا، بينما يذهب إلى غزة منها نحو 200 مليون دولار، كأجور موظفين، وقود، وكهرباء. ويفترض أن تُحول المقاصة شهريا إلى السلطة الفلسطينية، لكن سلطات الاحتلال دأبت منذ عدة سنوات، على اقتطاع مبالغ منها، توازى ما تدفعه السلطة إلى عائلات الأسرى والشهداء. ثم ما لبثت أن أضافت حصة غزة إلى المبلغ المقتطع بعد شن عدوانها الغاشم عليها منذ السابع من أكتوبر الماضى. وتعتمد السلطة الفلسطينية، بشكل حيوى، على أموال المقاصة. إذ بدونها لن يتسنى لها الوفاء بالتزاماتها، لجهة أجور كادرها الإدارى، فضلًا عن نفقات مؤسساتها ودوائرها الحكومية.
يأبى وزير المالية الإسرائيلى اليمينى المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، إلا رفض تحويل عائدات الضرائب (المقاصة) إلى السلطة الفلسطينية، والمطالبة بإقرار حزمة عقوبات عليها؛ ردًا على اعتراف النرويج، إسبانيا، أيرلندا بالدولة الفلسطينية. وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تجمع الضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية، مقابل واردات الفلسطينيين من السلع المستوردة. وتقتطع إسرائيل لقاء ذلك عمولة قيمتها 3%. ويفترض أن تحول هذه الأموال إلى السلطة شهريا بمتوسط 190 مليون دولار، فيما يكون نصيب غزة منها فى الأحوال العادية نحو 75 مليون دولار.
إمعانًا منه فى نهب الأموال الفلسطينية، لوح، سموتريتش، بعدم تجديد إعفاء ينقضى مستهل يوليو المقبل، ويسمح لبنوك إسرائيلية بالتعامل مع مدفوعات بالشيكل لخدمات ورواتب مرتبطة بالسلطة الفلسطينية. وبينما يستخدم الاقتصاد الفلسطينى العملة الإسرائيلية، وتضطر مؤسساته المالية للتعامل مع البنوك الإسرائيلية للحصول عليه، حذرت الأمم المتحدة من أن فصل البنوك الفلسطينية عن إسرائيل، سيعزلها، بشكل مقلق، عن النظام المصرفى العالمى بما يشل الاقتصاد الفلسطينى. وخلال عام 2021، بلغ متوسط أموال المقاصة بعد الخصومات الإسرائيلية، 220.8 مليون دولار شهريا. ورغم تواضعه، يشكل ذلك المبلغ قرابة 63% من الدخل الشهرى للحكومة الفلسطينية، التى تصارع أزمة مالية خانقة. ويسمح الإعفاء، الذى من المقرر انتهاؤه مطلع يوليو المقبل، بدفع مقابل الخدمات الحيوية والرواتب المرتبطة بالسلطة الفلسطينية، ويسهل استيراد الضروريات مثل الغذاء، الماء والكهرباء إلى الأراضى الفلسطينية المحتلة. ومن شأن انتهاء ذلك الإعفاء، دون تجديده، أن يغل يد السلطة الفلسطينية فى العمل، كونه سيقلص عمليات الاستيراد والتصدير، كما سيشل النشاط الاقتصادى بالضفة، التى يتطلع الفلسطينيون إلى أن تشكل حاضرة دولتهم المستقبلية. وتمر ما يقرب من ثمانية مليار دولار من التجارة بين إسرائيل والضفة عبر هذه القنوات سنويا. يخصص منها 2.3 مليار دولار للغذاء، 540 مليونًا للكهرباء، و145 مليونًا لخدمات المياه والصرف الصحى.
مؤخرًا، كشفت صحيفة «ذا ماركر»، الإسرائيلية الاقتصادية، عن مخططات، سموتريتش، لقرصنة 835 مليون دولار، من أموال السلطة الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل. وهى الأموال، التى تتضمن إيرادات كان ينبغى على الحكومة الإسرائيلية تحويلها لحساب السلطة. بيد أن الوزير اليمينى المتطرف، يبتغى توجيهها لسد عجز الموازنة الإسرائيلية. وفى مسعى منها لتبرير اغتصابها تلك الأموال، تتذرع دولة الاحتلال بذرائع واهية؛ من قبيل، أن السلطة الفلسطينية تستخدمها للإنفاق على ذوى الأسرى وعائلات الشهداء فى الضفة الغربية، القدس وقطاع غزة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.