أكاديمية الشرطة تستقبل وفداً من أعضاء هيئة التدريس بكلية الشرطة الرواندية (فيديو)    بدء صرف منحة ل 5223 من العمالة غير المنتظمة فى أسيوط.. 1500 جنيه لكل عامل    محافظ سوهاج: توريد 82 ألف طن قمح منذ بدء موسم التوريد    محافظ الغربية يجرى جولة ميدانية سيرًا على الأقدام داخل قرى وأحياء طنطا    غارات إسرائيلية أمريكية تدمر الطائرات المدنية فى مطار صنعاء الدولى    حرمان الأهلى من جماهيره مباراتين وإيقاف مدرب الزمالك.. عقوبات رابطة الأندية    منتخب الناشئين يطير لمواجهة التشيك وكرواتيا استعدادا للمونديال    أجواء تنافسية شهدها اليوم الأول لبطولة العالم العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية الجديدة    تموين القليوبية: سحب 10 عينات من محطات وقود لضمان الجودة وضبط المتلاعبين    تأجيل محاكمة نقاش قتل زوجته فى العمرانية بسبب 120 جنيها لجلسة 2 يونيو    الشرع في مشهد رياضي.. بين السلة ورسائل السياسة في قلب الأزمات    بعد رحيله عن الأهلي.. تقارير: عرض إماراتي يغازل مارسيل كولر    نقابة المحامين تناشد الرئيس السيسي بالتدخل لحل أزمة الرسوم القضائية    (د ب أ): البرلمان الألماني سيجري اليوم جولة تصويت ثانية لانتخاب ميرتس مستشارا    طلاب علوم الزقازيق ينظمون مسيرة للمطالبة بكشف ملابسات وفاة زميلتهم داخل الكلية    وزير الزراعة ومحافظ القاهرة يتفقدان محطة الزهراء للخيول العربية الأصيلة    رنا رئيس تحتفل بزفافها وسط نجوم الفن.. وتامر حسني يشعل أجواء الحفل (صور)    نائب وزير الصحة: تحسين الخصائص السكانية ركيزة أساسية في الخطة العاجلة لتحقيق التنمية الشاملة    «في ذكرى رحيل المايسترو».. شموع صالح سليم لن تنطفئ    المنوفية الأزهرية تختتم أعمال امتحانات النقل الثانوي والقراءات للفصل الدراسي الثاني    لمناقشة العنف السيبراني.. جامعة مصر للمعلوماتية تشارك في المؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية    جامعة كفر الشيخ تنظّم ندوة للتوعية بخطورة التنمر وأثره على الفرد والمجتمع    «متى عيد الأضحى 2025».. تاريخ وقفة عرفات وعدد أيام الإجازة    ضبط محل يبيع أجهزة ريسيفر غير مصرح بتداولها في الشرقية    توضيح مهم من «اقتصادية قناة السويس» بشأن اتفاقية موانئ أبو ظبي (تفاصيل)    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بنهاية التعاملات بدعم مشتريات عربية وأجنبية    مهرجان البحر الأحمر السينمائي يفتح باب التقديم للمشاركة في دورته الخامسة    قصور الثقافة تطلق العرض المسرحي «منين أجيب ناس» لفرقة الزيتيات بالسويس    المخرج جون وونج سون يزور مقر مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي بالقاهرة    طريقة أداء مناسك الحج خطوة بخطوة.. تعرف عليها    حفل استقبال رسمي على شرف قداسة البابا تواضروس الثاني في بلجراد    وزير المالية الإسرائيلي: سيتم تركيز سكان غزة في محور موراج جنوبا    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    تفاصيل التصعيد الإسرائيلى الأخير فى غزة بعد توسيع العمليات العسكرية    الكرملين: بوتين وبزشكيان اتفقا على تعزيز التعاون العملي بين البلدين وتنسيق السياسة الخارجية    رافينيا يُرشح محمد صلاح ورباعي آخر للفوز بالكرة الذهبية    لمناقشة فرص توطين اللقاحات وتعزيز التصدير، رئيس هيئة الدواء يستقبل وفد فاكسيرا    جزاءات رادعة للعاملين بمستشفى أبوكبير المركزي    61.15 دولار للبرميل.. تعرف على أسعار النفط بالأسواق العالمية    ننشر توصيات اجتماع وزراء السياحة بالدول الثماني النامية بالقاهرة    ضربة موجعة لستارمر.. رفض طلب لندن الوصول لبيانات الجريمة والهجرة الأوروبية    نصيحة وزير الشؤون النيابية لابنته بشأن العمل التطوعي    كلية التمريض جامعة قناة السويس تنظم ندوة حول المشروع القومي لمشتقات البلازما    السيسي يؤكد ضرورة التركيز على زيادة احتياطي النقد الأجنبي وخفض مديونية الموازنة    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    عقب التوتر مع باكستان.. حكومة الهند تأمر الولايات بتدريبات دفاع مدني    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    وزير الري: خطة وطنية لمراجعة منشآت حصاد مياه الأمطار    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    فاضل 31 يوما.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    ضبط (18) طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    ما علاقة الشيطان بالنفس؟.. عالم أزهري يوضح    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 6 مايو في مصر    تشغيل وحدة علاجية لخدمة مرضى الثلاسيميا والهيموفيليا في مستشفى السنبلاوين العام بالدقهلية    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل تلعب بالنار
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 03 - 2010

من حق اليمين الإسرائيلى أن يهنأ بإعلانه بناء وحدات جديدة فى القدس الشرقية فى أثناء زيارة بايدن، نائب الرئيس.
فقد كانوا يعتقدون أن هذا الموقف، الذى أدانته واشنطن، وهذه الإهانة العلنية وغير المبررة لوضع أمريكا التفاوضى فى المنطقة، سيجبران أوباما على التراجع.
وقد ثبَّت اليمين هذه الفكرة الأربعاء الماضى بتأكيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مجددا على خطة البناء بإضافة إهانة جديدة بالإعلان عن خطة إضافية للبناء. إنهم يرتكبون خطأ فادحا. وكان تصرف إسرائيل أحمق، وخطيرا، وضد مصلحتها.
والأسوأ أنه أضر بالعلاقات الإسرائيلية الأمريكية وبنفوذ أمريكا فى الشرق الأوسط. ولن يقبل قادة إسرائيل بما ستسفر عنه صفعتهم الهزيلة. وهم، دون غيرهم، الذين يجب أن يجروا الإصلاحات الواجب إجراؤها وبسرعة، قبل أن تتفاقم المسألة.
دعونى أعلنها بوضوح وصراحة: أنا من أشد المؤيدين لإسرائيل، وعلاقة الولايات المتحدة بالدولة اليهودية، بالنسبة لى، علاقة عاطفية وإستراتيجية. فإسرائيل «حاملة طائرات إستراتيجية» للولايات المتحدة فى جزء مضطرب من العالم، وعلى الولايات المتحدة أن تبدد أى شك فى التزامها بأمن إسرائيل. لكن إسرائيل ليست المصلحة الأمريكية الحيوية الوحيدة فى هذه المنطقة المتقلبة. وإذا ما زاد الإسرائيليون من تعقيد الموقف المعقد أصلا فى الشرق الأوسط، فلن يكون ذلك فى مصلحة الولايات المتحدة أو إسرائيل.
ولاشك فى أن الإهانة أضرت كثيرا بنفوذ أمريكا فى أعين الزعماء المسلمين وغيرهم فى أنحاء العالم. ومن المؤكد أن كل هؤلاء القادة تقريبا لديهم فكرة غير واقعية ومبالغ فيها عن سطوة أمريكا على إسرائيل. وواشنطن لها تأثير كبير على إسرائيل، لكنها لا تسيطر عليها.
وعلى أية حال، فإن هناك إقرارا بأن الولايات المتحدة هى الطرف الوحيد القادر على تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، لأنها الوحيدة التى تتمتع بنفوذ حقيقى على الطرفين. وقد قوضت الصفعة الإسرائيلية على وجه بايدن هذه الفكرة عن النفوذ الأمريكى، وبالتالى عن نفوذ أمريكا. وسيتراجع ميل الزعماء العرب وغيرهم للموافقة على الخطط الأمريكية لإجراء محادثات سلام مستقبلا بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وسيسعى آخرون لحرمان واشنطن ميزة الشك. وستكون النتيجة المزيد من ضغوط القادة المسلمين والأوروبيين على واشنطن كى تتخذ مواقف أكثر تشددا مع إسرائيل. ولن يفلح المزيد من التشدد وسيؤدى ببساطة إلى المزيد من الغضب والاستياء فى كل مكان. وسيكون المتطرفون السياسيون والإرهابيون هم المستفيدين الوحيدين.
كما ستؤدى صفعة إسرائيل على وجه أمريكا إلى تشجيع الاعتقاد بإمكانية تخويف أمريكا. خصوصا أن هناك شائعات مغرضة انطلقت بالفعل مؤداها أن الإسرائيليين لم يكن بمقدورهم أن يفعلوا ما فعلوا لولا اعتقادهم بأن أوباما ضعيف وأنه سيتراجع.
وإذا كان هذا تقييم إسرائيل للرئيس الأمريكى وليس هناك من يعرف الأمريكيين أكثر من الإسرائيليين فلماذا لا يحاول الآخرون كذلك اختبار شجاعة أوباما؟
وكان الأجدر بالإسرائيليين، الفرحين بإهانتهم، أن يتخيلوا رد فعل طهران على حيلهم. ولابد أن الرئيس أحمدى نجاد وجماعته يفكرون فى أنه إذا كان بإمكان الإسرائيليين الإساءة إلى أوباما، فبإمكانهم أيضا الإساءة إليه. ومن سيكون أكثر سرورا من الحرس الثورى عندما يرى أمريكا وهى تتحول إلى قوة عرجاء؟ وإذا فكر القادة الإسرائيليون فيما حدث للتو بهدوء، فسيدركون أنهم يضعفون موقف أمريكا فى تعاملها مع قضية تطوير إيران لقدراتها النووية.
ويمكن علاج كل هذا الضرر الذى حل بالنفوذ الأمريكى فى المنطقة بمرور الوقت ما لم تتدهور العلاقات الأمريكية الإسرائيلية أكثر من ذلك.
لكن هذا تحديدا هو أكبر المخاطر التى ترتبت على الإهانة الحمقاء. ولربما كان بعض قادة إسرائيل يؤمنون، أشد الإيمان، بأن موقفهم السياسى فى الولايات المتحدة قوى للغاية وأنه ليس هناك ما يدعو للقلق بشأن الأمريكيين أو بشأن إدارة أمريكية أصبحت أقل دعما للمصالح الإسرائيلية.
لكن لا ينبغى للإسرائيليين أن يتفاءلوا إلى هذا الحد. فالأمريكيون يعيشون، كغيرهم، أوقاتا محفوفة بالمخاطر. وقد تجعلهم المعاناة الاقتصادية الداخلية أقل صبرا تجاه التوبيخ من الخارج، خصوصا من صديق كإسرائيل.
وسيكون من الأسهل بالنسبة لخصوم إسرائيل إثارة التساؤلات حول المساعدات العسكرية والاقتصادية التى تقدمها أمريكا للدولة اليهودية. وهناك عدد متزايد من خبراء السياسة الأمريكيين المتخصصين فى شئون الشرق الأوسط يرى فى إسرائيل جزءا من مشكلة الشرق الأوسط وليس جزءا من حلها، لأن الولايات المتحدة ستواجه بالمزيد من الساخطين من الجمهور الأمريكى. فهذا ليس الوقت المناسب كى يختبر قادة إسرائيل عمق واستقرار الدعم الأمريكى لبلادهم.
فلماذا بحق السماء فعلوا ما فعلوا ببايدن، وأعادوا تأكيده، ثم كرروا التأكيد عليه يوم الأربعاء؟ التفسير الوحيد الذى أراه هو أن الأمر لم يكن يعنيهم. فمن غير الممكن أن يكون رد الفعل الأمريكى غائبا عنهم. ولا يمكن أن يتصوروا بحق أن أوباما، أو أى رئيس أمريكى، يمكن أن يلزم الصمت تجاه إهانة إسرائيل.
يضاف إلى هذا أنه كان عليهم أن يعرفوا أن انفجار الموقف يمكن أن يؤثر على استئناف محادثات «تقريب وجهات النظر»، حيث يدخل الطرفان فى مفاوضات غير مباشرة بوساطة الولايات المتحدة. لكن فشل هذه المفاوضات هو ما يتمناه بالفعل اليمين الإسرائيلى. هم يريدون إفشال هذه المحادثات؛ فالمحادثات، بالنسبة إليهم، لن تؤدى إلا إلى تنازل إسرائيل عن الضفة الغربية والقدس الشرقية نفسها بصورة نهائية. إنهم يريدون وأد هذا الخطر فى مهده قبل أن يكتسب أى زخم.
بل إن فرص نجاح هذه الرغبة فى تدمير الذات قائمة. وإدارة أوباما وقادة إسرائيل غاضبون من بعضهم البعض. وتتناثر كلمات مثل «الإدانة» علنا (من الجانب الأمريكى)، والهمهمات الخاصة أكثر عهرا. وتتشدد واشنطن فى مطالبتها المتشددة لإسرائيل بإلغاء أمر البناء فى القدس الشرقية وطرح كل «القضايا الأساسية» على مائدة التفاوض، بما فى ذلك وضع القدس. وبدت حكومة نتنياهو رافضة لهذه المطالب، حتى بعد تصريحات وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون الودية عن العلاقات المتينة والوثيقة بين البلدين. لكن الحقيقة المهيمنة الآن هى رفض إسرائيل للمطالب الأمريكية بتسهيل استئناف المحادثات.
إن مثل هذا التوتر وهذه الانشقاقات لن تفيد إلا أعداء الولايات المتحدة وإسرائيل. وعلى الجانبين التحرك بسرعة لمنع المزيد من التصعيد. ويجب أن تأتى الخطوة الأولى من جانب بيبى، فحكومته هى التى أثارت المشكلة، وعليها حلها. ليس مطلوبا منه تقديم أى تنازلات فى القدس الشرقية، لكن عليه، على الأقل، إلغاء أمر البناء.
وعلى الإسرائيليين، على مستوى أكثر عمقا، أن يواجهوا الحقيقة الأساسية: من المؤكد أن إسرائيل لديها إرادة القتال حتى الموت، لكن نفوذ أمريكا هو الذى يعطى الدولة اليهودية أملا واقعيا فى البقاء دون حاجة للقتال حتى الموت. ومن الجانب الأمريكى، على إدارة أوباما الكف عن توجيه المزيد من الانتقادات والإدانات العلنية. فقد أصبحت المسألة واضحة الآن تماما ولن يؤدى تكرارها إلا إلى توالى الأزمات.
وعلى البيت الأبيض التزام الصمت حتى يمعن الإسرائيليون التفكير فى ما فعله بهم قرار اليمين. وفى ظل مناخ التهدئة هذا، من المؤكد أن يتوصل الإسرائيليون إلى القرار الصائب وهو أن الولايات المتحدة الأمريكية أهم لأمنهم من التمسك بإعلان عن عزمها الشروع فى بناء حوالى 2000 وحدة سكنية جديدة فى القطاع الإسرائيلى من القدس الشرقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.