ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أنه بينما تشن أوكرانيا هجومها المضاد ضد القوات الروسية، يشن مسئولو إنفاذ القانون في كييف حرب على الفساد، والتي تحمل رهانات كبيرة لمستقبل البلد. وأضافت الصحيفة الأمريكية أن أوكرانيا تعيش على تبرعات الأسلحة وكذلك المساعدات الاقتصادية الأجنبية، ويريد الداعمون الغربيون التأكد من عدم ضياع أموالهم بسبب الكسب غير المشروع والمخالفات التي لطالما قزمت طموحات أوكرانيا في الديمقراطية. وأوضحت "واشنطن بوست" أن حلم أوكرانيا بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي الناتو يتوقف جزئيا على جهود مكافحة الفساد، ويمكن أن يكون مستقبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي – الذي فاز بمنصبه على وعد القضاء على الفساد – على المحك أيضًا. وفي خضم حرب تطلبت تضحيات مادية ومعنوية كبيرة، تظهر الاستطلاعات تبخر "تسامح" الأوكرانيين مع الفساد المستشري. وفي وقت سابق من هذا الشهر، وردا على سؤال لأحد الصحفيين، وصف زيلينسكي توقيف رئيس المحكمة العليا فسيفولود كنيازيفبأنه مدعاة "للأمل". وكان كنيازيف قد أوقف على خلفية قضية فساد بقيمة 2.7 مليون دولار. وسيجتمع المتبرعون الأجانب في مؤتمر دولي كبير في لندن هذا الأسبوع لمناقشة إعادة الإعمار بعد الحرب، والذي يقدر البعض أنه يمكن أن يتكلف تريليون دولار. ومع ذلك، قد يتراجع الدعم إذا نظر إلى أوكرانيا باعتبارها ثقب أسود للمساعدات الغربية، الأمر الذي يضيف مزيدا من الإلحاح إلى حملة مكافحة الفساد. ودعا زيلينسكي لاجتماع لمجلس الأمن القومي والدفاع بوقت لاحق من الأسبوع الجاري لمناقشة الإصلاحات القضائية. وذكرت "واشنطن بوست" أن التحقيق الذي طال رئيس المحكمة العليا كنيازيف يعتبر الأكثر منذ تأسيس المكتب الوطني الأوكراني لمكافحة الفساد ومكتب المدعي العام المتخصص لمكافحة الفساد قبل ثمانية أعوام، جهازين حكوميين مستقلين تم تشكيلها تحديدا لاستئصال الكسب غير المشروع والصفقات الخفية التي عانت منها أوكرانيا بشكل مزمن. كما يكشف مدى الفساد داخل المحكمة العليا، التي تواجه تساؤلات بشأن أي القرارات القضائية التي أثر عليها كنيازيف والقضاة الآخرين المتورطين في الفساد. وتتشكل المحكمة من 168 عضوا، ويمكن للهيئات القضائية أن تتضمن ما يصل إلى 18 قاضيا. وفي النهاية، يمكن أن تصبح عملية الإصلاحات الأوكرانية واسعة النطاق موضع تساؤلات. وقال نشطاء إن الفساد يمكن أن يمتد إلى المجلس الأعلى للقضاء، وهو جهاز مستقل مسئول عن البت في أهلية المرشحين القانونية بناء على أخلاقياتهم ونزاهتهم. وقال دبلوماسي أوروبي: "كما هو واضح، (نسأل) هل هناك قضايا (رشوة) أخرى؟ وبالطبع سأود رؤية (ما إذا كان) كنيازيف قوض الإصلاحات القضائية الحالية؟"، مضيفا : "سيكون من الممتاز تمام إذا تمكنت المحكمة العليا من تطهير نفسها". وقال ضباط إنفاذ القانون إنهم عثروا على ما يقارب المليون دولار من الأموال عندما داهموا منزل كنيازيف ومكتبه في مايو، و500 ألف دولار أخرى في موقع مجهول آخر بعدها ببضع أيام. وينفي كنيازيف تلك الاتهامات. وخلال جلسة استماع، قال إن الأموال تخص "أصدقاء" طلبوا منه إبقاء هذه الأموال معه. وقالت السلطات إن المدفوعات كانت مقابل اتخاذ المحكمة العليا قرار لصالح "رجل أعمال" أوكراني – حددت هويته لاحقا بأنه كوستيانتين زيفاهو، ملياردير أوكراني يعيش في فرنسا – في قضية بشأن ملكية إحدى ممتلكاته. وذكرت "واشنطن بوست" أنه على جبهات أخرى من جهود مكافحة الفساد، يفشل زيلينسكي وحزبه، الذي يتمتع بالأغلبية في برلمان في تلبية التوقعات، حيث تعثر مشروع قانون من شأنه إعادة الإعلان العام عن ممتلكات المسئولين في البرلمان.