يمثل شارل باسكوا، الشخصية البارزة في اليمين الفرنسي، يوم الاثنين أمام محكمة عدل الجمهورية لمدة أسبوعين لوقائع فساد مفترضة تعود إلى الفترة التي كان يتولى فيها منصب وزير الداخلية بين 1993 و1995. ويمثل رجل السياسة المحنك -83عاما- كمتهم وحيد في هذه المحاكمة أمام محكمة عدل الجمهورية، الهيئة الوحيدة للبت في الجرائم والمخالفات التي توجه لأعضاء الحكومة خلال ممارستهم مهامهم، وسيحدد القضاة الدور الذي لعبه الوزير السابق في حكومة ادوار بلادور والعضو الحالي في مجلس الشيوخ عن دائرة (اودوسين) في 3 ملفات مختلفة. ففي قضية ما يسمى بكازينو انماس (اوت-سافوا) تم اتهام باسكوا بأنه منح مقربين له عام 1994 رخصة استغلال مؤسسة القمار مقابل تمويله سياسيا لاحقا، ويخضع فيها للملاحقة بتهمة قبول الفساد. وفي نفس العام وقع الوزير ترخيصا يسمح بنقل هيئة من شركة (جي.اي.سي-الستوم) وتقاضى احد المقربين من باسكوا رشوة في هذه العملية، والسؤال المطروح هل كان السناتور من أعطى الأمر، ويخضع فيها للملاحقة بتهمة التواطؤ وإخفاء تجاوزات متعلقة بممتلكات اجتماعية. ووجهت له التهمة أيضا في ملف شركة (سوفريمي) لتصدير العتاد العسكري التابعة لوزارة الداخلية والتي تقاضى فيها مقربون من الوزير عمولات غير مشروعة. وخضعت هذه القضايا الثلاث لمحاكمات قضائية متعلقة بالحق العام وأدين فيها فاعلون آخرون من رجال الأعمال وكوادر مؤسسات وعدد من كبار الموظفين لمشاركتهم في عمليات الاحتيال, وصدر بحق شارل باسكوا شخصيا حكم بالسجن 18 شهرا مع وقف التنفيذ في الجانب غير الوزاري من ملف كازينو انماس وفي أول حكم نهائي يسجل على سجل النائب. وهذه مؤشرات سيئة للوزير السابق، الذي يبدو أنه لم يبق يراوده شك في نتيجة محاكمته أمام محكمة عدل الجمهورية حيث قال لمجلة لو بوان: "يبدو لي أن كل شيء مقرر سلفا وكأنه مجرد إجراءات"، معتبرا انه "لا مناص من إدانته"، وأضاف لمجلة لو بوان أن دفاعه سيقول إن النائب راح ضحية تصفية حسابات سياسية، وقال إن: "ما اعلمه هو أن متاعبي القضائية بدأت سنة 2000 عندما ألمحت إلى إمكانية الترشح إلى الانتخابات الرئاسية سنة 2002. ومن حينها بذلوا كل شيء للإطاحة بي". وأعلن ليون ليف فورستر احد محاميه: "يريدون أن يجعلوا من باسكوا عنصرا في المافيا ومحاكمته على أساس أسطورة مشينة مخطئة تماما، لكن المحاكمة ستسمح بالقول من هو في الواقع"، ويقول المحامي إن: "المحققين بحثوا في كل مكان ولم يتوصلوا في أي وقت من الأوقات إلى إثبات أن باسكوا استفاد من أي شيء كان، ليس هناك سوى تصريحات بعض الأشخاص التي تقوم على القيل والقال". ودعي 57 شاهدا للإدلاء بشهادتهم بمن فيهم شخصيات سياسية كالأمين العام للرئاسة كلود جيان وفيليب دي فيلييه المدير السابق لديوان الوزير والذي كان حليف باسكوا في إنشاء التجمع القومي الفرنسي، وجان مارك سوفيه نائب رئيس مجلس الدولة في اليوم الثاني من المحاكمة على أن يدلى كل من هنري جاينو مستشار نيكولا ساركوزي وبيار فالكون المسجون في قضية (انجولاجايت) وابن شارل باسكوا بشهادتهم أثناء الأسبوع الثاني. وغداة مرافعة ايف شربنيل المدعي العام لدى محكمة الاستئناف سيعلن القضاة قرارهم في 30ابريل وقد يصدر بحق باسكوا حكم بالسجن 10 سنوات لكنه ما زال يحظى بحصانته البرلمانية وبإمكانه الطعن في القرار.