تفاقمت الأزمة الأنسانية فى قطاع غزة الناتجة عن حرب الإبادة التى شنتها دولة الاحتلال الصهيونى طوال أكثر من عامين بجانب الحصار الذى تفرضه على القطاع ومنع دخول المساعدات الإنسانية والأدوية والمستلزمات الطبية والوقود حتى بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ منذ أكتوبر الماضى . وزاد من الأزمة المنخفض الجوي العميق والعاصفة القوية "بايرون" ، التى ضربت قطاع غزة مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع الذي يعاني بالفعل من دمار شامل في البنية التحتية والمنازل. خلال أقل من 24 ساعة، تسببت الأحوال الجوية القاسية في وفاة 11 مواطنًا وإصابة آخرين، بالإضافة إلى انهيارات متتالية وغرق واسع في مناطق متعددة، وذلك في ظل غياب أي مأوى آمن لإيواء النازحين.
الأحوال الجوية
فى هذا السياق كشفت وكالة الأنباء الفلسطينية، أن الكارثة الجوية أدت إلى مصرع خمسة مواطنين وإصابة آخرين جراء انهيار منزل كان يؤوي نازحين في منطقة بئر النعجة ببيت لاهيا شمال القطاع، كما توفي مواطنان آخران بعد سقوط حائط كبير على خيام نازحين في حي الرمال غرب مدينة غزة. وقالت الوكالة : لم تقتصر الوفيات على الانهيارات؛ فقد أودى البرد القارس بحياة طفلة في مدينة غزة ورضيع في مخيم الشاطئ، بينما توفي مواطن آخر جراء انهيار جدار في المخيم ذاته. وأشارت إلى أن الأحوال الجوية أدت إلى إصابة طفلين عقب سقوط خيمتهما في مخيم أبو جبل بمنطقة العمادي، ووفاة رضيعة داخل خيام النازحين في منطقة المواصي بخان يونس بسبب البرد القارس.
انهيار المنازل
من جانبها، أكدت طواقم الدفاع المدني فى غزة أن ما لا يقل عن عشرة منازل انهارت خلال الساعات الماضية، كان آخرها منزلان في حي الكرامة وحي الشيخ رضوان، حيث تم إجلاء سكان منزل عائلة داربيه وإجلاء عائلة المدهون في محيط دوار الكرامة شمالي القطاع. وقالت طواقم الدفاع المدنى : المنخفض أدى إلى غرق مخيمات كاملة في منطقة المواصي بخان يونس، وتضرر مناطق واسعة في "البصة والبركة" بدير البلح، و"السوق المركزي" في النصيرات، فضلًا عن منطقتي اليرموك والميناء في مدينة غزة. وأكدت أن فرق الإنقاذ والدفاع المدني تواصل جهودها لإغاثة المتضررين وإجلاء العائلات من المناطق المنكوبة وسط تحذيرات من تفاقم الأوضاع الإنسانية في ظل استمرار الأحوال الجوية القاسية.
كارثة مركبة
وفي سياق التقديرات الرسمية للأضرار، قال إسماعيل الثوابتة مدير المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة ، إن المنخفض الجوي يشكل كارثة إنسانية مركبة، وأن الخسائر الأولية الناجمة عنه بلغت نحو 4 ملايين دولار. وأضاف الثوابتة فى تصريحات صحفية، أن قطاع الخيام في غزة كان الأكثر تأثرًا بالمنخفض الجوي، إذ تضررت نحو 53 ألف خيمة بشكل جزئي أو كلي، مشيرا إلى أن مصادر طبية في غزة قد أكدت وفاة 14 شخصًا بينهم 6 أطفال بسبب البرد، وانهيار أكثر من 15 منزلًا في مناطق عدة بمدينة غزة. وأشار إلى أن أكثر من مليون ونصف مليون نازح يعيشون حاليًا في مراكز إيواء مؤقتة ومناطق نزوح قسري. مؤكدا أن نحو مليون شخص تضرروا بشكل مباشر، من بينهم 250 ألف نازح تأثروا بشكل حاد . وأكد الثوابتة أن أكثر من 27 ألف خيمة غرقت أو انجرفت، وانهار 13 منزلًا بالكامل جراء السيول والأمطار الغزيرة لافتا إلى تعطل خطوط نقل المياه وتوقف عشرات النقاط الطبية المؤقتة عن العمل . وحمّل الاحتلال الصهيوني المسئولية المباشرة عن تفاقم الكارثة لاستمراره في إغلاق جميع المعابر ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية، مما يعيق جهود الإنقاذ. ودعا الثوابتة المجتمع الدولي والوسطاء إلى التحرك العاجل للضغط على الاحتلال لفتح المعابر فورًا ، محذرًا من أن الوضع الإنساني في جميع أنحاء القطاع أصبح كارثيًا ولا يُحتمل .
تفشي الأمراض
بالتوازي مع الكارثة، حذرت منظمة الأممالمتحدة للطفولة "اليونيسف"، من تزايد مخاطر تفشي الأمراض بين أطفال قطاع غزة، داعية لتكثيف إدخال المساعدات الإنسانية، لا سيما الملابس والخيام في ظل الظروف الجوية القاسية. وقالت "اليونيسف" – في بيان لها- إن الأوضاع الحالية تهدد سلامة الأطفال بشكل متزايد مع استمرار المنخفض الجوي وتأخر وصول الإمدادات الأساسية، مطالبة بالسماح بنقل المساعدات الإنسانية وإمدادات الشتاء المتراكمة على الحدود بشكل آمن وسريع.
الكرفانات
وأكد حسني نديم المتحدث باسم بلدية غزة، أن مدينة غزة تعيش اليوم وضعًا كارثيًا بشكل غير مسبوق نتيجة المنخفض الجوي العنيف. وقال نديم في تصريحات صحفية إن جهود فرق الإغاثة جارية ومستمرة لكن الوضع كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى مؤكدا أن المنخفض تسبب فى انهيار المباني السكنية المدمرة بالأساس بفعل الاحتلال الصهيوني. وأشار إلى أن طواقم البلدية تعمل بإمكانيات بسيطة ومحدودة جدًا، وقد استقبلت أكثر من ألف إشارة تتعلق بإشكاليات ناجمة عن الدمار الكبير في البنية التحتية، ومن ضمنها انسداد مصارف مياه الأمطار والصرف الصحي. وأوضح نديم أن الاحتلال دمر أكثر من 1300 مصرف في مدينة غزة وحدها من أصل 4400 مصرف، بالإضافة إلى أكثر من 220 ألف متر طول من شبكات تصريف المياه، مما أدى إلى انخفاض القدرة التصريفية بنسبة 80% . وشدد على الحاجة الملحة لدخول عدد كبير من المساكن المتنقلة البديلة "الكرفانات" لسكان مدينة غزة الذين يعانون بشكل كبير جراء خيام النزوح غير الصالحة.